لقد غادرها تاركاً إياها خائفة مترقبة ، انه يشعر بخليط من المشاعر ، لايدري بما يشعر تحديداً ، هل يحزن على الحالة التي أوصلت نفسها إليها ، أم يحزن على مافعلته به ، أم يحزن على صديق بالأمس كان كل مايملكه ، لقد انقلب عالمه رأساً على عقب ، كل ماكان يعلمه لم يكن صحيحاً ، كل الأشياء كانت مغلوطة ، زوجته التي اعتبرها عدوه الأكبر لأنها منعته من الزواج من محبوبته رغم أنها كانت مضطرة مثله ، أصبحت الآن حياته والهواء الذي يتنفسه ، أصبح يعشقها بكل كيانه ، لا يتخيل حياته الآن بدونها ، ولا يدري متى وكيف وقع بحبها ، ومحبوبته التي حارب العالم من أجلها بل وكان على أتم الاستعداد أن يقتل نفسه من أجلها كانت خائنة ، تنتظر الفرصة المناسبة للانقضاض عليه وسلب أمواله حتى لو اضطرت لسلب أنفاسه في سبيل الحصول على المال لن تتوانى عن ذلك ، وصديقه الوفي الذي لطالما دافع عنه وكان جواره لم يكن سوى عدوا متخفي بمظهر صديق ، هل كان السبب به هو ، هل كان على درجة فائقة من الغباء جعلت من حوله يخدعونه هكذا ، أم هم من كانوا سبباً بكل شيء ، هم من يجري الخداع بدمائهم مجرى الدم ، هم من أرادوا سلب حياته وأمواله ، ولكن رغم كل ماحدث هناك شيء واحد فقط يشكرهم عليه وهو أن تاليا بحياته ، انه يشكر أباه بشدة على اصراره على تزويجه منها ، يشكر القدر الذي وضعها بطريقه لتنير عتمته ، لولا وجودها الآن معه لا يدري ماذا كان سيحدث له ، بالتأكيد كان سيفقد عقله .
وجد نفسه أمام منزلها دون أن يدري كيف وصل إلى هنا ، ولكنه كعادته بالآونة الأخيرة كلما شعر بالاختناق وجد نفسه أمام منزلها ، انها الوحيدة التي تستطيع اخراجه من هذا البئر السحيق الذي وقع به ، هي منقذته ونجاته وملجأه .
أخرج هاتفه وقام بالاتصال بها ، لقد كانت الساعة قد تعدت الثالثة صباحاً ، فمنذ أن خرج من عند بسنت وهو يهيم على وجهه لايدري أي وجهة يقصدها حتى وجد نفسه هنا أمامها ، لم يرد أن يزعجها ولكنه لا يريد أن يبقى وحده ، لايريد أن يشعر بتلك المشاعر التي تنهش عظامه وتأكل قلبه ، يريد أن يهدأ ويطمئن وذلك لن يحدث الا عندما يراها ، لذا عندما أجابته بصوت نعس يبدو عليه آثار النوم قال لها بإرهاق : أنا قدام الباب ياتاليا ، ممكن تفتحيلي .
لم تمر سوى ثوان معدودة ووجد الباب يُفتح وهي تقف بقلق وخوف واضح على ملامحها التي بات يعشقها ، يعلم انه أصبح مصدر ازعاج لها ولكنه ليس له غيرها ولايريد من العالم أحدا سواها .
أما هي بمجرد رؤيته علمت ان هناك أمر ما قد حدث ، ملامحه الحزينة هذه لاتبشر بالخير ، وقبل أن تسأله أو تتحدث وجدته يرتمي بأحضانها واضعاً رأسه على كتفها ، صدمت بالبداية ولكنها سرعان ماتمالكت نفسها وضمته إليها وهي تربت على ظهره ، شعرت باهتزاز جسده ودموعه التي تسيل على كتفها العاري ، لم تتحدث فقط تركته حتى يخرج كل مابقلبه ، ولو اضطرت أن تقف عمرها كله هكذا حتى يهدأ هي على استعدا ان تفعلها ، أخذت تربت على ظهره ، أما هو فظل هكذا لوقت لايعلم عدته ،وبعدما هدأ قليلاً وضع رأسه بعنقها ورغما عنه وجد نفسه يشم رائحتها التي جعلته ينسى ماكان يبكيه ، لقد نسي لماذا حضر الى هنا من الأساس ، شعرت هي بأنفاسه الدافئه على عنقها فعلمت انه قد هدأ قليلاً ، ولكنها شعرت بالتوتر يعتريها لذا ابتعدت عنه قليلاً وسألته وهي تنظر بعينيه: مالك ، تحب تتكلم دلوقتي ولا مش عايز ؟!
أنت تقرأ
لقد بلغت مرادي
Romansaتاليا ومراد زوجان لكن بقوانين وضعت لحياتهما ولكن مع فقدان مراد لذاكرته هل تتغير هذه القوانين أم يذهب كل منهما بطريقه