الفصل الرابع عشر

8 2 0
                                    

 لم يبدو المدير انه تفاجأ بقراري ترك العمل. بل توقع ان استقيل بمجرد ان عرض علي تلك الوظيفة الجديدة فلقد كان يعلم.

"هل استقال الاربعة كلهم اذا؟" سألته

"نعم وانتِ اخر شخص قدم استقالته من اللذين اختارهم"

"اذا السيد ايهاب اوضح لك؟ وما رأيك بهذا ..اقصد ..ألا تشعر بالخذلان والاهانة لاننا تركنا العمل؟ "   كان يجب أن اسأل

ضحك المدير قليلا 

"  لو كنت مكانكم لفعلت نفس الشيء. وكنت ساقدم استقالتي منذ اول يوم ولن انتظر. ان الجميع يلاحق العروض الافضل وانتم ما زلتم شبانا وليس من المفترض ان تكبروا وتشيخوا مثلي هنا، انا اعرف ان الاجور التي نعطيها لكم ليست كافية. ولم اعدكم يوما باني سارفعها، فبالتالي هذا حقكم تماما بان تختاروا الافضل. لم  نشعر لا بالخذلان ولا بالاهانة  لانكم  تركتم العمل لدينا هنا. فلما ساشعر بالاهانة يا هند ان كنت سافعل المثل؟ وانا لحد علمك لم ابقى طوال الوقت هنا الا لانني المدير وصاحب العمل"

"شكرا " قلت 

"هل اكمل بقية الشهر هنا اذا؟ ما زال لدي تدريب اثنان كما تعلم، وبقي القليل فقط لانهي معهم"

" انتِ بالفعل افضل موظفة لدي يا هند، ليس فقط من ناحية الذكاء وانجاز مهماتك بسرعة، بل من اجل مراعاتك للمسئوليات التي تقع  تحت يديك، وانا اشكرك لانك ما زلت مهتمة بان تساليني ان كان يجب ام لا يجب ان تكملي مهمة تدريبك هنا، رغم العرض المبهر الذي تلقيته ..  بصراحة لم اتوقع هذا منك. إن هذا شيء حسن من قبلك وانا اقدره فلم يراع زملائك هذا بل تركوا العمل فورا واضطررت ان احضر من وكالة العمل المؤقت بديلا لهم بسرعة. من حسن الحظ ان من يبحثون عن عمل يصفون بالطوابير وليس اسهل علي من ايجاد البديل"

فكرت هل فعل اؤلاك حقا ذلك وتركوا العمل بسرعة دون ان يكملوا تدريب من كان تحت ايديهم . ربما كنت فعلت مثلهم لو لم اكن متشككة ومتخوفة كثيرا.  لا بد ان يكون ايهاب الان مسرورا لذلك. 

اكمل المدير كلامه "لذلك ساكون مراعيا انا الاخر واقول لك لا. لا يوجد هناك ما يلزمك او يجبرك على الاستمرار فلا  تشعري بأنك مضطرة للبقاء هنا رغم ارادتك.  فسوف احضر موظفا يحل محلك غدا او بعده لا باس بذلك. لن اؤخرك عن الالتحاق بعملك الجديد اكثر من ذلك"

اشفقت على المدير قليلا رغم اعترافه بانه سيفعل مثلنا ولكن من الواضح لي انه حزين لتصرفات الثلاثة الذين ذهبوا قبلي بسرعة البرق. لذلك قلت. ولم اكن كاذبة فأنا حقا يجب ان انهي ما بدأته مع التلاميذ. ولن يستطيع مدربا اخر اكمال او سد الفراغ بالطريقة المثلى التي اريدها   فلقد اعتادت ميا واحمد  على طريقتي المختصرة في الشرح. وان ذهبت الآن وتم احضار شخصا اخر لهم  ليكمل ما بدأته معهم فسوف يصابون بالحيرة والضياع ولن اسامح نفسي

قلت باختصار" لن تؤخرني. ولن تستطيع ايجاد موظفا يستطيع شرح ما بقي من اشياء علي تعليمها لطلابي بطريقتي. سوف ابقى اذا الى حين انتهاء تمرينهم فلم يبقى شيئا مهما "

نظر المدير الي  بامتنان قال "انت حقا لست مضطرة الى فعل ذلك"

"بل انا كذلك. لن ارتاح ان تركتهم الان وذهبت. فربما لم يفهموا على الموظف الجديد ويجب ان اكمل ما بدأته معهم. انهم تحت اشرافي ومسئوليتي. ثم انني لن ابدا في عملي الجديد الا حين الشهر القادم، على كل حال. وبقي اسبوعا تقريبا لانهاء هذا الشهر"

اومأ المدير وقال "حسنا اذا، انا اشكرك كثيرا وممتن لهذا.  واتمنى لك مزيدا من النجاح والتقدم في عملك الجديد"


......

ومضى الاسبوع بسرعة واكملت تدريب احمد وميا. واخبرتها بقراري وباركت لي فيه رغم انني لم ارها سعيدة لذلك وربما اكون اتهيأ ذلك   لا اعرف يقيناً.  وقالت لي انها تتمنى حقا ان اكون مرتاحة وسعيدة في عملي الجديد ولكنني اشعر مع ذلك انني خيبت املها بي عندما وافقت على الانتقال.

حسنا.. إن كانت تعتقد ان هناك شخصا يقبل بان يبقى في وظيفة اقل من مستواه  مع دخلا منخفضاً لطوال حياته ثم تاتيه فرصة ذهبية ويرفضها! من اجل البقاء في شركة لا يحبها فهي مخطئة. 

واتمنى ان لا اكون انا المخطئة والمتسرعة في هذا القرار.  فالذهاب الى شركة جديدة ربما لن يناسيني وخصوصا انني ساحتمل الحضور يوميا الى الشركة وربما صادفت أناسا ثقيلي الظل ومزعجين. 

 رغم ان وظيفتي هناك ستكون اعلى من رتبتي الوظيفية هنا وسوف يكون لي أهمية ومسئولية اكبر. ويجب ان افرح لهذا. واكون ممتنة.  لا ان اشعر بالقلق.  ولكني ساغامر  وسابتلع كرهي للتواجد اليومي امام الجميع. وساكون بخير.

 اذ لم يبقى الا القليل واتخلص من مشكلة قدمي التي كانت اساسا السبب لكل الذي انا به من عدم استقرار نفسي  وكره  للمشاركة بأي شيء يتواجد به الناس. فشعور النقص الذي لدي سيختفي عندما اجري العملية. اوعندما  اصبح غنية. فالمال سيد كل شيء.

 فبذلك الأجر الذي ساتقاضاه منهم ساكون افضل حالا بكثير من حالتي الآن. اعتقد

.....

جوع في الجحيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن