الفصل 63 (سحر العناق)

424 13 4
                                    

توقفت السيارة أمام المخزن واستقبلهما الرجلين باحترام في حين انطلق زين كالإعصار وعينيه تبحث عن ذلك الذي دمر أحلامه، وسرق منه طفله قبل أن يولد، وجعله يعيش لحظات من الذعر يود لو يمسحها من ذاكرته. وقف أمام سريره وابتسم بسخرية وغضب وهو يجده نائمًا بعمق. تساءل بمرارة واستنكار: كيف له أن ينام كما لو أنه لم يدمر حياة أشخاص أبرياء ولم يقتل جنينًا في رحم أمه؟!

أتى أحدهم يهرول وهو يحمل وعاءً مليئًا بالماء وأعطاه لجواد؛ فهكذا يوقظه جواد كلما أتى ووجده نائمًا حيث رشقه على وجهه بقوة، فاستيقظ من نومه فزعًا متذمرًا كعادته ومن ثم لاذ بالصمت عندما رأى زين يقف أمامه وعينيه تكاد ترميه باللهب. ازدرد ريقه خوفًا، فابتسم زين بسخرية وقال: يبدو بأنك عرفتني، أليس كذلك؟

طأطأ سعد رأسه واستمر الصمت للحظات قبل أن يقطعه زين بقوله: فكوا قيده ... لنرى مدى رجولة هذا المخلوق.

سارع الرجلين لفك قيوده وجذبه ليقف أمام زين الذي خلع سترته وشمر عن ساعديه قائلًا: فعلت فعلتك الدنيئة وأنت تخفي نفسك ... وفوق كل هذا لم تشعر بالندم ... الآن واجهني كرجل.

ارتعدت أوصال سعد؛ فهو يعلم بأن لا فرصة له أمام زين الذي من الواضح بأنه يفوقه قوة ومهارة بسبب جسده الرياضي المكتنز بالعضلات.

بدأ زين بتسديد اللكمات والركلات له بكل قوة وغضب، ويصرخ على سعد لينهض ويرد عليه ورغم أنه كان يفعل إلا أنها لم تكن بتلك القوة نظرًا لضعفه وقلة طعامه طوال الفترة الماضية. لم يتوقف زين عن ضربه إلا عندما أمسك به جواد وقيد حركته في حين كان سعد ممددًا على الأرض والدماء تغطي وجهه ولا يكاد يحرك جسده.

- كفى يا زين! كفى! سيموت بين يديك.

- إنه يستحق الموت ... قتل ابني ... وكاد أن يقتل زوجتي.

- لا تدمر كل ما خططنا له ... تمالك نفسك.

اقتاده جواد للخارج رغمًا عنه بعد أن أعطى أوامره للرجلين بعلاج سعد واستدعاء الطبيب الخاص إن لزم الأمر. جلس زين على صخرة ساندًا ذراعيه على ركبتيه وغطى وجهه بكفيه اللتين تلطختا بالدم. ربت جواد على كتفه قائلًا: اهدأ يا زين ... أعلم ما تشعر به ... لكن هذا الرجل لم يكن سوى أداة قاموا باستغلالها جيدًا ... إن أردت الانتقام حقًا فعلينا الوصول للرأس المدبر، ولا وسيلة أمامنا سوى الالتزام بالخطة التي وضعتها بنفسك.

رفع زين رأسه وأخذ نفسًا عميقًا وهو يحاول تمالك نفسه، ثم قال: أنت محق ... هل بدأت بترتيب الأمر؟

أشار له جواد برأسه بهدوء قائلًا: أجل، وغدًا سيبدأ التنفيذ.

دخل جواد ليطمئن على سعد فهو لا يريده أن يموت الآن، فتفحص جسده ونبضه ورغم أنه كان يتألم ووجهه متورم من كثرة الضرب إلا أنه اطمأن بأن لا شيء قد يعرض حياته للخطر وإذا بسعد يقول بألم: اقتلوني وحسب ... لقد تعبت ... تعبت.

عمرُ روحيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن