خرجت العمة مع ابنها إلى منزل جارتها لتشرب القهوة معها ، بينما اتصلت يارا بعلي الذي كان دور مناوبته ، فأشار لأحد أصدقائه بأن يستلم مكانه ريثما يتحدث على الهاتف ، رد متلهفاً : أهلا يارا كيف حالكِ؟.
يارا : بخير، أريد أن أرى اليوم خالد من أجل الحديث ببعض التفاصيل بشأن خطبته مع ميرال ...إذا كنت تمتلك الوقت تعال معه.
قال مرتبكاً : وماذا بشأننا؟.
يارا :سنتحدث عندما أراك ... في أي وقت تستطيع المجيء أنت وخالد؟
علي : ساعة ونصف تقريبا ريثما أنهي عملي سأيقظ خالد ونهيئ أنفسنا.
يارا : سأراك في نفس المقهى الذي نجلس فيه عادةً.
علي : حسناً لن نتاخر... آمل أن يكون وراء تأخير الإجابة خبر مفرح.
أغلقت المكالمة و قالت لميرال : لم أخبره أنكِ ستأتين معي كما طلبتِ.
ميرال : هل تحبين علي؟.
هذا السؤال الذي جاءها كضربة قوية ، فمهما استلطفته أو حتى أحبته فلن تمنحه سوى القليل بعد أن استهلكت قوت قلبها و معظم روحها في حب راني ، لن يكون لعلي منها سوى بقايا من حطام ،أرات أن يبني منه ما استطاع بمشاعره ، تنهدت بعمق ثم أجابت : أستلطفه ، وربما سأحبه يوماً .
رن هاتفها لتقطع شرودها رسالة من علي كتب فيها :<< كوني لي كروح هجرت أرض هؤلاء البشر و خلدت في سماء حبي ، لا تبتعدي مهما حاول الماضي إبعادك فنجوم قلبي ستنطفئ لو ابتعدتي عني يوماً ، كوني لي كياناً أكون لك ظلاً متشبثاً مرافقاً لا يتمكنون من إنكاري حتى لو طمروني تحت التراب لنفيي عنكِ، ارتدي قلبي في حزنكِ فسيفرحك و حدثيه في وحدتكِ فسيؤنسكِ ، انتعليه في طرقات الشائكة وسيحميك>>.
كانت تقرأ و تبتسم
ميرال: ماذا فعلتِ حتى أحبكِ هكذا.
ضحكت قائلة : صفعته بقوة .
*****
بينما كان علي وخالد جالسين في المقهى ينتظران قدوم يارا
خالد : لدي سؤال لكن لا تغضب مني.
علي : تحدث لن أغضب .
خالد : تعلم كم تحب يارا خطيبها السابق ، ألا تخشى أن يكون زواجكما متسرعاً إن وافقت .
علي : يكفي أنني أحببتها ، شعور غريب تملكني منذ رأيتها لأول مرة .
ضحك خالد : هذا مصير من يعلق قلوب الفتيات بوسامته ثم يتخلص منهن ... حين يحب سوف يذوق ما أذاقهن.
علي : كفاك سخرية يا رجل.
قدمت يارا ابتهجَ قلبُ خالد عندما رأى أن ميرال قادمة معها ، جلسَ الجميعُ حول طاولةِ واحدة ، كانت الأغاني الهادئة الرومنسية تملأ المكان ،أرس علي رسالةً عبرَ الهاتفِ النقال مكتوبٌ فيها <<اجلس مع ميرال على طاولةٍ لوحدكما واتركانا لوحدنا >>.
لم ينتبه خالد إلى صوت رنينِ هاتفهِ مشغولاً بالنظر إلى ميرال التي كانت جالسةً أمامهُ ، همسَ علي في أذنهِ قائلاً: انظر إلى هاتفكَ النقال أيها الغبي.
أمسكَ الهاتف وقرأَ الرسالةَ مُبتسماً ثُمَّ نظرَ إلى يارا قائلاً : هل تسمحينَ لنا أنا وميرال أن نجلسَ على طاولةٍ لوحدنا.
ابتسمت يارا : بالطبع.
غادرا خالد وميرال الطاولة وجلسا على أخرى ، نظرَ علي إلى يارا بعد أن أصبحا وحيدين وقالَ مُرتبكاً : ألم تقرري بشأنِ موضوعِ البارحة؟.
اخفضت يارا رأسها خجلاً : أنا موافقة .
رفعَ علي بذراعهِ وجهَ يارا ونظرَ في عينيها وقالَ بلهفةٍ : حقاً.
يارا : نعم.
علي : هل أخبرتِ أهلكِ؟.
يارا : اعترضوا في البداية لكنهم وافقوا.
علي: ساسافر غداً إلى قريتي في حماة لأحدث والدتي و في اليوم التالي سنزوركم في منزلكم من أجل أن أطلب الزواج بشكل رسمي.... ما رأيك؟.
يارا : إذا كان هذا مناسب لعملك موافقة.
علي : سوف أستأجر منزلاً لكِ بالقرب من عملي لكي تبقي قريبة مني.
يارا : أرغب بالعودة إلى كليتي لأكمل الدراسة .
علي : لا يوجد مشكلة ستكون الجامعة قريبة من منزلنا.
كان علي مندفعاً أكثر منها لم يكن شاباً يرغب في الزواج و الاستقرار قبل معرفتها ،لكن هذا هو الحب يغير فينا إيجاباً حيناً و حيناً سلباً ، يجعلنا أحياناً غرباء عن أنفسنا نفعل أشياءا لم نتوقع أن نفعلها يوماً.
*****
في اليومِ التالي صباحاً ذهبت ميرال إلى منزلِ عائلة خالد وقامَ بتقديمها إلى والديهِ اللذانِ كانا يسكُنا وحدهُما بعدَ زواجِ جميعِ ابناءهما إلا خالد فهوَ كانَ أصغرُهم ، أُعجبَ الوالدان بميرال ورحبا بها ترحيباً لائقاً وجلسا يُحدثانها و يتعرفان عليها أكثرَ و أكثرَ ، كانت تتحدث إليهما بينما هو شارد في تفاصيلها يرى فيها جمالاً لم يراه أحدٌ فيها قبله .
*****
سافر علي في إجازةٍ إلى منزلهِ في محافظةِ حماة حيثُ كانَ يقيمُ في قريةٍ هناك كانت هذهِ القرية مُجاورة للقرية التي يوجدُ فيها راني فقد كانت قرية المسلحين التي فيها راني خلف قريتهم ، أخبرَ والدتهُ التي كانت تسكنُ مع أخيهِ الذي كانَ عمره خمسُ سنوات بموضوعِ يارا لكنها عارضت بشدة لأنها كانت تنوي أن تقيمَ خطوبتهُ على ابنةَ خالتهِ و مازاد رفضها اختلافِ الدين ، غضب و هددها بأنها إن لم تذهبَ إلى قريةِ يارا وتطلُبها من عائلتها لن يريها نفسهُ و لن تعلم عنه شيء، وافقت بعدَ الضغطِ الشديد الذي مارسهُ عليها وهي تكن بالكراهية لزوجة ابنها المستقبلية قبل أن تراها.
*****
عادت يارا مع ميرال إلى المنزل قبل قدوم عائلتي علي وخالد بيوم ألقت التحية على عائلتها ثم توجهت إلى غرفتها حيث أخذت جديلتها التي كانت تضعها فوقَ إطارِ صورةِ راني المعلقة على الحائط ووضعتها في صندوقٍ صغير ثُمَّ انتشلت خاتمَ الخطوبةِ من يدها فكانت لاتزال تضعهُ ووضعتهُ فوقَ الجديلة،أخرجت قلم و ورقة من الدرج المتواجد بجوار السرير وكتبت عليها بعض الكتابات و هي تغص بالدموع مودعة أحلامها الميتة ثم أخذت الصندوق وذهبت إلى منزلِ راني .
أنت تقرأ
ابق حياً مهما كلف الأمر
Romanceكانت ليلة مدججةً بالدماء كنتُ على وشك أن أقتل نفسي لكن خشيتُ أن أُعذب بشكلٍ يجعلنني أطلبُ الموت ولا أجده لكنني تذكرت (ابقَ حياً مهما كلف الأمر)كلماتكِ لم تغادرني. ارتديتُ ثوباً لم يكن لي يوماً تخليتُ عن كل شيء على أمل أن أعود . تُرى هل سأموت دون أن...