' عاصف ' و ' سرابي ' '

7.6K 229 14
                                        

بسم الله يلا نبدأ:

' الباب الأول '

الساحة المواربة لقرية ' الجسَّاسة ':

أظلمت السماء فجاة، لم يكن غروب الشمس هو السبب، بل كان السبب هو سِرب الغربان الذي حجب السماء بعد أن جاء من البعيد مقتفيًا رائحة جثث الشياطين.

وقف ' عاصف ' وسط الجثث يتأمل، بدهشة وعدم تصديق تلك الفتاة الواقفة أمامه ' زوجته سرابي ' والتي عادت فجأة بعد غياب استمر لمدة طويلة.

_______________

* في نهاية رواية ' الجسَّاسة ':

' وعند هذا الحدث الذي يلتقي فيه ' عاصف ' ' بسرابي '، يستعيد 'عاصف ' بصره بعد أن يستنشق رائحة زوجته ويدرك بأنها ما تزال حية. ' يومًا. '

_______________

لكنه لم يكن من النوع الذي يُجيد التعبير عما بداخله، لذلك عندما فتح فمه وجد نفسه يقول:


كيف أنتِ؟!

كان الغريب في الأمر هو أن ' سرابي ' لم تُجبه، كل ما فعلته تلك اللحظة هو أن استدارت وابتعدت عنه.

قال يستوقفها وقد تعجب من ردة فعلها:

' سرابي '؟!

واصلت ابتعادها بصمت، كانت تسير نحو حِصانها الواقف إلى جوار فارسين ملثمين يعتلي كل واحد منهما صهوة جواده....

فعاد يُناديها وعيناه مثخنتان بالجراح كما هو حال جسده:

' سرابي ' أين تذهبين؟!!

لم تجبه للمرة الثالثة، فصاح عليها بصوت لفرط قوته اهتزت معه جثث الشياطين:

' سرااااااااابي!!! '

توقفت مكانها أخيرًا، قالت دون أن تلتفت:

سوف أذهب للمكان الذي أصبحت أنتمي إليه.

اختفى من مكانه وظهر أمامها، أمسكها من ذراعها وهزها بقوة وكأنه بات مجنونًا غادر دائرة العقلاء:

المكان الذي أصبحت تنتمين إليه؟!!

نظرت ' سرابي ' إلى عينيه البُندقيِّتين اللتين ورثهما عن والدته، كانت عيناه غارقتين في الشتات وفيهما طوفان من الحب يجرفه بقوة إليها.

وفي المقابل نظر هو إلى عينيها طويلًا، ولكنه لم يقرأ في تينك العينين شيئًا....

ومكث ينظر إليهما مثل غريب ينظر من البعيد نحو مدينة مجهولة لا يسكنها....

ولا يحمل لها في قلبه ذاكرة أو تاريخ.

قال:

هذه ليست العيون التي أعرفها يا ' سرابي '.

لقد أصبحتُ فتاة أخرى.

ماذا حدث؟!

لا أستطيع أن أخبرك.

لماذا لا تستطيعين؟!

لأن....

قاطعها أحد الفارسين من وراء لثمته تلك اللحظة:

قسيدة ' قسرابيا '....

التفتت ' سرابي ' نحو الفارس الذي لم يكن يظهر من وجهه شيء غير عينيه الحادتين مثل السُّم.

قال الفارس:

قلقد فأنهينا قما قجأنا قلأجله، قويجب قان قنرحلا.

هزت ' سرابي ' رأسها بعلامة ' نعم ' ثم استدارت وسارت نحو حصانها المجنح.

وعند تلك اللحظة خطرت ' لعاصف ' فكرة متهورة.

الحمد لله كده خلصنا.

السّجيلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن