لا تنسوا التصويت 🙏⭐
رواية: عمرُ روحي
بقلم: ميام
الفصل 80 (طريق مسدود)
.....................................................
بدأت تستيقظ وتحاول التحرك، لكنها تشعر بأن جسدها مكبل بالكامل وهناك ثقل عليه، ففتحت عينيها بصعوبة وتفاجأت بوجهه مقابل وجهها تمامًا، فشهقت وهمت بالصراخ، لكنها تمالكت نفسها وقد تذكرت أحداث اليوم وكيف دافع عنها وأعلن حبه وتقديره لها أمام الجميع وفوق كل هذا دافع عنها وضرب ابن خالها، ولولا والدها وأخاها وغيرهم الذين أمسكوا به لأجهز عليه لا محالة. سألت نفسها لمَ دافع عنها بهذه الشراسة، فهل هذه شهامة أم غيرة؟! وهل زير النساء مثله يشعر بالغيرة والحمية؟!
استغرقت في أفكارها وهي تحدق بملامحه حتى تحولت تساؤلاتها تلك إلى نظرات إعجاب وتدقيق بملامحه الرجولية الوسيمة؛ فهذه أول مرة تدقق بقسمات وجهه وتتأمل وسامته الطاغية، لتؤكد بتلقائية لنفسها بأنه من الطبيعي أن تقع النساء تحت تأثير سحره؛ فهو وسيم ومتحدث لبق وجذاب ولديه كل المواصفات التي توقع أي امرأة في حبه.
انتفضت عند تلك الفكرة وامتعضت ملامحها؛ فهي لن تقبل بأن تكون كغيرها ولن تسمح له بالتأثير عليها من بضعة مواقف دافع فيها عنها. دفعته بكل قوتها وهي تهتف بحنق: ابتعد ... ابتعد عني ... لمَ تكبلني بهذه الطريقة؟!
فتح أوس عينيه بفزع وأبعد ذراعيه عنها وكذلك ساقه فقد كان يطوق جسدها بأكملها. بدأ بفرك عينيه بنعاس وهو يقول بتذمر: ما خطبك يا مرام؟! لقد أفزعتني ... والله كاد قلبي يتوقف ...
جذب يدها ووضعها فوق صدره لتستشعر دقات قلبه المتسارعة وهو يقول بعتاب: إن أردتِ أن تقتليني وتوقفي قلبي فافعلي هذا مجددًا ... لدي رهاب من هذا الأمر.
ترك يدها ونهض مسرعًا إلى الحمام ومن الواضح بأنه يشعر بالضيق، فضمت شفتيها وهي تشعر بالندم فقد استشعرت دقات قلبه بالفعل التي تدل على خوفه من صراخها عليه بهذا الشكل.
خرج من الحمام بعد دقائق، فاقتربت منه وهي تشعر بالحرج والارتباك وقد لاحظ هو ذلك، ولكنه تظاهر بالانشغال بتسريح شعره ووضع عطره أمام طاولة الزينة في حين وقفت هي خلفه وحدقت بانعكاسه في المرآة للحظات، ثم أشاحت بنظرها عنه عندما التقت نظراتهما وقالت: أنا آسفة ... لم أقصد ... لست معتادة على نوم أحد بجانبي ... وأنت كنت تكبلني وتضغط علي فشعرت بالاختناق.
تراقص قلبه فرحًا باعتذارها هذا لأنه ينم عن اهتمامها به ولو كان مجرد شيء بسيط وطبيعي للغاية بالنسبة لشخصيتها الطيبة والحنونة، ولكنه حافظ على جمود ملامحه وقال: لا بأس ... مضت على خير ... أرجو ألا تكرريها ... إلا إن كنت تريدين موتي والتخلص مني.
رفعت نظرها له بحنق وتساءلت باستنكار قائلة: هل تراني مجرمة كي أقتلك؟ لو أردت فعل ذلك لقتلتك من قبل كي لا أضطر للزواج بك.
اتسعت عينا أوس واستدار ليقابلها، فارتبكت وهي تراه يقترب منها، ليقول باستنكار متظاهرًا بالدهشة: هل فكرتِ بقتلي يا مرام؟!
ارتبكت أكثر وحارت نظراتها، فأمسك وجهها بيديه وأجبرها على رفع رأسها لتنظر له وكرر سؤاله، فلمعت الدموع في عينيها وأجابت بحزن قائلة: لا ... فكرت بقتل نفسي ... ولكن الانتحار حرام ... ومخافة الله أعظم في قلبي من أي شيء ... لذا سلمته أمري لأنه يعلم الخير لي.
ابتسم أوس بصعوبة وهو يحاول التحكم بانفعاله؛ فهو لا يريد أن يبكي أمامها بعد أن استشعر حجم الألم الذي سببه لها لدرجة أن تفكر بالانتحار كي تهرب منه فقط. قبل جبينها، ثم نظر في عينيها وقال: سامحيني يا حبيبتي على كل شيء فعلته، ولكن ثقي بأنني لست نادمًا فقد بت واثقًا من أنكِ نصيبي ... أعترف بأن طريقتي خاطئة، ولكن رغمًا عني سامحيني ... أنت أعظم خير رزقني الله به ... أعدكِ بأنني سأعوضكِ عن كل لحظة ألم وحزن شعرت بها بسببي.
ضمها إلى صدره، فاستسلمت للحظات لدرجة أنها شعرت بالخوف من استسلامها لأحضانه الذي بات يتكرر، فأبعدته بهدوء قائلة: سأتوضأ وأصلي العصر.
ابتسم وحمحم قائلًا: وأنا سأنظف المكان في الخارج.
أومأت له بالموافقة وعقبت قائلة: سآتي لمساعدتك عندما أنتهي.
خرج من الغرفة وهو يشعر بقلبه يكاد يقفز بين ضلوعه فرحًا؛ فقد بات يشعر بأنهما أفضل حالًا من قبل. يستشعر بداية تقبلها له وهذا مجرد خطوة البداية وحسب. أخذ نفسًا عميقًا، ثم قال برجاء: يا رب ... أنت تعلم كم أحبها وأريد أن أتغير من أجلها، ولكنني في الوقت ذاته أريد أن أتغير كي تعفو عني ... كي تبارك لي في حياتي معها ... كي أبقى معها وندخل الجنة معًا.
......................................
استيقظ زيد بعد أن غفا على الأريكة وسارع ليرى ليان ويحاول التحدث معها، لكنه تفاجأ بأن الغرفة فارغة. شرع يبحث عنها في البيت وينادي عليها، ولكن لا يوجد لها أثر. خرج من المنزل يبحث عنها في الحديقة وسأل الحراس، فقال أحدهم بأنها خرجت واستقلت سيارة أجرة ورفضت أن يرافقها أحد. صرخ زيد عليهم بسبب تهاونهم بالأمر وعدم إبلاغه بما حدث، ثم حاول الاتصال بها، ولكن دون جدوى فهاتفها مغلق.
عاد إلى الداخل وهو يحاول الاتصال بها من جديد ويطمئن نفسه بأنها غاضبة وستعود عندما تهدأ، ولكن لفت نظره ورقة مطوية على الطاولة بقرب الحاسوب، فاقترب وأخذها ليقرأ ما خطته بيدها: " زيد، أنا لم أعد واثقة بحبك ومشاعرك تجاهي ... كل شيء حدث من بداية علاقتنا حتى اللحظة يضغط علي بشكل مخيف لدرجة أنني لم أعد واثقة بشيء ... أنا آسفة لمغادرتي بهذا الشكل، لكنني بحاجة لبعض الوقت كي أعيد ترتيب أفكاري وأهدأ ... أنا مبعثرة ومشتتة بشكل تام ... أشعر بأنني سأنهار تمامًا إن أدركت بأن حبك لي كان محض شفقة أو شعور بالذنب تجاهي ... لا أريد أن أخسرك لأي سبب، ولكن كرامتي غالية ... الآن أشعر بأنني مهانة؛ فالجميع يعلم بسبب زواجنا لدرجة أنني لا أستطيع التنفس ... لا تبحث عني ... دعني أرتاح وأرتب أفكاري لأتمالك نفسي وحينها سنتحدث".
انسابت دموع زيد وهز رأسه باستنكار وهوى جالسًا على الأريكة وهو يحدق برسالتها التي مزقت قلبه أشلاءً. بعد لحظات مسح دموعه وقد عزم على ألا يسمح لنفسه بالانهيار وندب حظه، بل سيعيدها إليه أينما كانت. وضع رسالتها في جيبه وأخذ حاسوبه وخرج طالبًا من السائق أن يعيده للقصر في الحال بأقصى سرعة ممكنة بعد أن طلب من رجاله البحث عن سيارة الأجرة التي استقلتها ليان.
شرعوا بتفقد كاميرات المراقبة لمعرفة رقم لوحة السيارة في حين هاتف زيد جواد قائلًا: جواد! ساعدني بالبحث عن ليان.
قطب جواد حاجبيه وتساءل بقلق: ماذا؟ ما الذي حدث؟
تمالك زيد نفسه وقال بصوت مختنق: علمت بأمر الفيديو الخاص بغرفة الفندق وبأنه سبب زواجنا ... لم تحتمل وغادرت المنزل دون علمي ... سأرسل لك رقم لوحة سيارة الأجرة التي استقلتها.
رد جواد بتفهم: لا تقلق، سنجدها بإذن الله.
.......................................
كان زين يضم حور بين ذراعيه ويغمض عينيه ينشد بعض الراحة والسكون في حين كانت هي تحدق به بحب وترسم قسمات وجهه بأناملها بكل رقة، ثم قالت: زين! ألن تذهب لتكمل عملك؟
امتعض وجهه وقال بتذمر: سئمت من العمل ... إنه لا ينتهي.
ضمت شفتيها ورمقته بأسف وشفقة واحتضنت وجنته بكفها قائلة: أعلم بأنك تعاني من ضغط العمل هذه الفترة ولديك الكثير من المسؤوليات، ولكنها فترة وستمر. ليتني أستطيع مساعدتك بشيء.
قالتها بأسف وحزن لمسه في نبرة صوتها، ففتح عينيه ليقابل عينيها اللتين ترمقانه بحب وإشفاق، فابتسم قائلًا: فترة نهاية العام تكون بغيضة ومليئة بالضغط النفسي والجسدي ولا شيء يخفف عني سواكِ يا حوري ... ما أن تنتهي هذه الفترة سنأخذ إجازة.
ابتسمت له بحب قائلة: كما تشاء، ولكن عليك أن تنهي عملك كي يسير كل شيء على ما يرام يا حبيبي، أليس كذلك؟
ابتسم وأومأ لها موافقًا، ثم قال: غدًا سيعود أوس ومرام للعمل ... أطلعني على تقدمه في المشروع وقال بأننا بحاجة لتوسيع الشركة لأنكم ستحتاجون لمزيد من الموظفين.
ردت حور: هذا صحيح، ولكنني كنت أُأجل الحديث معك بهذا الشأن لأنك مضغوط بالعمل.
ابتسم زين وأمسك بذقنها بين أصابعه وقال:
- لا تؤجلي شيئًا بعد الآن ... لقد تحدثت مع المهندسين بالفعل لتجهيز الطابق الأخير في وقت قياسي.
- لكنه شبه مهجور وغير مكتمل البناء يا زين، أليس كذلك؟
- بلى، ولكن هذا لأننا لم نكن نحتاجه أما الآن فقد بات شيئًا ضروريًا.
- لكن ألا يجب أن تكون الإدارة في الطابق الأخير؟
- ليس شرطًا، ولكن هذا أفضل، لذا سيتم تجهيز الطابق الأخير بشكل جديد وعصري لنا والطابق الحالي سيصبح خاص بقسم البرمجة ولاحقًا إن شاء الله عندما يتطور عمل القسم وتنجح المشاريع هذه سأخصص له مبنى كامل ليصبح شركة كبيرة للبرمجيات.
- مبنى آخر؟
- ما الأمر؟ ألم يعجبكِ ذلك؟ أليس هذا حلمك يا حوري؟
- بلى، ولكن ... مبنى آخر يعني ... أننا لن نكون معًا.
قالتها بحزن واضح، فضحك زين وضمها بقوة أكبر وهو يتساءل: ألهذه الدرجة لا تريدين الابتعاد عني؟
قطبت جبينها وتساءلت بحنق: وهل هذا يعني بأنك مستعد للابتعاد عني؟!
همت بالابتعاد عنه، فجذبها مقيدًا جسدها بين ذراعيها وقال: حبيبتي ... هذا الكلام سيستغرق ربما سنوات ... وسيكون لدينا أطفال ... وأنتِ بنفسكِ لن تجدي وقتًا من أجل دوام مكتبي كامل وسيكون دورك فقط للإشراف والمتابعة ... تعلمين بأنني لا أستغني عنكِ أبدًا وسيبقى مكتبك بجانب مكتبي حتى ذلك الحين، وسأحرص على أن يكون المبنى الجديد قريبًا من شركتنا هذه كي تتنقلي بينهما بسهولة.
شعرت حور ببعض الراحة، ولكنها بقيت تتظاهر بالضيق، فوضع سبابته بين حاجبيها قائلًا: لا أحب ملامح الغضب والضيق هذه ... فكي هذه العقدة بالحال.
رمقته بحنق مصطنع وأشاحت بوجهها، فرفع حاجبيه وقال باستنكار: أنا توجهين لي نظرة جانبية بهذا الشكل؟! أنتِ جنيتِ على نفسك.
شرع زين يدغدغها وهي تضحك رغمًا عنها طالبة منه التوقف إلى أن تمكنت من الهرب مهرولة إلى الحمام.
....................................
أنهت مرام صلاتها، ثم هاتفت والدتها لتطمئن عليها وما فعله والدها عقب عودتهم. سألتها أمها بلهفة عن حالها بلهفة، فطمأنتها مرام.
- أنا بخير يا أمي.
- لمَ لم تخبريني من قبل يا ابنتي؟!
- ماذا عساي أقول يا أمي؟! دعكِ من هذا وأخبريني ماذا فعل أبي.
- غصب وصرخ كثيرًا بالطبع وكان يريد ضرب ابن خالك، وأمرني بقطع علاقتي بأخي.
- هذا ما كنت أخشاه.
- خالك ليس له ذنب ... أنا واثقة من أنه لا يعلم بتصرفات ابنه.
- أعلم هذا يا أمي ... دعيني أتحدث معه.
- لا ... ستتشاجران من جديد.
- لن أتشاجر معه فقط دعيني أتحدث معه.
كان والدها في الوقت ذاته يريد التحدث معها وصرخ عليها على الفور لأنها أخفت الأمر عنه ولم تخبره كي يلقن ذلك الوغد درسًا لن ينساه في حين حاولت مرام التحلي بالهدوء، ثم قالت: الأمر حدث منذ سنوات وانتهى ولهذا السبب دومًا ما أتجنب أي مكان هو فيه ... لا أريدك أن تقطع علاقة أمي بأخيها بسبب وغد مثله ... ليس لهما ذنب بما فعله.
عاد والدها للصراخ والوعيد، ففقدت مرام ثباتها وانفعلت هي الأخرى وصرخت قائلة: كفاكَ صراخًا ووعيدًا ... هل تحسب نفسك أفضل منه؟! ... إن كان هو يتحرش بيديه وعينيه فأنت أيضًا تتحرش بالنساء بعينيك ... أنت مثير للاشمئزاز بقدره ... لكن للأسف أنت أبي ولا يمكنني قطع صلتي بك ... اتقِ الله ... إلى متى ستغرق نفسك بتلك القذارة وهذه الذنوب؟! ... ألف مرة قلت لك لا تشاهد تلك القذارة لأنها حرام ...
تفاجأت بأنه أغلق الهاتف في وجهها مما جعلها تشعر بالاختناق وتجلس على طرف السرير تبكي فكالعادة نقاشها معه يتحول إلى شجار وتستغفر بعده وهي تشعر بأن علاقتها بأب مثله ربما تعد من عقوق الوالدين، ولكن رغمًا عنها. تريد لمرة واحدة أن تشعر بأن لديها أفضل أب في الدنيا، ولكن هيهات.
على الجانب الآخر كان أوس قد قلق عليها عندما سمع صوت صراخها وهم بدخول الغرفة إلا أنه توقف وسمع حديثها مع والدها الأمر الذي أثار دهشته وجعله يحلل الكثير من الأمور.
دخل الغرفة بعد لحظات، فمسحت دموعها بسرعة وتظاهر بأنه لم يلاحظ ذلك وهتف بمرح: قلتِ بأنكِ ستأتين لمساعدتي ... لقد خدعتني ... هيا تعالي معي ... جهزت بعض المقرمشات والتسالي ودورك أن تعدي مشروبًا ساخنًا لنشاهد فيلمًا.
رمقته لحدة متسائلة: فيلم ماذا؟
رفع يديه باستسلام وقال مدافعًا: فيلم رعب ... بريء ... أم أنكِ تخافين؟
نهضت باستسلام قائلة: لمَ قد أخاف من الأفلام؟! ... الحياة الحقيقية مرعبة أكثر.
توجهت إلى المطبخ وهي تسأل نفسها: هل حقًا سيتغير أوس؟! وما مدى هذا التغيير؟! هل سيكون نسخة من أبيها على أفضل حال؟! ربما لن يستطيع أن يوقف رغبته بالنساء ولن يتمكن من غض بصره ... ماذا عليها أن تفعل؟! ... ربما كانت تحتمل والدها لأنه أبيها في النهاية ولا مفر لها هذه العلاقة ... لكن ماذا عنه؟ ... هي لن تحتمل زوجًا مثله ولو كان الثمن موتها ... ماذا لو عاد كما كان بمجرد أن يسأم منها؟! ورجل مثله كم يحتاج للوقت كي يسأم من امرأة وهو الذي اعترف بنفسه بأنه يسأم من العلاقات الطويلة ولا يحتملها.
أحضرت المشروبين وأعطته فنجانه، ثم جلست بجانبه وأبقت مسافة بينهما، فاقترب هو بحجة وضع الغطاء عليها وبعد قليل وضع ذراعه على كتفيها قائلًا: أرجو أن تكوني حقًا لا تخافين من أفلام الرعب فهذا الفيلم مخيف جدًا.
رمقته بسخرية وقالت: شاهدته مرتين.
رفع حاجبه باندهاش وعدم تصديق، فأردفت وهي تعيد نظرها للشاشة: هل أروي لك الأحداث؟
رفض أوس ذلك واندمج بمشاهدة الفيلم، ولكن عقلها كان غارق بالتساؤلات حتى بدأت دموعها تهدد بالهطول، وقررت أن تتشجع وتسأله لتخلص نفسها من هذا العبء لعلها تصل إلى قرار يريح قلبها. هتفت باسمه فتنبه ونظر لها، لتقول دون أن تنظر إليه:
- هل حقًا تريد التوبة؟
- أجل، يا مرام.
- هل ستتمكن من الابتعاد عن النساء وغض بصرك؟
- قد يبدو هذا صعب التصديق، ولكنني واثق من حبي لك لدرجة أنني سأقول "نعم" وبكل ثقة.
- وإلى متى سيدوم هذا الوضع؟ حتى تسأم مني وتبحث عن أخرى؟
- مرام! أظن بأنني وضحت لكِ بأنني أحبك وليست محض رغبة سأبددها وينتهي الأمر.
- وأنا لا أثق بحبك هذا ... أنت لم تكن تعترف بالحب وزواجك بي من البداية كان بدافع الرغبة وحسب.
- هذا لأنني كنت أحمقًا ولا أفهم مشاعري، لكن الأمر الآن مختلف يا مرام.
صمتت مرام وأشاحت بوجهها محاولة التحكم بدموعها، ثم تساءلت بصوت مختنق متردد: كم مرة ... كم يومًا ... تحتاج لتسأم مني؟ قلها بصراحة ودعك من تمثيلية الحب هذه.
حدق بها أوس باندهاش وعدم تصديق قائلًا: ماذا؟
التفتت نحوه وقد انهمرت دموعها وهي تسأل بغضب وانهيار في الوقت ذاته: أخبرني الحقيقة ... دعنا نصل إلى حل يرضي الطرفين ... أنا لا أصدقك ولا يمكنني تقبلك كزوج ... وأنت تريد الحصول على جسدي ... لذا ... أسألك بصراحة ... كم يومًا تريد حتى تسأم مني وتطلق سراحي؟!
تحولت تعابير وجهه لغضب وشراسة تامة وصك أسنانه، ثم ألقى الفنجان الذي بيده بكل ما أوتي من قوة أرضًا حتى تناثرت قطعه، فارتعد جسدها، ثم نهض وضرب الطاولة الزجاجية التي أمامهما بقدمه، فتحطمت وتبعثر كل ما كان عليها من طعام وغيره أرضًا، فانكمشت مرام على نفسها وهي تراه غاضبًا بهذا الشكل لأول مرة.
ابتعد عنها يزمجر ويخلل أصابعه في شعره كأن يكاد يقتلعه من جذوره من شدة الغضب، ثم نظر لها متسائلًا بغضب: بعد كل هذا ... بعد كل محاولاتي تلك ... تقولين لي هذا الكلام؟! ... هل أنا عاجز عن الحصول عليكِ؟! تكلمي!
انهمرت دموعها وضمت ركبتيها إلى صدرها خائفة من ردة فعله هذه فرق قلبه لها، ولكنه لم يشأ أن يضعف أمامها مما دفعه لأخذ هاتفه ومفاتيح سيارته والخروج من البيت، فأجهشت بالبكاء وهي تفكر بما قالته وردة فعله على ذلك.
................................
قرر زيد ألا يعود للقصر دون ليان كي لا يشعرهم بالقلق وخاصة والدته، لذا التقى بجواد في شقتهم القديمة وهو يبحث معه ويجري اتصالاته ليعلم أين ذهبت.
بعد قليل اقترب منه جواد بعد أن أنهى مكالمته الأخيرة وقال: سحبت مبلغًا من المال من حسابها المصرفي وهذا الصراف يقع قرب محطة القطارات يا زيد.
انتفض زيد من مكانه قائلًا: لنذهب إليها على الفور ... هيا يا جواد قبل أن تستقل القطار وتضيع مني.
خرج كلاهما مسرعين ليلحقا بها في حين كانت هي قد حصلت على تذكرة لأقرب موعد للقطار غير مكترثة لوجهته؛ فكل ما تريده هو أن تغادر لمكان بعيد وبأسرع وقت ممكن.
جلست على أحد المقاعد تجاهد دموعها بانتظار وصول القطار. وضعت يدها فوق بطنها وهمست بحزن وألم: لن أحرمك من أبيك، ولكنني أحتاج للابتعاد ... كيف سأنظر إلى وجوههم وهم يعلمون بسبب زواجي منه؟! ... كيف لي أن أصدق بأنه يحبني عقب كل هذا؟! ... ربما حتى هو لا يفهم مشاعره وربما بسببك أنت أيضًا ... لا أدري ... لم أعد أفهم شيئًا ... كل ما أعرفه بأنني متعبة وأشعر بالألم.
وصل زيد وجواد وبعض رجاله الذين شرعوا بالبحث عنها بين الجموع الغفيرة من الناس. وصل القطار وتحركت ليان لتصعد على متنه، فقال زيد بأنه سيذهب ليرى إن كانت من ضمن الركاب الذين ينتظرون هذا القطار. شرع يتفقد الركاب والقطار بسرعة وهو يتساءل: أين أنتِ يا ليان؟! كيف أمكنك تركي بهذا الشكل؟!
بينما كان يهرول وعينيه تبحثان في كل الاتجاهات وقع بصره عليها تجلس داخل القطار، فعاد بخطواته ليتأكد مما رآه وكانت بالفعل ليان تجلس وهي تمسح دموعها، فصرخ باسمها بأعلى صوته لدرجة أنها انتفضت في مكانها وشرعت تبحث عن مصدر الصوت حتى رأته، فاضطرب قلبها وشعرت بالخوف. بدأ القطار بالتحرك، فصرخ عليها طالبًا منها النزول بسرعة إلا أنها هزت رأسها بالرفض وهي تبكي مما جعله يحاول الوصول إلى الباب كي يركب هو الآخر، ولكن مع تسارع القطار لم يستطع مما جعله يصرخ باسمها عدة مرات حتى انهارت هي بالبكاء.
طلب جواد من رجاله معرفة إلى أين يتجه هذا القطار، ثم ذهب نحو زيد الذي يحدق بالقطار كأنه فقد أمله الخير باستعادتها وربت على كتفه قائلًا: سنصل إليها حتى لو ذهبت لآخر الدنيا ... لا تقلق.
دمعت عينا زيد وقال: ألهذه الدرجة لا تثق بحبي لها؟! بعد كل ما مررنا به.
أخذ جواد نفسًا عميقًا وقال: إنها مصدومة يا زيد، ولا تنسَ بأن ليان فتاة رقيقة وضعيفة وصدمتها بأن زوجها تزوج بها لسبب كهذا ستجعلها تراجع حساباتها بالطبع، وفوق كل هذا ستشعر بالخجل والإهانة.
هز زيد رأسه برفض قائلًا: لو كانت تحبني لوثقت بي يا جواد ... تركتني وهربت عند أول اختبار.
ضيق جواد عينيه وقال: لا تنسَ بأنك كنت أول من ترك يدها عند أول اختبار وإن تركتك هي عند الاختبار الثاني فهذا لأنها لم تنسَ بعد كيف تخليت عنها واتهمتها وهذا ما أدخل الشك لقلبها. أنت تحصد ما زرعت يا زيد، لذا لا تشكك بحبها لك. هيا بنا ... كن قويًا فالطريق أمامنا لا زال طويلًا حتى نعثر عليها.
ضم زيد شفتيه بندم وحسرة وغضب في الوقت ذاته ... لا يدري أهو غضب منها أم من نفسه أم من الظروف التي جمعتهما بهذا الشكل ... لا يستوعب فكرة بأنها استطاعت تركه والتخلي عنه بهذه البساطة ... كيف لها ألا تثق بحبه لها؟!
أغمض عينيه للحظات، ثم عاد إلى السيارة مع جواد ووضع رأسه بين يديه وقال بألم وندم: أنت محق ... أنا من أخطأت من البداية عندما شككت بها وبأخلاقها ... أنا لم أثق بها من البداية وبالتالي لن تثق بي ... لم أقدم لها ما تستحقه من حب واحترام وثقة، لذا جنيت عدم ثقتها بمشاعري تجاهها وهربت مني.
رمقه جواد بإشفاق وربت على كتفه قائلًا: ستعود ... هي تحبك ولا يمكنها الابتعاد عنك كما أنها لن تحرمك من طفلك ... هي فتاة عاقلة، ولكنها تحتاج للبقاء وحدها حتى تهدأ وتفكر بعقلانية ... لا تنس بأنها حامل وسريعة التأثر بأبسط الأمور مما يجعل عاطفتها تغلب عقلها بشكل كبير.
رفع زيد رأسه ونظر لجواد قائلًا: أين ستذهب وكيف ستتدبر أمرها ... ماذا لو ضايقها أحد؟! ... هناك نار تأكل جسدي وعقلي من شدة خوفي عليها يا جواد.
أتى أحد رجال جواد وقاطعه قبل أن يرد قائلًا: سيدي! القطار يتجه إلى أسوان.
علم جواد موعد وصول القطار، ثم التفت لزيد الذي يتابع حديثهما باهتمام وتركيز وقال: لنذهب بالطائرة وننتظر وصولها عند محطة القطارات.
وافقه زيد وسارع بالحجز على أول رحلة إلى أسوان في حين انطلق جواد بسيارته إلى المطار، ثم هاتف زين وأخبره بأن لديه عمل ولن يعود قبل الغد. استغرب زين الأمر وسأله بقلق ما الأمر، فنظر جواد إلى زيد كأنه يسأل إن كان بوسعه إخبار زين، فأخذ زيد الهاتف وتحدث بصوت مرهق مع أخيه وأخبره بما حدث.
......................................
حل المساء وحان موعد إغلاق المطعم، ولكن حازم لم يأتِ بعد لاصطحاب ابنته "آيسل". لقد هاتفها وأخبرها بأنه سيتأخر بسبب عمل طارئ إلا أنها لم تتخيل أن يتأخر لهذه الدرجة؛ فابنته نامت ولا تدري ماذا عليها أن تفعل.
- يا ابنتي، ماذا سنفعل الآن؟ لقد تأخر الوقت وحل الليل.
- إنه لا يرد على هاتفه يا أمي ... ماذا عساي أفعل؟
- لنأخذ الطفلة معنا إلى المنزل؟
- الطقس بارد ولا يمكننا إخراجها من هنا وهي نائمة ... ستمرض ... وأيضًا لا يمكنني مشي كل تلك المسافة وأنا أحملها.
- سننتظر معكِ إذًا.
نظرت رنا لأختيها الصغيرتين ويبدو عليهما التعب والنعاس، ثم عقبت قائلة: لا ... عودي معهما إلى المنزل ... يكفي بأنهما تمضيان وقتهما بعد المدرسة هنا ولا تحظيان بالراحة.
أصرت رنا على والدتها كي تغادر وطمأنتها بأن حازم لن يتركها وسيوصلها للمنزل بنفسه. غادت أمها مع أختيها وتركت رنا تجلس على أحد المقاعد وتضم الصغيرة النائمة إلى أحضانها بحنان. لقد اعتادت عليها كثيرًا مؤخرًا وأحبتها خاصة في اليومين الأخيرين عندما أحضرها حازم واستأذنها بأن يبقيها لديها لبضعة أيام لأن المرأة التي تجالسها مريضة ولا يسعها الاعتناء بها. رحبت رنا بذلك وحتى أمها وقد أضفت تلك الصغيرة بهجة للمكان واندمجت مع أختي رنا.
شعرت بالقلق من تأخره وازداد قلقها عندما سمعت حديث رجلين يمران من أمام المطعم بشأن شجار كبير بين عائلتين في البلدة، لتدرك حينها بأنه انشغل بأمر هذا الشجار. حاولت الاتصال به من جديد، فأجابها وهتف بصوت مرتفع نظرًا للضجة التي تحيط به: رنا! أنا آسف لتأخري ... نصف ساعة فقط وسآتي لأخذ "آيسل" ... أنا حقًا آسف.
حاولت رنا التحدث، ولكنها أدركت بأنه لا يسمعها، فاعتذر وأنهى المكالمة، ليصرخ بالناس من حوله محاولًا فض هذا الشجار وتهديدهم بالسجن؛ فقد تأخر الوقت ويريد الذهاب لأخذ طفلته وهو يشعر بالخجل والضيق فلا يكفي بأنه ترك ابنته لديها، بل وتسبب في تأخرها أيضًا.
النصف ساعة باتت ساعة كاملة وغفت رنا على الكرسي بعد أن خففت إضاءة المطعم كي لا يظن أحد بأنه مفتوح ويدخل المكان. وصل حازم وهو يشعر بحرج شديد، ثم دخل المطعم ينادي عليها بهدوء فقد تركت له رسالة بأنها ستنتظره في المطعم ولن تغلق الباب بالمفتاح كي يتمكن من الدخول.
نظر من حوله يبحث عنها حتى وقع نظره عليها وهي نائمة على الكرسي وطفلته تنام بين ذراعيها. ابتسم بحب عندما رآهما على هذا الحال واقترب منهما وهمس باسمها بضع مرات حتى فتحت عينيها وقابلت عيناه اللتين ترمقانها بحب وأسف في الوقت ذاته.
- حازم! ... متى وصلت؟
- منذ قليل ... آسف جدًا لتأخيرك و ...
- لا عليك ... قلقت عندما تأخرت، ثم سمعت حديث المارة بأن هناك شجار كبير، لذا علمت سبب تأخرك.
- أجل ... لقد أتعبوني كثيرًا ... حولوا حفل الزفاف إلى معركة.
- حفل زفاف؟!
- أجل ... الشجار بين أهل العروسين.
- ماذا حدث؟ هل أصيب أحد؟
- الحمد لله لا يوجد كوارث أو خسائر بالأرواح، لكن هناك إصابات ... عدا عن إلغاء حفل الزفاف وطلاق العروسين.
- كل هذا؟ ما السبب؟
- القصة طويلة ... ما فهمته بأن الحرب بدأت بسبب النساء ... كلمة من هنا وأخرى من هناك ... احتد النقاش وتحول إلى سب وقذف وتدخل الرجال ودخل كلامهم في المحظور، ثم بدأ تطاير الكراسي والعصي وغيره.
ضحكت رنا قائلة: يبدو كأنه فيلم ما.
هم بأخذ طفلته بعد أن شرد بضحكتها للحظات إلا أنها طلبت منه أن توصلها بنفسها للسيارة فهي دافئة في حضنها ولا تريدها أن تبرد مما دفعه للقبول. خرجت برفقته وساعدها على وضع الطفلة في المقعد الخلفي، ثم أغلقا المطعم وعادا إلى السيارة.
بعد دقائق توقفت سيارته أمام بيتها، فأمسك بيدها قبل أن تخرج وقال بتردد وارتباك: رنا! شكرًا لكِ على كل شيء ... أنتِ إنسانة رائعة ... ولحسن حظي بأنني تعرفت إليكِ ... رنا ... أنا معجب بكِ ... وأتمنى أن تكوني زوجة لي ... ربما يكون كلامي مباغتًا أو مبكرًا ... لكنني لست ممن يدخل في علاقة دون مسمى رسمي ... لقد حدثتك عن وضعي وظروفي ... فكري بطلبي وخذي وقتكِ ... سأنتظر ردكِ.
شعرت رنا بقبضة تعتصر قلبها، فازدردت ريقها وقالت: حازم! أنت لا تعرف شيئًا عني ... بالكاد ...
قاطعها حازم بسرعة قائلًا: ما رأيته منكِ ومن عائلتك كان كافيًا ليخبرني بأنكِ مناسبة لي، وبأنه يسعك تفهمي والحفاظ على ابنتي ... رنا أن لست متطلبًا ولن أثقل عليكِ ... أعلم بأن الارتباط برجل أرمل ومعه طفلة ليس بالشيء السهل و ...
قاطعته رنا قائلة: لا ... لا ... الأمر ليس كذلك ... أنا فقط ... لدي ظروف كما تعلم ... أنا هنا مختبئة و...
سكتت ولم تدري ماذا تقول وقد لمعت الدموع في عينيها، فاحتضن يدها بين كفيه قائلًا: أنا سأحميكِ يا رنا ... ثقي بي ... لن أسمح بأن يمسك أنتِ وعائلتك أي سوء ... سواء رفضتِ أو قبلتِ الزواج بي ... سأكون بجانبكِ على الدوام ... خذي الوقت الذي تحتاجينه وفكري ... تصبحين على خير.
ابتسمت ابتسامة باهتة مرتعشة وخرجت متوجهة إلى المنزل وقلبها يتخبط في صدرها وقد دب الذعر في أوصالها، بل هناك خليط من مشاعر الخوف والألم والندم والحزن على حالها وما وصلت إليه. ها قد أتى الرجل المناسب الذي أحبته، ولكن كيف عساها تخبره بماضيها؟! هل سيتقبلها؟ هل سيسامحها على ما مضى؟! أم ستسقط من نظره للأبد وتخسره؟!
بالكاد تماسكت أمام امها التي كانت بانتظارها لتطمئن عليها، ثم دخلت إلى غرفتها ودفنت رأسها في وسادتها لتكتم صوت بكائها.
غادر حازم بسيارته غافلًا عن العيون التي كانت تراقبهما حيث كانت هناك سيارة تتبعهما عن بعد وفيها رجلين. أخرج الرجل الذي يجلس بجوار السائق هاتفه وأرسل صور رنا وعائلتها التي التقطها خلال عملها في المطعم نهارًا لأحدهم، ثم هاتف الرقم ذاته قائلًا: لقد وجدتها ... أرسلت لك صورها والمعلومات المتعلقة بها ... إنها تحت حماية الضابط المسؤول هنا في البلدة ولديها توصية من ذوي نفوذ ... أخبره بأن العبث معها يبدو خطيرًا ... لذا فكروا وأخبروني ماذا تريدون.
رد الآخر: القرار لن يتغير ... افعل أي شيء وأجبرها على الاعتراف بأنها هي التي أحضرت حقيبة المخدرات، وبأن تلك التسجيلات تخصها، وهي من تدير تلك الشبكة والسيد خالد لا يعلم شيئًا عنها ... هي كانت فقط زوجته في السر بعقد عرفي.
ابتسم الرجل بشر وهو يحدق في بيت رنا قائلًا: لك ما تريد وفي المقابل ...
قاطعه الآخر بسرعة: المبلغ الذي اتفقنا عليه وأكثر ... لا تقلق.
...............................................توقعاتكم للأحداث القادمة 🔥🔥
ماذا سيحدث مع ليان وماذا سيكون مصير رنا؟ 🔥🔥🤔
أنت تقرأ
عمرُ روحي
Romanceلا تسألني كم عمري ... اسألني كم عمر روحي. لماذا دائمًا ترتبط فرص زواج الفتاة عكسيًا بالعمر؟! ... كلما زاد عمرها قلت فرصها؟ ... ماذا لو لم يكن الأمر مقتصرًا على عمرها وحسب؟ كم ستنخفض نسبة هذه الفرص الضئيلة في مجتمعاتنا؟ ... هل الزواج هو طوق النجاة له...