الفصل الثالث .. لست دميما

1K 56 11
                                    

الفصل الثالث
لستُ دميماً
وما كانت ذكرياتنا إلا كفتيل يشعل بقلوبنا آلام تلازمنا بحاضرنا وتشكل معنا مستقبلنا. فماذا نفعل بقلب يتوق شوقاً لنسج ذكريات مع أُناس ذهبوا أدراج الرياح ولن نستطيع أن نتمكن منهم مرة أخرى .
إعتدل عصام فى جلسته بعد أن سمع طرقاً على باب غرفته وبالطبع فهو يعلم صاحبته ولكن صدقا ماذا يفعل بقلب إكتفى آلاماً وخذلاناً من أقرب الأشخاص!
لايريد تبريرا ولا يريد أن يسمع أسبابا فالنتيجة بالأخير واحدة وهى تمزق الروح ونكران الذات .
دخلت خديجة وهى تنظر لولدها بعيون تفيض حنانا وحبا ويزيد عليهم شعور مُخزٍ بالذنب ..
جلست بجواره دون كلام وأمسكت بيده وقبلتها بهدوء. سحب عصام يده بقوة وهو يستنكر ماتفعله والدته بشدة. نظر لوجهها وجد أن عيناها تفيض دمعاً لا يعلم سببا له . أو أنه بالفعل يعلم السبب ولكنه لا يريد السؤال ..
أمسك هو يدها وقبلها بشدة وقال بمشاعر حب صادقة : مش إنتى يا أمى اللى تبوسى إيدى، أنا اللى أبوس إيدك ورجلك كمان ويكون قليل .
إنتحبت بشدة وهى مازالت متمسكة به وقالت من بين دموعها: مش يمكن بعتذر ليك !
وقف وتركها وأعطاها ظهره حتى لا ترى الألم الناطق بعيناه : ملوش لزوم الإعتذار ياماما. تنهد بشدة ثم أكمل: خلاص اللى حصل حصل. والإعتذار مش هيعيد الماضى من تانى بس الكلام فيه هيوجعنا للأسف .
وقفت أمامة وهى ممسكة بيديه الإثنين وتقول بتصميم : إنت سمعت باباك ومن يومها رافض تسمعنى، بس لازم تسمع لأنى بموت وأنا بشوفك كده ..
أدمعت عيناه وهو يقول بخفوت: ولما أسمعك إيه اللى هيتغير .
صرخت بشدة: يمكن أنا اللى أرتاح .مش بيقولوا إن الإعتراف بالذنب بيقلل من الإحساس بالألم 
نظر إليها بقوة وعدم فهم : ذنب إيه اللى بتتكلمى عليه؟!
اللى عرفته من بابا نفسه إنك مكونتيش تعرفى إنه متجوز .
زفرت بشدة وهى تجلس مرة أخرى وتقول بشرود وهى تسترجع تلك الأيام : أيوه مكنتش أعرف بس برضه ده مينفيش عنى الذنب. أنا فعلا حبيت باباك وأنا عارفه إنه حبنى بس هو للأسف محاولش يصلح من حال رانيا أو بمعنى أصح حاول بس مكملش لما لقى البديل ليه بقى يعافر مع حد تانى .
نظر لها بعدم فهم فأكلمت وهى تتنهد بقوة : أيوه هو ساعتها كان عرفني وحبني فليه يحاول يصلح من رانيا. صحيح هو معرفنيش إنه متجوز ولو كنت أعرف عمري ماكنت إتجوزته مهما كنت بحبه لأنى مبحبش الظلم والكسرة. وعلى فكرة رانيا مش وحشه، آه ممكن يكون فيها عيوب بس ممكن تتصلح بالإهتمام بس للأسف باباك مهتمش وعلشان كده حملت نفسى الذنب إني بعدته عن مراته وحياته وصدقنى لو كنت أعرف قبل ما أحمل فيك كنت هطلب الطلاق ورغم إن ده حصل بعد ماعرفت ورغم إنى كنت حامل فيك بس برضه طلبت الطلاق وهو كان رافض تماما. وطبعا ساعتها حياته مع رانيا كانت باظت خلاص .
أمسكت يده وأجلسته بجوارها على التخت وقالت بحزن: عارف يعنى إيه تبقى واحدة جميلة وشيك ومن عيلة وجوزها يتجوز عليها وكمان واحدة أقل منها في كل حاجه حتى الشكل. نظرت إلى عيناه والتى توسعت بشدة بسبب إندهاشه من كلامها الغريب بالنسبة إليه ؛ متستغربش كلامى أنا فى النهاية ست وحطيت نفسي مكان رانيا ومقدرتش أستحمل .أيوه أنا كملت عشان خاطرك ورغم حبي الشديد لباباك كان فيه حاجه إنكسرت جوايا بسبب خداع باباك ليا واللي متظلمش بسببه غير أنا ورانيا ..
تكلم بهدوء وهو يتساءل: ليه بتقوليلى الكلام ده كله؟
أجابته بحزن : عشان أنا ظلمتك معايا وكان لازم تعرف السبب في الظلم ده ..
تساءل بنظراته فأجابته بتأكيد : أيوه ظلمتك لما كنت مبرضاش أروح مع باباك أى مكان وبالتالى إنت كنت بتقعد معايا. إحساسى بالذنب تجاة رانيا كان مخليني متنازلة لها عن الحق ده. هي اللي من حقها تظهر معاه فى حفلاته ومناسباته وأنا لا.
أكملت بألم : مكنتش أعرف إنى كده كنت بتنازل عن حقك إنت كمان فإنك تظهر معاه والناس كلها تعرفك وتتعود عليك وعلى ظهورك وبالتالي مكانوش هيستغربوا من وجودك ومكانوش هيقدروا يتكلموا عليك سواء قدامك أو من وراك .
ربت عصام على يدها بحنان وقال : متشيليش نفسك ذنب مش ذنبك ياماما لأن بمنتهى البساطة لو كان بابا أصر إنه ياخدنا كان أخدنا بالعافية حتى لو إنتى رافضه بس هو كان مرتاح لإختيارنا ده وإننا نبعد عن الناس لأننا مش واجهة .
أكمل بألم شديد : بابا كان بيحبنا وأنا متأكد من ده بس للأسف كان بيحبنا لنفسه وبس. يعنى يجي ويقعد معانا ويحس معانا بالدفا اللى مبيحسهوش مع مراته التانيه. كان بيحب يقعد ويلعب مع إبنه المطيع لأنه مش عارف يعمل كده مع ولاده التانيين .. يعني بمعنى أصح كان بيحبنا بس بطريقته الخاصة .
زفر بتهكم : وللأسف حبه ده أثر علينا بالسلب حتى وهو بيموت. ولأنه عارف إنى مبقدرش غير إنى أسمع كلامه فوصانى على إخواتى اللى معرفوش إنى أخوهم غير ساعة الميراث وبس.
نهض بشدة وحاول أن يتناسى ماحدث وقال بابتسامة متألمة : إنسي ياست الكل .ثم أكمل بمرح مصطنع : إيه مش هتأكلينى ولا إيه ؟!  أنا جعاااان ..
ضمته بين حنايا صدرها علها تزيل هذا الألم الظاهر بعيناه؛ الناطق به لسانه رغم المرح . فاشتد هو الآخر بضمها إليه فمهما حدث بينهما ستظل هى الأمان لقلبه ومحياه ..
♥♠︎♥♠︎♥♠︎♥♠︎♥♠︎♥
وما نتحلى بالقوة المزيفة إلا لكي نبعد عن أنفسنا الألم وكأننا نتجاهل أننا نتعايش معه رغم محاولاتنا المستميتة أن نبتعد عنه. وكيف لحملٍ أن يقاوم قطيع الذئاب مهما تلبس قناع القوة فيظل الخوف من الغدر داخل قلبه مهما حاول أن يثبت العكس .
لم تكن هاميس تشعر بالإرتياح رغم أنها أخرجت مابداخل قلبها ولكن تظل بداخلها تلك الغصة فى استجداء حبٍ يجب أن يكون فطرى ولا نبحث عنه داخل العيون ...
خرجت من شرودها على صوت رنين هاتفها لأكثر من مرة . التقطت هاتفها وانفرجت شفتاها عن إبتسامة لا تخرج إلا لصاحب المكالمة ..
حبييييبى اللى وحشششنى ....
ضحك الآخر على الجهة الأخرى من الهاتف وهو يقول : ااااه يابكاشة. يابت بطلى أفوره لو صحيح وحشتك كنتي كلمتيني أو جيتيلي مانتي عارفة إنى قاعد لوحدى زى اليتيم ....
ضحكت بشدة وقالت بلؤم: لا يا أخويا أنا أخاف اجيلك صراحه مش ضمناك . آه أخاف على نفسى من الفتنه ..
ضحك بصخب وقال : فتنة إيه يا أم فتنة إنتى. دا إنتى لسة واكلة ودن الراجل .
وضعت يدها على فمها بشهقة وكأنه يراها وقالت بخفوت: عرفت إزاى دا أنت فى القاهرة. ثم أكملت بتساؤل هو أنت نزلت إسكندرية ولا إيه؟!
أجابها بتهكم : لا ياختى منزلتش إسكندريه بس سُمعتك هى اللي سابقاكي ياقلبي. بس مكنتش أعرف إنك اتحولتي لمصاص دماء .
ثم أكمل بقوة فهو يعرفها جيدا ويعرف أنها لن تُقدم على فعل هذا إلا لسبب شديد : حصل أيه خلاكي تعملي كدة .
أجابت بقوة وهى تعتدل على التخت وترفع ياقة كنزتها وكأنه يراها : مانت عارفني مبحبش حد يقرب مني أو يتعدى حدوده وأهو أخد نصيبه وأكلت ودنه.
رد عليها بتساؤل : وطبعا سيبتي شغلك .
أجابته بحزن إستشعره هو بين حنايا صوتها : متشغلش بالك بيا ..
صرخ بها حتى أنها أبعدت الهاتف من على أذنها من شدة صوته : إنتى مجنونة يعنى لو مشغلتش نفسي بيكي هشغل نفسى بمين. شوفى بقى وده آخر كلام ما بينا بكرة تكوني عندي واللي هيقف فى طريقي هافرمه سامعة . إنتي مش هتبعدي عن عيوني لحظة واحدة برضاكى أو غصب عنك . أنا خلاص تعبت من كتر التفكير فيكي وفي اللى بيحصلك ...
أدمعت عيناها بشدة وهى تقول: وإنت ذنبك إيه فى اللى بيحصل معايا ؟!
أجابها بحنان بعد أن شعر بها : ذنبي إنك قدري. هعمل ايه بقى وِحش ولا حِلو أنا راضي بيه ..
أجابته وهى مبتسمة وتشعر بالإمتنان لوجوده بحياتها: رينا مايحرمني منك أبداا.
أجابها بحب خااالص : يااارب ولا يحرمني منك إنتي كمان. يلا هسيبك تنامى وبكرة الصبح الاقيكى قدامي سامعة.
وجود بعض الأشخاص ممن يشعرون بنا حتى لو كانت بيننا مسافات تجعلنا نستشعر بأهمية وجودنا فى حياتهم حتى لو كان كلامهم معنا مجرد كلمات بسيطة ولكنها تمسح دموعنا التي لا يروها وتهدئ نار قلوبنا التى لا يروها ....
دخلت عليها نورهان وهى مطأطأة رأسها لاتقدر أن ترفعها بوجه أختها الكبرى بعد ما حدث. لم تكن بمفردها بل كان معها أخوها جاسر بعد أن قصت عليه ماحدث كالعادة ..
ضحكت هاميس وهى تقول : والله يعملوها الكبار ويقعوا فيها الصغار. ثم أشارت إليهم : تعالوا تعالوا متتكسفوش . وكأنها قد أعطتهم إشارة لكى يرتموا داخل أحضانها وكأنها هي من ستؤازرهم وليسوا هم من يجب أن يؤازروها.
تمسكوا بأحضان بعضهم البعض وكل عين تفيض ولا تجد لها سدا ليوقف هذا الفيضان ..
إبتعدت عنهم وهى تحاول أن تبتسم : إيييه فيه إييه منك ليه وليها ..
أمسك جاسر يدها وهو يقبلها ويقول بتأثر : حقك عليا أنا .أنا أسف عن كل كلمة بتجرحك، خدى حقك منى بس متزعليش ولا تكرهينا ...
صدمت بشدة من كلامه فكوبت وجهه بيديها وقالت : إنت أهبل يابنى دا أنا روحى فيكم. أكره مين هو أنا مصبرني على اللى أنا فيه غيركوا. صدقني ياجاسر أنا بستحمل بس عشان خاطركوا لأني فعلا مش هستحمل إنكم تبعدوا عنى وينجح مدحت فى اللى عايز يعمله ....
ابتسمت نورهان وقالت بمرح: مدحت حاف كدة. ضحكت هاميس بشدة : لا بالغموس ياختى بس ده يغمسوه بإيه ده!
ضحك ثلاثتهم على مرح هاميس وهم بداخلهم يلعنون سلوك والدهم المخزي مع أختهم وصاحبة الفضل الأول عليهم ومهما فعل معها فهم لا يستطيعوا أن ينكروا ذلك . ..
تنهدت بشدة وهى تنظر لوجوههم بحب : بصوا بقى إنتوا عارفين أنا بحبكوا قد إيه صح ؟! أجابوها بحذر وترقب : طبعا صح .بس ليه السؤال ؟
أجابتهم بهدوء : أنا هسافر بكرة الصبح إن شاء الله وهعيش فى القاهرة.
نظرت لها نورهان بقلب يخفق بشدة : عنده ...
أومأت لها دون كلام .
فتحدث جاسر بحزن : يبقى مش هنشوفك تاني لأنه مبيكرهش حد قد بابا وماما ومش هيسيبك ترجعي.
شعرت نورهان بالخزن الشديد فكلام أخيها صحيح ولكن هاميس تحدثت بثقه: لا طبعا هو عارف قد إيه إنى بحبكم ولو هو مش هيرضى ينزلني أشوفكم وإنتوا كمان تيجوا تشوفوني يبقى مش هقعد معاه وهروح أقعد لوحدي واللى يحصل يحصل بقى..
ظلوا يتسامرون حتى الصباح تحت الوعد الأكيد بعدم الإبتعاد مرة أخرى. وكل منهم بعقله حديث وبقلبه أحلام ولكن ماذا سيحدث معها هناك ؟!!!
♥♠︎♥♠︎♥♠︎♥♠︎♥♠︎♥
الظلم شئ صعب ولكن الأصعب أن تشعر أن هذا الظلم ماهو إلا حق مكتسب لك وأنه هو الصواب وما يجب أن يكون. والأدهى من ذلك أن يعينك الآخرون على هذا الظلم ويبثوا داخلك أنك أنت المظلوم والمجني عليه، وعليك أن تسترجع حقك ممن جاروا عليك. فلديهم القدرة على قلب الحقائق وللأسف يجدون من يستمع ويقتنع ..
يجلس أمجد ومعه أخيه أريان وهم يتسامرون مع أصدقاء لا يتخيرون عنهم فى السوء. بل انهم كأعوان إبليس يعينوه على الباطل وكل يتقرب منه بأن يظهر أسوء ما لديه ..
أمسك أكثم كأسه بيده وهو يصيح بشدة حتى يستمعوا إليه من صوت الموسيقى الصاخبه: في صحة أمجد وأريان والنجاح الفظييع اللى حصل فى حفلة النهاردة ...
ضحك يزن بشدة وقال بمكر : طبعاً ماهو لازم ينجحوا مش مالهم برضه ولا إيه ...
أجاب أمجد بحقد دفين : ااااه طبعا حقنا ومالنا بس نعمل ايه مكتوب بإسم البيه عصام. بس وحياتك كلها شوية وكل حاجة هتبقى بين إيديا ..
تكلم أريان بغضب : إيييه نحن هنا. هو إنت مش ملاحظ إنى معاك ولا إيه  ...
تحدث أمجد بمهادنة فهو لا يهتم إلا بمصلحته هو وفقط : طبعا ياحبيبي هو أنا ليا بركة غيرك دا إنت أخويا .
تدخل مهاب وهو يقول بخبث : يعنى هو أخوك وعصام مش أخوك. مش برضه إنتوا أخدتوا فلوسكوا كاملة وضيعتوها يبقى ازاى بقى الشركة دى بتاعتكم ومالكم ...
صاح أمجد بشدة فهو يعلم غيرة مهاب الشديدة منه : لا ياحبيبى متنساش إنها شركة قاسم البحرواي ومازالت شركة قاسم البحراوي .
أكمل مهاب بخبث: يعنى عشان أخوك مغيرش إسم الشركه تبقى بتاعتكم . ما أنت واخد فلوسك على داير مليم وعلى يدي أنا ...
صرخ أمجد بغضب وحقد  : بس متقولش أخوك .أنا مليش إخوات غير أريان وبس غير كده لأ ومش هرتاح غير لما آخد كل حاجة منه وأخليه يرجع على البلد اللى هو منها وهو محلتوش حاجة.
ضحك يزن حتى يخفف من حدة التوتر وقال : طبعا ياباشا عارفين وعشان كدة إنت اللى بتعمل الحفلات والتوقيعات مع العملاء. صحيح توقيعك بيبقى مش رئيسى ومينفعش لوحده بس برضو إنت اللى ظاهر قدام الكل إنك إنت الآمر الناهي فى الشركة ...
رغم غيظ أمجد من كون توقيعه ليس له أهمية إلا أن حقيقة كونه واجهة الشركة وتفكير الجميع بأنه هو المتصرف بها يريحه ويثلج صدره
ولكن هل سيظل هكذا أم سيظهر من الأمور ما يغيرها.
☆☆☆★☆☆☆★☆☆☆★☆☆☆★☆☆
لو كنا نعلم ما ستؤول له حياتنا عكس مانريد وبشدة لما حاربنا بتلك الإستماتة  ولكن سيظل داخلنا روحنا المحاربة حتى لو أرهقتها الحياة .حتى لو كانت تلك المحاربة بنكران الماضي ومحاولتنا أن نمحيه من ذاكرتنا علنا نستطيع أن نمضي ولكن هيهات ....
تجلس علياء وهى تحتسي فنجان من القهوة بشرفتها وهى تنظر الى البحر بتقلباته وتفكر كم أن حياتها كانت مليئة بتقلبات كتلك الأمواج التى تراها. وكم من مرات عدة كانت تشعر بدنو الغرق لولا يد العون التى إمتدت لها فى وقت قاتل تخلى عنها فيه الجميع حتى أقرب الأشخاص إليها . شعرت وكأنها وصمة عار رغم أنهم هم من أرسلوها لهذا العار من وجهة نظرهم بأيديهم فقط ولم تكن هى صاحبة قرار فى أى شىء، بل إن ما رأته فى حياتها كان بشع للغاية ولكن لو كانت نتيجة هذه الأيام البشعه هى شذى فهى راضية تمام الرضى.
حاوطتها شذى من كتفيها وهى تقبلها بشدة وتقول : قاعدة لوحدك ليه ياجميل ....
أمسكتها علياء بقوة وأبعدتها عنها وهى تقول بغضب مصطنع مش هتبطلي عمايلك دى. ثم مسحت وجهها وهى تدعى العبوس بزمتك دى بوسة ولا عضة .بتبوسى بوسة مقرفه جدا.
ضحكت شذى بشدة وهى تجلس على كرسي بجوارها وقالت: مامتي حبيبتي وأعمل فيها اللى أنا عاوزاه ....
نظرت لها علياء بقوة وقالت : أيوه إضحكي عليا إضحكي . عايزة إيه من الآخر كده ..
تهيأت شذى للكلام ثم قالت بهدوء : هاميس هتروح القاهرة وهتشتغل هناك .
نظرت لها والدتها تحثها على الكلام : هاه وبعدين .
أمسكت شذى بيد والدتها وقالت بترجي : أرجوكي ياماما توافقي إننا ننزل إحنا كمان القاهرة.
وقفت علياء بغضب وقالت : لا طبعا قاهرة إيه اللى عايزانا ننزلها. إحنا طول عمرنا عايشين هنا فى إسكندرية وهى خلاص بقت بلدنا .
أكملت شذى بإستعطاف والدتها : ياماما عشان خاطرى إحنا كدة كدة مقطوعين من شجرة لاعم ولا خال وفوق ده كله حضرتك قولتيلي إن بابا الله يرحمه كان بداية شغله فى القاهرة حتى لينا شقه هناك واللى بيوصلنا إيجارها كل شهر .يبقى خلاص محلولة نروح نقعد فى الشقة هناك ونأجر بتاعة إسكندريه ..
انتفضت علياء بشدة وقالت برفض: ياسلام واحنا بقى هنطلع السكان منها عشان إحنا ناخدها ولا إيه وكمان أنا أصلا مش موافقة. نزول القاهرة أنا مش هنزل سامعة...
تركتها والدتها تحت نظرات الحزن من عينيها على رفضها القاطع لذهابهم إلى القاهرة، فهي لم تتركها تكمل حديثها فالشقة بالفعل قد خلت من ساكنيها وهذا ما أبلغها به حارس العقار عندما اتصل على والدتها ليبلغها بذلك وكانت قد تركت الهاتف بعيدا عنها. فردت شذى عليه وأبلغته أنها ستخبر والدتها ولكن ما حدث معها هى وهاميس أنساها بالفعل. زفرت بشدة وقررت أن تحدث والدتها في وقت آخر بعد أن تهدأ قليلا رغم عدم معرفتها سبب ثورتها تلك.
أما في الداخل فكانت علياء تمسك بصورة راغب عمران والد شذى والذى كان يعمل كمدير بإحدى الشركات الكبرى. كانت تبكي بشدة وهى تحدث الصورة كأنه أمامها : أعمل إيه ياراغب ؟ شذى عايزه تروح القاهرة وأنا عمري ما هنزلها هناك أبدا. كفاية اللي حصل زمان وكفاية اللي حصل معاك وبسببه سبت شغلك وجينا هنا. أنا تعبت؛ تعبت من كتر مانا كاتمة في نفسي. يمكن خوفي ملوش مكان لأني عارفة إن الماضي بعيد عننا قوي بس كل ما أفكر انها ممكن تعيش هناك قلبى بيتقبض ...
انتحبت بشدة وهى تهز الصورة وكأنه أمامها : قولي أعمل إيييه ؟ أبعدها عن صاحبتها واللى بتعتبرها أختها وعارفة إنها من غيرها هتبقى حزينة. ولا أسمع كلامها وأنزل وأنا ونصيبي .
توقفت فجأة عن هز الصورة وقالت بهلع: طب لو قابلت حد منهم وعرفوها أو أو حد شافها وشك فيها ..
أكملت بعدها بهدوء وكأنها تطمأن نفسها : بس لأ دى هي حتى مش شبهي خاالص دى كلها باباها يعني مش هيعرفوها لأ .
استقامت فى وقفتها وقالت : أنا مش هفضل بعداها عن كل حاجة عشان خايفة عليها. أكيد زى ما ربنا حمانا الفترة اللى فاتت دى هيحمينا دلوقت ..أيوه صح أنا مش هبعدها عن صاحبتها ولو هى فضلت هنا هتبقى وحيدة. دانا مبطمنش عليها غير مع هاميس. حتى الشغل كنت مطمنة عليها عشان معاها ولو مكانتش سابت هي الشغل بعد هاميس ما مشيت كنت أنا هخليها تسيبه .
وجهت وجهها للسماء ودعت بتضرع:
ياااارب احميلي بنتي ياااارب. إحفظهالي من كل سوء وابعد عنها ولاد الحرام ياااارب .
■■■■■■■■■■□□□□□□□□■■■■■■
ياترى إيه السر بتاع علياء ويخص شذى ؟ استعدوا بقى لأن الفصل اللى جاى هتكون فيه مقابلة قطبى الرواية هاميس وعصام بس إزاااااى؟
ومين اللى كان بيكلم هاميس ؟
يلا إذكروا الله ...وبعدين حاولوا تجاوبوا على الأسئلة ولو جاوبتوا صح وعد منى أنزل الفصل يوم السبت بدل الأحد أو على الأقل هنزل اقتباس ..
بحبكم فى الله ..... سلوى عليبه.

 لست دميماحيث تعيش القصص. اكتشف الآن