الفصل السادس والعشرون

4 2 0
                                    


كان ابي مراد قد اصبح يختفى من البيت فترات طويلة. وقال انه اصبح يهوى صيد السمك ويمضي جل وقته في الصيد.

 ويعود بعد اختفاء دام لاسبوع او اقل، من دون شيء بيده. بل يكون مشغول البال وكأن عقله في مكان آخر.  واحيانا اخرى يعود  مع سمكة أو سمكتين كبريتين. ويقول لصفاء ان تعدهم للعشاء او للغداء. ويذهب لينام دون ان يتحدث مع احد من البيت بأي شيء اخر. 

في هذه اليوم جاء وكان يحمل سمكة بطول ليان ابنته الصغرى 

نظرت الى صفاء ورايتها تاخذ السمكة بكل روح مرحة، وتذهب للمطبخ.  لتباشر بتنظيفها، حتى تعدها  لاحقا للعشاء. فهي كانت من عاشقي اكلة السمك كثيرا. وتظن ان ابي احضر السمك من اجلها. 

انها امرأة مسكينة، لم تساله لما كل هذا الغياب الغير مبرر عن البيت، ولما لم يعد يتحدث معها او يسال عن اخبارها واخبار اطفالهما معا. ما يهمها ان يكتفي بالرجوع الى البيت اخر الاسبوع، مع شيء ما في يديه. سمكة او عقد او عطر. وهي تفرح لهذا، ولم ارها تشتكي او تساله او تجادله مطلقا.  ربما لهذا السبب اختار صفاء لتكون زوجته. فهي ليست من النوع التي تتدخل في شؤون زوجها واعماله الغامضة عنها. 

ولكن.. ربما كان يخبرها دون علمي  باشياء عن اعماله الجديدة هذه، التي لا علاقة لها بالمحل الذي يملكه. ويقول لها أن لا تخبرني. وتتظاهر صفاء امامي بانها لا تهتم ولا تعرف،  وأنا المسكينة التي لا اعرف شيئا.. من يدري. ولكن لا..لا اظن ذلك. انها لا تستطيع اخفاء الاسرار لهذه الدرجة ابداً.

ما يهمني أنا من هذا كل انه لم يعد يمضي الكثير من الوقت داخل المنزل، ويجعل  هدف حياته مراقبتي  والتدخل بي.  كنت مرتاحه لاختفائه وان شككت بأمره، فلقد كان يبدو مشغولا بأمر كبير و يأخذ كل تفكيره ووقته ولم اره هكذا من قبل ابداً. 

فجأة فتح باب غرفتي دون استئذان

"اذهبي وساعدي صفاء بعمل السمك"  قال مراد وكنت اظن انه قد ذهب لغرفته لينام كما كان يفعل مؤخرا عندما يعود من رحلاته

"لا اريد فانا اعمل الان على مشروع ما، ولا اريد تلويث نفسي بزفرة السمك"

"هل تعملين خارج البيت وداخله ايضا ؟ هيا انهضي، اتمنى ان تفتحي فمك هكذا وتتجرأي وتقولي لشركتك "لا اريد".. اعتقد انك فقط هنا تتعلمين الوقاحة والرد السلبي لي"

"دائما ارفض الكثير من قراراتهم" قلت

"واضح جداً.  من جعلك تعملين ليل نهار من اجلهم ان كنت  تقولين لا؟ او ترفضين أي شيء يطلبونه منك! هيا انهضي؟"

"هذا لانني لم انهي العمل في المكتب اليوم، وقمت بتاجيله الى البيت"

"اتمنى أن تهتمي بالبيت كما تهتمي بالعمل اللعين!  ولكن صبراً فهذا سيتغير قريبا فالمال سيغ.." 

جوع في الجحيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن