ملخص كتاب من يمتلك العالم لنعوم تشومسكي

13 2 0
                                    

المقدمة: منذ عقود، ومع بداية حرب فيتنام، كرس العديد من علماء اللسانيات والسياسة حياتهم لنقد الإمبراطورية الأمريكية، تلك الإمبراطورية التي أصبحت تهيمن على السياسة العالمية على نحو غير مسبوق في التاريخ، وقد بلغت أشد قوتها في عهد الرئيس هاري ترومان الذي دشن في عام 1945م إنشاء أول قاعدة عسكرية أميركية في الخليج العربي، كعلامة بارزة في سياق توسع المصالح الأمريكية وبداية ظهور الإمبريالية الأمريكية. ومن بعدها توالى تدخل أميركا في شئون الدول العربية والإسلامية وأغلب دول العالم تقريبًا؛ فرأينا نصرتها القوية لإسرائيل وتوطيد شأنها في العالم العربي، كما رأينا تغلغلها في العراق وأخيرًا تدخلها في سوريا. وكل هذا لضمان سيطرتها على المنطقة بأكملها.

1- من يحكم العالم؟
إن الولايات المتحدة أصبحت منذ الحرب العالمية الثانية القوة الأشد هيمنة على مصير العالم، وقد تعززت سيطرتها بعد سقوط عدوها الأكبر "الاتحاد السوفيتي سابقًا"، وما تبع تلك الفترة من تداعيات رسخت قوة أميركا وتحكمها في قضايا سياسية وعالمية شديدة الأهمية والحساسية، بدءًا من الصراع العربي الإسرائيلي، مرورًا بقضايا أمريكا اللاتينية، وصولًا للحرب على الإرهاب في أفغانستان والعراق. والكثير من القضايا التي تتمتع فيها الولايات المتحدة الأميركية بامتياز كبير وحصري لها لصياغة شروطها وتوجهاتها ومآلاتها. حتى وإن بدا للجميع أن هناك قوى أخرى تهدد هيمنة أميركا وتشكل تحديًا أمام قوتها العسكرية، مثل روسيا التي تتدخل في أوكرانيا وسوريا، أو كالصين التي بدأت تظهر في الاقتصاد أقوى من أي وقت مضى.

إن سؤال من يحكم العالم، قد يبدو سؤالًا بسيطًا في ظاهره، إلا أن هنالك أسئلة كثيرة تكمن صعوبتها وتعقيدها في بساطتها الشديدة، ومن ضمنها هذا السؤال. قد يبدو أن الإجابة الأكثر بداهة وتقليدية هي القوى العظمى كأميركا وروسيا والصين. وهي بالفعل قد تكون إجابة صحيحة في بعض جوانبها، ولكنها مخلة كثيرًا، فالدول والسياسات إنما هي عبارة عن نتاج شبكات معقدة من العلاقات، ومزيج بين الأفكار والتيارات ومراكز القوة والنفوذ؛ لذلك فالإجابة التي تفترض أن القوى العظمى أو أمريكا هي من تحكم العالم هي إجابة بالغة التجريد؛ وبالتالي فهي مضللة.

ما يجعل الإجابة السابقة مخلة هو أنه في أكثر الدول ديمقراطية فإن تأثير المواطنين في السياسات العامة يكاد يكون ضئيلًا جدًا،والنخب السياسية في تلك البلدان إنما تمثل مصالح ضيقة جدًا تخص بعض مراكز القوى التي لا تهتم بعامة الشعب وأغلبيتهم، بل تهتم بمصالح قلة قليلة من مواطني تلك البلاد. بذلك نجد أن الإجابة الأولى كانت مخلة لأنها تجهل التأثير الكبير لمن يمكننا أن نطلق عليهم " أسياد الأمم " كما قال آدم سميث في كتاب ثروة الأمم.

وبينما كان أسياد الأمم في عهد آدم سميث هم التجار والصناع، فإن أسياد البشرية الآن يتمثلون في تكتلات الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات، وقرائنها المالية والتجارية، كصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، ومجموعة السبعة الكبار. هؤلاء يشكلون جميعهم عصرًا إمبرياليًا جديدًا، ويضعون القوى العسكرية تحت أمرهم وفي خدمة مصالحهم. أي أنه بشكل كبير يمكننا أن نقول أن من يحكم العالم هو مزيج من أصحاب السياسة وأصحاب الاقتصاد.

2- أسياد البشرية يحكمونها ولا يمثلونها
على مستوى السياسة الداخلية الأميركية، وبحسب ما تشير إليه عدّة أبحاث؛ ثمّة أدلة قوية على أنّ النخب الاقتصادية والجماعات المنظّمة التي تمثّل المصالح التجارية تحظى بقدرة واضحة في التأثير في سياسات حكومة الولايات المتحدة، في حين أن المواطنين العاديين والجماعات التي تمثّلهم ليس لديهم سوى تأثير ضئيل جدًّا في هذه السياسات أو حتى يمكننا الاعتبار أنهم ليس لديهم تأثير بالمرة؛ وهذا ما يدعم نظرية هيمنة النخبة الاقتصادية و"التعددية الموجّهة"، وليس "الديمقراطية الانتخابية" أو "التعددية الأكثرية".

وأيضًا تُظهِرُ دراساتٌ أخرى بهذا الخصوص تزايدًا طرديًا لظاهرة العزوف الشعبي عن المشاركة في الانتخابات أو ما يُعرَفُ محليًّا بالـ electoral apathy ، نتيجة يأس قطاعات واسعة من الشعب الأميركي من وجود تمثيل حقيقي لها خارج احتكار الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بعد أن بات هؤلاء المواطنون على اقتناع تامّ بفشل الحزبين الرئيسيين في البلاد في أن يمثلوا آراء الشعب ومطالبه.

وتتضح وتتركز ظاهرة العزوف عن المشاركة في الانتخابات في المواطنين الذين يقعون أسفل التراتبية الاقتصادية بسبب انخفاض دخلهم أو ممتلكاتهم وأموالهم؛ فطبيعة التوازنات الداخلية الأميركية، أصبحت تفرِضُ استبعاد آراء هذه الكتلة الاجتماعية من دائرة القرار السياسي، لمصلحة تزايد الدور البارز للنخبة الضيّقة التي تموّل العملية الانتخابية، وتتحكم بمسارها في سبيل إدامة هيمنتها التي تتركّز على تحقيق مصالحها على أفضل سبيل ممكن، بصرف النظر عن مصالح الآخرين، وهو ما أطلق عليه المفكر الاقتصادي آدم سميث "أقصى حد للمنفعة". حتى وإن كانت الصورة اليوم تختلف قليلًا في جوهرها عمّا كانت عليه وقت آدم سميث، ولكن المبدأ العام ما يزال قائمًا في رغبة أولئك الأسياد في "الاستئثار بكل شيء".

المشكلة الكبرى هي غياب حزبٍ جماهيري أميركي يمثّل مصالح الطبقة العمالية التي أصبحت مستثناةً من التمثيل الحقيقي، ولم تعد تكلّف نفسها عناء المشاركة في انتخابات لن تأتي بالتأكيد بمن يعبّر عن مصالحها. لذلك -وبحسب بعض الدراسات -فإنّ معدّلات التصويت قد جاءت بمعدّلات مشابهة لمثيلاتها في القرن التاسع عشر، أيام كان حق التصويت حكرًا على الذكور الأحرار المنتمين لأصول بيضاء، وقد خلص الكثير من الباحثين إلى أنّ أعدادًا كبيرة من الأميركيين باتوا أضعفَ ثقة وأشدّ حذرًا من الحزبين السياسيين الرئيسيين، لأن سياستهما تؤدي إلى تسريع تفكّك النظام السياسي، كما يتضح من تركيبة الكونجرس هذه الأيام.

3- الديمقراطية من أجل الديكتاتور
4- النفاق في جوهر السياسة الأميركية
5- الولايات المتحدة تراهن على ديكتاتوريات مستقرة ليس ديموقراطيات حقيقية
6- سوط الإرهاب البغيض الشرير

عَالَمُ الكُتُبْ 📖 - 📚 Books World حيث تعيش القصص. اكتشف الآن