فصل اربعون

5 2 0
                                    


بعد مرور ثلاثة ايام من نفس الوتيرة من المراقبة والتوتر دون ايجادي اي فرصة للخروج لوحدي مطلقا دون مراقبة منهم. قررت وبعد تفكير طويل؛ ان علي اخراج الاموال بعد العملية، وليس قبلها. فهم الان في اوج طاقتهم ونشاطهم. اما عندما ابقى وقتا لا باس به المستشفى فسوف ينسون ويتساهلون في مراقبتي. ولا اعتقد حقا انهم سيبقوا طوال الوقت امام باب المستشفى مثل الحمقى.

 كنت في يوم عملي الاخير قبل الاجازة. وكانوا قد اعطوني عملا كثيرا خلال هذا الاسبوع، لانهم عرفوا انني لن اكون متواجدة لمدة اسبوعين. فحرثوا علي حرفيا بكمية الاعمال التي تتطلب جهدا ووقتا طويلا. حتى انني لم اجد الوقت لاخذ ساعة استراحتي بالخارج. وبالكاد تذكرت أن اخذها. عندما كنت اشعر بالجوع  كنت اطلب الطعام من استراحة الشركة. وهذا لم يكن من عادتي قبلا. لم اناقشهم او اقول شيئا عن كمية العمل التي جعلوني اقوم بها،  لانهم سيقولون لي أن الخطا مني وانا التي اخذت اجازة مفاجئة وطويلة. ولا وقت لدي للجدال وفتح نقاش معهم، افضل العمل على الحديث. 

.......

وحدثت خلال تلك الايام القليلة تطورات ملحوظة بعلاقة صفاء والاطفال بقيس، فلقد اخذت شما وليان وشادي ايضا بمناداته بالعم قيس واصبحوا يحبونه كثيرا،  وربما احبوه اكثر من والدهم. واكثر من زياراتهم المتكررة المملة  له في السجن. والتي اعتقد جازمة انهم كانوا يذهبون اليها رغما عنهم مع صفاء. وليس لانهم مشتاقون لوالدهم. ثم اصبحوا يحبون زيارة السجن لرؤية العم  قيس واللعب معه وكان هو من يوصلهم عندما يعودون من الزيارة، ولم اكن انا لاذهب لزيارة مراد بعد المرة الاولى التي زرته فيها بالطبع. وهو لم يطلب رؤيتي مجدداً.

علاقتي مع ابي الان علاقة رسمية ومشروطة بحب المال، لا مكان للمشاعر والاشتياق. وهذا الكلام الفارغ للناس العاديين. عندما يكون هناك شيئا هاما بالنسبة لي او له فسوف يطلب او اطلب اللقاء به

كنت اشاهدهم احيانا من نافذة غرفتي عندما يعودون. ليس وكانني كنت اراقبهم. بل اسمع صوت الضحك والصراخ الذي يجلبونه معهم بعد هدوء البيت الفارغ لوحدي، فانهض لارى. فلقد كانوا يعودون في وقت متاخر اكون انا فيه في البيت وليس في العمل.

 رأيت قيس مرة  يحمل ليان عاليا وسمعت صوت الصغيرة وهي تضحك ثم انزلها ورفعها مجددا،  ربما لم يقم مراد يوما بحملها واسعادها بهذا الشكل،  فلم تكن الطفلة لتشعر بغياب والدها عن البيت. لولا حزن صفاء و الزيارات المتكررة  له لتذكرهم بأن هناك ابا لهم.  لما كانوا قد لاحظوا اي فرق.

وكانت صفاء قد لاحظت ايضا محبة اطفالها الاعزاء لرجل الشرطة الطيب. وتبتسم لرؤيتهم فرحين وغير وجمين من غياب والدهم.  سألتني مرة ان كانت سمر هي خطيبته، فهي تعرف سمر وتعرف انني ذهبت الى خطبتها قبل مدة، فقلت لها بانها ليست سمر، بل صديقة من العمل لا تعرفها. فقالت بأن صديقتي محظوظة بخطيب مثله وانه سيكون ابا رائعا.

جوع في الجحيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن