جوع في الجحيم

فصل واحد وخمسين

توجهت الى محل العطور حتى التقي بذلك الموظف اخيرا. فكان الشهر بآخره. اريد ان يعلمني بطريقة سير العمل قبل تركه. عرفت عن نفسي ورحب بي. ثم قال لي كل شيء من المفترض بي معرفته عن البضائع. فبخصوص قطع الحلي والاكسسوارات القليلة المتواجدة في المحل. فعلى كل قطعة كان ثمنها مكتوباً فلا احتاج لحفظها. وكانت مثالا للرخص. وبخصوص العطور علمني كيفية تراكيبها، وكل عطر نبيعه يكون له صيغة وتركيبة مخصصة له كانت مكتوبة بخط يدوي على دفتر كبيرجلدي قديم ومهترئ.

شرح لي طريقة صنع اغلب العطور المكتوبة في الدفتر واختار التي كان عليها الطلب اكثر شيء، وكان هو يخلط اربع مكونات واحيانا يخلط العطور مع بعضها البعض ويخرج منها روائح غريبة يسميها عطورا ولكني لم اعلق على ادائه.

واستلمت العمل بمجرد انتهاء الشهر اي بعد يومين من تعلمي بكيفية سير المحل وتراكيب العطور. وكنت قد اعطيت الموظف ما وعدته به، راتب شهر ونصف زيادة.

كان والدي قد قال لي ان لا اعبس بوجوه الزبائن عندما استلم المحل، وان ابقى مبتسمة طوال الوقت، فاغلب الزبائن فتيات ويجب ان اكون ذات لسان مجامل ولبق .. حسنا هذا لن يحصل.

.........

وبالطبع لم تكن الشرطة قد تخلت عن مراقبتي حتى وانا في هذا المحل الصغير. فلقد لاحظت وجود سيارة سوداء في نفس الشارع. رغم ان قيس كان قد اختفى مدة لا باس بها وتركني وشاني كما قال لارتاح. الا ان عناصره كانت موجودة حولي كل يوم في كل مكان اذهب اليه. ولكنهم على الاقل، ومع انني كنت ابقى داخل العمل ساعات طوال. لم ياتوا ليتفقدوا ماذا افعل. فايقنت بانهم يعرفون بان المحل يعود لابي منذ أن وضعوه بالحبس. وبانهم قد قاموا بتفتيشه سابقاً ليعرفوا ما به، ويعرفون أن لا مخرج خلفي له لاهرب منه.

واكد قيس ظنوني عندما جاء لزيارتي لاحقا. وقال بانهم فتشوه ولم يجدوا شيئا. ولم يكن هو يتوقع بأن يخبئ والدي المال هنا كما قال فلقد كان المحل صغيرا ومكشوفاً، ولا يوجد به اماكن تصلح لاخفاء شيء. وهذا كان اول مكان سيبحث به الشرطة وغيرهم عندما يعرفون انه ملك لمراد. ولم يكن والدي ليضع اي شيء هنا بالطبع، فهو ليس بهذا الغباء. وهو بالكاد ياتي الى محله وكان قد سلمه لشخص آخر ليعتني به منذ مدة. ولكنهم فتشوه على كل حال بحكم العادة. لم يكن الموظف قد قال لي عن أي تفتيش حصل هنا. هل فتشوه وهو ليس بالمحل! أم انه لا يريد اخافتي كان يجب أن اساله.

من الغريب انهم لم يقوموا بتفتيش البيت أيضاً.. ولكن ربما قاموا بتفتيشه دون علم احد، وهم يكذبون علي، من يدري فلقد تركت البيت وقتا طويلا. ولكنهم. يعرفون بالتاكيد أن احتمال وجود المال بالبيت احتمال لا اساس له من الصحة ابدا. لانه منذ أن اختفى مراد وحصل على الاموال وخبئها لم يكن قد عاد الى البيت ولا لدقيقة ليجد الوقت ليضع النقود فيه، وهذا إن كان بذلك الحمق ليضع ثروته في مكان مكشوف ومعلوم للجميع.