كانت تاليا تجلس بالمكتبة شاردة كعادتها بالأيام الأخيرة ولكنها لم تنتبه لتلك الأعين التي تراقبها وتتأملها بركن قصي بعيد ، انه يجلس منذ مايقارب الساعه يتأمل شرودها ، ملامحها التي لم تقل جمالاً ، بل زاد جمالها حتى طغى على كيانه وعقله وقلبه ، لا يدري هل كانت طوال الوقت بهذا الكم الرائع من الجمال أم أنه لم ينتبه إليها من قبل ، رغم حزنها الواضح بعينيها ،رغم الابتسامة التي فارقت وجهها ، ورغم ذبولها وانطفائها تبدو رائعة كلوحة فنية رسمت بدقة ، انها ليست تلك الفتاة التي رآها بالمرة السابقة ، ليست تلك المرحة التي تشع حماساً وسعادة ، لقد كانت شعلة متقدة من السعادة والحماس عندما أتى إلى المكتبة بالمرة السابقة ، ولكنها اليوم تائهة بأفكارها ، لا تنتبه حتى لمن يقف أمامها منذ دقائق يحادثها ، يناديها بإسمها ، ولكنها لا تجيب ، عندئذ وضع الواقف أمامها يده أمام وجهها ففاقت من شرودها وقالت: آسفة جدا حضرتك عايز كتاب معين .
طلب منها الشاب الواقف أمامها مايريده وقد احضرته إليه ثم عادت لشرودها مرة أخرى ،انها تنظر لشيء بهاتفها ثم تستغرق بالتفكير ، يبدو أنها تنظر لتلك الصور التي أرسلت إليها كما أرسلت إليه ، انه يريد أن يحادثها ولكنه سينتظر حتى تنتهي ساعات عملها ، لأنه يريد أن ينسخ ملامحها تلك بذاكرته ، انه يعلم جيداً أنها لن تسامحه بسهولة عما قاله ، هذا ان سامحته ، انتظر لكثير من الوقت حتى أنهت بالفعل ساعات عملها وخرجت من المكتبة بعدما ودعت العاملين معها بتعب ، خرج هو من خلفها ثم ناداها لم تنتبه له ببداية الأمر ولكنها مالبثت أن شعرت بأحد يناديها ويمشي خلفها لذا التفتت لترى هويته ، ولكنها ما ان رأته وجهت وجهها للأمام مرة أخرى دون ان تعره أي اهتمام ، مشى مراد بجوارها وهو يقول: لو سمحتي يا تاليا استني ، أنا عايز أتكلم معاكي .
أجابته بعصبية: عايز تقول ايه تاني ، لسه ف حاجه ماقولتهاش وجاي تسمعهالي .
حاول أن يوقفها فتوقفت عن المشي فأردف قائلاً: لو سمحتي اسمعيني.
قالت وهي تنظر لعينيه بغضب لم يراه منها من قبل : وانت كنت سمعتني؟؟ انت أصدرت حكمك وقولت اللي خيالك هيأهولك من غير حتى ماتسمعني ولا تعرف كنت فين ، جاي دلوقتي تقولي اسمعيني .
مراد برجاء: خلينا بس نقعد ف مكان وأنا هفهمك كل حاجه ، صدقيني أنا كان غصب عني .
ضحكت تاليا بسخرية ثم قالت: كان غصب عني ، ماكنتش أقصد ، مش كده مش ده اللي انت عايز تقوله زي كل مره ، كل مرة بتعمل المصيبة وبعدين ترجع تقولي انا ماكنتش أقصد كان غصب عني ، انا كنت مضطر ، وأنا زهقت من تبريراتك اللي مابتخلصش ، وزهقت منك وزهقت من الدنيا كلها ، انت عايز مني ايه تاني ، مش أنا واحده ماستاهلش ، مش انا واحده بروح أستمتع مع واحد ومابعملش حساب لحد قلقان عليا ، ايه اللي اتغير مش فاهمه ، جاي ليه دلوقتي ؟!
أنت تقرأ
لقد بلغت مرادي
Romanceتاليا ومراد زوجان لكن بقوانين وضعت لحياتهما ولكن مع فقدان مراد لذاكرته هل تتغير هذه القوانين أم يذهب كل منهما بطريقه