بسم الله يلا نبدأ:
' الباب الأول '
اصطبغت عيناه باللون الأحمر القاتم وقرر مهاجمة الفارسين المُلثمين ولكنه قبل أن يخطو نحوهما أول خطوة كانت ' سرابي ' قد شابكت أصابع يديها وقرأت طُلسمًا كان من شأنه أن يُخرج حبالًا سوداء من الأرض تقيد أطرافه وتمنعه من الحركة.
كانت الحبال مُسننة بالأشواك؛ الأمر الذي جعل جسد ' عاصف ' يَنزف دمًا، وبالرغم من ذلك لم يكن هذا الأمر هو ما جعله يشعر بالألم.
كان ما جعله يشعر بالألم هو:
أن ذلك الوجع قد أتاه من الوحيد الذي كان مستعدًّا لأن يقيم لأجله حربًا ضد العالم لو أن أحدًا من العالم تسبب بشيء من الأذى.
التفتت ' سرابي ' نحوه، كان يبدو مثيرًا للشفقة كأسد فقد أنيابه ورغم ذلك إلا أنها لم تتعاطف معه وكأن ذلك الأسد لا يعنيها وكأنه لم يكن يومًا بطل حكايتها وحامي عرينها كان يُشبه والدته في طفولته، ولكنه بات الآن يبدو أكبر من عمره الحقيقي؛ ذلك أن الحزن قد نحت له أعشاشًا في وجهه خلال السنوات الماضية، فباتت ملامحه الحادة قِبلة تهاجر إليها كل طيور العالم الحزينة.
اعتلت ' سرابي ' فوق متن حصانها، وقالت له آخر ما كان يتمنى سماعه تلك اللحظة:
' انسَاني إلى الأبد يا ' عاصف. ' '
ثم رحلت.
لم يمض وقت طويل حتى زال مفعول الطُّلسم سقطت الحبال السوداء عن أطرافه ولكنه لم يتحرك؛ فقد كان هنالك شيء آخر أكثر ثِقلًا يمنع جسده عن الحركة؛ إنها الأسئلة التي تكونت داخل عقله:
' ترى ما الذي حدث ' لسرابي ' في ذلك الغياب الطويل وجعل منها فتاة أخرى؟!...
تراها ما الذي كانت تعنيه حين قالت بأنها عائدة إلى المكان الذي باتت تنتمي إليه؟!....
ما هو سر قوتها الهائلة؟!....
ما هو سر الوشوم التي ظهرت فوق حاجبها الأيسر؟!....
من هُما الفارسان المُلثمان اللذان كانا معها؟!....
والأهم من كل هذا هو:
ما الذي يجب عليه أن يفعله لكي يستعيدها؟! '
وربما بسبب انشغاله بتلك الأسئلة لم ينتبه للخطر الذي كان متجهًا نحوه؛ فقد أصابته ضربة سُددت له ببراعة وقوة في الجزء الخلفي من رأسه جعلته يسقط مكانه ساكنًا.
قال صاحب الضربة وهو ينحني لتفقده:
لقد غُشي عليه....
وأضاف وهو ينظر نحو الخلف:
أتعتقد أن الأمر سوف ينجح يا ' ذِمار '؟!
قال ' ذِمار ':
في الظروف العادية كنت سأقول لا؛ ' فعاصف ' كما تعلم يملك رأس حمار عنيد....
ولكن بعد الحقيقة التي سوف تُطلعه عليها أراهنك أنه سوف يقبل يا جلالة الملك.
وأضاف بنبرة تطمح لشيء عظيم:
لو ساركل شيء حسب الخطة؛ أضمن لك أننا نستطيع كسر ' ميثاق السَفك ' يا سيدي.
كان ذلك الأمر ' كسر ميثاق السّفك ' هو أحد الأحلام الكبيرة لملوك الأرض القديمة؛ و ' عاصف ' الآن هو الوحيد الذي يستطيع أن يضمن ' لطاغين ' تحقيق ذلك الحلم.
نظر ' طاغين ' أرضًا نحو الجسد الممدد وقال متسائلًا:
والآن ماذا نفعل به؟
نحمله إلى زنزانة القصر يا سيدي، وهناك نعرض عليه الأمر.
حملاه من هناك واتجها به نحو القصر، ولا أحد منهما قد انتبه إلى أن هنالك شخصًا ما....
كان من البعيد يراقب كل شيء بعينيه السوداء والأشبه بحجر مقدس.
الحمد لله كده خلصنا.
أنت تقرأ
السّجيل
Romance' في هذا الجزء من ملحمة الطين والنار تتصاعد الأحداث بشكل غير متوقع.... بسبب محاولة ' عاصف' الوصول إلى هدفه المستحيل أن يفعل آخر شيء كان يعتقد أنه سيفعله يومًا.... ' ------------------ رواية ' السّجيل ' الجزء الرابع...
