في صباح اليوم التالي أدى زين صلاة الفجر وبقي جالسًا يقرأ القرآن ويدعو منتظرًا الساعة المناسبة ليخرج إلى العمل. بدل ملابسه وحاول التسلل من غرفته كي يخرج دون أن تراه أمه. ما أن دخل غرفة المعيشة متوجهًا نحو باب الشقة أوقفه صوت والدته التي قالت بحدة متسائلة: إلى أين يا زين؟
أغمض زين عينيه، ثم نظر لها وابتسم قائلًا: أمي ... صباح الخير ... لم أكن أعلم بأنكِ مستيقظة.
عقبت أمه بحدة: إلى أين يا زين؟ هل نسيت ما قلته لك أمس؟
ضم زين شفتيه محاولًا منع ابتسامته واقترب منها حتى جثا على ركبته أمامها قائلًا: وهل بقيت هنا منذ الفجر تنتظرين كحارس المرمى خشية أن أخرج؟!
ردت أمه بحنق: وقد كنت محقة ... كنتَ ستهرب كاللصوص كي لا ترى الفتاة.
تنهد زين بتعب ولا زالت تلك الابتسامة الباهتة على شفتيه، ثم وضع رأسه على ساقي أمه وقال: لن ينجح الأمر يا أمي ... لا تتعبي نفسكِ.
مسحت أمه على رأسه بحنان قائلة: زين ... يا قلب أمك النابض بين ضلوعها ... رؤيتك هكذا تؤلمني ... أتمنى أن أراك سعيدًا وتحظى بأطفال يشبهونك ... عندما وقعت في حب ندى كنت صغيرًا ولم تخترها على أسس صحيحة يا بني ... أما كارمن فقد اقترحها عليك والدك وأنت وافقت على الفور عند ذهابك لرؤيتها ... أنت لم تكن تعرفها ولم تتحدث معها لتعرف طبعها وطريقة تفكيرها ... هذه المرة سيكون الأمر مختلفًا ... أعدك بذلك ... خذ الوقت الذي تحتاج إليه لتتعرف إلى الفتاة ... إنها مهذبة وملتزمة ومن عائلة طيبة ... لا يهتمون لشيء سوى الأخلاق والدين.
رفع رأسه عن ساقيها ونظر لها قائلًا: حسنًا يا أمي ... سأفعل ما تريدينه ... لكن لدي طلب.
أخبرته بأن يكمل كلامه وهي تتحسس وجنته وشعره الذي تخلله بعض الشعيرات البيضاء التي زادته وسامة وجاذبية، فأردف قائلًا: أريد أن يكون زيد معنا وكذلك يزيد وزوجته. أريد من الجميع أن يتحدث معها كأنها زيارة عادية كي نتبادل الحديث بمواضيع مختلفة، ولاحقًا سآخذ رأي كل شخص منهم.
ابتسمت أمه قائلة: حسنًا ... الأمر سهل.
......................................................................
انطلق رنين المنبه الصباحي الذي تضبطه حور يوميًا كي تنهض وتعد الفطور والقهوة لمصطفى قبل الذهاب لعمله. تململت في نومها ومدت يدها لتطفئ المنبه على هاتفها بنعاس شديد فهي بالكاد غفت بعد أن صلت الفجر. همت بالنهوض، فتفاجأت بيد مصطفى تجذبها إليه قائلًا: لا تنهضي، لن أذهب للعمل اليوم.
استغربت حور الأمر واتكأت على ذراعها بجانبه ووضعت يدها الأخرى على صدره قائلة: هذا غريب ... أنت لم تفعلها من قبل ... بالكاد أكملت الأسبوع في البيت بعد زواجنا وهرعت إلى عملك ... حتى أنك تبقى مشغولًا به طوال الوقت حتى وأنت في البيت.
أنت تقرأ
عمرُ روحي
Romanceلا تسألني كم عمري ... اسألني كم عمر روحي. لماذا دائمًا ترتبط فرص زواج الفتاة عكسيًا بالعمر؟! ... كلما زاد عمرها قلت فرصها؟ ... ماذا لو لم يكن الأمر مقتصرًا على عمرها وحسب؟ كم ستنخفض نسبة هذه الفرص الضئيلة في مجتمعاتنا؟ ... هل الزواج هو طوق النجاة له...