وفي صباحِ اليومِ التالي طُرقَ بابُ منزلِ العمة بينما كانت جالسةً وحدها في الشُرفة تشربُ القهوة و يارا والطفلِ مازالا نائميّن ففتحت الباب لتجدَ أن أُمَ جورج وجورج وأمل وميرال قد جاؤوا لزيارتها ورؤيةِ سارة .
فرحبت بالجميع و قامَ جورج بتعريفِ عمتهِ على أمل ثُمَّ جلسوا في الصالةِ يتحدثون تجولت أم جورج بعينيها في الصالة ثم نظرت للعمة قائلة : أين يارا؟.
العمة : في غرفة طوني مازالا نائمين.
أم جورج : سأدخل لإيقاظها ، اشتقت لها و لطوني.
العمة : تفضلي.
دخلت و جلست على طرفِ السريرِ بجوارها تنظرُ إليها وهيَ نائمةٌ على جانبها الأيمن تحضنُ بيدها اليُسرى طونيِ ،أخذت الأُمُ تمسحُ على شعرِ ابنتها بلُطف حزينةً على ما حلَّ بها ، فتحت يارا عينيها واستدارت خلفها لتجدَ والدتها فنهضت مُسرعةً وأخذت تحضُنها وتقبلُها قائلة : اشتقتُ لكِ يا أمي.
ردت الأُمُ حزينة : لو اشتقتِ لي حقاً لأتيتِ لرؤيتي.
يارا : أرجوكِ يا أمي لا تحزني مني لكن كُلُ شيءٍ في قريتنا يجعلني تعيسة .
ترقرقت الدموعُ في عينيها وتابعت قائلة : أينما ذهبتُ أتذكرُ راني كُلُ شيءٍ هُناك يوجعُ قلبي.
ردت الأمُ قائلة : لا عليكِ يا ابنتي ما يُهمني هو راحتُكِ ، وهيا لنخرُجَ الآن قبلَ إيقاظِ الطفل فالجميعُ في الخارجِ ينتظرُكِ.
غمرَ الفرحُ قلبَ يارا وردت مُتلهفة : حقا!!! وهل استطاعَ جورج المجيء.
ردت الأمُ مبتسمة :نعم لقد جئنا في سيارةِ قائدِ اللجانِ الشعبية في قريتنا فلم يقُم أحدٌ على الحواجزِ بالسؤالِ عن بطاقة جورج الشخصية وسنعودُ معهُ أيضاً.
*****
ألقت يارا التحيةَ عليهم وأخذت تعانقُهم بحرارة ثُمَّ وضعت يدها بلطف على بطنِ أمل قائلة : كيفَ حالُكَ ؟هل اشتقتَ لعمتكَ أنتَ أيضاً؟.
ودخلت بعد ذلك مع عمتها إلى المطبخ لتحضير الإفطار ثم جلسوا جميعاً يتناولونَ الطعام ، كانت يارا وميرال تتهامسانِ
يارا: لقد طلب علي مني الزواج.
ميرال : حقاً!!!...و خالد طلب مني أن أخبر والدتي ليتقدم لخطوبتي.... لكن علي مسلم.
يارا: مبارك حبيبتي هذا خبر يسعدني وسط كل هذه الحياة التعيسة ... سأخبر جورج بشأن علي بعد قليل أرجو أن يكون الأمر موفقاً.
*****
بعد انتهائهم من تناول الطعام اقتربت يارا من جورج وهمست له : اتبعني .
دخلت إلى أحد الغرف و تبعها ، نظرت إليه مرتبكة فقال لها : حبيبتي ما بكِ؟.
يارا : طلب علي مني الزواج...ما رأيك؟.
رد مستغرباً وقد تسارعت ضربات قلبه غضباً: وأنتِ هل ترغبينَ بالموافقة ؟.
ردت يارا بحزم وكانت قد حسمت قرارها : نعم.
جورج :هل ستهدمين مُستقبلكِ من أجلِ أن تنسي راني..... لا تحل الأمور هكذا ، إنَ علي ليسَ من ديننا لا تستطيعين الزواج منه.
يارا: لن أهدمَ مُستقبلي فهوَ يُحبني وأمل ليست من ديننا أيضاً لكنكَ سعيدٌ معها.
جورج : هو يحبك و هل أنت تحبينه؟.
يارا : أشعر بأنه لطيف يحاول دوماً أن يخفف عني.
جورج : وإن عاد راني يوماً؟؟؟؟.
يارا : هل تريدني أن أحترق قهراً و أنا أنظر لزوجته و أطفاله حين يعود.... إنني أختنق كلما فكرت في هذا ... أريد الابتعاد عن كل شيء .
اقترب منها جورج و حدق في عينيها بحزم : أنا آسف لا أستطيع الموافقة على زواج كهذا.
رفعت يارا صوتها و زاد انفعالها : بلى تستطيع ، و إن كان مسلم عمتي ديانا تزوجت من مسلم.
جورج: يكفي يارا، لقد ألحقت عمتك العار بعائلتنا عندما هربت من منزل جدي و تزوجته رغماً عن الجميع.
يارا : سأفعل كما فعلت إن لم توافق.
رفع يده بكل ما يستطيع و صفعها فطرحت أرضاً ، نظرت إليه مذهولة بتلك النظرات المثقلة بالدموع وقالت : حتى أنت يا أخي، حتى أنت يا جورج ... اطمئن لن ألحق العار بعائلتنا من جديد كما سبق لراني و قتلني من الداخل سأقتل جسدي لأموت موتاً كاملاً.
لم يستطع النظر إليها ضم أصابع يده نادماً ثم اقترب منها لينهض بها بينما لم تعد هي تستطيع مقاومة براكين الدموع الحارة التي ثارت في عينيها ، فتحت والدتهما الباب بعد أن سمعت صوتهما وهي في طريقها للمطبخ مارة من أمام الغرفة الموجودين فيها و هي تقول : ماذا حدث ؟ لماذا علت أصواتكما إلى الخارج؟.
نظرت إلى يارا و جورج الذي كان يمسكها من زندها لتنهض لكنها أبعدت يده عنها رافضة، قالت بلهفة وهي تقترب من ابنتها: ما بها يارا يا جورج؟.
لم يعلم جورج بما يجيب فقال بنبرة حزينة : أنا آسف لم أقصد.
ثم خرج من الغرفة ، بينما أخذت الأم تضم ابنتها الباكية كطفلة صغيرة إلى صدرها : لا بأس يا حبيبتي..... لكن ما الذي حدث حتى فعل هذا و هو يحبك أكثر من نفسه.
أخذت تصرخ ودموعها تملأ خديها<<لماذا لا أحد يشعر بي يا أمي.... ما ذنبي حتى أذوق الأمرين... على ماذا أعاقب لأعيش بهذا الجحيم>>.
كانت الأم تمسح على ظهر ابنتها بلطف و قلبها يغص حزنا عليها مرددة<< اهدئي يا ماما سأوبخ جورج على فعلته... اهدئي يا حبيبتي>>.
*****
خرج جورج عاقد الحاجبين إلى الصالة حيث كان الجميع يتبادلون الأحاديث و يشاهدون التلفاز ، كانت ملامح الغضب و الندم واضحة على وجهه ، دخلت ميرال إلى حيث تجلس يارا ووالدتها لتعلم نتيجة نقاشهما بعد أن رأت حال جورج الذي جلس على الأريكة وتنهد بعمق ، نظرت إليه أمل قائلة : حبيبي ما بك؟.
قاطعت العمة إجابته قائلة : أين يارا ووالدتك ألا تريدان الجلوس معنا.
رد بنبرة متعبة : أنا بخير ، إنهما في الداخل ستأتيان بعد قليل.
أخذ يحدث نفسه شارداً << يا إلهي ماذا فعلت!... إنها شقيقتي التوأم كنت دوماً حنوناً عليها في أسعد حالاتها كيف عاملتها بكل تلك القسوة و أنا أعلم كم هي محطمة أعلم أن أن كل لحظة فرح كانت تنتظرها خذلتها حتى أنا الآن خذلتها على الرغم من أنني كنت دوماً أتعامل معها كصديق قبل أن أكون أخاً ..... آه رأسي يكاد ينفجر>>.
أنت تقرأ
ابق حياً مهما كلف الأمر
Romanceكانت ليلة مدججةً بالدماء كنتُ على وشك أن أقتل نفسي لكن خشيتُ أن أُعذب بشكلٍ يجعلنني أطلبُ الموت ولا أجده لكنني تذكرت (ابقَ حياً مهما كلف الأمر)كلماتكِ لم تغادرني. ارتديتُ ثوباً لم يكن لي يوماً تخليتُ عن كل شيء على أمل أن أعود . تُرى هل سأموت دون أن...