الفصل السادس .... لست دميما

986 47 2
                                    

الفصل السادس ......
لست دميماً .........
سلوى عليبه.......

وماكانت الأرض هى المذنبة فى اختلاف الزرع .فالصبار والورد يخرجان من نفس الأرض ويسقون من نفس الماء ولكن لا تطغى خصائص الصبار المرة على نعومة الزهرة ورحيقها.فماذا نفعل فى طبائع النفوس المريضة حتى لو كانا من نفس الأبوين ....
يخرج أريان وهو لا يرى أمامه .يتخبط بين الحقيقة والخيال .فهو لايرى إلا بأعين أخيه ،وكيف لا يتبعه وهو أخيه الأكبر والشقيق .ولكن هل يجب أن يكون شقيقك بالدم هو شقيقك بالروح. فلم يقتل هابيل إلا أخيه الشقيق قابيل .وكذلك لم يقف بجوار موسى غير أخيه هارون .فليت كل الأشقاء كهارون ولكنه وللأسف يوجد الكثير من قابيل.
ركب سيارته وهو يعيد مرة تلو الأخرى ما قاله أخيه .فهو لايرى غير نفسه فى الوقت الذى فتح له عصام ذراعيه . إلى أين يذهب ولمن يتكلم ،فوالدته لا تعيره بالاً ،وأخيه يهتم به فقط ليكسر به عصام .
قاد سيارته وهو لا يعرف أين هى وجهته .حتى وجد نفسه أمام تلك العمارة القابعة بها شقة أخيه ووالدته .لمَ أتى إلى هنا ؟
هل ليشعر بالدفء الذى شعر به قبل ذلك مع تلك السيدة (خديجة) الفلاحه كما تلقبها والدته . تردد كثيرا فى الصعود ولكن وكأنه يوجد من يحركه .وجد نفسه أمام الباب ويضرب الجرس حتى أنه إستفاق وقرر الهرب .إستدار ليمشى ولكن سبق السيف العزل .فُتح الباب ووقفت تنظر للقادم ، خرج صوتها حنونا لذلك الإبن الشبيه لأبيه وبشدة:إتفضل ياحبيبى. مالك واقف كده ليه ومدينى ضهرك. ثم إبتسمت بهدوء لمعرفتها بنيته للهروب : إدخل يا أريان فعلا اللى خلف مماتش .
نظر إليها وقال بحنين: يعنى إيه ؟
أمسكت يده وأدخلته للداخل وهى تتكلم بثقة: أصلك يا حبيبى شبه قاسم قوووووى .ثم نظرت لعينيه بقوة: حتى فى الهروب برضه .
إبتلع ريقه وقال: بس بابا مكنش بيهرب من حاجة.
ضحكت بشدة وقالت: يوووووه د مكانش بيعمل حاجه غير انه يهرب .مكانش بيحب يحارب أبداً.
تركت يده وهى تقول : إقعد يلا وقولى تشرب إيه ؟ ولا أجبلك تاكل هتلاقيك مفطرتش .ثم إستطردت فى الحديث: باباك كان دايما يحكيلى عنكم وعنك انت بالزات ،كان بيقولى انك أكتر واحد شبهه فى الشكل وفعلا كأنى شايفه قاسم قدامى .
إبتسم لها بتردد وقال: كنتى بتحبيه؟
تنهدت بشدة وقالت: جدااااا كنت بعشقه .يمكن مكسرش عشقى ليه غير انه مقاليش انه متجوز مامتك ومخلف منها لأنه كان واثق إن عمرى ما كنت هوافق عليه أبداً رغم عشقى ليه .
سألها بخفوت: يعنى إنتى كرهتيه بعد كده؟
ربتت على يده وقالت بثقة: اللى بيحب مبيكرهش مهما عمل فيه حبيبه .بس بيتوجع منه قووووى عشان بيحب قووووى . لكن لو حد قالك انه كره حد حبه يبقى بيكذب عليك .إبتسمت له وهى تشير إلى قلبه: بص ياحبيبى يوم ما ده يدق هتعرف معنى كلامى . أنا حبيب باباك واتجوزته لكن هو دبحنى بأنه ضحك عليا .مش بقولك مبيحاربش لا ده بيهرب على طول ..
شرد أريان وهو يقول بمرارة: بس كان بيحب حضرتك قوووى وكمان كان بيحب عصام أكتر مننا.
ضحكت بشدة على كلامه حتى أنه نظر إليها بترقب وإستنكار: حضرتك بتضحكى على إيه؟
أجابته بثقة : عشان للأسف انتوا بتكدبوا الكدبه وبتصدقوها. قاسم عمره ماحب عصام أكتر منكم .والدليل انه لما كان بيتحط مابينكم كان بيختاركم انتوا وللأسف أنا كنت بساعده فى ده وبظلم إبنى إعتقادا منى إنى بكفر عن ذنب أنا معملتوش أصلا. إستطردت بحزن وندم: حتى لو انا اللى عملت الذنب ده ،ليه عصام يشيله لوحده ،ليه أبعده عن حياة باباه ومحاولش أدخله فيها . نظرت ليه وهى تكمل بذات الحزن: أنا بديتكم على إبنى عشان حسيت إنى أخدت أبوكم منكم مع انى مكنتش أعرف .مش هقدر أقولك انه مكنش بيحبنى أكتر من مامتك ،لا هو فعلا كان دايما يقولى كده .بس صدقنى عمره ماحب عصام أكتر منكم .
هب واقفاً وهو يقول بغيرة: ياسلام مبيحبوش إزاى وهو بيموت فى سريره مطلبش غيره .أنا كنت هموت وأشوفه والدكاترة مانعينا عنه وبقدرة قادر ألاقى عصام بيتعقم عشان يدخل العناية لأن بابا عايزه.
صاحت هى الأخرى وقالت: مش يمكن عايزه عشان يخليه يسامحه على ظلمه ليه ،مش يمكن طلبه عشان يعرفه ليه مكانش بيحارب عشانه وكان بيهرب من مجرد تواجده معاه وكأنه ماصدق إنه بيرفض الخروج .مش يمكن عشان عارف إن إبنى قلبه أبيض ومبيكرهش حد خاصة إخواته فوصاه عليهم لأنه عارف إنه هيعمل بالوصية ،لكن لو كان وصى حد تانى كان هينفذ وصيته يا أريان ؟ هاه رد عليا كان هينفذ؟
هرب أريان من مواجهتها لمعرفته بأن ماتقوله حقيقة قائمة .فهم لن ينفذوا أي وصية خاصة بأخيهم مهما كانت.
عندما وجدته صامتاً فأكملت بإستعطاف لروح الإخاء التى بينهم فقالت: ألا قولى يا أريان لما روحتوا لعصام بعد ماخسرتوا فلوسكم فى مشروع فاشل ورا التانى ،هل طردكم مثلا ولا إستقبلكم وفتحلكم دراعاته رغم إنه مشافش منكم غير الكره والغيرة. متفكرش إن ده ضعف منه لااااااا د منتهى القوة إنى أواجه اللى بيكرهونى وأعرفهم إنى مش خايف منهم ومن وجودهم حواليا .
ربتت على كتفه وهو واقف يشعر بالتيه: ياريت يا ابنى تعرف مين اللى قلبه نضيف وبيتمنى يقرب منك ؟ ومين اللى قلبه مليان حقد وعايز الخير لوحده وبس.
فكر كويس وياريت لما تفكر تفتكر مواقف مع تفكيرك ده عشان تشوف الإختلاف اللى أنا واثقة إنه هيكون فى صالح عصام وبجدارة . ثم أكملت بمغزى معين: وياريت تبقى تجيلى وانا دايما بابى مفتوح .وياريت متهربش زى ماهربت قبل كده لما جيتلى وانت صغير مع باباك . نظر إليها وقال بإرتباك  : وههرب ليه يعنى ؟
إقتربت منه وأجابت بثقة: يمكن خفت تحب أخوك وتحب مامته وده طبعا ضد ماهم عايزين .فكالعادة قررت تهرب .صح ولا أنا غلطانه؟
خرج أريان دون كلمة واحدة وماذا يقول بعد أن عرته خديجة من أفكاره .بل إنها جعلته يفكر بأشياء لم يفكر بها يوماً .ومن ضمن هذه الأشياء كلمة ( يابنى) والتى كانت تقولها بتلقائية شديدة لأنها تستشعرها أما والدته فهى لم تنطقها يوماً .لمَ رغم هجوم خديجة عليه إلا أنه شعر بدفء الحوار بينهم حتى أنه كان لايريد أن ينهى الحديث .
ولكن عليه أن يستعيد وعيه قليلا ويستدرك الأمور عله يفهم الواقع ويعرف كيف يميز الخبيث من الطيب.
♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥
والكلمة كالرصاصة تقتل القلب وتفتت الروح ويقف العقل عندها .وكم من كلمات يقولها الناس هوناً وهى علينا شدائد .يعتبرون أنها مزحاً وهى تمزق الأوردة والشرايين . فلا تقل إلا خيرا  أو لتصمت .ولكن هيهات أن يبقى اللسان صامتا دون الحديث .
وقف عصام أمام هاميس تلك التى فهمت مايفكر به دون عناء .فهى بالفعل ذكية وتمتلك من الفطنه ما يجعلها تسبر أغوار مَن أمامها بمنتهى السهوله .فكيف لا تسبر أغوار عصام وهى قد رأته أمامها كالكتاب المفتوح .تفضحه عيناه الحزينه ،كما تفضحه نظرته أمام أخيه وكأنه يتوارى عنه حتى لا يقف بجواره . غبى هو غباءً منقطع النظير .فكيف يظن أنه ليس وسيما بعيناه تلك وملامحه المنحوته وسماره الخلاب .
قال لها بحزن : أنا مبحكمش على الناس من شكلها بس للأسف الناس هى اللى بتحكم من الشكل من غير حتى ماتحاول تتعرف على الشخص اللى قدامها سواء كويس أو وحش .
أكمل بتيه وكأنه يحدث نفسه : إنت شكلك مش حلو يبقى طبعك مش حلو .إبتسم بسخريه : إخواتك شكلهم جميل يبقى طبعهم جميل .خاصة بقه لما يعرفوا انك ابن زوجة تانيه ومش ظاهرة للعيان يبقى نقرب من اللى فى الواجهة عشان ننول الرضا حتى لو هندوس على حد ملهوش ذنب. للأسف محدش بيفكر إن الكلمه مش بس ممكن تجرح دى ممكن تقتل خاصة لو كان طفل .
شعرت هى به وكيف لا وهى قد عانت من تنمر البعض كون ليس لها أب وتعيش مع زوج أمها .لايعلمون كم من الليالى باتت تبكى من رصاص كلماتهم .حتى جمالها لم يكن يوما إلا آداة جذب للطالح قبل الصالح .حتى إنها ابتعدت عن الجميع واكتفت بشذى فقط لمعرفتها الوثيقة بها .
أما عصام فعاد لوعيه من حالة الحزن التى تملكته ولكن هل تركته يوماً . حاول الإبتسام وهو يقول: عادى أنا خلاص عرفت أمشى حياتى .
نظرت له بقوة وقالت: للأسف إنت غلطان لانك صحيح عرفت تدير شركة بالحجم ده لكن مش عارف تدير حياتك .أنا يمكن معرفكش وأول مرة أشوفك بس الحمد لله أنا عندى ملكه إنى بفهم الناس من نظرة عين .زى مافهمت أخوك ده اللى إسمه أمجد وهو بيستعرض نفسه قدام البنت اللى واقفه لأنه متأكد إنها هتقع من جماله .برضه فهمتك من نظرتك له إنك مفكر نفسك أقل منه .ودلوقت سؤالك عن رأيى فيه أكدلى وجهة نظرى .
وقف رائف بينهما فى محاولة منه لتلطيف الحوار القائم وهجوم هاميس على عصام .فهو أدرى الناس بطبيعتها وكونها لا تستطيع الصمت خاصة عندما يمس شئ من معتقداتها .وأيضاً إشفاقاً على عصام من كلمات هاميس فهو أكثر الناس معرفةً بجرحه .
أمسك رائف يد هاميس وهو يقول بإبتسامة : إيه ياهموس إنتى مش ناويه تروحى عشان ترتاحى ولا ايه . وكمان الكلام بينا مش هيخلص ومسيركم هتشوفوا بعض تانى بما انك هتبقى معانا هنا .
قفزت هاميس بفرح: بجد هشتغل هنا معاك .حبيب قلبى وربنا .ثم إحتضنته وقبلته على وجنتيه .
زهول هو ما أصاب عصام هل هذه من قال عليها رائف أنه سيحضر من ينظم الحسابات ويضبطها . إذا سيراها كل يوم .هنيئاً لك أيها القلب النابض .
نظر إليهم وهو يتمنى أن يكون مكان رائف وهى بين أحضانه . إبتسم لتخيله .فمنذ متى وهو هكذا .يبدو أن هذه الهاميس ستغير الكثير والكثير .ولا يعلم أنها فعلا ستغير الكثير ولكن ليس بالشركة فقط .
اتجهت هاميس إلى عصام وهى تمد يدها للسلام وقالت بإبتسامة رااائعة زادت من نبضات قلبه: بما إنى هشتغل عندك بقه يبقى نبدأ صفحة جديدة خاااالص واوعى تزعل من كلامى. ثم أضافت بضحكة سلبت لب ذلك الواقف أمامها : مانا مش هترفد قبل ما أشتغل يعنى .بص شغلنى وجربنى شهر وبعدين ابقى ارفدنى عشان بس بريستيجى وكده أصلى مرفوده من كذا شركة والحمد لله ولأسباب مختلفة .قالت هذا وهى تهذب ياقة بلوزتها بفخر .جعل ذلك الواقف أمامها يضحك بشدة عليها وهو يمد يده هو الآخر ليسلم وهو يقول من وسط ضحكاته: أول مرة أشوف واحدة مرفودة وفرحانه لا وبتفتخر بكده .
نظر لعيناها وهو مازال ممسك بيدها وقال بهدوء: طب إضحكى عليا بدل ما ارفض أشغلك معايا .
أين هى لا تعلم . فلقد تاهت فى ضحكته والتى أظهرت كم هو جميل حقا .فعندما ضحك شعرت أن وجهه ينبض بالحياة. ردت هى عليه بخفوت : متكشرش تانى لأن ضحكتك حلوة قوووى .
أجابها بخفوت: وانتى ضحكتك أحلى .
أمسكهم رائف من ياقاتهم وهو يقول بغضب: ان شاء الله شكلها أخر ضحكه ليكى وله .
نظر لعصام وقال بغيظ: جرا ايه يا اخويا دانت مبتضحكش للرغيف السخن النهارده فاتحها مضحكة ولا ايه .
ثم نظر لهاميس وقال بغضب: وانتى ياختى جايه تشتغلى محاسبة ولا أراجوز .ثم صاح بقوة : إمشى يابت قدامى على البيت .يلاااا .
أخذت حقيبة يدها وهى تقول : من عينيا ياباشا ،أنا أصلا فى البيت بس إنت مش واخد بالك .رفع لها حاجبيه بمعنى : حقاً .
خرجت هرولةً حتى تبتعد عن غضب رائف وهى تؤنب نفسها : قال ضحكتك حلوه قال .يعنى أنا بضرب الرجاله كلها وأجى عند ده وأقوله ضحكتك حلوه وكمان قدام رائف .هبله انا هبله .يلا هروح قبل ما ياكولنى ..وقفت فجأة وهى تتذكر ببكاء : ياختااااى دانا هروح عنده يعنى هياكولنى هياكولنى .
أما عند عصام ورائف .قال عصام فجأة : هى أختك هى اللى انت قلت عليها انها هتشتغل فى الحسابات .
نظر اليه رائف بقوة وهو يريد أن يعرف من هذا الذى يقف أمامه .فعصام صديقه لا يبتسم بسهوله ولكنه منذ لحظات كان يقهقه وبشدة .فهو ولأول مرة يراه هكذا .
إبتلع عصام ريقه وقال بتوجس: فيه إيه مالك عامل كده ليه .
ضحك عصام بسماجه: أبدا كنت بس نفسى أسأل مادام إنت بتعرف تضحك كده عمرك ماورتنى ضحكتك ليه ياخفيف ..
تنحنح عصام وهو لايعرف بماذا يجاوبه ولكنه تذكر فجأه فقال لكى يهرب منه: إنت مش قلت لهاميس تسبقك عشان تروح ،هى معاها مفتاح ولا ايه .
تذكر رائف فجأة وقال: يانهااار دانا نسيت خاالص .طب سلام بقه .ثم أمسك بمفاتيحه وتليفونه ورحل بسرعة .
تنفس عصام الصعداء وكاد أن يجلس على المقعد ليجد رائف وهو يرجع إليه ليقول بقوة وغيرة : لنا كلام تانى .ثم أكمل بتهكم : يا أبو ضحكة جنان .
لا يعلم عصام أن رائف يغار على هاميس وبشدة ويخاف عليها بقوة .فصحيح أن غيرته غيرة أخوية ولكنه هو من كان يرعاها منذ الصغر  فأصبح بينهم رباط قوى لا تهدمه الأيام .
■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■
وما نعود لماضينا بإرادة منا خاصةً عندنا يكون الماضى غير راضيين عنه .ولكن تكون للقدر كلمته التى لا نستطيع إلا أن ننحنى لها لأننا لانستطيع إلا المضى قُدماً حتى لو ضد إرادتنا الخاصة .كطير لايريد أن يبرح مكانه ولكنه يجب عليه أن يهاجر لكى يجد مكاناً أكثر دفئاً .ورغم ذلك يعود لذلك المكان البارد مرة أخرى لأنه يجب عليه العودة دون جدال .
وصلت علياء إلى تلك العمارة التى  كانت تسكن إحدى شققها الفاخرة ولكنها هربت منها بحثاً عن الأمان فى مكان آخر .تنهدت وهى تنظر إليها وتتذكر تلك الأيام الجميله التى عاشتها مع زوجها قبل أن تنتقل مجبرةٌ منها وتبدأ حياةً جديدة فى بلد جديدة .
أيقظتها فرحة شذى وهى تقول : معقول ياماما احنا عندنا شقة فى وسط البلد وعمرنا ماجينا نقعد فيها .
أجابتها بتهرب: كنا هنيجى إزاى بس وهى مسكونه.يعنى كنا هنمشى السكان منها مش معقول.
ضحكت شذى وقالت: مش مهم المهم إننا هنا وهفاجئ هاميس .يلا بقه بسرعه نطلع حاجتنا عشان أروحلها .
نظرت إليها والدتها بإستنكار : هتروحيلها على طول كده .مش تبلغيها حتى .
أجابتها شذى سريعاً : لااااا أبلغ مين أنا عايزه أشوف وقع المفاجأة على وشها على طول كده .يلا بينا نطلع الحاجة بتاعتنا وأروحلها .
إقتربت علياء من حارس العقار وهى تنادى عليه فجاء إليها شاب مهندم الثياب يبدو عليه الجدية مع بشاشة الوجه .
تكلم بهدوء وهو لا ينظر إليهم : أيوه يافندم حضرتك عايزه حاجه .
أجابته بهدوء : أيوه أنا ساكنه هنا وكنت عايزه عمى عبد الله البواب .
أجابها بإحترام : أهلا بحضرتك أكيد حضرتك مدام علياء .أنا منذرابن عمى عبدالله البواب .بس بابا تعب شويه وأنا لما جيت من شغلى قعدت مكانه .
صاحت علياء بشدة من فرحتها بهذا الطفل الذى تركته صغيرا وأصبح شاباً يافعاً يسر العين : مش معقوله إنت منذر الولد الصغير اللى كان بيلعب عندى على طول فى الشقه .إيه مانتش فاكر أنا مدام علياء اللى كنت ساكنه فى الرابع .
تهللت أسارير منذر وهو يقول: أيوه طبعا فاكر حضرتك .أنا أسف بس مكنتش بصيت فى وش حضرتك فمعرفتكيش .نورتى العماره تانى يا مدام علياء .وحشينا قووووى والله .
أجابته بفرحة لذلك الصغير : وإنت كمان والله وأختك عبير عامله إيه ؟
ضحك منذر بشدة : الحمد لله ريحيتنا واتجوزت .
ضحكت علياء على ذلك المشاكس : طول عمركم ناقر ونقير مع إنكم توأم .
أجابها بإقرار : فعلاً .بس أهى ريحتنى من مناقرتها .
كل هذا يحدث تحت نظرات شذى المستنكرة فمن يرى والدتها وهى لا تريد القدوم إلى هنا ،لا يراها الآن وهى تضحك وتسترجع الذكريات مع هذا الشاب .
تململت فى الوقوف وقالت بصوت هادئ ولكنه غير صبور لوالدتها: ماما ممكن نطلع الأول وبعد كده إبقى إسترجعى ذكرياتك براحتك .
نظر إليها منذر لأول مرة فهو بالفعل لم يلاحظها أثناء كلامه مع علياء . وقف وكأنه يتذكر شيئا ثم قال وهو يوجه الحديث لعلياء: معقوله دى البنوته الصغيره اللى كنت بطلع مخصوص أنا وعبير عشان نلعب بيها .
وقبل أن ترد عليه علياء كانت شذى تقف وهى تتخصر بيدها وتقول: نعععم إيه نلعب بيها دى كنت كوره أنا ولا كنت كوره .
أجفل من ردها الهجومى عليه حتى أنه تراجع وقال بأسف: أنا آسف جدا ليكى يا آنسه .أنا بس كنت بسأل مدام علياء ليس إلا .
شعرت شذى بالضيق لأنها هاجمته خاصةً أنه تراجع بأدب بل إنه هو من إعتذر يا الله .
ردت عليه علياء بحنق من سلوك إبنتها : لا يا حبيبى ولا يهمك هى بس عشان متربيه لوحدها فتخس إنها مبتعرفش تتعامل .
نظرت شذى لنفسها وقالت لوالدتها : أنا مبعرفش أتعامل .ماشى يا ماما شكرا .ثم نظرت لمنذر وقالت بعناد: بص أنا كنت ناويه أعتذرلك بس بعد كلام ماما فأنا مش هتعذر أصلى مبعرفش أتعامل .
صعدت أمامهم وهى تضرب بقدميها فى الأرض بطريقة طفوليه مما جعل منذر يبتسم عليها .أما علياء فكانت تود أن تضربها على تصرفاتها تلك .
حمل منذر الحقائب وصعد مع علياء إلى الشقة بعد أن سلمها المفتاح .فتحت علياء الباب بعد أن وجدت شذى تقف أمام الباب وهى تعقد يديها أمام صدرها من غيظها .
هبط منذر لكى يأتى بباقى الحقائب دون أن يلتفت لشذى مما زادها حنقاً عليه .
وجدت علياء الشقة وهى نظيفة جداا ومرتبه بل يوجد فى الثلاجة بعض المأكولات والخضروات والفاكهة . أما شذى فذهب حنقها عندما رأت الشقة وأعجبتها جداً .ظلت تدخل من غرفة لأخرى وهى تستكشف المكان .أما علياء فدخلت لغرفتها والتى طلبت من أى شخص يسكن هنا أن تظل مغلقة خاصة وأن الشقة واسعةٌ جدا ولهذا لن تؤثر تلك الغرفة بها . ظلت تنظر إلى كل ركن بها وكأنها تسترجع حياتها الماضية وحنين أتى إليها لشخص كان لها السند والعوض .تدحرجت دموعها دون قيود وكأنها بتلك الدموع تخبره كم إشتاقت إليه .
صعد منذر بباقى الحقائب ووضعها فى المدخل فهو لم يرد أن يدخل وهو يعلم أنه لايوجد معهم رجل .أجلى صوته وهو ينادى على علياء  خرجت إليه وهى تمسح دموعها وتحاول أن تضحك : أيوه يامنذر تعالى .
رفض بهدوء وقال : شكرا جدا ،أنا بس بسأل إذا كنتى عايزه حاجه تانيه قبل ما انزل لأنى خلاص قربت أروح شغلى .
أجابته علياء بإستحياء: معلش بقه عايزه بس أعرف نمرة سوبر ماركت قريب من هنا عشان أشترى طلبات للبيت .
أجابتها شذى بعد أن خرجت من المطبخ: ماما كل حاجه موجوده هنا حتى المشروبات إنتى كنتى موصياهم ولا إيه .
إندهشت علياء وهى تنظر لمنذر الذى قال: أنا نزلت وجبت كل حاجه تخص التلاجه من خضار لفاكهه للحوم وكله وكمان جبت كل المشروبات اللى ممكن تطلبوها .وحضرتك لو احتاجتى أى حاجه تانيه أنا تحت أمرك وأنا راجع من شغلى هجبهالك .
سألته علياء : إنت بتشتغل إيه ؟ شكلك كده مجتهد ولا إيه.
ضحك بتهذيب وهو يقول : أنا دكتور باطنه وقلب.
ردت عليه علياء بفرحة : بجد إنت تستاهل كل خير يامنذر .ربنا يوفقك يااارب .بس انت كنت بتقول انك لسه راجع من الشغل أمال شغب إيه اللى إنت هتروحه تانى .
أجابها بفخر : أنا الصبح بشتغل فى مستشفى إستثمارى كبير الحمد لله وبالليل بروح العيادة فاتحها مع إتنين إصحابى فى حته شعبيه كده على قدنا .
سألته شذى دون مقدمات : يعنى رغم إنك دكتور متكسفتش إنك تقعد مكان باباك على بوابة العمارة.
إبتسم بفخر : لا طبعاً ،لأن المكان ده وقعدت بابا عليه هى اللى طلعتنى دكتور وأختى معاها علوم وأخويا فى ثانويه وان شاء الله يدخل هندسه زى مابيحلم وآخر العنقود فى إعدادى وبتطلع برضه من الأوائل .غيرنا عنده كل حاجه ومطلعش فى النهاية أى حاجه . وكمان مفيش حد مننا بيختار أهله ورغم كده لو خيرونى بين أهلى وأهل تانيين مش هختار غير أهل ى برضه لأن نظرة رضا من عنيهم بتحسسنى إنى ملكت الدنيا .
إبتسمت علياء بفخر وقالت : ربنا يديك على قد نيتك .متعرفش قد إيه أنا فخوره بيك بجد .ربنا يوفقك ياااارب  .
أمن على دعاءها ثم إستأذن لكى يذهب ولكن أوقفه نداء شذى وهى تذهب إليه على إستحياء وقالت دون مقدمات: أنا أسفه إنى إتكلمت بهجوم وأنا تحت وكمان مش عايزاك تفكر إنى كنت بسألك عن قعدتك مكان باباك إنى بقلل منك بالعكس أنا تصرفك عجبنى جداااا وعشان كده سألتك .
إبتسم إليها بهدوء وهو يغض بصره عنها: لا عادى ولا يهمك أنا متصالح جدا مع نفسى ومبزعلش من حاجه زى دى .
تركها وذهب وهى تنظر خلفه وهى تستغرب هل مازال يوجد مثل هذا النوع من الرجال فى دنيانا تلك .
♠︎♠︎♠︎♠︎♠︎♠︎♠︎♠︎♠︎♠︎♠︎♠︎♠︎♠︎♠︎
ليس الأمان أن تجلس بين أربع جدران صماء لا والله بل إن الأمان هو شخص ترتمى بداخل أحضانه وقت الخوف .أن يحتويك وقت الغضب .أن يلتمس لك الأعذار وقت الإنفعال. أن يتشارك مع أحزانك وأن يفرح معك وقت فرحك .
تجلس هاميس بجوار رائف وهى تقص عليه كل ماحدث معها فى الفترة السابقة .وأفعال زوج والدتها وكلماته الجارحة لها .تركها تتكلم وتتكلم دون توقف .لم يرد أن يوقفها بل أراد أن يجعلها تخرج كل ما بداخلها حتى تشعر بالراحه . حتى شذى أخبرته عنها وعن صداقتهم وأنها تفتقدها جدا ولكنها لن تترك الإسكندريه لرفض والدتها لذلك .كان لها كلإسفنجة تمتص كل ما تخرجه من جوفها .فهو يريد أن يزيل كل آثار الماضى من عليها .فهى وصية والدته إليه .حتى وهى على فراش الموت لم تذكر إلا هى لأنها تعلم أن رائف وريان سيكونون سندا لبعضهم البعض ولكن هاميس ليس لها أحد وريان يعشق الترحال فلن يكون بجوارها ولهذا أوكلت له تلك المهمه والتى إستقبلها بصدر رحب وذلك لعشقه لأخته من الرضاع هاميس .
توقفت هاميس عن الكلام عندما سمعوا جرس الباب وهو يرن .ذهب رائف لكى يفتح ولكنه صعق ممن رأى أمامه فقال دون انتباه : مش معقول انت ...!!!!....
■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■
إذكروا الله ... ياترى بقه مين على الباب ؟
يلا تفاعل ثم تفاعل .الفصل طوييييل واللى هيقولى قصير هخليه هو يكتبه المره الجايه😂😂😂😂😂😂 عشان يحرم يقول قصير لما ايده توجعه .
بحبكم فى الله .... سلوى عليبه ...

 لست دميماحيث تعيش القصص. اكتشف الآن