٣٥

2K 27 0
                                    

الجزء ( 35 )

قفي! فالليل بعدك من عذابي-
يضج.. و كان يطرب من مراحي
و أنكر حين ما تمضين حلمي
و أهزأ بالمدجج من طماحي
و أعجب كيف يغريني طريقي
و موتي فيه أقرب من نجاحي
قفي! فالكون لولا الحب قبر
و إن لم يسمعوا صوت النواح
قفي! فالحسن لولا الحب قبح
و إن نظموا القصائد في الملاح
قفي! فالمجد لولا الحب وهم
و إن ساروا إليه على الرماح

*غازي القصيبي.

تضحكٌ و الدماءُ على شفتيها و بعينِها رمادُ أسوَد تبكِيه .. بشرتُها داكِنة بعيدة عن بياضها المُعتاد ، واقِفة بالعُتمة و رداءٌ أسود فضفاضُ عليها ، جامعة كفيَّها و تنظُر إليه بإنحناءٍ مكسور ، تشعُر بأنَّ بعضُها بدأ يتبخَّر و لن يرَى من أمامها سوَى العدَم.

أقترب منها ليضغط على صدرِها و كأنهُ يُريدُ قتلها ، هي أختُه كيف يقتلها ؟ كأن عظامُها تلينُ بقبضته , كأنها تسيلُ الآن و يصعبُ جمعها.

فاق من نومِه متعرقًا وَ أنفاسه تتسارع برهبة : اللهم أني أعوذ بك من همزات الشياطين ومن أن يحضرون

نظر للباب الذي يُفتح و نُور الشمس يتسلل مِنه , هو الآخر كالعادة قبل أن يتوجه للعمل يأتيه : عبدالعزيز ؟

عبدالعزيز أخذ منديلاً ومسح وجهه وهو ينزع بلُوزتِه المتبللة , خرج لـ بوسعود

بوسعود : ليه نايم لحد الحين ؟

عبدالعزيز : ما أنتبهت للمنبه

بوسعود وينظُر لعُريِّ صدرِه : أبعد عن المكيف لا يدخلك هوا

عبدالعزيز رجع بخطواته للخلف

بوسعود : لا تتأخر

عبدالعزيز : إن شاء الله

بُوسعود تركه ذاهِبًا للعمل.

هوَ بقي واقِفًا ، مدهُوش من كابُوسِه ، غادة تبكِي الدماء و هو يقتلها بيديْه ، بداية صباح الإثنين كئيبة جدًا ويبدُو أن الضيق بدأ يرتسم بين ملامِحه و سيطُول فعلاً مزاجه السيء هذا اليوم.

,

يركُضْ تحت شمسٍ حارِقة على أرضٍ غير مستويَة ، فِكره متوقف لا شيء يُفكِر به , لاشيء سوَى الوحدة التي يراها أمامه ، لم يجيء في بالِه كم من الوقتِ مضى و هو تحتِ هذه الشمس ، لم يُفكِر بشيء مازال يركُض دُون توقِفْ ، لِبسه العسكرِي تبلل من ياقتِه و وجهه تغسَّل بعرقِه ، ملامِحه في هذه اللحظاتْ تنفُر كل شخصٍ أمامه " هيبةً ".

وقف و صدرِه يهبُط ويرتفع ينظُر لمن حولِه , بعيدًا جدًا بخطواتٍ عديدة بعضُ من يتدربُون بالتسلُق , نظَر لهُم نظراتٍ و هذه النظرات تسللتْ لنظرةٍ أخرى نظرَة للماضيْ.

في ساحةٍ بيضاء تخلُو من كُل شيء عدا الحيطان القصيرة للرميْ.

سلطان العيد : ركِّز معاي

لمحت في شفتيها طيف مقبرتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن