صباح غير متوقع

39 2 0
                                    

حلَّ الصباح خائفا مما سيراهُ من حزنٍ وقلوبٍ سيلوعها هجر أرواحٍ احبتها هذه الدنيا  حاملاً معهُ أنباء الفراق الأبدي ، كانت أم راني جالسة تتناولُ وجبةَ الإفطار وتشاهدُ أحد قنوات الأخبار في حين تحدثت المُذيعة عن المأساة التي حدثت ليلةُ الأمس و أكدت خبر وفاة جميع العناصر والضباط الذين ينتمون لتلك القطعة العسكرية واحتراق جثث مُعظمهم.
صُدمت أم راني من الخبر ولم تستطع تصديقَ أنها قد فقدت ابنها الوحيد فخرجت من المنزل متجهة نحو منزل المختار وهيَ تبكي وتصفعُ وجهها بكفيها قائلة: ابني ..ابني ... وحيدي.
شاهدتها يارا من النافذة وخرجت مُسرعةً من منزلها نحوها وتبعتها شقيقتها ووالدتها.
ووقفت بالقرب منها وهي تلهث قائلة: خالتي أم راني ما بكِ؟
نظرت أم راني إلى يارا واقتربت منها معانقةً إياها وهي تبكي والألم يُقَطعُ روحها وهي تقول : فاليكن الربُ معنا يا ابنتي.
ملأَ الذُعرُ قلبَ يارا  وقالت بصوتٍ بالكادِ يخرجُ من فمها من شدةِ الخوف: ماذا حدث؟
كانت أم جورج و ميرال تقفان بجوار يارا و هما مُتخوفتان من ما ستقولهُ أم راني.
كفكفُت أم راني الدموعَ عن عينيها ونظرت إليهنَ جميعاً وهنَ يترقبنَ ما ستقول، ثُمَّ قالت بصوتٍ باكٍ حزين : لقد هاجم المسلحون القطعة العسكرية وقتلوا كل من فيها وأحرقوهم .
ثُم انهمرت دموعها وجلست أرضاً و لم تعد تقوى على الوقوف ، فجلست يارا بجانبها وهي مدهوشةٌ دون أن تنطُقَ حرفاً وهي لم يستوعب عقلُها ما هذا الذي تسمعهُ فهي تترقبُ عودتهُ مع شقيقها كيف لعقلها أن يصدق أن أنياب الحربِ قد سرقت أرواحهما الشابة البيضاء ولم تترك منهما سوى جثث من رماد وأخذت تنظُرُ إلى والدتها التي أُغميَ عليها وعلى ميرال التي تحاولُ إيقاظَ والدتُها وهي تبكي .
في حين أخذ  الجيرانُ يجتمعون  حولهم وقاموا بمساعدةِ أم راني على النهوض وإيقاظ أم جورج ثُم أخذاهما إلى منزل أم جورج بمساعدةِ ميرال أما يارا فكانت لاتزال جالسة تنظُر إلى ما  يحدُث وكأنها في حلمِ تنتظرُ منهُ الانتهاء، وقامت أحد جاراتها بالإمساكِ بها لمساعدتها على النهوض لكنها رفضت مساعدتها ونهضت وحدها عائدةً إلى المنزِل من ثُمَّ دخلت إلى غُرفتها وأخرجت ثوب الزفاف من الخزانة وأخذت تمزقهُ بيديها وهي تبكي و تصرخ قائلة : لااااااا ....... لااااااا .
دخلت ميرال إليها مُسرعة وانتزعت الفستان من بينِ يديها ثُمَ عانقتها طالبةً منها أن تهدأ و يارا تبكي وتقول : سأقتلهُم كما قتلوني...اللعنة عليهم..يا إلهي أنا لا أصدق...ساعدني يا الله.
ثُمَ فقدت وعيها و سقطت على الأرضِ كما سقطت أحلامها قبلها ،
خرجت ميرال مسرعة لتجد أحد جيرانهم المدعو أبو الياس واقفاً بالقرب من باب الغرفة بملامحه البائسة و التي يتملكها الحزن حيث جلس الجيران يهونون ألم الأمّين الذي لا يوجد قوة في الأرض قادرة على إخماده وقالت وهي تلهث باكية : عمي أبو لياس لا أدري ما الذي حدث ليارا ساعدني.
فدخل غرفتها مسرعاً و قام بحملها ووضعها على السرير : و هو يصفعها صفعات خفيفة على وجهها ، ثُمًّ أمسك بزجاجة العطر المجاورة للسرير و أخذ يرش على يده و يقربها من أنفها لكنها لم تستيقظ ، فنظر إلى ميرال قلقاَ : ابقِ بجوارها ريثما أحضر الطبيب.
اقتربت منها ميرال وحضنتها وأحبالها الصوتية يكاد يقطعها الأنين وهي تقول: يا الله....يا الله...الرحمة يا اللللللله.
بينما أحضرأبو لياس الطبيب الذي قامَ بوخز يارا بإبرةٍ مُهدئة و وصف لها بعض الأدوية ليتحسن حالها .

ابق حياً مهما كلف الأمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن