الفصل الحادي والخمسون

43.6K 1.4K 12
                                    

     دلف مازن بهدوء يبحث فالشقة فارغة حقاً لكنه لم يحيطها بحديد هكذا !
وبمجرد ما فتح باب الغرفة الكبيرة الفارغة
أصابته الصاعقة وتسمر بصدمة
قلبه يخفق كمضخة ستنفجر وهو يراها أمامه ملقاه أرضا ً !!!!
بدأ صدره بالصعود والهبوط بسرعة كبيرة لا يصدق ما يراه !
إقترب مسرعاً جالساً أرضاً أمامها يخاف من تحريكها
يخاف من إستيقاظه علي الحركة ويكون هذا ما هو إلا مجرد حلم
برغم عدم تخيله لحالتها تلك أبداً !
كانت كطفلة صغيرة نائمة فوق جانبها الأيسر وجهها ملتصقاً بالارضية الباردة !
إبتلع ريقه ينظر بذعر لدماء أذنها اليمني الجافة
وإمتد كفه المرتعش يلمس خصلاتها المشعثة ببطئ علي عكس تنفسه السريع !
وبمجرد لمسها حتي إنتفض يشهق كغريق وكأن الهواء كان محتبساً داخل صدره !!
إقترب منها يحاول تحريكها بذعر لا يريد تخيل موتها كما يشعر !!!
وبالفعل حركها ببطئ لتستلقي علي ظهرها
وخفق قلبه بألم قوي وهو ينظر لملامحها الشاحبة ودماء وجهها !
إقترب بأذنه أمام فمها يتفقد تنفسها ! .. يخاف لمسها !
وإتسعت عينه وخفق قلبه بقوة هاتفاً بهمس
- عايشة بتتنفس .. ماتيلدا !!!
كان يتحدث لنفسِه وكأنها شخصاً أخر !
رفع رأسه يتنفس بقوة يحاول التركيز وكأنه إستوعب للتو مكانهم
إنتفض مسرعاً حاملاً لها وخرج من الشقة ببطئ
تاركاً باباها خلفه وقف قليلاً يحاول التفكير وهو ينظر لباب شقته الاخري
أغمض عينه صدره يضربها بقوة يحاول التفكير بهدوء
فيجب أن يُبعدها عن هنا فلا يعلم أين بكر ومن الممكن أن يقتحم شقته إن أتي ولم يجدها هنا
نزل الدرجات مسرعاً لا يريد النظر لها حتي لا يتشتت أكثر !
فتح سيارته بصعوبة بسبب حمله لها ووضعها ببطئ شديد لا تصدر حركة ولو بسيطة !
صعد قفزاً جانبها منطلقاً من تلك المنطقة بأكملها !
**************************************
خرج مروان من الشركة مسرعاً بقلق كما طلب مازن منه وقال
- انا خرجت مالك في إيه طمني !
قال مازن بنهيج وإضطراب
- هاتلي أمبول ....و .... وهاتلي كانيولا ومحلول وهاتلي إبرة انسولين وإبرة عادية و...و.. و.. !!
إستمر مازن بإلقاء طلباته علي مروان بينما ذراعه الأخر يسيطر علي عجلة القيادة بتحكم برغم سرعته المجنونة
أغلق الهاتف مع مروان مهاتفاً حازم من هاتفه الأخر وبمجرد ما أجابه حتي هتف مسرعاً
- ماتيلدا معايا .. ماتيلدا معايا ياحازم لقتها بكر ساجنها في شقتي !!!!
قال حازم بصدمة وإستغراب محاولا ً فهم ما يهذي به
- مش فاهم حاجة .. شقتك إزاي ؟!
قال مازن مسرعاً بهتاف وتوتر لم يكن به يوماً
- بعدين يا حازم المهم إنها معايا سبني دلوقتي حالتها صعبة أوي كانت في شقة المهندسين بتاعتي !
أنهي حديثه مغلقاً للخط يحاول عدم النظر لها علي قدر المستطاع
وبعد عدة دقائق أخري كانت سيارته تصدر صريراً مرتفعاً أسفل بيته !!
فتحت مني الباب بقلق علي الطرقات المخيفة
وتسمرت وهي تري مازن دالفاً بقلق حاملاً لولداً يبدو ميتاً !!
صرخت بقلق وهي تنظر له بذعر متجهة خلفه إلي غرفته
- مين دا يامازن إنت خبطه !!
وضعها مازن ببطئ علي فراشه وقال بنبرة حاول أن تخرج هادئة بينما يخلع قميصه بسرعة
- متخافيش يا ماما شوفيلي مروان بسرعة متخافيش !!
تسارع تنفسها وهي تنظر إلي الفراش بذهول لا تفهم شئ
فقال مازن بقوة وهو يدور حول الفراش
- ركزي معايا يا ماما هاتيلي مية دافية بسرعة وقطن ومقص !
لم تتحرك من مكانها تنظر بصدمة للفراش فالفتي يبدو ميتاً حقاً وهنا دلفت ملاك قائلة بقلق
- في إيه يا طنط أنا كنت بصلي و ....
تسمرت بصدمة تنظر للفتاه الملقاه علي الفراش و لمازن عاري الصدر يعبث بسرعة وفوضة في حقيبة ما
فهتف بها مازن مسرعاً بإستنجاد عندما رأها
- ملاك .. ملاك ركزي معايا عشان خاطري ساعديني هاتلي مية دافية وقطن ومقص !
تحركت بإضطراب وتوتر شديد للخارج تحاول أن تأتي بما قاله
جلس مازن علي حافة الفراش يتحسس بشرتها الساخنة كاللهيب يتأملها بألم مفكراً ماذا فعل بها بكر !
رفع عينه علي حركة ملاك فأخذ منها المقص قائلاً
- حطي المية والقطن هنا وخرجي ماما متخافوش مش ميتة !!
بدأ بقص ثوبها ببطئ حتي لا يأذيها ثم أبعد قطع القماش الحريرية من عليها ليتفقد جرح جانبها
وبالفعل وجده متأذي بشدة !
جلس علي ركبتيه أرضاً جانب الفراش يتفقده بحذر ثم بدأ ببل قطع من القطن وتنظيفه
دلف مروان مسرعاً يتنفس بنهيج يحمل ما طلبه مازن قبل قليل منه
وبمجرد دخوله حتي خفق قلبه بقلق وهو يراها وغض بصره مسرعاً عنها
فنظر له مازن قائلاً بهدوء خرج مهتزاً
- هات الكيس يامروان وإستناني بره بعد إذنك !
وضع مروان الأغراض وقال مطمئناً
- متقلقش هتبقي كويسة بس إنت إهدا ولو عزت أي حاجة نادي بس
أومأ له مازن بصمت يتفحص جرحها ثم نهض مسرعاً يحقنها ببعض الأمبولات
وقام بتثبيت المحلول ليصل لها وبدأ مرة أخري بتنظيف الجروح وتطهيرها محاولا خفض حرارتها المرتفعة !
*******************************************
صرخ بكر بصوت مخيف داخل الشقة وهو يبحث عنها كالوحش
دفع الرجل ضخم الجثه من أمامه هاتفاً
- وسع من قدامي راحت فيييييين راحت فيين !
وفجأة وقف ينظر بشر للخارج وإتجه دون تفكير لشقة خالد يخبط حتي قام بكسر الباب بمساعدة الرجل العملاق
بعد وضعه لسحر جانباً
دلف بكر والرجل للداخل يبحثوا عنها ويكسر بكر كل ما يقابله هاتفاً
- مكانش لازم يوصل دلوقتي كان لازم يتعذب إنها بتتعذب جمبه بس بعد ما أخدها وأسافر !
بينما تحركت سحر ببطئ شديد مذعورة تحاول الهرب محيطة بطنها بخوف وبكاء
وبالفعل هبطت لأسفل دون معرفة شئ مما يحدث وقت وجودهم في شقة خالد ..
خرجت من البناية تبكي وتتلفت حولها في هذا المكان المقطوع تحاول التسريع من حركتها البطيئة بسبب حملها
وشهقت بذعر عندما سمعت الرجل خلفها قائلاً
- تعالي معايا متخافيش إحنا شرطة ومراقبين المكان !
نظرت له ببكاء لا تعلم هل تصدقه أم لا وضعت يدها المرتعشة أسفل بطنها المنتفخ وكأنها تحمي طفلها من كل شئ
وتحركت مع الشرطي بعد أن أظهر لها هويته فليس لديها خيار !
*************************************
خرج مازن من غرفته ليغير المياه بقطع ثلج فحرارتها لا تنخفض
فوقفت مني تنظر له بقلق وقالت بحدة وإضطراب
- فهمني في إيه يا مازن ومين البنت دي ؟!
وقف يتنفس وقال بهدوء
- بعدين يا ماما هفهمك كل حاجة أنا مكنتش هجبها هنا بس مفيش مكان تاني أأمن من هنا
أمسكته من ذراعه قائلة بصدمة وحدة
- أأمن !! .. في إيه يامازن بنت مين دي ومين إللي عامل فيها كده ..وإنت تعرفها منين ؟!
أغمض عينه يلتمس العذر لحدة والدته وقلقها وقال وهو يمسح فوق كتفها
- انا مش هقدر أفهمك كل حاجة دلوقتي صدقيني بعدين هقولك كل حاجة
إبتلعت مني ريقها وقالت بضيق
- وأنا هستني يا مازن بس خرجها من أوضتك وانا هعملها كمادات انا وسلمي ميصحش كده
إبتسم لها وهو يخرج قطع الثلج من العلب وقال
- بغض النظر عن أي حاجة متنسيش إني دكتور فعادي ياماما الوضع دا
صمت لحظة وقال بحيرة بس أنا هقولك حاجة عشان لازم تعرفيها فعلاً
صمت قليلاً ينظر لها وتابع بتردد
- انا هبات معاها !!..
نظرت له بذهول وهتفت به بعصبية
- إنت مجنون ما ياتفهمني في إيه يا إما متستفذنيش
هبات انا معاها طول الليل متخافش ولو حصل حاجة هصحيك تعالي شيلها وهاتها أوضتي !
زم شفتيه وحمل طبق الثلج وقال بينما قدمه تهتز بتوتر وإرتباك مما سيلقيه عليها
- البنت دي ياماما .. مراتي !!! .. وأنا هبات معاها وبعدين هفهمك !
إتسعت عين مني وهي تستمع لما يقوله وظلت مكانها مصدومة بينما تخطاها هو بهدوء ذاهباً لما يدعوها زوجته!
دلف مازن للغرفة وأغلق الباب مستنداً عليه يشعر بالضيق لم يرد أن تصل الأمور لتلك الدرجة
ولا أن يحدث ما حدث ولا أن يلقي خبر زواجه هكذا علي والدته لكن حدث ما حدث وإنتهي الأمر!
إقترب من ماتيلدا وشرع في عمل الكمادات لها ونهض يبطئ قليلاً من تنقيط المحلول
ثم جلس مرة أخري يكمل الكمادات لها إلي أن إنتهي المحلول
نهض وسحب الكانيولا من كفها البارد ودلف بها لدورة المياه وبعد أن وضعها بالماء الفاتر
حملها ترتجف بشدة رغم عدة إستيقاظها
وضعها علي الفراش يجفف جسدها ووجهها بحنان محيطاً لها بالمناشف الكبيرة
يمسح فوق خصلاتها المبللة بكفه بينما ذراعه الأخر يحيطها بقوة لاصقاً لها بصدره
وكأنه سيدفنها داخل أضلعه !
أبعدها عنه يلثم كل إنشٍ بوجهها بحنان يهمس من بين قبلاته أنه معها الأن
نهض بعد لحظات عندما قلت رجفتها وخرج من الغرفة متجهاً للخارج فوجد والدته جالسه بهدوء بل بصدمة وحزن
جانبها مروان يهدأ بها
وقف ينظر لها فنظر له مروان بعتاب ما كان عليه إخبارها هكذا
أغمض عينه وتنحنح بهدوء قائلاً
- أنا أسف يا ماما بس صدقيني هتعذريني لما تسمعيني بس متحملنيش فوق طاقتي صدقيني أنا تعبان أوي !
رفعت عينها الدامعه له بعتاب قاتل وتنهدت ناظرة مرة اخري للأرض
إلتفت مازن علي ملاك عندما ربتت فوق ظهره قائلة بحنان
- معلش سبها دلوقتي وبعدين إتكلموا ..
إبتلع ريقه وأومأ لها ثم قال بخفوت
- أعدي مع ماما أنا عاوز مروان لحظة
أومأت له وذهبت تجاه مني بينما نهض مروان ليري ما يريد
تنحنح مازن وقال بهدوء
- انا عاوز من هدوم ملاك أو مرام خلي ملاك تجبلي بس قولها إنت أنا مش عاوز أحرجها وكده
مسح مروان علي ذراعه ألا يقلق وإستدار لملاك ووالدته مرة أخري
وبعد لحظات دلفت ملاك بهدوء لغرفة مازن بعد أن طرقت الباب
فوجدته جالساً محيطاً للفتاه بقوة يقبل خصلاتها المتساقطة فوق جبهتها بحنان
وكأنه يهمس لها بشئ حتي أنه لم ينتبه لدخولها
تنحنحت بحرج شديد ووضعت الملابس المصفته بعناية فوق طرف الفراش الأخر
وقالت بخوفت ناظرة أرضاً
- دي الهدوم !
رفع مازن بصره لها مبتسماً بإمتنان فخرجت بهدوء كما دلفت
وبعد أن إنتهي من تلبيسها الثياب إستلقي جانبها ضاماً لها بحذر وكأنها زجاج سينكسر !!
تنهد بقوة الأن فقط يستطيع التنفس والنوم يستطيع الحركة والعيش !
**************************************
رفع بكر كأسه لأعلي مفرغاً المشروب دفعة واحدة داخل حلقه ثم قذفه للحائط ليسقط متهشماً كمثيله السابق
رفع ذراعه جانبه ليأخذ الجديد من الخادم المتوقف منذ ساعة ونصف بذعر يناوله الكؤس !!
تجرع بكر الكأس وألقاه بعنف لهرم الزجاج الصغير المتهشم أمامه تحت الحائط يهمس بوحشة
- هجبها !.. هجبها !!
ماتيلدا بتاعتي انا وبس .. هجبها وهجيبك يا زياد !
رفع هاتفه مجيباً علي الرنين المزعج الشاق للصمت
- عملت إيه ؟!
صمت يتلقي الرد ثم هتف بعصبية
- يعني إيه هربت ؟! .. إتصرف و..
صمت قليلاً قاطعاً لحديثه ثم قال بغضب
- ولا أقولك سيبها تغور في داهية
هاتلي ماتيلدا إخلقها من تحت طقاطيق الأرض شوفلي الزياد فين .. شوفهولي راح فين إتصرررررف !!
إنتهي من إتصاله قاذفاً بالهاتف يصرخ بالتوعد والسب !
*******************************
بعد عدة ساعات وقت أذان الفجر فتح مازن عينه علي حركتها البسيطة بين ذراعيه !
مسح فوق خصلاتها القصيرة الناعمة يهمس جانب أذنها بخفوت هادئ
- انا معاكي متخافيش خلاص إنتي في حضني متخافيش !
تحركت بنفضة قوية تهتز
نهض مازن بها لتفيق هاتفاً بخفوت
- إفتحي عنيكي انا هنا متخافيش أنا هنا معاكي
ظلت تنتفض مغلقة عينها وبدأت الدموع تسيل من تحت جفنيها تحاول إبعاده بحركة عنيفة
فإبتعد مازن سريعاً حتي لا تنهار ظناً منها أنه بكر فمازالت مغمضة العين !!
وبمجرد إبتعاده عنها حتي وجدها تنحني كطفل رافعة ركبتيها إلي صدرها دافنة بينهم رأسها ترتعش ببكاء !!
خفق قلبه بقوة وهو ينظر لها وإنحني قليلاً لأذنها هامساً دون أن يقترب منها
- ماتيلدا !! .. فوقي أنا هنا إنتي معايا أنا .. أنا خالد ركزي في صوتي !
ظلت تنتفض بقوة تبكي وكأنها تعافر شئ
أغمض عينه لا يعلم كيف يتصرف معها ونهض يدور حول الفراش مستلقياً جانبها من الطرف الأخر حتي يكون ظهرها له وقال بهدوء وحنان
- حببتي انا مازن هحضنك من ظهرك متخافيش !!
وإقترب يضمها متأهباً لكل ردات الفعل !!
وبمجرد قربه منها حتي إنتفضت أكثر بصمت وإرتعاش
أحاطها بقوة يحاول التغلب علي حركتها الضعيفة بحنان
مستمراً بحديثه لتسمع صوته وتفتح عينها وبعد ما يقرب من العشر دقائق نهض بها محاولاً إيقاظها
فماتفعله مرهق للغاية ولن تتحمل هذا المجهود !
جلس مازن ضاماً لها من ظهرها قائلاً
- ماتيلدا فوقي ياحببتي إفتحي عنيكي أنا خالد إنتي بتحلمي فوقي
فتحت عينها فجأة وتغير حجم الحدقة بإتساع وكأنها لم تري النور لفترة كبيرة !؟
وصمت مازن عندما توقفت حركتها !
خفق قلبه يعلم أنها فتحت عينها !
حررها ببطئ من بين ذراعيه معتدلاً في جلسته حتي أصبح أمامها !!
نظرت له بشرود وطريقة غير مُفسرة وكأنها لا تراه !
إبتلع رقيه هامساً بحنان بينم إرتفعت أصابعه إلي وجنتها الشاحبة
- ماتيلدا !! ... أنا هنا متخافيش !
لم تتحرك حدقتها الثابته عليه وكأنها لم تسمع ما قاله
إنخفضت أصابعه تسير بحنان فوق عنقها وعظام صدرها العلوية وهمس ناظراً لها
- فوقي .. أنا هنا بجد متخافيش !!
كان مازن يشعر بشعورها يعلم انها لم تصدق وجوده تخشي الحركة حتي لا تستيقظ !
إقترب ببطئ شديد يجذبها بحنان إلي صدره قائلاً بخفوت
- أنا بجد ياحببتي ! .. إنتي مش بتحلمي أنا هنا معاكي!
إنتهي همسه وهي بين ذراعيه تنظر بثبات لما وقعت عينها فوقه
تشعر بكفيه فوق ظهرها .. تسمع صوته وهمسه داخل قلبها
إبتسم مازن بحزن عينه تدمع بألم عندما شعر بخفقاتها المتصاعدة أسفل صدره !
فالأن فقط علم أنها عادت للحياه وللشعور به !!!!
************************************ ا الوح٭zI

أشعر بكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن