الفصل السابع والعشرون

45.1K 1.4K 21
                                    

  ظل مازن ينظر لها بغرابة فما بها ثم تنفس ورفع يده يمسح فوق خصلاته يحاول الهدوء
ولكنه صُدم وهو يري كفه ملوث بالدماء وكم قميصه الرمادي !!
وفجأة ارتفعت عينه لها فهو لم يقترب من نرمين بل لم يقترب من أحدً غيرها !!
اتسعت عينه فالان علم سبب ذعرها فيبدوا ان جرحها قد فُتح وتنزف!!
كان يظنه قد تحسن قليلاً عندما غير عليه منذ عدة ايام
... أغمض عينه يتذكر عندما نهض علي طرقات الباب الخافته فوجدها امامه
ابتسم لها بحنان وافسح لها المجال قائلاً
- حفظتي العنوان اهه .. ثم تابع بخبث وهو يغلق الباب متجها للداخل خلفها
- عموماً كويس عشان دي هتبقي شقتك لو محبتيش تسكني في الفيلا بتاعتنا
التفتت له وقالت بضيق
- لو سمحت مش كل ما تشوفني ترمي كلام
احنا مفيش بنا حاجة ومتتكلمش معايا كده انا مش خاينة وانا ..
قطع كلماتها الغاضبة صوته القاصف
- انتي مطلقة فمفيش حد تخونيه .. فوقي !
ضيقت عينها تنظر له بغضب وقالت
- انت اللي فوق انت متعرفش بكر ممكن يعمل فيك ايه وفيا ايه لو شك بس ان في حاجة بنا
مضمرش نفسك وتضمرني وانا معتبرة نفسي متجوزة ومتندمنيش اني طلبت منك المساعدة
تجاهل كلماتها الغاضبة واقترب منها بخطوتين قائلاً بهمس جانب اذنها
- خايفة عليا منه ؟!
شعرت بالاضطراب ووضعت حقيبتها وهي تقول بتوتر
- لو سمحت غيرلي علي الجرح عشان ارجع بسرعة هو ميعرفش اني بره !
فاق من شروده علي صوت تأوه نرمين المرتفع فيبدوا انها فاقت وتمتلك كسور !
نظر لماتيلدا فوجدها قد استندت بظرها علي المقعد تبدوا شاحبة للغاية
تنفس بهدوء يجب أن يساعدها دون أن يعلم احد فهي تنزف ولا تبدو بخير
نظر حوله وهو يفكر يجب اخراج الخادمة
ويبدوا أن شهيرة تعلم بالامر مؤكد بعد مراسلتها معها
ولكن يجب أن يتأكد إن كانت تعلم بجرحها فاقترب منها وانحني عليها وقال بصوت منخفض
- شهيرة تعرف ان جمبك مفتوح ؟!
نظرت له بتعب شديد وهي لا تفهم سؤاله جيداً وأومأت برأسها بضعف عندما اعاده مرة اخري بنبرة قوية رغم انخفاضها
ابتعد مازن وطلب من الخادمة الخروج
فنظرت له باستغراب فلم يأمرها وقالت باحترام
- انا هنا عشان لو مدام نرمين احتاجت مساعدة
قال مازن بهدوء شديد
- احنا هنساعد مدام نرمين والبوليس زمانه جي لاني طلبته وهيحقق مع كل اللي في الاوضة
وانت اكيد عارفة شغل الحكومة (س وج) فاتفضلي دلوقتي واحنا هنتكفل بالموضوع
وبالفعل اقتنعت الخادمة بكلامه فهي ليست حمل الاسئلة والاجوبة والاتهامات
ولا تريد الشهود علي الجريمة حتي لا تواجه غضب بكر الديب بعد ـن يقطع رزقها ويشردهم كما كان يهتف أثناء اخراجهم له
أغلق مازن الباب جيداً خلفها واتجه الي ماتيلدا والتي بدأت بفقدان الوعي
لا تعلم هل هو خوف وهروب ام ألم وتعب حقاً
أمسك كفها البارد ففتحت عينها عندما شعرت بدفئه ونظرت له بتعب شديد محاولة جذب يدها منه بقلق و ذعر ولكنها لم تستطيع وجذبها هو برفق الي أن قام بحملها متجهاً بها الي الاريكة الواسعة في الجهة الاخري من الغرفة أمامهم !!
وضعها برفق ووضع يده علي قدمها حتي لا تنزلها مرة اخري وهو يقول بجدية
- جرحك مفتوح .. انتي عارفة انك بتنزفي .. سبيني أعالجهولك
وأكمل وهو يلقي نظرة للخلف ثم لها
ومحدش معانا كمال تبعي ونرمين مش واعية وشهيرة عارفة
اهدي خالص وسبيني اشوفه لان دي مش لعبة لو اتلوث هتدخلي في بلاوي
نفت برأسها لاتستطيع ابعاده عنها بينما اقترب هو يهمس لها
- متخافيش سبيلي نفسك محدش هيعرف حاجة .. انتي تعبانة اصلا ومش قادرة
استسلمت له بخضوع فهي حقاً متعبة ولا تستطيع فتح عينها حتي لتقاومه
وفجأة أتي بشئ من حقيبة كمال وجلس أمامها
وصُدمت وهو يقوم بمزع جانب ثوبها
فشهقت وهي تنظر له بخوف
فقال بصرامة دون النظر لها وهو يتفقد الجرح
- لما تبقي عندي مش هروحك بهدوم مقطعة وتتفضحي
بس انتي دلوقتي في بيتك تقدري تغيري ولو فيها فضيحة فيحصل اللي يحصل
بس اكيد مش هقلعك الفستان قدام كمال
ارخي نفسك ومتخافيش مش هتحسي بألم الا بسيط جدا انا معايا بنج موضعي بس اتنفسي بس !
وبدأ بتقطيبه للمرة الثانية وقد أصبحت حالته اسوء !
**************************
وقف مازن يتأنق أمام المراه فاليوم زفاف صغيرته
التقط رابطة عنقه السوداء وبدء بربطها وهو يتذكر صوتها العذب عندما تحدثت اليه ليلة أمس بعد أن الح باتصاله يريد الاطمئنان علي جرحها
حينها شعر بالراحة وهي تخبره انها بخير للغاية
رغم عدم انغلاق الجرح ولا داعي لاتصالاته
ابتسم بسخرية فكم هي مخلصة ورقيقة ولكم كان ينتظر زيارة كمال لنرمين حتي يذهب معه
ويري ملاكه المضطرب الرقيق !
والان انتهت حجته بالذهاب فنرمين بدأت بالتعافي ولا تحتاج لطبيب ولا يعلم احد عن جرح ماتيلدا والذي مازال بحاجة لعناية
فاق من شروده علي رنين هاتفه التقطه فوجد رقم لا يعرفه وعندما اجاب اتاه صوت نرمين الباكي
أغمض عينه فهذا اتصالها السادس خلال الاسابيع الماضية
يعلم انها تعلقت به ولكن لا يستطيع استغلالها او خداعها فكما علم ورأي هي فتاه جيدة ولا تستحق ذلك
فقط قد ظلمتها الحياه كثيراً بوقوعها بأخ كهذا
اتاه صوتها الباكي بشدة وهي تقول برجاء
- عشان خاطري انا محتجالك خليني اشوفك انا في الشارع ***
ومش عارفة اروح فين ومش عاوزة ارجع البيت
جز علي اسنانه لا يستطيع مقابلتها فاليوم زفاف اخته ولا يعلم احد حتي لا تكشف هويته !
وبعد الحاحها الباكي وافق علي مضض بعد أن أكد عليها ضرورة ذهابه بعد ساعتين
فلديه عمل هام للغاية ولا يستطيع تأجيله ووافقت بأمل وهي تتنفس بعمق
******************************
ادمعت عين مني وهي تري طفلتها الجميلة تهبط الدرجات الرخامية الفخمة للاوتيل متأبطة ذراع مازن لا تصدق ان الله طال بعمرها حتي تري مثل هذا اليوم وتطمئن علي اولادها
همست بشكر من اعماقها وهي تمسح دمعة فرت من بين جفنها
ابتسم مروان ومال علي ملاك الواقفة جانبه وابتسامتها متسعة للغاية وقال بخبث
- الحمدلله مرام اتجوزت اهه اكيد الابتسامة دي عشان اخيراً هنطلع شقتنا ونعيش سوا صح ؟!
توردت وجنتها بشدة وهي تعلم افكاره الوقحة والتي يلمح لها بها دائماً
ضحك مروان بشدة من احراجها المبالغ به وقال
- يابنتي والله العظيم انا صبرت كده كتير كل ما اتعشم ونتفق تطلبي ان نصبر وبعدين انتي مراتي يعني ونفسي اتلم عليكي بقي و.. وكده ...
ولم يكمل اكتفي بما سيوحي به تفكيرها المتوتر
اقترب مازن من مرام بعد أن هبطوا الدرجات تحت تصفيق الجميع وقال لأكرم وهو يسلمها له بعد أن قبل جبينها بحنان وهو يهمس لها بأنه معها فهو يشعر برجفتها منذ بداية قربه منها
وأن اليوم اسعد ايام حياته علي الاطلاق
- خلي بالك منها انت واخد حتة من قلبي فاتعامل بحذر ها.. بحذر
ضحك أكرم بسعادة وهو ينظر لمرام بحب شديد وقال مطمئن لمازن
- دي روحي لمواخذة يعني خلاص بقت مراتي بقي
و متقلقش ربنا يقدرني واخليها اسعد انسانة في الكون
وبدء الاحتفال الصاخب والموسيقي الراقية تعزف والجميع يرقص بسعادة بينما وقف مازن عند احدي الطاولات العالية وهو يفكر بوجوم بما قالته نرمين لا يستطيع التصديق بما افصحت به فما قالته ابعد من الخيال لدرجة انه شعر انها تنسج قصص من وحي خيالها انتقاماً من بكر ولكن تبدوا صادقة وواعية
وما قالته حقيقة فهذا المبرر الوحيد لغضب بكر المخيف عندما يتطرق احد الي هذا الموضوع كما ذكرت !
فاق من شروده علي صوت مروان وهو يربت علي كتفه قائلاً
- عقابلك يامعلم مفضلش الا انت ربنا يعينك علي مني بقي وزنها
ضحك مازن وقال بغرور عابث
- لا ياحبيبي انا قربت برده مفيش وقت تزن فيه
بينما كانت ملاك جانبه تنظر لمراقصة أكرم لمرام علي تلك الموسيقي الهادئة
وفجأة لمحت مصطفي يقترب مما جعلها تتمسك دون ارادة بخوف بذراع مروان
التفت مروان لا يصدق لمستها له ولكن علم سببها عندما رأي ذلك البغيض اخيها يقترب
وقف مصطفي محياً للجميع دون النظر لها واحتضن مازن مباركاً له زواج اخته
ثم التفت لمروان وقال ببرود
-الف مبروك يامروان
بادله مروان بنظرة متقززة وقال ببرود مقضطب
- الله يبارك فيك
ابتسم مصطفي بسماجة وحول بصره لاخته قائلاً
- الف مبروك ياسلمي ما انتي بقيتي من العيلة خلاص
اشتدت قبضتها علي ذراع مروان دون ان يري احد فقط مروان من يشعر بها
وقالت باضطراب ونبرة مهتزة وهي تنظر له
- الله يبارك فيك
فقال بسخرية ناظراً لها بقوة
- مش لو كنتي صونتي نفسك كان زمان اتعملك فرح زي دا بشئ وشويات وباحترام وقيمة
حينها اقترب منه مروان يريد الفتك به بغضب ولكن اوقفه صوت مازن الحازم
- مروان اهدي لو سمحت دا فرح مرام واكيد مش هتبوظ فرح اختك
ثم حول نظراتها لمصطفي بقسوة وقال بحدة
- بلاش الاسلوب دا يا مصطفي وابعد عنهم انت ملكش حاجة عندها وملكش كلمة عليها
وانت عارف دا كويس ولو هتفضل كده تبقي نورت الفرح واتفضل
انما فرح اختي يتخدش ولو بنقاش حتي ملوش لزمة مسمحش ..تمام !
أومأ له مصطفي ووقف بهدوء وهو ينظر لاخته بغضب لا يعلم هل يحبها ام يكرها
لكم كان يريد الشعور بما يشعر به مازن ومروان ولكن هي حقيرة فلكم عرفت من رجال !
أمسك مروان كفها لمرتعش وقال وهو يقف امامها ليحجب عنها رؤية الجميع
- حببتي الكيوت تسمحيلي بالرقصة دي ؟
ابتلعت ريقها باضطراب وقالت بخفوت
- انا .. انا مش بعرف ارقص
ابتسم لها بحنان قائلاً وهو يومأ لها
- منا عارف وهعلمك سبيلي نفسك بس واسمعي الموسيقي
ثم جذبها وسار بها تجاه بقعة الرقص الهادئة ممسكاً كفها بقبضته حتي اختفي داخله
وضمها لصدره فشعر بانتفاضها وارتعاش جسدها الواضح
ابتسم وهو يحاوط خصرها بتملك وبدء بالتمايل بها بهيام معبراً لها عن حبه الشديد ورغبته القاتلة بها
توردت وجنتها بشدة بعد ان اندفع الدم بقوة الي رأسها من توترها واضطرابها
لما تسمعه منه سواء مشاعر او كلمات منحرفة كما تراها
***********************
سار مصطفي في وسط الحفل فهناك الكثير من الفتايات الجميلات لعله يلتقط احداهن بوسامته وتلاعبه بالكلمات الساحرة عله يلهي قلبه عن عدم وجود ملاكه البرئ !!
بينما شرد مازن بكلمات نرمين الغريبة وتذكر أفضلهم وما جعل قلبه يخفق
((كل صحابه حسدينه عليها
مستغربين موافتها بيه وهم فاكرينه مكفيها كمان اومال لو يعرفوا انها لسه بنت !!!))
خفق قلب مازن بعنف فكل شئ يؤكد انها نصفه الاخر وكأنها خلقت له!!
ابتلع ريقه كان يشعر من اللحظة الاولي انها ملكه
وفجأة اتت خديجة بعقله شعر بالنبض لتذكرها فكم يريد معرفة طريقها فقط يريد الاطمئنان عليها
نظر لوالدته اثر لمستها علي ذراعه وهي تقول بحنان
- مالك سرحان في ايه يامازن ؟ .. انت كويس ياحبيبي
ابتسم لها بهدوء وقد استعاد تركيزه وقال
- لا ياحببتي انا كويس بس سرحت في الشغل
ثم حول بصره يتشبع من صغيرته المدللة وهي بالابيض النقي
****************************  

أشعر بكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن