فصل ثلاثون

4 2 0
                                    


 علمت بأن ايهاب جاء اليوم الى الشركة.  فشعرت ببعض القلق والاضطراب.  ماذا لو رفض المساعدة؟!  ففكرت بانه لن يساعدني هو حقا. كل ما عليه فعله ان يخبر صديقه بالامر.  وكان هذا شيئا بسيطا برايي. فأي احد قادر على المساعدة  وبيده  الوصول لشخص مهم من معارفه  فسوف يساعد.

 وإن لم اكن مضطرة لمعرفة مكان ابي  لما كنت قد فكرت باخباره. لم تعد صفاء تستطيع الصبر على عدم معرفة مكان زوجها وخصوصا انه هو من ينفق عليها وعلى البيت لا انا.  واذا اختفى ابي كليا فسوف اتولى انا مهمة الانفاق على البيت، وعلى ثلاثة اطفال لا، لن اتحمل مسئولية احد. كنت قد اتصلت بالطبيب واجلت موعد العملية. الى حين معرفة ما يخبئه لنا المستقبل.

 فكرت قليلا بانه كان بامكاني الذهاب الى قسم الشرطة بنفسي ومعرفة ما يقومونه تحديدا.  ولكني لم استطع فعل هذا.  اذ لم ادخل الى مديرية  الشرطة من قبل . ولن يكون حظي افضل من حظ صفاء. وخصوصا انني لا احتمل الناس بالاصل. فكيف ساحتمل المتعجرفين اللذين يتكبرون على الضعفاء ولا يشفقون عليهم.  

وماذا لدي لاضيفه من معلومات، وصفاء قد قامت بابلاغهم بما يريدون؟ هل اقول لهم ان ينجزوا مهمتهم بسرعة وان يقوموا بعملهم على اكمل وجه.  وان ابدو بمظهر الجزعة الخائفة، أو الغير المكترثة والقوية،  سيسخرون مني ولن يابهوا بي مطلقا أو يهتموا بما اقوله، وربما يطردونني.  فهم لم يراعوا امراة خائفة جاءت تبحث عن زوجها  مع طفلتها الصغيرة. فلما سيعبئون بي ؟ يجب ان ياتي الامر من شخصا مسئولا عنهم ليجعلهم يقوموا بعملهم.  ولن يستطيع احد الوصول الى ذلك الشخص الهام الا أحد من اصدقائه وهو  ايهاب.

........

كان مكتب ايهاب بالطابق الثالث. قلت لمساعدته الشخصية أن تاخذ لي الاذن  لمحادثته بشيء هام . وتمنيت ان لا يكون هناك اجتماعات كثيرة هذا اليوم وان لا يكون مشغولا 

قالت لي ان انتظر لترى.

 ومن حسن الحظ كانت الاجتماعات  بعد نصف ساعة وبامكانه مقابلتي فوراً كما فهمت منها.  فتوجهت للدخول الى المكتب وأنا غير متحمسة ابدا لما اود قوله.

...

"اهلا انسة هند تفضلي" 

لم اكن قد تحدثت معه منذ الحفلة وإن صادفته مرة او مرتين بالشركة

قلت " اشكرك على مقابلتي"

"اجلسي،  طبعا ساقابلك لما لا؟ الست تعملين في الشركة لما تستغربين ذلك  ؟ "  قال وعلامات التعجب مرسومة على وجهه

"هو شيئا.. لا يتعلق بالشركة او بالعمل، هذا طلب شخصي"  قلت 

يبدو انه استغرب من ذلك. فلم اكن من النوع الذي يتكلم كثيرا بالعمل اصلا، فما بالها الآن  تقول انها ستتكلم بخصوص شيئا خارج عن العمل. فكرت بانه بالتاكيد يفكر هكذا

"انا مصغي" قال وبدا مهتما رغم انني قلت انه لا علاقة له بالعمل 

"هل تذكر الحفلة السنوية التي تخص الشركة؟"  قلت ولم اعرف كيف ابدا طلبي. فكما قلت انا انسانة لا اطلب من  الناس شيئا والان انا ساطلب ومن اجل ابي الذي لا احبه حتى...

"طبعا اذكر الحفلة ما بها؟"

"كنت قد صادفت فيها شخصا عرفت من ابنة اخيك ميا انه صديق مقرب لك، ويعمل مع الشرطة  فهو رئيس للمحقيين  او مفتش عام.. " لم اتذكر رتبته تحديدا  فتوقفت عن الحديث

فكر ايهاب ثوان قليلة  ثم قال " تقصدين  قيس؟"

"نعم اعتقد ان هذا اسمه" 

"حسنا اكملي حديثك؟"

"اريد ان تطلب منه مساعدتنا.." وقلت له باختصار شديد الوضع 

... 

سأل ايهاب  "منذ اسبوعين لم يات الى البيت، ولم تعلموا شيئا عنه رغم اخباركم الشرطة بذلك؟"

"نعم، وهو معتاد على الاختفاء، ولكن ليس الى هذا الحد.  لقد قمنا بالتبليغ عن غيابه للشرطة منذ اسبوع تقريبا،  ولم نسمع شيئا منهم بعد، ولا يبدو لنا اننا سنسمع ..حسنا تعرف الشرطة، يجب ان يكون هناك احدا ليقف فوق رؤوسهم حتى يهتموا بجدية"  أعدت حديث صفاء لي ولم أجد غيره

 "بالطبع هذا هو الحال العام، لما لم تطلبي ذلك من قبل،  سوف اخبره فورا، وثقي بانه سيفعل كل ما باستطاعته لايجاده"

 يبدو ان ايهاب يعرف جيدا  انه إن لم يكن للمرء هنا شخصا مهما يساعده فلا احد سيعينه على مشكلته ومصيبته. وسينتظرالنتائج  للابد.  لذلك. حمدا لله، لم يجد في طلبي شيئا ثقيلا واعتبره عاديا.  بل يقول ان هذا ما كان يجب ان افعله منذ ما سمعت بالخبر.  وليس ان انتظر نتيجة تحقيقات الشرطة البطيئة.  لكان قيس الان وجد كل شيء عن ابي فهو كما قال شخص بارع ومتمكن

شكرته، وعدت الى مكتبي، حتى يخبر صديقه قيس بالامر.  واتمنى ان لا يتذكر قيس من انا واين شاهدني اول مرة. يكفي ان يقول له ايهاب ان احد الموظفين من شركته بحاجة للمساعدة بشكل عام، دون ذكر امر لقائي به.  فلا اريده ان يربط امر مقابلتي له بالحفلة وطلب المعونة منه الان، ويظن انني استغلالية وتذكرته فور احتياجي للمعونة.

 فلقد عاملته بجفاء وبعجرفة كما اذكر، وبالكاد اجبت على أي شيء سالني اياه.  صحيح انني بالنهاية تصرفت بتهذيب عندما عرفتني عليه ميا. ولكن الانطباع الاول يبقى حاضرا في الذهن 

ولكن لا اعتقد انه سيتذكرني وهو يصادف المئات من البشر يومياُ بحكم عمله، فلا داع لان اقلق بخصوص ذلك. المهم أن يقف وراء فريق البحث ويجدونه بسرعة لنحل هذا اللغز الذي طال.

.........

جوع في الجحيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن