البداية

4.9K 44 0
                                    

حينما حطت قدمه أرض مصر كان يتأمل كل شيء من حوله ، يتأمل الشوارع والسيارات ، يتأمل المارة ، والأبنية التي يمر بها ،لقد رأى هذا الميدان الذي مر بجواره ، هو يتذكر ذلك ، لكنه لايتذكر متى أو كم عدد المرات التي رآه بها ولا متى آخر مرة رآه بها ، عقله يتذكر أنه مر من هنا فقط هذا مايستطيع تذكره ،لا يتذكر مع من مر من هنا او كيف كانت حالته عندما مر أو لماذا كان يمر من هنا ، ولكن كل ذلك لايهم ان مايشغل باله الآن هو كيف سيصل للمكان الذي أخبره والده أنه يقطن به هنا بمصر ، هو لايستطيع التذكر كيف سيصل لهناك ، لقد عاش طوال حياته ف التنقل مابين ألمانيا مقر عمل والده وأيضا حيث يعيش والديه ومصر المقر الاخر لعملهم والذي هو مسئول عنه ، هو يتذكر مقر شركتهم الموجودة هنا ويتذكر الموظفين ويتذكر بعض من أصدقائه هنا ، يتذكر المقهى والمطعم المفضلان لديه ، يتذكر الاماكن التي يحب الذهاب اليها كل شيء يتذكره سوى المكان الذي أخبره والده أنه اشتراه في السنوات الخمس الأخيرة للعيش به مع زوجته ، لذا مافعله هو أن أخرج هاتفه وقام بمهاتفة أحد الأرقام التي كان قد أعطاها له والده ، وهو رقم أحد مساعديه بمصر كما أخبره والده أيضا ، وبعدما أخبره مساعده بالعنوان مفصلاً أخبر سائق التاكسي بالعنوان فانطلق به ، وبعد وقت ليس بالطويل وصل الى احدى الأماكن التي كانت شبه منعزلة ، بها فقط القليل من الڤلل ذات الطراز الحديث وهناك بعض المباني التي لم تكتمل بعد ، عندما هبط من التاكسي نظر من حوله مستغرباً لما اختار هذا المكان المنعزل للعيش به ؟! هو لا يستطيع التذكر ، هل يحب الهدوء لهذه الدرجة ؟! هو حقا لا يعلم هل تغيرت طباعه في السنوات الست الأخيره أيضا لا يعلم ، ماذا عن زوجته التي أخبره والده أنها تعيش بهذا المكان هل هي من اختارت العيش هنا ؟! وعند هذا الخاطر شعر بالاضطراب هو لا يستطيع تذكرها أيضا كيف تزوجا ؟! هل كانا واقعان بالحب قبل أن يقررا الزواج؟! من منهم اعترف أولا للآخر ؟! والده لم يخبره بأي شيء عنها سوى أنها تدعى تاليا وتبلغ من العمر خمس وعشرون عاما وأنهما قد تزوجا منذ خمس سنوات ، لم يخبره بشيء اخر متعللا بأنه يجب أن يتذكر كل شيء وحده حتى يشفى سريعاً ، هو كما يعلم زوجته لا تعلم شيئا عن مرضه ، لم يخبرها أحد بالحادث الذي صار معه بألمانيا أثناء رحلته الاخيرة هناك والذي على أصره كان بغيبوبة استمرت ثلاثة أشهر استيقظ بعدها لايتذكر شيئا ولكن بمرور الأيام أستطاع تذكر والديه وعمله وبعض ذكريات طفولته كما أنه استطاع تذكر كل شيء حدث قبل ٦ أعوام ، ولكن ماحدث في الأعوام الست الأخيرة هو لايستطيع تذكر شيئاً بها ، حتى زواجه وزوجته ومنزله الذي اشتراه منذ تزوج ، لقد أخبره والده بأمر زوجته منذ أسابيع قليلة ، فقد أخبرهم الطبيب أن يعطوه المعلومات التي نسيها واحدة تلو الأخرى حتى يستطيع عقله التعافي ، هو حتى لايستطيع تذكر تفاصيل الحادث أو ماحدث يومها ، لكن الغريب بالأمر أن والده تأخر كثيراً بإخباره بأمر زوجته لقد مرت أربعة أشهر منذ استفاق من غيبوبته ، والأغرب أن زوجته هذه لم تهاتفه ولو لمرة واحدة طوال هذه المدة بالرغم من عدم علمها بالحادث ، هل لأن هاتفه قد تحطم بالحادث لم تستطع الوصول اليه ، ولكن هل لاتملك رقم والده أو والدته أو أحد أصدقائه ماهذه العلاقة الغريبة التي تجمعهما هناك أمر غريب لا يفهمه ، حسنا هو سيفهم كل شيء الآن عندما يراها ومن الممكن أن يستطيع تذكرها وتذكر كل شيء عندما يراها كما تذكر والديه من قبل ، لقد كان قد قرر ألا يخبرها شيئا لن يخبرها أنه لايتذكرها حتى تتعامل معه كما تفعل بالعادة ، وحتى لاتزيف الأحداث أو تخبره بمعلومات خاطئة فلا يستطيع التذكر سريعا ، عند هذه الخاطرة كان قد مر أمام ڤيلا صغيرة يحرسها اثنان ضخام البنية عندما رأوه اقترب منه أحدهم يحييه برسمية واحترام قائلا له :
أهلا وسهلا بحضرتك يامراد بيه ، حضرتك ليه ماقولتلناش زي كل مره عشان نستقبلك ف المطار ؟!

لقد بلغت مراديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن