الفصل الثامن عشر

41.7K 1.4K 12
                                    

  وفجأة ودون مقدمات أمسك مازن رسغها البارد وسار في اتجاه غرفته !
تعثرت عدة مرات بثوبها وهي تسير مُسرعة خلفه تحاول الفكاك منه وهي تقول باضطراب
- انت بتعمل ايه .. في ايه ؟
سيب ايدي انت واخدني اوضتك ليه ؟!
دلف مازن وادخلها وأغلق الباب .. توقف خلفه محاصرا لها بين ذراعيه
يتنفس بقوة من اختبار شعور قربها منه
بينما أغمضت هي عينها وهي تشعر أن قلبها سيخرج الان من محله لا محالة
فوصلها صوته الهادئ يزيد من نبضها والذي أصبح صخباً بالامتزاج مع خفقات قلبه !
- وعارفة مكان أوضتي كمان !
أجابته باضطراب وخوف
- انا .. وصمتت قليلاً تتنفس ثم قالت بخفوت مضطرب
- حضرتك عاوز ايه يا استاذ خالد
ابتسم بثقة وابتعد وقال بهدوء
- عاوز نعد نتكلم في حاجات كتيرة اوي ومهمة اوي بس كده !
أغمضت عينها عدة مرات وفتحتها وهي تتنفس وقالت له بثبات حاولت اصتناعه
- احنا مفيش بنا كلام لوسمحت عاوزة اخرج
قال وهو يتجه للأريكة بثبات
- لو خرجتي من هنا من غير ما نتكلم هتزعلي وانتي عارفاني مجنون
تفحصته بنظرات مضطربة وقالت بارتباك
- هتعمل ايه يعني
التفت لها وقال وهو يغمزها
- العشا كان لذيذ صح ؟!
ابتلعت ريقها وقد فهمت مقصده فهي ليست بحاجة لاختبار غضبه او جرائته
فيكفي ما حدث علي العشا حقاً
اقتربت للداخل ووقفت علي مسافة وهو يجلس باريحية وقام بوضع قدم فوق اخري قائلاً
- اومال بكر فين ولا عامل نفسه مش عارف انك خرجتي ثم تابع بسخرية
- اصله اشطر واحد يعمل من بنها ما شاء الله
قالت بخفوت وقدمها تهتز دليل علي توترها وعصبيتها
- لا نايم
رفع حاجبه دهشة وقالت باعجاب
- برافوا عليه بينام بدري ..ثم رفع بصره لها وقال بحزم
- اعدي لسه هنتكلم قلت
جلست بهدوء علي طرف المقعد وهي تعدل من صدر ثوبها
فنهض فجأة وسحب مفرش الفراش الابيض الخفيف ثم اقترب منها وحاوطها به قائلاً بصوت خافت
- انا عارف انك بتتحرجي وبتتوتري مني!
خفق قلبها علي قربه ونبرته وحولت بصرها ارضاً تنظر لقدميها لعله ينتهي مما يريد قوله
جلس مازن باريحية مرة اخري وهو يقول
- نتكلم علي رواق بقي تحبي اطلبلك حاجة
نفت برأسها بصمت وهي تبتعد بنظراتها عنه بعد أن لاحظت صدر قميصه المُنفكة ازراره
ابتلعت ريقها تشعر بألم قلبها من كثرة النبضات مُستغربة من حالها فلم تشعر هكذا امام رجل طوال حياتها
فقال بصوت رخيم اخرجها من شرودها وهو ينظر لوجهها الابيض واصابعها الرقيقة المرتجفة
- وحشتك وجيتي تشوفيني صح !
وأكمل بثقة
- عارف انك مكنتيش هتخبطي بس برده عارف او حاسس انك جيتي عشان تقربي المسافة مش اكتر وترجعي صح ؟!
اتسعت عينها دهشة وهو تستمع لتخمينه والذي اصاب بحرفة !
ابتسم وقال بهدوء
- اممم السكوت علامة الرضا .. اصلا انتي مش هتعرفي تكذبي عليا انا بزات
ثم تابع بعد ان انحني للامام و استند بمرفقيه علي فخذيه
- الا قوليلي يا مدام ماتيلدا انتي بتحبي بكر ؟!
ابتلعت ريقها وقالت بنظرات مضطربة
- اكيد .. مش جوزي اكيد بحبه
مط شفتيه وقال
- طيب في واحدة بتحب جوزها بتفكر في غيره!!
رفعت عينها له بصدمة وقالت بعصبية وتوتر
- نعم ؟!
ابتسم ببرود وقال
- اه انتي بتفكري فيا وكتير كمان وبتحلمي بيا كمان ساعات متكذبيش عليا لحد الان انتي كذبتي ثلاث مرات وانا مبحبش الكذب صمت قليلاً وتابع بنبرة مخيفة محذره
- بكرهه
ابتلعت ريقها وهي تفكر أين كذبت هؤلاء الثلاث وأتتها الاجابة وكأنها تسائلت بصوت مرتفع
- اول كذبة انك كنتي جاية عشان نرمين واصلا انتي جاية عشان احساسك وعشاني ومتعرفيش ان نرمين هنا زي ما محدش يعرف لسه انها هنا الا انا وانتي وبس !!
والكذبة التانية انك اكيد بتحبي بكر جوزك
والكذبة الثالثة ان بكر جوزك !!
اتسعت عينها وهي تنظر له فمن اين علم بكل هذا !
شعرت بالاضطراب وهي تري تحول نظراته وانقباض يده ابتلعت ريقها باضطراب وقالت بخفوت
- انا مش قصدي اكذب عليك انا ..
ظل ينظر لها بحدة دون ارادة وقال بغضب مكتوم بينما جذبت يده ذراعها بقسوة
- انتي ازاي عايشة بالحرام وعادي ؟
اتسعت عينها فلم تتوقع قستوته ولا ما قاله
وقالت بنبرة مهزوزة
- هو رجعني تاني و..
قاطعها بحدة وصراخ
- متكذبيش بكر مطلقك مرتين قبل كده من زمان من حوالي 8 سنين بالاخص
بس عمري ما تخيلت انه مطلقك قريب
واكمل بطريقة مخيفة متقطعة وكأنه يشتد علي كل كلمة تخرج منه
- يعني انتي متحللوش.. ومرجعكيش.. وبتكذبي ..عليا.. تاني !
فركت اصابعها ببعضها في توتر وقالت بهمس بينما بدأ تسارع تنفسها
- هو مبيقربش مني
ضيق مازن بين حاجبيه قائلاً بقوة مستغرباً
- نعم !
وضعت خصلاتها خلف اذنها وهي تعتدل في جلستها مرة اخري بعد ان ترك ذراعها وقالت باضطراب وهي تفكر بارتباك لماذا توضح له ولكن لا تعرف شئ هي تجد اجاباتها تخرج وكأنها تشعر بالخضوع امامه
قال بهدوء حاد
- متردي ساكتة ليه ؟!
نظرت له بقلة حيلة لاتعرف بماذا تجيبه
تنهد وقال وهو ينظر داخل عينها
- مروحتيش لاهلك ليه ؟..ازاي هم قبلوا بالوضع دا ؟
عادت تفرك اصابعها وبللت شفتيها بلسانها تحاول اختيار الكلمات
- انا مليش اهل.. قصدي ..يعني هم مش هنا
ظلت نظراته حادة مستغربة .. ثم أومأ لها بهدوء قائلاً
- مبيقربش منك ازاي ؟!
شعرت بالحرج الشديد واحمرت وجنتها وقالت
- لو سمحت مش عاوزة اتكلم في الموضوع دا
ظلت نظراته ثابتة قليلاً ثم ابتسم وهو يرفع حاجبيه قائلاً بسخرية
- وماله متتكلميش فيه.. كده كده هعرفه
لم تجبه ولم تنظر له فقط بدأت بفرك قدميها بالسجاد الراقي بالغرفة
فقال بحنان وهو يتأملها
- انتي عارفة شعوري ناحيتك ؟!
شعرت بسخونة وجهها وأسفل ظهرها فابتلعت ريقها بصعوبة وقالت بخفوت
- انا عاوزة امشي
اعاد سؤاله مرة اخري ببرود تام وكأنه لم يستمع لما قالته
نهضت فجأة باضطراب وهي تقول بتوتر
- انا لازم امشي لوسمحت
نهض ووقف امامها وهو يحدجها بنظرات غريبة قائلاً بتساؤل
- انتي بتهربي ليه ؟! .. انتي عاوزة تفضلي مع بكر ؟!
ابتلعت ريقها وهي تفكر فالامور تتعقد وأجابته بعصبية
- انت عاوز مني ايه ؟
اجابها بكلمة واحدة خفق قلبها لها بقوة
- عاوزك !
رمشت عدة مرات تحاول استجماع تركيزها ثم تخطته وهي تتجه للباب بعد ان تركت الشرشف الابيض ليسقط عنها فوق المقعد وقالت بحدة وتوتر
- انت بتستهبل انا متجوزة واللي بتعمله دا مينفعش وانت متعرفش بكر ..
توقفت فجأة بارتجاف وهي تري يده تغلق الباب مرة اخري بعد ان فتحته رفعت بصرها لكفيه فوق رأسها علي الباب واستدارت وهي تشعر بقلبها ينتفض بين ضلوعها من اقترابه هكذا منها وقالت بصوت مهتز بشدة
- لو سمحت انا لازم ارجع عشان بكر ممكن يصحي دلوقتي وهتبقي مشكلة .. انت فاهمني غلط
قال دون ان يتحرك من محله وظلت احدي ذراعيه محاصره لها بينما الاخري سحبت كفها البارد المرتعش ووضعه بقوة علي صدره فوق موضع قلبه وهو يقول بشعور العالم
- انتي عارفة قلبي بيدق ازاي ؟! .. سمعاه !
تسارع تنفسها بقوة وشعرت وكأن الكهرباء قد اعطتها صعقة قوية عندما لامسة بشرة صدره بينما قلبها يخفق وكأنها خفقاته الاخيرة
رفعت حدقتها المهتزة له علي صوته الدافئ
- انا حاسس بوجع قلبك لان قلبي بيوجعني حاسس بنبضك عشان نبضاتك جوايا
وتابع باختناق وضيق
- انتي ليه بتبعدي عني انتي مطلقة مش متجوزة انا عرفت خلاص ومبررك انك مسبتهوش لان اهلك مش هنا وانك وحيدة انا دلوقتي معاكي هاخدك وهتجوزك
اتسعت عينها بشدة وهي تنظر له بصدمة هل عرض عليها الزواج !
ترك كفها الملامس لقلبه واعاد يده مرة اخري حولها علي الباب ناظرا داخل عينها بهدوء
- مستغربة اني عرضت الجواز عليكي ..
ايه كنتي فاكراني عاوزك كام ليلة وخلاص ..عشان كده فاكراني فاهمك غلط ؟!
وتابع بنبرة هادئة موضح
- ماتيلدا انا عمري كام عارفة ؟
ظلت تنظر له بهدوء لازالت لا تصدق فتابع هو
- انا داخل علي التلاتينات ومعايا فلوس ومرتاح جدا ولفيت بلاد كتير اوي وشفت اجمل بنات في العالم مش غريبة ان حد يبقي جاهز ومستعد لكل حاجة وظروفه موفراله الزواج ومع ذلك مخطبتش ولا مرة ؟
عارفة ليه ؟!
عشان انا ملقتش نفسي في ولا واحدة انتي اول واحدة اشوفها حقيقي قدامي واحسها كده
كنت مصدوم وانا بسلم عليكي اول مرة زي ما انتي كنتي مصدومة
لاننا كنا حاسين ببعض وعارفين اننا حاسين ..حاولت اطلعك من دماغي لانك مش ملكي ولانك متجوزة ومينفعش بس مقدرتش
بعت شهور وانتي عارفة وكنت بحاول ابعد عن كل حاجة تجمعني بيكي او تقربني منك ..
ابتسم بسخرية وتابع
- ممكن اي حد يسمع اللي بقوله ميصدقهوش الا انتي ياماتيلدا هتصدقيه لانك حساه احنا في بنا صلة غريبة
في ترابط مخيف للناس وغريب لينا !
علي فكرة انا بكر ولا فارق معايا بنكلة بس صدقيني انا كنت ببعد لانك مش من حقي ودلوقتي انا مش هبعد سمعتي..صمت قليلاً يتأملها وتابع بحزم خافت
- انا مش هسيبك !
ابتلعت ريقها وصدرها يعلو ويهبط تشعر بالدوار لا تعرف هل من شدة شعورها به ام من حديثه
انزلت بصرها عن عينيه حتي تستطيع التحدث وقالت بصوت مهتز بشدة
- بس انا مش ملكك عشان متبعدش انا
قاطعها بحده
- ومش ملكه برده وبما ان مفيش حاجة تمنعني اني اتجوزك يبقي هتجوزك وهتبقي ملكي وبتاعتي
عشان قلبك دا بتاعي من غير موافقة حد فينا ..
ضيق عينيه وقال وهي ينظر لها بتفحض بينما تعلوا نبرته بالتدريج بغضب
- تنكري انك بتحسي بيا ؟! ..
تنكري انك بتفكري فيا وبتحلمي بيا ؟!..
تنكري انك لما بتحسيني بتلاقيني قدامك فعلا ؟!..
تنكري اي حاجة من دول .. يلا اكذبي وانكري انهي كلماته بصراخ افزعها
سالت دموعها وصرخت بوجهه
- انت متعرفش بكر متعرفش حاجة
فصرخ هو الاخر بدوره بينما خبط الباب حولها بقوة افزعتها
- بلاش خوف وسلبية انا هحميكي منه .. سمعاني انا هحميكي
ومتغيريش الموضوع مأنكرتيش لييه يلا انكري
صمتت تتنفس تشعر بكلماته ترن بأذنها بل تصدخ داخل صدرها
لا تعلم هل يعلو نبضها شعورا به ام خوفاً
نظرت ارضاً تشعر بازدياد الدوار فهي لا تستطيع الانكار وتشعر انها ضائعة لا تعرف الصواب من الخطأ
أغمضت عينها تحاول كتم انفاسها عن استنشاق عطره
تحاول منع الدفئ المحيط بها من حرارته .. تحاول كتم صوته ونبرته داخل قلبها
تحاول وتحاول ولكنها محاولات يائسة بائت بالفشل
وارتفعت يدها لا ارادياً مستندة علي صدره تحاول التوازن بعد ان بدأت الارض بالدوار سريعاً
********************************  

أشعر بكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن