بسم الله يلا نبدأ:
' الباب الثاني '
في الماضي:
كان لدى ' غَياث ' ابنة صغيرة تدعى ' ريلان ' ولكنه فقدها، حدث ذلك عندما ذهبت ' ريلان ' وحدها ذات يوم إلى البحر وظلّت تتقافز فوق الصخور حتى وطئت بقدمها عن طريق الخطأ على صخرة ملساء تكتسي بطبقة خفيفة من الطحالب اللزجة فانزلقت من فورها إلى المياه.
ولكنها تشبثت في اللحظة الأخيرة بطرف الصخرة، وأخذت تحاول النجاة بنفسها من الغرق، أسنانه لم يشهد ذلك المنظر غير جرو أسود صغير قبض بأسنانه على ملابسها وحاول بكلَّ قوِّتِه أن يُنقذها من الغرق ولكن ثيابها تمزَّقت بين وسقطت الفتاة إلى قعر البحر، تراجع الجرو الأسود إلى الخلف بسبب قوة الدفع؛ ليرتطم وجهه في إحدى الصخور الُمسنَّنة ويحصل بذلك على ندبة طوَّلية مُتعرّجة على امتداد عينه اليسرى تُشبه الخط المُتعرّج الذي يصاحب في السماء صوت الرعد.
بعد موتها موت ' ريلان ' ظلَّ والدها يذهب كل صباح إلى البحر ليعاتبه على تلك الحادثة كما لو أنه يعتقد أن البحر سوف يُصغي إليه يومًا ويعيد إليه ابنته الغارقة.
' وفي الحقيقة؟!
لقد فعلها البحر حقًا! '
حدث ذلك عندما التقى ' غيّاث ' ذات صباح بطفلة رضيعة مُلقاة داخل قارب يرسو على الشاطئ، فأخذ الطفلة من القارب وأطلق عليها اسم ' نورس ' وقد قرَّرَ أن يعتني بها كما لو أن البحر فعلًا أعاد إليه ابنته الغارقة.
قال بعد أن انتهى من سرد السر:
أرجوك يا ' عِزرا '؛ أنتِ الأمل الوحيد الآن.
كانت ' عِزرا ' واحدة من أصل سبعة أسياد يُسمح لهم بدخول البرزخ، حيث المكان الذي تهاجر إليه الأرواح المفارقة بعد انفصالها عن الجسد لتمكث فيه بعض الوقت قبل رحيلها نحو مستقرها الأخير الذي لا أحد غير الرب يعرف عنه شيئًا:
اعيديها أرجوكِ.
أرسلت ' عِزرا ' نظرها من خلال النَّافذة لتشاهد ضوء الشَّمس وتمدُّد الظّلال:
لقد مرّ وقتّ طويلّ على دخولها يا ' غَياث '.
ماذا يعني؟!
بعد موت الأجساد تهاجر الأرواح إلى البرزخ....
يستطيع الأسياد السبعة العثور على الأرواح الجديدة هناك ولكن بشرط ألّا يكون قد مضى على دخولها وقّت طويل.
ألا تستطيعين أخذي بدلًا عنها؟!
الموت لا يقبل المُقايضات؛ إنه يختار ضحاياه بنفسه.
ما الحل؟!
الزمن سيجعلك تنساها.
لا طاقة للزمن على محو هذه الذكرى.
صمتت سيدة البرزخ وحدَّقت إليه بذهول وكأنَّ تلك الجملة التي قالها:
' لا طاقة للزمن على محو هذه الذكرى! '
قد مسَّت شيئًا دفينًا فيها.
عاد يُلحُّ عليها:
ألا توجد طريقة أخرى؟!
توجد ولكنها غير مضمونة.
حاولي.
قالت تُحذَّره وهي ترفع رقعة الجلد في وجهه:
حسنًا، ولكن إذا لم استطع اعادة ابنتك إليك؛ فإن هذا الاتفاق لن يسقط.
لا بأس، الأمر يستحقُّ المجازفة.
طوت رقعة الجلد ثمَّ قرأت بينها وبين نفسها كلمات تُدعى بالتعويذة السامانية، ففتحت لها في الفراغ بوابة حديدية تُفضي إلى ما يُشبه بحرًا أسود غامض، قالت قبل أن تَلِجَ ذلك المكان:
إذا غابت الشمس ولم تعد ابنتك؛ فاعلم أنها لن تعود أبدًا.
الحمد لله كده خلصنا.
أنت تقرأ
السّجيل
Romance' في هذا الجزء من ملحمة الطين والنار تتصاعد الأحداث بشكل غير متوقع.... بسبب محاولة ' عاصف' الوصول إلى هدفه المستحيل أن يفعل آخر شيء كان يعتقد أنه سيفعله يومًا.... ' ------------------ رواية ' السّجيل ' الجزء الرابع...
