هل سيبتسم القدر؟

6 2 0
                                    

بينما كان راني يجلس على كرسي أمام مقرِّ القيادة لديهم يعاتب نفسه ( يا إلهي ما كان عليَّ أن أضربها هكذا ليت يدي قطعت ، لقد تسببت لها بجرح عميق في جبينها ، كانت في حالة نفسية مؤسفة كيف تصرفت بهذه القسوة معها كان ينبغي أن أرعاها لكنني لم أتحكم بنفسي حينها ، الرب وحده يعلم حجم الخراب و الوحدة التي كانت تحس بها ، آمل أن تسامحني....)
قاطع شروده أحد الرجال الذي جلس بجواره ، واقترب من أذنه ليهمس بصوتٍ خافت : كيف حالك يا راني؟.
تعجب راني ، نظر إلى الرجل و أخذ يتأمل ملامحه : حسين!!!.
الرجل: نعم ، أتذكر ذلك اليوم المأساوي الذي اضطررنا فيه أن نسلم أنفسناً.
فرح قلب راني لوجود من يماثله حالاً و رد بصوت منخفض : لم أركَ من وقتها أين كنت؟.
الرجل : لقد نقلولنا أنا و أمير و محمد إلى قرية أخرى ومنذ يومين أحضرونا إلى هنا كنت أنتظر الفرصة المناسبة كي أكلمك لوحدنا، أين جورج ألم يكن معك؟.
راني : لقد حالفه الحظ واستطاع الفرار ، و أكمل بحسرة : أما أنا فيبدو أنني سأموت هُنا ... أين محمد و أمير؟.
أخفض الرجل رأسه حزناً : لقد فقدوا حياتهم في المعارك التي خضناها ، كانوا يأملون أن يعودوا يوماً إلى عائلاتهم لكن القدر لم يرد لهم هذا.
راني : و أنت لا تتمنى هذا؟.
الرجل : أنا لا أتمنى فقط ، أنا أسعى لهذا.
راني : كيف؟؟؟؟ ... و أنا أريد العودة أيضاً أرجوك ساعدني.
الرجل: أنا ومجموعة من الرجال سنخرج في سيارة متظاهرين أننا ذاهبين إلى مهمة قتالية ضد أول حاجز للجيش في القرية التي خلفنا ، لكن أحدنا يعرف المسؤول عن الحاجز و متفق معه بهذا الشأن سوف نسلم أنفسنا هناك و بعد بعض التحقيقات سيطلقون سراحنا وفق مرسوم العفو الذي صدر مؤخراً.
لمع بريق الأمل الذي كان خامداً لزمن طويل في عيني راني : أنا متشوق لهذا ، أريد أن أخرج من هذه المقبرة قبل أن أدفن فيها.
الرجل : سوف أخبرك في الوقت المناسب كن حذراً ولا تخبر أحد و إلا قتلونا جميعنا .
راني : بالتأكيد لن أخبر أحد ، يعرفونني هنا باسم أحمد لا تُخطئ في مناداتي.
*****
قضت يارا أسبوعاً في المشفى حتى تحسنت حالتها النفسيةِ والجسدية بإعطائها بعض المُهدئاتِ والأدوية والمُسكنات ، ثم نقلت إلى المنزل حيث  كان جميعُ أفرادِ عائلتها يجلسونَ حولها في غُرفتها بعدَ فرحينَ بوجودها بينهم ، لكنها لم تكن سعيدةً بشيءٍ تملؤ ذاكرتها ذكريات القتل و الدماء فما حدثَ معها لم يترك مكاناً للفرحِ في قلبها لم تخبر أحداً عن ما حدث معها و لم يسألها أحد كي لا يزيدوا حزنها، كانَ خالد ينظرُ إليها حزيناً يتذكرُ صديقهُ علي كم كان يُحبها أما جورج فقد أمضى الليل بجوارها يعتني بها بعد أن رفض من والدته و ميرال القيام بذلك  ، و بعد أن نامت استلقى بجوارها وحضنها كانت شقيقته المفضلة و نصفه الآخر منذ صغرهما .
في صباحِ اليومِ التالي غادرت ميرال مع زوجها المنزل وغادرَ معهم جورج إلى مدينةِ حمص ثُمَّ صعدَ من الكراجِ الموجودِ هُناك  إحدى الحافلات المتوجهة إلى مدينةِ دمشق.

ابق حياً مهما كلف الأمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن