في تلك الليلة

234 6 2
                                    

في عام ألفينِ وأربعةَ عشر في أحد ليالِ فصل الشتاء في قريةٍ من قُرى مدينة حمص السورية التي كانت تسكُنها عائلات مسيحية كانت الفتاة الحسناء يارا البالغةِ من العمر عشرينَ عاماً جالسةً في صالةِ منزلها مع والدتها أم جورج و شقيقتها ميرال التي كانت تصغُرها بثلاثِ سنوات.


كانت يارا تجلسُ في المنتصف بين ميرال ووالدتها واضعةً حاسوبها المحمول أمامها على طاولةٍ صغيرة و تشاهدُ معهما بعض الصور لتسريحات الشعر الخاصة بالعرائس حيثُ كانتا تُساعدانها في اختيار التسريحة الأجمل من أجلِ يومِ زفافها الذي كان سيعقَد بعد يومين على الشاب الذي أحبتهُ منذُ الطفولة "راني" دون أن تعلم ما الذي يخبئه لها القدر فبقدر الأمل يأتي الألم لكن مهما اشتد الألم فإن الأمل لا يموت


****


بينما كان جورج الشقيقُ التوأم ليارا و راني خطيبُها يجلسان سوياً يشربان الشاي الساخن في غُرفتهما في أحد القطع العسكرية التابعة للجيشِ السوري التي لا تبعُدُ كثيراً عن قريتهما،


فقد أمضيا طفولتهُما سوياً حيثُ أنهما كانا أبناءَ حيٍّ واحد و يسكُنانِ في منزلينِ متجاورين و بعد انتهائهما من انهاء مرحلة الدراسة الثانوية قاما بالانضمام سويا إلى قوات الأمن العسكري برتبة صف ضابط.


كانت ليلةً باردة سوادها داكن تحيك في ظلماتها مؤامرة خبيثة تنشرُ رائحة الموت في ثناياها حيث كان رجال إحدى المجموعات المسلحة المعارضة يقومون بمحاصرةِ القطعة العسكرية التي كانت تقعُ في منطقةٍ نائية بكلِ هدوءٍ وحذر لاقتحامها وكانت هي عبارة عن مساحة واسعة يحيطُ بها سورٌ ولها بابٌ رئيسي تحتوي على سياراتٍ عسكرية ودبابةٍ و فيها عددٌ من الغُرَف الخاصة بالضباط والعناصر .


****



اختارت يارا تسريحة شعرٍ جميلة تناسب شعرها الطويل الانسيابي بمساعدةِ والدتها وشقيقتها ، ثُمَّ دخلت إلى غُرفتها و وقفت أمامَ النافذة تنظُرُ إلى نافذةِ غُرفةِ راني التي كانت مقابلةً لنافذةِ غُرفتها وتبعدُ عنها حوالي ثلاثةِ أمتار و تتذكرُ الأيامَ التي كان يقفُ فيها هو أيضاً أمامَ النافذة يُحدثُها على الهاتف و ينظُرُ إليها كانت أيام هادئة يزينها السلام .


ترقرقت الدموعُ من عينيها وهي تنظُرُ باتجاهِ تلكَ الغُرفةِ البائسة الظلماء التي كانت نوافذُها مغلقة و أنوارها غير مضاءة وكأنها ترتدي ثوب الحداد بسبب غياب مالكها عنها ، ثُمَّ أخرجت هاتفها النقال من جيب سروالها القطني و حاولت الاتصالَ بهِ لكن دونَ جدوى فقد كانت شبكةُ الاتصالِ ضعيفةً بسببِ بدء تساقُط الأمطار و الطقس السيء فقامت بإرسالِ رسالةٍ لهُ تقولُ فيها <<لقد اشتقتُ لكَ كثيراً إني أنتظرُ قدومكَ غداً بفارغِ الصبر، اعتنِ بنفسكَ جيداً أنت وأخي فلا جمالَ للدنيا من دونكما لقد حاولتُ الاتصال بكما كثيراً لكن دون جدوى...

ابق حياً مهما كلف الأمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن