لا تقتربي

8 2 0
                                    

سلم راني نفسه مع بعض الرجال وفق الخطة المتفق عليها ، كان في قمة السعادة كأنه انتقل من الجحيم إلى الجنة ، لم يعد مباشرةً إلى قريتهِ فقد كانَ عليهِ الخضوعُ أولاً لبعضِ الإجراءاتِ والتحقيقات وتركَ رسالةً لرهامِ التي كانَ هو وهي مُتخاصمينِ لا حديثَ بينهما يقولُ فيها :
<<سأعودُ إلى حياتي القديمة لأعيشَ مع والدتي التي أضناها غيابي  وألملمَ جراحَ حبيبتي التي قتلت أمثالُ والدكِ ورجالهُ ضحكتها وحطمت قلبها الذي كانَ دوماً يحبُ الحياة أرجو أن تسامحينني فأنا لم أكن منكم يوماً لقد تمسكتُ بحياتي طوالَ هذا الوقتِ رغمَ معاناتي لأنها أوصتني أن أبقى حياً ولأنني وعدتها أن أعودَ إليها يوماً ... سامحيني >>.
*****
كانت يارا جالسةً في غُرفتها لوحدها أخذت تتذكرُ كُلَ ما حدثَ معها و الدموعُ تتساقطُ من عينيها ثُمَّ تذكرت الطفلة الصغيرة التي قتلتها و لم يكن لها ذنبٌ بشيء فأخذت تصرخُ وتبكي قائلةً : لقد قتلتها ....لقد قتلتها... .
دخلت والدتها مذعورةً إلى غُرفتها وتبعتها أمل التي كانت تحملُ بينَ ذراعيها طفلها الصغير ، فحضنتها والدتها : اهدئي يا ابنتي ...اهدئي يا حبيبتي .
أبعدت  والدتها عنها وأخذت تنظرُ إلى عينيها وهيَ تذرفُ الدموعَ قائلة : أقسمُ لكِ يا أمي أني لستُ مجرمةً لكنني لم أكن أعي ما افعل .... لم أشعر بما فعلت و كأنني كنت مخدرة.
ردت الأمُ قائلةً والدموعُ تترقرقُ في عينيها : لا عليكِ يا ابنتي ...اهدئي.
جهشت يارا بالبكاءِ وهيَ تقول : لقد كانت طفلةً صغيرةً جميلةً كالملائكة لا أعلمُ كيفَ فعلتُ بها هذا.... لقد قتلتها بلا ذنب.
أخافت أمل كلماتُ يارا و ولدت في قلبها الخوف على طفلها الصغير منها.
أعطتِ الأمُ حبةً من الدواءِ ليارا لكي تهدأ ، فتناولتها وبقيت تبكي حتى أعطت الحبةُ مفعولها و نامت.
*****
في المساءِ بينما كانت أمُ راني وأمُ جورج جالستينِ على الشرفة استيقظت يارا و  سمعت صوتَ الطفلِ الصغيرِ فادي يبكي، فغرفةُ جورج كانت بجوارِ غُرفتها ، خرجت من غُرفتها وطرقت بابَ غُرفةِ جورج لكن لم يكن بداخلها سوى الطفلِ فقامت بحملهِ و أخذت تداعبهُ ليهدأَ ويسكن .
خرجت أمل من غُرفةِ الاستحمامِ وهيَ تضعُ المنشفةَ على شعرها بعدَ أن استحمت ونظرت باتجاهِ غُرفتها لتجدَ أنَ بابها مفتوحٌ فخشيت على ابنها من يارا واتجهت مُسرعةً نحوها.
غادرت أمُ راني واتجهت أم جورج نحوَ غُرفةِ يارا ، فنظرت إلى غُرفةِ جورج التي كانت تقعُ قبلَ غُرفةِ يارا بالنسبةِ للبابِ الخارجي لترى أملَ وهيَ تأخذُ طفلها من يارا بقوة ثُمَّ نظرت أمل ليارا التي استغربت تصرفها وقالت لها وهيَ خائفةٌ و مُرتبكة : أرجوكِ لا تقتربي من طفلي مرةً أُخرى.
خرجت يارا من غُرفةِ أمل محطمةَ الفؤاد مكسورةَ الخاطر وحاولت الدتها التي كانت تقفُ عند الباب أن تُهدأَ من روعها لكنها لم تستمع لها ودخلت إلى غُرفتها وأقفلت البابَ خلفها.
غضبت الوالدةُ من أمل غضباً شديدا وأخذت تبكي وهي تقولُ لها : ألا يكفيها ما بها لماذا فعلت هذا.، لماذا جميعكم تؤذونها إنها تحبكم جميعاً؟.
أحست أمل بالذنبِ لما فعلتهُ فخرجت من غُرفتها وطرقت بابَ غُرفةِ يارا لكنها لم تفتح لها فأخذت تعتذرُ وهي واقفةٌ خلفَ البابِ راجيةً منها السماح.
بينما كانت يارا ترتجفُ من شدةِ البكاءِ والحزنِ الذي أحست بهِ فلقد كانت تعتبرُ أمل شقيقتها ولم تتوقع منها يوماً أن تتصرفَ معها هكذا ، كانت تتذكرُ علي الذي كان دوماً يقفُ بجانبها في حزنها قبل فرحها فلقد ترك رحيلهُ فراغاً روحياً كبيراً في بقايا روحها المعذبة.
حاولت والدتها أن تقنعَها بأن تفتحَ الباب لكن دون جدوى فإحساسها بأنها قد اصبحت مؤذيةً وغير مرغوبة بالنسبةِ لأقربِ الأشخاصِ لقلبها كان يؤلمها.
*****

ابق حياً مهما كلف الأمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن