الفصل الأول لست دميما

2.2K 73 13
                                    

الفصل الأول ....
رواية لستُ دميماً ....

بإحدى شركات السياحة الكبرى والمشهورة .فهى شركة البحرواى للسياحة، مكونة من أربعة طوابق. الطابق الأول مخصص للبوفيه وكافيتريا صغيرة وموظفى الإستقبال.
الطابق الثانى للحسابات وبعض الموظفين الآخرين. الطابق الثالث خاص بالمرشدين السياحين والمسئولين عن الوفود منذ التعاقد حتى السفر.

أما الطابق الرابع فيشمل غرفة كبيرة للإجتماعات ومكتب مدير الشركة وهو عصام البحراوى شاب فى الثامنة والعشرون من عمره  أسمر البشرة هادئ الملامح ، تتمتع ملامحه بالطيبة والراحة فهو يشبه والدته كثيراً. خديجة تلك الفتاة الريفية والتى أحبها قاسم البحراوى وتزوجها على زوجته الأرستقراطية رانيا الصاوى رغم إعتراض الجميع عدا والدته الفرنسية والتى وجدت سعادة إبنها مع تلك الفتاة الريفية البسيطة فشجعت تلك الزيجة كثيراً ...

أنجبت رانيا ولدين هم أمجد وأريان  إمتازوا بملامحهم الأوروبية الصارخة المتوارثة عن طريق جدتهم الفرنسية، فدائما ماكانت رانيا تتباهى بوسامة ولديها الفائقة ولكنهم ورثوا معها برودة القلب وقسوته خاصةً أمجد ...
أما خديجة فلم تُنجب غير عصام ذو الملامح المصرية البحته والقلب الطيب. يحب أخويه بشدة رغم عدم تبادل تلك المشاعر من جانبهم. فكانت دائما ماتحدث المقارنات بين الإخوة خاصة وأن والدهم قاسم البحراوى ورث هو أيضاً جمال والدته الفرنسية. ولهذا لم ينفكوا ينادواعصام بالدميم حتى تأصلت فى نفسة أنه دميماً بالفعل مقارنةً بأخويه.

تخرج عصام فى كلية السياحة والفندقة فهى كانت حلما له منذ الطفوله وهو أن يصبح مثل والده .أما أخوه أمجد فتخرج في كلية التجارة بعد 7سنوات فهو كان فاشلا فى كل شئ أما أريان فتخرج فى كلية الحقوق على أن يكون وكيلا للنيابة إلا أن تحليل دمه كان به بعض المواد المخدرة فتم إستبعاده ...
كان لكل منهم مكتباً خاصاً به فى الطابق الرابع ..والمكتب الرابع لرائف صديق عصام منذ مرحلة الثانوية وبينهم صداقة متينة جدا. يثق به عصام لأقصى درجة فهو يعلم تمام العلم أنه يحبه بشدة دون أى مصالح ...
♡♡♡♡♡♡♥︎♡♡♡♡♡♡♡♡
كان عصام يجلس بمكتبة يراجع بعض الأوراق الخاصة ببعض الوفود هو ورائف. رفع رائف رأسة مرة واحدة وقال بإستنكار : برده مش هتحضر حفلة النهاردة ياعصام ؟
أطرق عصام رأسه بحزن : لا مش هحضر إنت عارف بسيب إخواتى للحاجات دى هم أدرى بيها منى.
ثار رائف بشدة وقال: يعنى إيه الكلام ده ياعصام كده غلط ..
نظر إليه عصام بتأنى وسأله بألم: إيه اللى غلط يا رائف.
نظر إليه رائف بقوة وقال: إللى أنت بتعمله ده هو اللى غلط ، إنك تخليهم هم اللى فى الواجهة ولا كأنهم  أصحاب الشركة .
إنت ناسى إن الشركة كانت واقعة بعد موت باباك ورغم كدة هم صمموا ياخدوا نصيبهم ومهتموش بحاجه وإنت اللى وقفت الشركة على رجليها بعد مابعت جزء من أرض والدتك وبعد كده إتدحلبوا لغاية ما اديتهم مناصب ميحلموش بيها ....
زفر عصام بشدة : يا رائف أنا عارف كل اللى إنت بتقوله ده وعارف إن ملهمش حاجه فى الشركة دى بس دول إخواتى ...
نظر إليه رائف بإستنكار وقال بصياح شديد لطيبة صديقة الشديدة والتى تصل لحد السذاجة :
إشمعنى يعنى إنت اللى معترف إنهم إخواتك وهما لأ. إنت عارف كويس جدا إنهم لغاية النهاردة بيستعروا منك .لم يكمل حديثه عندما رأى نظرة الإنكسار فى عينا صديقه. كاد أن يفتح فاه ليبرر ماقال ولكن أوقفه عصام بيده وقال بألم : متبررش حاجة يا رائف ، أنا عارف كويس هم بيبصولى إزاى مش هم بس لا الكل شايفنى الولد اللى مش من مستوى العيلة دي فى الشكل لأنى مش شبههم لاعيونى زرقا ولا شعرى أصفر حرير زى إخواتى وزى بابا نفسه الله يرحمه .
نظر إلى الفراغ وفى عينيه نظرة حزينة لذكرى مؤلمة لا تخرج من تفكيره أبداً .تكلم وكأنه يحدث نفسه يشتكى منها إليها ..كان المدرسين فى المدرسة لما يعرفوا إسمى كان أول حاجة يقولوها إنت طالع لمين ده باباك وإخواتك أجانب إنت ليه أسمرانى كده ومش حلو شبههم. ضحك بألم وأكمل: لدرجة إنى مكنتش بحب أقعد مع حد عشان ميقعدش يقارن بيني وبين إخواتى ويمدحوا فى جمالهم ويذموا فى سمارى .لغاية ما اتحايلت على بابا ينقلنى من المدرسة اللى هم فيها ومن يومها ورغم ان الكل كان عارف بجواز بابا من ماما ومن البديهى إنى أحضر معاه أى مناسبة بس مكنتش برضى عشان محدش يجرحنى بشكلى اللى مش زيهم .فكنت برفض ومبرضاش أروح فخلاص إتعودت على كده إنى دايما فى الضل وهم اللى فى النور.
نظر له رائف بإشفاق : بس إنت مش وحش ولا حاجة بالعكس وشك مريح جدااا والسمار نص الجمال وغير كده كفاية قلبك الأبيض اللى بيحب الكل. وطبعا إنت غلطان فى عمايلك مع اخواتك .إنت لازم تعرفهم إنك مش ضعيف معاهم وإنك بتعمل ده محبه مش أكتر.
زفر عصام وقال بإقرار : أنا عارف كل حاجه بيعملوها بس بابا الله يرحمه موصينى عليهم وأنا عمرى ما هزعله فيهم حتى لو هم زعلونى.
ربت رائف على كتفه وقال: إنت زى مانت واثق فى نفسك فى الشغل لازم برده تثق فى نفسك بره الشغل وتحضر الحفلات اللى بتعملها الشركة لأنك مديرها وصاحبها مش إنت تعمل الحفلة وتكلفها وهم اللى يحضروها كده مش صح وإنت عارفنى مبحبش الغلط ...
أغمض عصام عينيه بشدة وهو يسند ظهره لظهر الكرسى حتى يريح عقله قليلا من التفكير فيما يحدث معه وكيف يعالج موضوع إخوته دون أن يبعدهم عنه.
♥︎♡♡♡♡♡♡♥︎♡♡♡♡♡♥︎
فى مدينة الإسكندرية عروس البحر الأبيض المتوسط وعلى الكورنيش تحديداً تجرى تلك الفتاة وهى تضحك بشدة حتى أدمعت عيناها من كثرة الضحك ( هاميس) تلك الفتاة من يراها يحسبها هشة وذلك لرقة ملامحها وجمالها الجذاب ولكنها رغم ذلك تمتلك شخصية قوية إكتسبتها من ظروفها الصعبة وخذلان من حولها لها. فهى من تحمى نفسها وتحافظ عليها ولا يستهويها شئ فى الحياة إلا أن تُحقق ذاتها فهى تعتمد على نفسها منذ نعومة أظافرها. ورغم هذا فإن كبرياؤها أهم شئ تمتلكة ومن يقترب منها أو يقلل من شأنها فليقرأ على نفسه الفاتحة. 
جلست على مقعد على الكورنيش وهى تسعل بشدة من كثرة الضحك والجرى حتى إقتربت منها صديقتها( شذى) وهى ساخطة عليها وبشدة. قالت بصياح : بتضحكى ياختى إرتاحتى لما اترفدنا.
نظرت لها بكبرياء وثقة : حد قالك تطلعى ورايا. كنتى خليكى إنتى ..
زفرت شذى بشدة  وهى تجلس بجوارها: مانتى ياختى عارفانى على الحلوه والمره سوا. ثم نظرت إليها بغيظ : أموت وأعرف إيه اللى جد المرة دى مانتى من يوم ما اشتغلتى مع الزفت فارس من سنتين وإنتى عارفه إن عينه زايغه وهيموت عليكى وكنتى دايما بتصديه ؛ إيه بقه اللى حصل المره دى وخلاكى مبسوطه قوى كده رغم انك سيبتى الشغل.
ضحكت هاميس بشدة عندما تذكرت ماحدث بينهم.
فلاش باك ..
تجلس على مكتبها وهى منشغلة بعملها فى مكتب المحاسبة الكبير المملوك للمدعو فارس الطوخى ذلك الشاب الأرعن والذى يخدع الفتيات بكلامه المعسول بجانب هيئته الوسيمة وسيارته الحديثة وبالطبع فهو يتباهى بإمتلاكه لأكبر مكتب محاسبة فى الإسكندرية كلها .رغم أنه ورثه عن والده ذلك الرجل الوقور ولكنه تقاعد لكبر سِنه ولولا من يعملون بالمكتب منذ أيام والده وأيضا من يعملون حديثاً كهاميس وشذى من يريدون أن يثبتوا أنفسهم كون عملهم فى هذا المكتب فرصة لا تعوض لكان تركه الكثير من العملاء ..
حاول فارس أكثر من مره التقرب لهاميس إلا أنها صدته بالأدب تارة وبالغضب تارةً أخرى .حتى أنها تحاول ألا تجتمع معه فى أى مكان وهذا ما جعله أكثر تصميماً على الإيقاع بها .حتى أنه حاول معها بالكثير من الطرق والتى تجعل كثير من الفتيات يركعن تحت قدميه ولكنها ليست كأى فتاه.
كانت هاميس منهمكة بعملها حتى أتاها إتصال هاتفى  من مكتب فارس يطلبها لكى تأتى إليه لأنه يوجد عميل يريد أن يستفسر عن بعض الأشياء الخاصة بملف المحاسبة الخاص به ...
ذهبت على مضض وهى تدعو الله ألا يتعرض إليها ولكن ما طمأنها قليلا هو وجود العميل معهما فهو إذا لن يستطيع أن يتعرض لها أثناء وجوده ..
طرقت الباب بهدوء فسمح لها بالدخول ..ألقت السلام عليهم ورحبت بالعميل تحت نظرات الغيظ من فارس فهى لم تُعره أدنى إهتمام وكأنه غير موجود.
وجهت كلامها للعميل بعملية وقوة شخصيه تحسد عليها : أيوه يا فندم أقدر أفيدك بإيه؟!
بدأت بالرد على إستفسارات العميل  حتى تًّفَهَم كل مايريد تحت إشادته بآداء هاميس المتقن لعملها.
ابتسمت هاميس بعمليه ثم وقفت حتى تستأذن فقال لها فارس : لو سمحتى يا آنسه هاميس فى حاجات خاصة بالشغل عايز أستفسر عنها .
نظرت إليه بقوة لتستشف مايريد ولكنه كان يصافح العميل وهو يخرج من المكتب. إستدار لها وهو ينظر لها بخبث وقال : إيه إحنا هنشتغل وإحنا واقفين ولا إيه!
نظرت إليه بتوجس ولكنها جلست بهدوء وثقه على الكرسى وجلس هو بجوارها وأمامهم منضدة مستديرة .نظرت إليه وقالت : أفندم حضرتك محتاج تسألنى عن إيه ؟
أجابها بخبث : هكون محتاج أسألك عن إيه غير الشغل. ثم بدأ يسألها وهى تجيب عليه بعمليه وبين لحظه وأخرى يقترب منها ويتلمسها بيده فكانت تنظر إليه بتحذير، فكان يرفع يديه بإيحاء أنه لم يقصد ما يفعل حتى أصبح خالى الوفاض ولا يجد ما يسأل عنه.
نهضت بقوة عن الكرسى وقالت : خلصت كده الأسئلة المش مهمة خالص اللى كنت عاملها حجة ولا لسه فيه أسئلة تانى ؟
إرتبك فارس بشدة وقال : يعنى إيه أسئلة مش مهمة هو مش دى أسئله فى الشغل برضه ولا لا ؟؟
ضحكت بسخرية وقالت بقوة: أيوه طبعا ً أسئلة فى الشغل اللى اتسلم من 3 أيام بس بم إن حضرتك مش مركز فى الشغل فأنت متعرفش إنه إتسلم خلاص للعميل ...
أجابها بإبتسامة خبيثة: يعنى إنتى عارفه إنها أسئلة ملهاش لازمة ورغم كده فضلتى قاعدة معايا ومخرجتيش.
ضحكت بقوة وقالت : أنا قعدت عشان أعرفك إنى مش خايفه منك وإنك بالنسبة ليا زى الهوا وأنا الصراحه كنت عايزه أجيب آخرك وكنت عايزاك تتأكد إنك مهما عملت فبرضه مش هتأثر فيا نهائى لأنى مش زى الزبالة اللى انت تعرفهم ...
أمسكها من ذراعها بقوة بعد أن جعلته يستشيط غضباً من كلامها ورغم أنها أجفلت من حركته المباغته إلا أنها ناظرته بقوة وهو يصيح بها : إييييه يا شيخه إنتى معموله من إيه ما أنا قلتلك إنى هتنيل وهتجوزك .
ضحكت على كلامه وقالت : بس أنا مش عايزه اتجوزك هو بالعافيه. شعور بالإهانه هو ماتملك منه  مما جعله يستشيط غضبا ودفعها إلى الحائط حتى إرتطم ظهرها به وأحاطها بذراعيه ثم قال بغضب : ماهو مش على آخر الزمن تيجى اللى تستعصى على فارس الطوخى .
نظرت لعينيه بقوة تُحسد عليها : أنا أهو واستعصيت عليك عندك مانع .ثم إقتربت منه بلؤم وهى تهمس بأذنيه رغم انه توجس من فعلتها تلك وقالت : أصل أنا عايزه أتجوز راجل .وقبل أن يكون له أى رد فعل كانت تقضم أُذنه بين أسنانها وبشدة حتى شعرت بطعم الدم بفمها تحت صياح فارس المتألم وبشدة .ابتعد عنها وهى مازالت ممسكة بأذنه .ابتعدت عنه وهى تبصق الدم من فمها وتقول بتشفى وهى تبتسم بسخرية   أثناء إتجاهها إلى الباب : هبقى أبعتلك دكتور وآه أنا مُستقيله، ثم خرجت تحت نظراته الساخطة والمتألمة حتى أن لسانه إنعقد عن الكلام ولكنه يتوعد لها بالكثير.
باك ...
كانت تضحك بشدة عندما تذكرت ما حدث. أما شذى فكانت مندهشة مم فعلته صديقتها فقالت دون وعى : يخرببيييييتك كلتى ودن الراجل يامفتريه .
ضحكت هاميس وقالت : لا أنا قطعتله القرقوشة بس . صاحت شذى بشدة : قرقوشة إيه هو فرخة .
إنتى إيه الجبروت اللى فيكى ده .
أجابتها بكبرياء : مش هو اللى إتجرأ ومد إيده عليا ولمسنى خلاص بقه خليه يشرب. ثم ضحكت بشدة وهى تقول : بس لو كنتى شوفتيه وهو ماسك قرقوشه ودنه وهى مقطوعه كنتى هتموتى من الضحك ..نظرت لها شذى بذهول وفجأة شاركتها الضحك وبشدة وقالت : على رأيك يستاهل وحياتك ل مكلمه زمايلنا وحكيالهم اللى حصل عشان ميقدرش يرفع عينه فى حد تانى أبو قرقوشة مقطوعة ده.
صمتوا مرة واحدة وشذى تقول : طب هنعمل إيه فى الشغل يافالحة. رفعت هاميس كتفيها بلا مبالاة وقالت : ربك يعدلها من عنده يلا نلف شويه بدل مانروح بدرى.
♥︎♥︎♥︎♥︎♠︎♥︎♥︎♥︎♥︎
.عندما تكون حياتنا خاوية ممن يجب أن يكونوا فيها فهل تكون هذه حياة . كلا بل إنها تصبح شعور بالألم والخواء الداخلى خاصة أن من نريد أن يكون معنا لا ينفك أن يظهر كرهه الشديد لنا فى كل المواقف بلا أدنى شفقة وكأن مايفعلوه أمر بديهى وهو الواقع المرير الذى يجب أن نتعايش معه.
دخل عصام إلى منزله الهادئ والذى يتشارك به مع والدته السيدة خديجة تلك السيدة بشوشة الوجه العاشقة لإبنها وبشدة. خرجت والدته من المطبخ بعد أن إستمعت لصوت الباب. إستقبلته بكل حب : حمدالله على السلامه ياحبيبى .يلا ادخل غير هدومك على ما احط الغدا. أجابها بهدوء وهو يقبل رأسها : مليش نفس ياست الكل أنا بس عايز أنام شويه وبعدها هابقى آكل.
نظرت إليه بحزن وهى تلوم نفسها كالعادة ياليتها ما عشقت قاسم البحرواى ولا تزوجته فولدها هو من يتحمل الذنب بالكامل ولا تعرف لماذا ؟! وإلى متى سيظل هكذا؟!
أما عند عصام بعد أن قام بتغيير ثيابه لملابس بيتيه مريحة .قام وتوضأ وشرع فى الصلاة وهو يبث كل ما يجيش فى صدره الى الله عله يشعر بالراحة ..
تذكر آخر لقاء له مع والده وهو فى فراش الموت بعد تلك الخسارة الفادحه التى تكبدتها الشركة ..
فلاش باك :
دخل إلى ذلك المشفى الكبير وكالعادة تحاوطه النظرات عندما يعلموا هويته حتى أنه أراد أن يختبأ من نظراتهم بين الجدران. وصل إلى غرفة أبيه ودخل بعد أن طرق الباب برفق .نظر إليه بالفراش ينازع وبشدة وهو يضع جهاز الاكسجين على فمه عله يستطيع التنفس ...
نظر قاسم إلى عصام بحب وحنان وهو يحثه على أن يقترب منه . تكلم بصعوبه وهو يسعل بين كل كلمة وأخرى. حاول عصام أن يحثه على الصمت ولكنه أبى وكأنه يستشعر أنها لحظاته الأخيرة.
قال بصعوبة : سيبنى أتكلم لانها ممكن تكون آخر مرة. تركه عصام لكى يفيض بما فى داخله عله يشعر بالراحة ..
إستأنف قاسم كلامه بابتسامة حالمة وهو يقول: أنا حبيت أمك قوووى يا عصام. كانت راجعه من المدرسة وشكلها شدنى. سعل بشدة ولكنه أكمل : ملامحها البريئة وأخلاقها جذبونى رغم إنى كنت جذاب وأى حد من البنات لما يبصولى بيبقوا عايزين يكلمونى إلا إنها أصلا مبصتش عليا وكأنى معنيلهاش. ساعتها كنت فى بلدهم بزور واحد صحبى من زمان وفى نفس الوقت كان معايا أصحاب أجانب نفسهم يشوفوا الريف المصرى. كنت فى جولة معاهم والكل مبهور بالأجانب اللى فى البلد إلا هى وكأن ده شئ عادى. مِشيت من قدامى وأنا مقدرتش أتابعها عشان الناس اللى معايا. سعل مرة أخرى ولكن بقوة .حتى أن عصام قال بحزن : خلاص يابابا مش لازم تتكلم . أصر قاسم على الكلام فاستسلم عصام لما يريد ..
أكمل بحنين : يومها عملنا جوله فى الغيطان والاجانب كانوا مبهورين بالجو لغاية ماصاحبى إقترح اننا نقعد فى الغيط ويشويلنا درة .طبعا كله فرح وروحنا الغيط وفوجئت بسامرصاحبى بينادى على راجل فى الأرض. جه بسرعه وطبعا طلب منه اللى هو عايزه ساعتها عرفت إن ده هو اللى ماسك أرضه اللى فى البلد وبيزرعها معاه بالمشاركة ..فجأة لقيتها قدامى تانى بس المرة دى وهى لابسه بنطلون قماش شيك وعليه بلوزه طويله لبعد الركبه وحجابها بيزينها أتاريها بنته وبعتلها عشان تساعده، والغريبه إنها إتكلمت مع الأجانب بطلاقه وطبعا جه الدور عليا وبتسألنى بالإنجليزى فأنا ضحكت ورديت عليها بالعربى .ساعتها استغربت وأنا فهمتها إنى مصرى بس والدتى فرنسية .الغريبه ان الأمر كان بالنسبه لها عادى وقضت الوقت معانا بمرح لذيذ واليوم خلص وأنا مش قادر أشيل عينى من عليها ..
خلصت الزياره وقلت خلاص مش هشوفها تانى ومش هفكر فيها. بس لقيت العكس وبقيت مشغول بيها أكتر لدرجة إنى سافرت البلد تانى وحاولت أشوفها ومعرفتش ...
سأله عصام بهدوء وترقب: طب ليه كنت بتدور عليها رغم ان حضرتك متجوز ومخلف ومراتك ست جميله وعيلتها كبيره .فليه بقه تدور على غيرها ؟!  
تنهد قاسم بشدة وقال وسط سعاله : أنا مش هقولك إن رانيا كانت وحشه لا أبدا ..رانيا كانت كويسه وبتهتم بيا وبأمجد فى الوقت ده .بس بدأ أمجد يروح الحضانه وهى بدأت تروح النادى واهتماماتها تختلف ولما حاولت أكلمها اتحججت إنى مشغول عنها وهى من حقها تشغل وقتها .ساعتها بدأنا نبعد عن بعض واهتمامتنا تختلف .خاصة بقى لما شفت مامتك .أنا فعلا قعدت حوالى سنه معرفش عنها حاجه بعد ماروحت البلد ومعرفتش أشوفها .لغاية ما فى يوم لقيت عمك سامر بيقولى  انه متضايق لأن الراجل اللى ماسك الأرض تعبان بقاله فتره ومفيش حد يراعى الأرض .رغم إن بنته بتحاول تسد عنه بس مش قادره. ساعتها اقترحت عليه إننا نروحله ونشوفه تعبان ماله يمكن نقدر نساعده. ومن هنا قربت من مامتك وقدرت أخليها تحس بيا .كنت بحس بسعادة غريبه وأنا معاها رغم إن رانيا جميله جدا بالنسبة لمامتك، بس مامتك شدتنى بروحها وبراءتها وطيبة قلبها وكمان بتضحيتها خاصة لما عرفت إنها بنت وحيده ووالدتها متوفيه وإنها متفوقه بس دخلت تعليم فنى عشان متنشغلش عن باباها اللى هو كل دنيتها .بس عوضت كل ده انها كانت مثقفة جدااا وبتقرا كتييير وبتتعلم كل حاجة. ساعتها قررت إنى لازم اخد خطوة رسمى خاصة لما عرفت إن جدك عنده كانسر وخلاص فى آخر أيامه .فقررت إنى أتكلم مع جدتك فلورنسا بس مكنتش متوقع اللى هى قالته ......
ياترى فلورنسا قالت لقاسم إيه ؟؟

☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆
إذكروا  الله ❤️❤️❤️
منتظرة رأيكم فى الفصل . الرأى السلبى قبل الرأى الإيجابى ... وأرجو إنها تكون بداية موفقة ...
بحبكم فى الله ...سلوى عليبه ...

.

 لست دميماحيث تعيش القصص. اكتشف الآن