جلد الذات

9 2 0
                                    

خرجَ من منزلهِ برفقةِ والدتها قبل أن يتناولِ الإفطار خاشياً أن تكون يارا قد أذت نفسها وهيَ مُقفلةٌ  على نفسها باب الغُرفة.
فوقفَ مع والدتها خلفَ بابِ غُرفتها و قلبه ينتفض من الشوق ، طرقت أم جورج البابَ قائلة وهيَ فرحة : افتحي يا حبيبتي لقد عادَ راني ويريدُ رؤيتكِ... افتحي إنهُ هُنا.
ردت يارا بصوتٍ باكٍ : لا تخدعيني كي أفتحَ الباب  إن راني لن يعود ، إنهُ يكرهني الآن .
فقالَ راني بصوتٍ حزينٍ متُلهفٍ : وماذا لو عاد ؟ وماذا لو كان يُحبُكِ؟
لم تصدق يارا ما سمعت ففتحت البابَ والدموعُ تغرقُ خديها فاقتربَ منها راني وعانقها عناقاً حميماً  فقد كانَ كشخصٍ ظمآنٍ في صحراءٍ قد وجدَ الآنَ بركةَ ماءٍ ، فأبعدتهُ عنها برفقٍ ونظرت إلى عينيه قائلةً ودموعها تتساقطُ وبالكادِ تخرجُ من فمها الكلمات: هل حقاً تُحبني؟
مسحَ دموعها بكفي يديهِ ثُمَّ طبعَ قبلةً رقيقةً على الجرحِ الذي في جبينها وقالَ : أنا آسفٌ لأجلِ هذا ليتها كسرت قبل أن أفعل هذا ...أنا حقاً أحبكِ و يستحيلُ أن أكرهكِ يوماً.
يارا : أنا حقا آسفة لما فعلتهُ سامحني ، أقسمُ أني لم أكن أدركُ ما فعلت.
راني : لا عليكِ فأنتِ لدي أهمُ من أي شيء.
فاقتربت منهُ يارا وعانقتهُ وأخذت تطبعُ قبلاً رقيقةً على خديهِ.
كانت أم جورج تقف مصدومة لا تفهم عن ماذا يتحدثان ، حملها بين ذراعيه و توجه بها إلى منزله كي تتناول الطعام معه و هي تبكي فرحاً.
*****
لم يستطع عقل رهام تحمل خسارتها لزوجها الذي أحبته لكنه لم يكن من حقها يوماً وابنتها وتلقيها خبرَ وفاةِ والدها في إحدى المعارك ، كانت ضحية أخطاء القدر الذي أعطاها شيئاً لا يجب أن يكون ملكها ثم سلبها إياه أخذت تجوبُ في شوارعِ قريتها وهيَ توقفُ المارة تسألهُم : هل رأيتُم أحمد؟ ...هل رأيتُم والدي....لقد قتلت تللك الفتاة طفلتي؟ .
في اليوم الذي لم تخرج فيه رهام من المنزل دخلت أم أيمن إليها لتطمئن على حالها ، لتجدها قد شنقت نفسها كان موتاً جسدياً لا يعادل ألم الموت القلبي و الروحي الذي عانت منهُ مؤخراً ، فقد كاد قلبها أن يخرج من عينيها من شدة ألمها الروحي.

ابق حياً مهما كلف الأمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن