الفصل الخامس

11 2 0
                                    


ان اكثر شيء  لا احب  رؤيته في العمل من بين جميع الاشياء المكروهة لدي، هو الافراد الاصغر عمراً مني، والذين ياتون الى الشركة وهم فرحين.  اريدكم ان تختفوا من امامي.  لا يهمني ان كنتم تريدون تحسين انفسكم والتدرب لتصبحوا افضل مطلقا، لا اريد أن اراكم هنا وفي مثل هذه الشركة الميتة.   

 إن حياتي المقيتة ببداية العمل هنا اعيد واشاهدها واذكر بدايتها بهم عندما اراهم وهذا الأمر يصيب المرء رغما عنه بشعور مفعم بالقنوط  وربما التقاعس. فإن ذلك يذكرني أن الزمن تقدم بي وما زلت هنا. وانني اعيد رؤية نفسي بهم.

انا بالكاد قادرة على احتمال الاكبر مني سنا في العمل، ولكني لا ارى نفسي بهم ابداً . حتى احتمل من يريد التعلم والبدأ بخطوات الانطلاق الى الحياة! وهذه المرة ساكون مسئولة عنهم. ان هذا سيتطلب مني مجهودا مضاعفا للسيطرة على مشاعري وغضبي وقدرتي على الاحتمال اكثر في هذا المكان.

 فلقد امضيت في هذه الشركة دهرا. تقريبا وبحسب ما اذكر لقد مضت خمس سنوات وربما اقل، منذ أن بدأت هنا، ولكني اشعر انني بالفعل امضيت دهرا. فالمكان قديم ويشعر المرء بانه عجوز حتى لو لم يتعدى الثلاثين.

القيت نظرة خاطفة على قائمة الاسماء واعمارهم  في الورقة التي امامي. انهم بالفعل الطفالا

 إن تعريفي للجحيم هو مشاهدة كيف هي حياتي من الخارج ورؤية اعادتها

يكفيني انني اعيشها هل يجب علي ان اشاهدها ايضا بامثالكم؟ ان ذلك يشبه شخصا محكوم عليه بالمؤبد في احدى زنزانات الانفرادي في  القرون الغابرة،  وقام السجانين -لزيادة تعذيب المحكوم بالمؤبد- بعد مرور عشر سنوات وهو في الغرفة. بوضع جهاز به  شريط  فيديو لنفس المحكوم وهو في بداية دخوله الى  الزنزانة فيشاهد المحكوم نفسه في الجهاز وهو في بداية دخوله الى جحيم السجن التي لا يوجد بها شيء الا هو...  يعيش بالزنزانة طوال حياته والان هو يشاهد نفسه مجددا كيف كان يعيشها قبل عشر سنوات.  باول دخوله السجن نفس الشيء. ولكن السنوات هي التي مرت به.  فكيف سيكون شعور هذا الشخص برأيكم؟ يعيش العذاب ويكبر به ثم يشاهد نفس العذاب قبلاً..  هذا بالضبط شعوري سيكون.

كان لدي مهمة تدريب  ويجب ان انجزها، سابتلع ما بي، فإن كانت لدي خصلة جيدة فهي انني انهي مهماتي بسرعة كبيرة، واكملها على اكمل وجه وبافضل صورة  ولا اترك شيئا غير كاملا .. ربما لهذا اختاروني أنا 

 قالت لي احدى الفتيات ويبدو انها بالكاد تجاورت العشرين  من العمر " انتِ هي من سيقوم بتدريبي" ؟

قلت لها "ما اسمك" واخذت انظر الى الورقة التي اعطاني اياها المدير بملل. وكان قد حدد عليها اسمان باللون الاحمر هما من سيكونان تلاميذي  

قالت "ميا"

قلت ببرود "نعم انا. اين المدعو احمد؟"

"انه هناك يكلم مجموعة اخرى، هل اناديه؟" كانت الفتاة تفيض بالطاقة والحيوية ..عكسي تماما 

جوع في الجحيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن