[اين انا]
استيقظ في فجر اليوم التالي، و على غير عاده كان يشعر بالالم، نظر حوله فلم يا سوى الظلام ، كانت غرفه معتمه لا يدخلها نور الشمس سوى من فجوه صغيره في سقفها ،و عندما حاول تلمس طريق في ولك الظلمه سمع اصواتا غريبه.
كانت ولك الاصوات اقترب شيئا فشيئا، فاخذ يرتجف من شده الخوف و يحاول تحسس مكان يمكنه الاختباء فيه ،لكن بحثه كان هباء، فلجأ الى الزاويه اللكثر ظلمه في الغرفه يحتمي بظلها، لعل القادم لا يراه ، كان الخوف يسري في انحاء جسده عندما اخس بنسمه خفيفه و ضوء ساطع ينبعث من الباب الذي فتح على عجل ، فاغمض عينيه تجنبا لرؤيه الضوء مباشره ، و عندما فتحهما وجد امامه رجلا طويل القامه ، مقدود الجسم، اسمو البشره غير مشذب اللحيه او الشعر ، مرعب الملامح، و لكن ما اثار انتباه الولد كان العينان، عنهما العينان الخضراوان نفسهما،فبدا يحس بالدم يتخثر في عروقه و بالقشعريره تجتاح بدنه، و اخذت اليد البارده تشده بقسوه خارج الغرفه ، حيث وجد نفسه محاطا بمجموعه من الرجال المرييبين الذين يفوق عددهم العشره اشخاص، كان فزعا ، و قلبه ينبض بسرعه كبيره، شفتاه ترتجفان و اسنانه تصطق ببعضها البعض، انا لسانه فكءنه قد عقد ، يحاول الكلام و لكنه لا ينبث ببنت شفه .
و اذ باحد الرجال يصرخ :" اهذا ما احضرته لنا !"
و صرخ آخر :" انه ضعيف البنيه "
و اخر يقهقه و يتذمر ، و خامس بدأ بالشتم ، انا الباقون فيقرعون الكؤوس و ينفثون الدخان هنا و هناك.
و بينما الفوضى تعم المكان صرخ الرجل ممسكا الفتى :"اخرسوا ايها الحثاله ، اتخالفون كلامي و تعترضون علي !"
ثم توجه الى الصغير فائلا :" اسمع يا هذا بالامس انقذنا حياتك ممن ارادوا قتلك ، و اليوم سوف تكون لنا مطيعا الى ان نسلمك لمن يعتني بك. "
كانت مشاعر الفتى مضطربه ""ماذا ساقول ،بل ما الذي يمكن ان يقال، اين اهلي ?ماذا حدث ، من هؤلاء? اين انا? و هذا الرجل عيناه ،انها نفسها في كابوس الامس… لماذا ينظرون الي هكذا ?من هم و ماذا يريدون مني يا ترى.??""
كل تلك الافكار و الاسئله كانت تراوده ، لم يتحمل كل تلك النظرات ، كان مصدوما ، تائها في ازقه روحه، تدور في راسه الف فكره لا جواب واضح لها. و كانه عالق في غيوم من الضباب الذي لا ينقشع .
و قطع حبال افكاره ذلك الصوت مجددا :"انهض هيا! مني اليوم عليك ان تكون قويا ، عليك ان تكون مفيدا ، و للاهم عليك ان تكون مطيعا ، انس الماضي، و انسى والديك اللذان ماتا، و انس كل ما يتعلق بحاتك السابقه ."
نظر اليه الفتى نظره استغراب و كانت لم يكن موجودا بالامس و قال :" ماذا? ماتا? كيف ذلك? الم يكن ذلك مجرد كابوس ، كابوس مرعب ، اين امي و الي على اي حال?. اريد رؤيتهما و التحدث معهما، لم تعد هذه اللعبه ممتعه ابدا!! "
فارتسمت على وجه الرجل ابتسامه ساخره مستهزئه ، ثم اخذ المتواجدون بالضحك باصوات عاليه ، انا الفتى فبدأ يصرخ و الدموع تملئ عينيه :" كفى ! كفى! لا تضحكوا ! هذا يكفي!! "
فقال احد الحاضرين باستهزاء :"ارايت يا الكسندرو ، هذا الفتى يعطي الاوامر! "
فقام الكسندرو و هو الرجل ذو العينين الخضراوين بركل الصغير على معدته ، ثم حمله من طرف قميصه و رماه في الغرفه المظلمه قائلا :" كيف تجرؤ على رفع صوتك في حضرتي! اسمع ايها الغلام ، لن تخرج من هنا قبل ان تتعلم الاحترام ، عليك ان تستوعب الحقيقه ، حقيقه هذا العالم، انه ليس كما كنت تظنه ، بل هو مختلف تماما... انا الان ساتركك الى ان تفهم و تتقبل ما حدث ، و ساعود بعد ان تكون قد ادركت وضعك جيدا ."
اقفل الكسندرو الباب بقوه ، ثم اوصده جيدا و رحل ، تاركا ذلك المسكين ملقا على الارض ، كان يضغط على معدته بكلتا يديه ، و الدم يسيل من فمه ، اما الدموع فكانت تتدفق و كانها نبع لا حدود له، يبكي بحرقه و لكن دون اصدار اي صوت، يبكي و يئن بصمت، ثم اخذ يزحف الى زاويه الغرفه حيث كان مختبأ من قبل . و اسند ظهره اليها ، مدد قدميه و القى ببصره الى الثقب في للسقف ، حيث القت اشعه الشمس بخيوطها الرقيقه على وجهه ثم اخذت تصعد شيئا فشيئا لتنعكس على عينيه العسلييتين و بدا يحاول استرجاع احداث اليوم السابق و ربطها ببعضها .