بسم الله يلا نبدأ:
' الباب الثاني '
انحنى ' غَياث ' ووضع جبينه على يدِ ابنته الباردة ومكث ينتظر بكثير من التوجُّس والقلق.
لقد خاض ذلك الفارس الكثير من الصّعاب طوال عمره، كاد أن يفقد حياته في نِزالات عديدة....
تشهد له ساحات المعارك بالشجاعة والدَّهاء، لقد جرَّبَ كل شيء إلّا الخوف؛ ذلك أنه ما جرب الحب ليخاف.
لكنه اليوم وهو ينظر نحو ابنته أحَبُّ الأشياء إلى قلبه أحس لأَوَّلِ مرَّة بطعم الخوف.
طال وقت الانتظار كثيرًا، حتى أوشكت شمس النهار على الغروب، وبينما هو ما يزال يضع جبينه على اليد الباردة إذ أحسَّ فيها بحركة خفيفة.
رفع رأسه ونظر إلى وجه ابنته فرآه وقد بدأ يستعيد لونه الطبيعي، وضع أذنه على صدرها فسمع أجمل معزوفة يسمعها في حياته كلها:
' لقد عاد قلبها ينبض! '
سقطت دموع فرحه، فتحت الابنة عينَيْها؛ وما أن فعلت ذلك حتى نهض من أمامها وغادر؛ فالدموع هي السرُّ الذي يحرص الآباء طيلة حياتهم على إخفائه عن أبنائهم.
هبط ' غَياث ' إلى الطابق الأول ليجد ' عِزرا ' في انتظاره، مسح دموعه التي بلَّلَت لحيته الرمادية الطويلة وقال يُعبّر عن شديد امتنانه:
شكرًا يا ' عِزرا '.
سألته:
أكنت تعلم مُسبقًا بشأن قوَّتِها؟!
كنتُ قد لاحظتُ عليها بعض العلامات التي عرفتُ من خلالها بأن لديها قوَّة خاصَّة؛ ولكنني لم أتوقع أن تظهر قوتها بتلك الطريقة المفاجئة عند الشاطئ.
وما الذي تنوي أن تفعله؟
إنها مُتهوّرة؛ ولا شَّك بأن قوَّة مثل هذه سوف تُقحمها في مغامرات خطيرة.
تُفكر في شراب النَّسيان إذًا؟!
أريدها أن تنسى ما حدث؛ فلا تكتشف بأنها مُختلفة.
إذا كنتَ تحبها؛ فأنصحك بألَّا تفعل ذلك.
لماذا؟!
لأنَّني رأيتُ شيئًا في البرزخ.
ماذا رأيتِ؟
لقد رأت ' عِزرا ' بينما كانت تغوص في عالم البرزخ شيئًّا مهمًّا يخصُّ إحدى عائلات الجن العريقة:
' إنه يخص ' جومانا ' ابنة ' جبّار ' كبير عائلة ' الأباطرة ' الملكية.'
' عِزرا ' لا تستطيع البوح له بما رأته في البرزح ولكنها متأكدة بأن ذلك السّر الخطير سوف يُغيّر تاريخ الأرض إلى الأبد.
قالت:
إذا كنت تحب ابنتك فعلا فأنصحك بأن تُسارع في تدريبها منذ اليوم لكي تكون مُستعدّةً للدفاع عن نفسها عندما يبدأ طوفان الدَّماء بالجريان ويُغرق الأرض جميعها.
الحمد لله كده خلصنا.
أنت تقرأ
السّجيل
Storie d'amore' في هذا الجزء من ملحمة الطين والنار تتصاعد الأحداث بشكل غير متوقع.... بسبب محاولة ' عاصف' الوصول إلى هدفه المستحيل أن يفعل آخر شيء كان يعتقد أنه سيفعله يومًا.... ' ------------------ رواية ' أبَابيل ' الجزء الرابع...