[الشك و اليقين ]
-"هذا جنون .... بل هذا سخف ... حياتي المثالية ... كل ما بنيته ، ابراج احلامي كلها انهارت امام عيني و باتت ركاما ... لقد وقعت في حفرة عميقه يستحيل الخروج منها... حتى لو قمت بالمهمه ، لن تعود حياتي الى سابق عهدها ابدا ... لا اصدق بان الحال تدهورت بي كي اصبح أداة ... و كيف لي ان اثق بهم و جميعهم متورطون في هذا المشروع، انا حتى اشك في نفسي ... ان فكرت بمنطقيه ، فانا متورط ايضا منذ البدايه ، اجل لقد كنت اعلم بامر المشروع و لكنني لم اعلم ماهيته الكامله ، كل ما اطلعت عليه كان قشورا تغلف الحقيقه و تمنعني من رؤيتها ... و لكن رغم ذلك فانا مذنب ، ما ذنب اولائك الاطفال الذين ماتوا ... انهم .... اشعر برأسي ينفجر ... انا لا استطيع فهم شيء ... ليت شيئا من هذا لم يكن !!!"
-"يا انت ! لطالما ظننتك مجنونا و لكن الىن تاكدت من ذلك ... هذا المره الاولى التي ارى فيها شخصا يمشي و يكلم نفسه ... اخبرني هل صدمت راسك او ماذا ..." بكلماته هذه سخر هيكاري من آرثر الذي و من غير وعي كان يمشي في الممرات و يخاطب الجدران تاره و نفسه تارة اخرى .
-"م... ماذا ! هيكاري كف عن السخرية مني هكذا !! انت خير من يعلم بما اصابني ."
ابتسم هيكاري و هو يشيح ببصره عن آرثر قائلا "اجل اعلم ... و لكنني في الوقت نفسه اعلم انك قوي و تستطيع تجاوز كل هذا ."
تفاجأ آرثر لما يسمعه فهذه اول مره يسمع المديح منه "هيكاري....".
تابع هيكاري قائلا :" صحيح انك غبي و متهور ، و لكنك شخص مثابر و مجد ، اطالما كنت كذلك ؛ الست تذكر تلك الايام ، عندما كنا في الثانويه ، لقد كنا في الفصل نفسه ، و على ما اذكره انك لم ترضى يوما بمرتبه اقل من الاولى . كان الطلاب ينادوك بدوده الكتب فقد كنت مهووسا بالدراسة لدرجه انك لم تكن تنام حتى ساعات الصباح الاولى ."
ابتسم آرثر ابتسامه خبيثه و اجاب :" هذا صحيح ، و انت كنت الراسب الوحيد في الفصل دائما "
-" آه .... تذكرت لقد كنت مغرورا ايضا !"
-" انا لست بمغرور ، بل انت المغرور !!"
-" لقد اخطأت بمدحك ... كان علي ان اقول بانك فاشل ، ضعيف ، جبان !!"
-"و من يحتاج لمدحك ، انا اعرف من انا و هذا هو المهم !!"
-"رائع و اخيرا لقد فهمت ايها الغبي ، لقد اعترفت ."
ازداد الاستغراب و التعجب على وحه آرثر و اجاب ب"ماذا؟؟" فقال هيكاري بحماس "لقد اعترفت ".
-"انا اسالك ، بماذا اعترفت ايها الابله ..."
و ضع هيكاري يديه في جيبه ثم نظر مباشرة حول قلاده في عنق آرثر و قال :" اولا انا لست ابلها ايها الحثاله ، و ثانيا لقد اعترفت بانك تعرف نفسك ، و بهذه الجمله لقد اجبت عن كل تساؤلاتك بنفسك . ليس المهم في هذه الحياه ما يراه غيرك و ما تظنه انت ، فالظنون لا توصل الا الى المزيد من الظنون و الشكوك التي تلتهم عقولنا و قلوبنا و تجعلنا عاجزين عن مواجهة المصاعب و مطبات الحياه ؛ بل المهم هو ما تدركه بعقلك و قلبك . فان ادركت الحقيقه تلاشت الظنون و تبددت في بحور المعرفه اعرف نفسك و ادركها ، و عندها فقط ستكون بخير ."
بعد سماعه لتلك الكلمات شحب وجه آرثر ثم قال :"هيكاري ... انا ادرك حقيقه نفسي ، و لكن ..."
و قبل ان يكمل آرثر كلامه اقترب منه هيكاري ثم ربت على ظهره قائلا :"لكن ، هذه مجرد اداه للربط يستخدمها العاجزون ليسوغوا و يبرروا عجزهم ."
ابتسم آرثر لدى سماعه تلك الكلمات و قال بسخريه :" لم اكن اعلم بانك فيلسوف و حكيم."
فتبدلت تعابير وجه هيكاري و صرخ غاضبا "اتسخر مني يا هذا !" ، تابع آرثر سخريته قائلا " لااا... بالعكس تماما ... فكلامك صحيح ... و لكن لا اصدق بانك تنصحني فنحن نتشاجر دائما و كاننا اعداء ، كنت اظن بانك لا تزال تبغضني ..."
-" و من قال اصلا انني احبك ، انا لم انسى ما فعلته بي !"
-" انت غريب حقا ."
-"كف عن الكلام المعسول ، و تعال معي الى غرفه التدريب لنتمرن قليلا."
-"هيا لنذهب ، فانا لم اقم بالتمارين منذ فتره ..."