الفصل الثالث والعشرون

1.4K 25 0
                                    

توالت الأيام تباعاً وكلا منهما بحياته وعمله ، الفارق الوحيد بينهما أن تاليا كانت سعيدة فرحة تحاول تناسي الماضي وكل مايزعجها ، أما مراد فكان مضطراً للتعامل مع أناس لا يشعر معهم بالراحة ، ولا يتقبل أفعالهم ولا طمعهم الواضح بأمواله ، كيف لم يرى هذا من قبل؟! هل كان الحب يعميه لتلك الدرجة ، ان بسنت كلما رأته طلبت منه المال أو طلبت منه تغيير سيارتها او منزلها أو شراء شيئاً ما لها ، ولكن لم يكن ذلك ما يهمه ، فكل ماكان يزعجه هو تصرفاتها الجريئة وأيضاً معاقرتها للخمر كلما خرجا الى مكان واضطراره لحملها الى منزلها ، لقد ضاق ذرعاً مما تفعله وحاول التهرب منها مراراً ولكنها بكل مرة يتهرب منها تذهب الى منزله ويضطر أن يستضيفها به ويتحمل ماتفعله بضيق ، انه لا يشعر تجاهها بحب أو أي نوع من أنواع العاطفة ، كيف تكون هذه محبوبته بحق الجحيم .

بيوم ما كان مراد وبسنت بمطعم ما يتناولان الطعام بعد انتهائه من العمل ، أثناء تناولهما الطعام رأى صديقا قديما له ، انه صديق الطفولة ، لقد قضيا مع بعضهما البعض جميع المراحل التعليمية ، انه يتذكره ، نعم يتذكره ويتذكر كل مافعلاه معا ، لقد كانا يجلسان بنفس المقعد بالمدرسة ، انه صديقه المقرب ياسين ، لذا عندما رآه ترك الطاولة وذهب إليه مسرعاً يناديه وقام باحتضانه قائلاً: ياسين ، انت هنا بتعمل ايه ، أنا ماشوفتكش من زمان اوي ، انت مش متخيل انت واحشني أد ايه .

نظر إليه ياسين باستغراب ثم قال : أنا كنت بتعشى هنا مع خطيبتي ، انت اللي هنا مع مين ؟!

أشار مراد إلى بسنت ثم قال: أنا هنا مع بسنت .

قال ياسين بامتعاض : انت بردو لسه معاها ، مابتحرمش ، بردو مصدقها هي ، على العموم انت حر ، اعمل اللي انت عايزه .

كاد أن يتحرك ياسين غاضباً من أمامه ولكن مراد أوقفه مستفهما: قصدك ايه؟! انت تعرفها ؟!

ياسين بغضب : انت بتكلمني ليه ، جاي تتريق عليا مثلاً ولا ايه بالظبط ، ايه اللي أعرفها ؟! انت مش عارف اني عارفها وحافظها كمان .

مراد بعدم فهم: طيب ليه بتقول عليها كده ، انت تعرف عنها حاجه وحشه .

ضحك ياسين بقوة جعلت الجميع ينظر إليه ثم قال بتهكم : ضحكتني بجد يامراد ، مش عارف والله أقولك ايه ، أنا لما قولتلك حقيقتها قبل كده صدقتها هي وماصدقتنيش ، قليت مني قدامها ، عشان مصدقها ، قاطعت صاحب عمرك بقالك أكتر من ٣ سنين عشان واحدة ماتستاهلش ، بس عموماً انتوا شبه بعض ولايقين على بعض جدا ، أتمنى تكون تاليا أنقذت نفسها من عالمكم القذر ده ، لانك ماتستاهلش واحدة زيها ، انت ماتستاهلش غير بسنت .

استمع له مراد بصدمة واستغراب كان يزداد كلما تحدث أكثر ، هل هذا ياسين صديق عمره ، مالذي جرى بينهما ، لقد كانت علاقتهما رائعة للغاية ، انهما لم يتخاصما يوماً منذ كانا أطفال صغار ، ماذا حدث بينهما ليعامله بتلك الطريقة القاسية ، أما ياسين فتركه وذهب إلى طاولته وأخذ خطيبته وخرج من المكان كاملاً أمام نظرات مراد المستغربة ، عندما ظل واقفاً بمكانه اتجهت إليه بسنت قائلة: انت ايه اللي بيخليك تكلم الانسان ده ؟! انت نسيت قال ايه عني ؟!

لقد بلغت مراديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن