[و يموت من يداوي]
فتح الولد عينيه فلم يا سوى الاشباح و الظلال، لكنه سمع ضجيجا و اصواتا تتخاطب بنبره عاليه فيها شيء من الغضب.
-"انت الطبيب هنا و عليك معرفه ما يجب فعله. "
-"اجل، انا الطبيب و لكنني لست متخصصا في هذا المجال ، انت تعلم بانني جراح. "
-"لا يهم، افهمت ذلك لا يهمني! نحن نتعب كثيرا للحصول على الفتيان، و بخاصه الاجانب منهم… هذا اول ولد نجده منذ تسعه اشهر، و لقد بذلت جهدا كبيرا في ذلك ، و لست مستعدا ليضيع تعبي و تذروه الرياح. "
-"و ما شأني انا!!! اذهب و جد طبيبا غيري فانا لن انفعك ، هذا الفتى يعاني من الجفاف، و من سوءت تغذيه… ..قل لي!… منذ متى لم يأكل?! "
-"هاه.. و ما ادراني انا! لقد امرت رجالي بان يطعموه كل يوم ، و لكنهماخبروني بانه لم باكل شيئا مما احضروه له. "
-"و منذ متى هذا? "
-"منذ حوالي الشهر تقريبا. "
-"ماذا??? اقلت شهر!!! هل تمزح معي!! فلتشكر الله انه لا زال حيا !!"
-"حسنا، و الان ماذا سنفعل ?"
و فجأه قطع الحديث همسات خافته يائسه متعبه :"من انتما? أأشباح? ابن انا? "
"ما… ماذا?? "قال الطبيب متفاجئا.
اما الكسندرو فقد بدا بالضحك ساخرا ثم قال: "لقد استفاق اخيرا، يبدو بان الفيتامينات التي وصفتها له لم تكن هباء و قد اجدت نفعا، و لكن اظن بانها جعلت الفتى يهلوس ، فهو يرى الاشباح.! "
فالتفت اليه الطبيب قائلا :" سيد الكسندرو ، ارجو منك ترك الغرفه الان، فعلي فحص الفتى و رؤيه ما بامكاني فعله، على الاقل ان اعيده لوعيه الكامل… "
"ابله، قلت لك عالجه و انا صامت، ساخرج الان، و لكن اياك و الخطأ ، فان اخطأت فساخطأ بدوري، و ازور منزلك اليوم.. " ثم خرج و اقفل الباب بقوه.
كان فتانا يتنفس بصعوبه، و كان احدهم يسرق انفاسه ، اما عيناه فكانتا تخدعانه و كانه لا يرى شيئا سوى الضباب ، وحدها اذناه كانت تسمع و تطلعه على ما يجري حوله.
"يا الهي!! ماذا فعلت ليحصل معي هذا?? لقد كنت طوال عمري طبيبا شريفا مخلصا في عملي ، و انت ، يا لك من فتى مسكين… ليتك مت، اجل… ليتك مت لكان هذا افضل لك.. انا اعالجك، و لكن لا ادري ماذا سيفعلون بك… هيا يا صغيري ، قل لي ، ماذا تشعر? و هل تتالم? "
اعاد سؤاله هذا مرات و مرات و لكن الفتى لم يرد او يجاوب، فقال الطبيب: "بني، ارجوك،انا لا اعلم ما مررت به، لكن اعلم بانه كان صعبا جدا، و بالرغم من انك مجرد طفل صغير الا انني لمحت فيك القوه و الشجاعه ، اعلم لم لا تريد الكلام، و لكن صدقني… انا لست منهم، انا… مثلك تماما مجبر… "
فنظر اليه بعينين مغرورقتين بالدموع و همس بصوت متقطع: "انا ، لا استطيع الرؤيه بوضوح ، و كانني في مستنقع معتم و تحيط بي الاشباح، كذلك فانا غير قادر على الاحساس او الشعور باي شيء، كما لو ان.. جسدي سلب مني… "
"اذا ، احسنت، اما تشوش رؤيتك فهو بسبب بقاءك فاقدا الوعي مده طويله، و لا قليل سيعود الى طبيعته، اما جسدك فما اصابه هو بسبب توقفك عن تناول الطعام و الشراب لفتره تقارب الشهر، و بعد عن تكمل اخذ الفيتامينات سوف يعود جسمك اقوى مما كان عليه.… اسمع يا بني، ابي قويا، و حافظ على صحتك، لا تحاول قال نفسك بيديك، فهذا دليل ضعف و جبن و تخاذل، عليك ان تكبر فهذا العالم يحتاجك.. "قال هذا الكلام ، ثم ابتسم ، و جلس الى جانبه حتى استعاد الفتى بصره كاملا، ثم توجه الى الباب ليفتحه و قبل خروجه قال :"انت تقريبا في عمر ابني الصغير ، انت سعيد لانني تمكنت من مساعدتك، اعتن بنفسك.. "
اما عينا الفتى فقد بدأت تتبعه و هو يهم بالخروج، فقد ذكره بوالده و كلامه.
-"سيد الكسندرو لقد انهيت عملي هنا… هل بامكاني العوده الى منزلي الان ?"
-"يا لك من رجل احمق… اتظن حقا بانني ساسمح لك بالخروج من هذا المكان? يا الان تعرف اكثر مما ينبغي ، ولم نعد بحاجه اليك، فلماذا تظن اننا سندعك تذهب?! "
-"ارجوم دعني و شأني، صدقني سانسى كل ما حدث ، و كانه لم يكن، لكن انا اي لطفلين، و زوجتي حامل، و لا معيل لعائلتي سواي، ارجوك دعني اعد اليهم. "
-"اتعلم لقد اثر كلامك في… اذهب و لا تعد ابدا ."
-"شكرا!! شكرا جزيلا لك!!انا مدين لك بحياتي!! "
و عندما ادار الطبيب ظهره ليذهب، ابتسم الكسندرو ابتسامه ماكره خبيثه، ثم اخرج من جيب معطفه الداخلي سكينا، طعن بهل الطبيب من الخلف… تطايرت بقع الدم و سقط الطبيب ارضا، و اخذ يتأوه و يئن و ما خروج الروح و انفصالها عن الجسد،بدأت الكلمات تخرج من فمه "لماذا… لقد قلت…. سمحت لي بالذهاب… . اطفالي… و زوجتي… ظننت اني… " اختفى الصوت و لم يبق في الجسد روح و مات من داوى .
"لانني لا استطيع ان اثق بك.. و لانني الاقوى و انت الحلقه الاضعف،اعلم بان هذا العالم ليس للضعفاء و العيش فيه للاقوى. " هكذا اجاب الكسندرو ، ثم استدار نحو الغرفه و نظر للفتى قائلا: "لسمعت ما قلته جيدا، سارسل حارسا يبقى معك، و سيعيدك الى الغرفه فور استعادتم بعضا من قوتك، و لا تحاول ابدا التسبب بالمشاكل مره اخرى. "
نادى الكسندرو مرافقه قائلا: "ريكاردو ، تعال الى هنا و نظف المكان. "
-"حاضر سيدي ،و لكن اين ارمي الجثه? "
-"لا ترمها ، بل احرقها، نحن لا نزيد ان نترك اي اثر.. "
-"حاضر سيدي. "
سحب المدعو ريكاردو جثه الطبيب و اخرجها من المبنى ، احرقها، ثم عاد ليمسح بقع الدم عن الارضيه ، دخل الغرفه و جلس على كرسي ابيض بالقرب من السرير .