عندَ حدود قريتهِ وجدَ تجمعاتِ الأناسِ الهاربين الخارجينَ من القرية و الشحوب يعلو وجوههم بالكاد تحمل النساء أطفالهن بين يديهن المرتجفة، نزلَ من المركبة مُسرعاً وأخذَ يبحثُ عن عائلتهِ بينَهم مُتقدماً في خطواتهِ إلى داخلِ القرية ، عندما رأى والدتهُ حاملةً شقيقهُ انشرح قلبه لكنه انشراح لم يدم طويلاً ، نظرَ حولها يبحثُ عن يارا قال لها هرعاً و الذعرُ قد ملأ قلبهُ : أينَ يارا؟؟؟.
ارتبكت الأمُ قائلة : لقد أصيبت في ساقها ولم تستطع الخروجَ معنا .
صرخَ علي قائلاً : كيفَ تتركينها ، لمَ لم تخبري أحداً أن يقلها في سيارتهِ.
ثُمَّ أخذَ يركضُ إلى داخلِ القرية وقلبهُ منقبضٌ خوفاً عليها، جلست والدتهُ على الأرض تصرخُ باكيةً وهي تتوسلُ إليهِ : أرجوك عد يا علي.... عد يا بني.... سيقتلونك .
التفت إليها متحسراً : لو كنت تخافين عليّ لأخرجتها ... سيقتلونها هي و طفلي الذي في أحشائها.
*****
وصلَ إلى منزلهِ و الذي لم يكن يبعدُ عن تجمعاتِ المُسلحين القادمة سوى عشراتِ الأمتار، دخلَ ليجدَ يارا ترتجفُ في أرضِ الصالةَ خوفاً فاقتربَ منها ملهوفاً ونظرَ إلى ساقها قائلا : لا تقلقي حبيبتي لن أدعكِ لوحدكِ.
وعانقتهُ وهي تبكي وترتجفُ قائلة : لقد أوشكوا على الوصول ..سنموتُ.. ليتكَ لم تعُد...اذهب أرجوك....أهرب .
علي : سنذهب سوياً.
انحنى ليحملها حين دخلَ رجلٌ مسلحٌ المنزل وقالَ ساخراً : كم أنتما مُحزنين .
فنظرا إليهِ وكادَ قلبُهما أن يتوقفَ خوفاً ، قالت لهُ يارا مُتوسلة وهي بالكادِ تستطيعُ أن تنطُق : أرجوكَ دعنا نذهب أتوسلُ إليكَ أن ترحمنا... أرجوك .
أشهرَ الرجُلُ بُندقيتهُ نحوهما أخذ يتأمل جدران المنزل و ما لفت نظره هو صورة علي المعلقة على الحائط و هو يرتدي زيَّه العسكري ، لم تقوى يارا على أن تنظُرَ إلى ما سيحدُث فوضعت رأسها على كتفِ علي مُعانقةً إياه وجهشت بالبُكاء ، نظرَ علي إلى حالِ سارة وخاطبَ الرجلُ قائلاً : سأفعلُ لكَ ما تُريد لكن دعنا نذهب ...حسناً اقتلني أنا لكن دعها تنجو هي أرجوك...
لم يسمحِ الرجلَ لعلي بأن يُتمَ كلامهُ فأطلقَ رصاصةً على رأسهِ ، رفعت يارا وجهها ونظرت إليه باكية وهو يلتقط أنفاسهُ الأخيرة بينَ يديها قائلاً : اعتن بنفسك و بطفلي...أحبكما كثيراً.
أخذت تعانقه و دموعها تسقط على مجهه : أرجوك لا تمت... لا تمت .
ثم نظرت إلى الرجلِ صارخةً وروحها تتمزقُ وجعاً : لماذاااااااا؟ ........ لماذااااااا؟
و ضمت علي إلى صدرها وأخذت تبكي و تبكي حتى كادَ صوتها ينقطعُ من شدةِ البُكاء.
*****
دخلَ ثلاثةُ رجالٍ خلفَ ذلك الرجل كانَ من بينهم راني ،أوجه الرجل بندقيته نحوَ يارا حياتها لكنَ راني أمرهُ بأن ينزلَها و يخرجَ مع الرجلين الآخرينِ خارجَ المنزل لأنه هوَ قائدُ هذه المجموعة .
أخذَ ينظرُ إليها وهي تحضنُ علي وتبكي لكن دونَ أن يرى وجهها ويعلمَ أنها حبيبته التي لم يحب يوماً سواها لأنها كانت تعانقه دون أن تنظرَ نحوه، بالكاد ضبط دموعهُ من ألمِ هذا المنظر.
نظرت إليهِ لتجدَ راني من يقفُ أمامها لكنها لم تكترث لهُ فألمها كانَ أقوى من لهفتها عليه ،لم تستطع أن تصدق أنهم قد أنهوا حياة الرجلِ الذي أحبها كزوجةٍ وكطفلةٍ وكأمٍ بهذه السهولة كان الذنب يقطعُ قلبها لأنهُ فقد حياتهُ من أجلها ، نظرَ راني إليها لكنهُ لم يصدق فقد ظنَ أنهُ يتوهم فاقتربَ منها مُتمعناً فيها جيداً .
عندما تأكدَ بأنها هيَ قالَ لها مُستغرباً : يارا!!!! ماذا تفعلينَ هُنا... هل أنتِ بخير؟؟؟ .
فأجابتهُ بصوتها المُرتجفِ الحزين وهيَ تحضنُ علي بقوة : لماذا قتلتم زوجي؟ إنهُ بريء عاد لإنقاذي...عاد لأنهُ يحبني لم أشعرهُ يوماً بالحبِ الذي أشعرني بهِ لقد ظلمتهُ وسلبتهُ حياته .
راني : زوجكِ!!!!.
بقيت يارا ممسكةً بعلي تمسحُ بيديها على وجههِ بلطف طالبةً منهُ أن يكلمها وكأنَ الجنونَ كادَ أن يُصيبها وهي تصرخ (أنا السبب..أنا من تسببت بقتله).
أمسكها راني بلطف من ذراعها وهو يكادُ يختنقُ من مأساةِ ما حدث وطلب منها أن تتركَ علي وتذهبَ معهُ قبلَ أن يأتي باقي الرجال لكنها رفضت ، فأبعدها عنهُ بقوة وهيَ تصرخُ وتبكي قائلة : لقد عادَ لأجلي ، اقتلوني كما قتلتموه.
حضنها راني بقوة وأخذَ يمسحُ دموعها وهو حزينٌ قائلاً : أرجوكِ اهدئي عليكِ الذهابَ معي كي أحميكِ.
فدفعتهُ بذراعيها قائلة وهي تبكي: ابتعد عني... لا تتظاهر بالعطف فأنت مثلهم .
اقتلعت قسوةُ كلامُ يارا قلب راني من مكانهِ لكنَ كل همه كان حمايتها فقامَ بمساعدتها رغما عنها على الوقوفِ وجعلها مُستندةٌ عليهِ وأخرجها مغصوبةً من المنزل بعد أن شاهدَ إصابةِ قدمها فلم يكن يستطيعُ حملها أمامَ رجالهِ لأنهُ سيأخذها كأسيرة .
وضعها في سيارتهِ وسيارةِ رجالهِ لكنهُ طلبَ من الرجالِ أن يكملوا مهامهم ولا يأتوا معهُ، وذهبَ بها إلى منزلهِ .
أنت تقرأ
ابق حياً مهما كلف الأمر
Romanceكانت ليلة مدججةً بالدماء كنتُ على وشك أن أقتل نفسي لكن خشيتُ أن أُعذب بشكلٍ يجعلنني أطلبُ الموت ولا أجده لكنني تذكرت (ابقَ حياً مهما كلف الأمر)كلماتكِ لم تغادرني. ارتديتُ ثوباً لم يكن لي يوماً تخليتُ عن كل شيء على أمل أن أعود . تُرى هل سأموت دون أن...