فصل ثلاثة وخمسين

3 1 0
                                    



 لم يكن قيس قد اكل كثيرا، وبالكاد  اقترب من الطعام، مع انه كان قد قال انه جائعا جدا وأن هذا سيكون وجبة غدائه وليس عشاءه.  بل انه وضع اكثر من  نصف الاطباق التي طلبها امامي، و رغم انني اعترضت ولم اوافق ولكنه اصر بأنها لي،  وكان قد طلب الكثير من الاصناف، وقال بما انني من سادفع ثمن الطعام فيجب ان آكل اكثر من هذا الطبق الشحيح الذي طلبته.  وكنت قد طلبت شريحة من اللحم المشوي  وكانت صغيرة جدا ورفيعة وبجانبها شرائح الليمون والبرتقال، وهذا كان كل شيء، اكتفيت بطبقي. ولكن عندما وضع اغلب الاطباق التي طلبها امامي، واصر علي، تناولت لقمة من كل طبق، حتى لا تذهب هدرا، فهو بالكاد مس ما امامه، لم اكن احب من يطلبون الكثير ولا ياكلونه 

بعد ان ازال النادل الاطباق،  رأيت قيس بحركة الية وربما كانت عفوية يخرج محفظته ويدفع هو الفاتورة التي وضعها النادل. لم ارد ان اثير مشهدا امام الموظف هذا، واقول انني  من سيقوم بالدفع. ثم ان الامر حدث بسرعة ولم اجد الوقت للتفكير مع الفعل

عندما ابتعد النادل، قلت وانا افتح حقيبتي " يبدو  انك نسيت انني انا من يجب ان يدفع. فنحن هنا  من اجل ذلك حصرا"

"لا لم انسى، ولكني لا اريدك ان تدفعي، إن مبلغها مرتفع بالنسبة الى دخلك حاليا، كان يجب أن اختار مكانا آخر ولكن غاب عن بالي انك بدون وظيفة ثابتة لك الآن، وساكون حقا وغدا ان تركتك تدفعين"

"لا بأس انا ادفع ديوني دائما، ثم ان دخلي جيد جدا، ولم اشتك لك!"

  واخرجت الثمن المطلوب من محفظتي واعطيته له، ولكنه لم ياخذه 

"ارجعي نقودك. يكفيني انني جعلتك تشعرين بانك من ستقومي بالدفع، وهذا كان عقابا كافيا لك، بامكانك ان ترتاحي الآن  " 

ففكرت هل يظن فعلاً انني كنت متخوفة من فكرة انني من سيقوم بالدفع في هذا المكان الباهظ وبانني بخيلة وسافرح وامتن له ان لم ادفع؟وانه اراحني الآن بهذا التصرف!  إن هذا يعتبر اهانة صريحة لي،  صحيح انني لا احب الدفع حقا، وهذا المال سيفيدني كثيرا وانا بحاجة اليه،  ولكني لن اتركه يدفع، ساضع كرامتي امامي الان ولن اقبل. عندما اعطتني الشركة مكافئة ثلاث اشهر قبلته دون جدال، لانني اعتبرته من حقي. اما الان فلن اجد تبريرات ابدا إن قبلت.  فهو ليس قريبي ولا صديقي وساكره نفسي ان تركت نفسي مدينة له او اعطيته انطباعا بانني متسولة

 فهو لا يعرف ما مقدار دخلي بالضبط حاليا. هم ربما يعرفون عدد الزبائن اللذين يدخلون الى محل العطور اذا كانوا مهتمين بالعد،  ولكنهم لا يعرفون ان كانوا قد اشتروا ام لا.  ولا اريده ان يظن انني فقيرة وبحاجة لاحد ليدفع عني ثمن طعامي!

قلت مصرة على رأيي  "لا اريدك ان تدفع عني شيئا فانا لن اعتبرك صديق  حتى لو قلت ان هذا اليوم هدنة. ولكننا عندما نخرج من هنا تبقى الرجل الذي يقف في طريق احلامي، وضد كل شيء افعله في سبيل سعادتي وحريتي "  ونهضت وتركت الاموال على المائدة

جوع في الجحيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن