الفصل الثامن

46.7K 1.5K 64
                                    

كانت مرام تبكي بصمت بينما ظل هو واقفاً محله لعدة ثوان مستنداً علي سيارته
حاولت التنفس قدر المستطاع وانزلقت شهقة منها بهبوط السيارة فجأة عندما احتل مقعده جانبها بعنف
وانطلق بها بسرعة مخيفة !
ظلت تبكي لا تعرف كيف ستبرر له فعلتها
وبعد قليل صف مازن سيارته علي جانب الطريق وظل ينظر امامه
يحاول جاهداً الهدوء قبل ان يفتك بها
كانت مرام تبكي بحرقة وخزي منه
ابتلع ريقه وهو يستمع لصوت شهقاتها المكتوم وبكائها كمواء القطط
نفخ بقوة وقال بغضب
- امممم هنقضيها عياط !
مسحت مرام دموعها وهي تفرك يدها بفستانها الرقيق وقالت بخفوت
- انا اسفة يا مازن انا ..
قاطعها بسخرية وغضب مكتوم
- اسفة ؟!!! .. وأكمل بإستهزاء
- اسفة علي ايه يا انسة يا محترمة ؟!
قالت ببكاء محاولة تبرير ما حدث
- انا والله كنت عاوزة اقولك بس معرفتش اقولك ازاي
ضرب مازن عجلة القيادة بقبضته وهو يقول بنبرة مرتفعة زاعقة
- ايواااا ..عارفة ليه مش عارفة تقوليلي يا مرام ؟!
عشان ببساطة انتي بتغلطي واكيد مش عارفة تيجي تقوليلي انا مصاحبة يا مازن
نفت مرام ببكاء قائلة
- والله يامازن مش بقابله والله بحلفلك دي اول مرة
قطب بين جبينه ونظر لها قائلاً بإستغراب ساخر
- انتي منتظرة مني اصدقك يا مرام !!
واكمل بقوة وهو ينظر لها
- ياتري انتي واخدة بالك انك متستاهليش الثقة ولا لا !
مسحت دموعها وقالت بشهقات
- والله يا مازن انا مكنتش بكلمه من زمان والله انا لسه مكلماه من اسبوعين
قال بشراسة وهو يجز علي اسنانه
- مين هو ؟!
ابتلعت ريقها قائلة بصوت خافت من اثر البكاء
- واحد معايا في الكلية
اعتصر قبضته قائلاً بنبرة حادة رغم خفوتها
- انا هحاسبك بعدين يامرام وانتي عارفة كويس لما مازن يقول هيحاسب !
ودلوقتي احكيلي كل حاجة
بكت مرام بشدة وهي تعتذر منه
لكن وهل يكفي الاعتذار !!
***********************************
خرجت ماتيلدا من غرفتها وعندما سألت الخادمة أخبرتها بأن السيد بكر قد خرج منذ قليل
طلبت ماتليدا ان تُحضر لها عصيرها علي غرفة الساونا واتجهت لها
دلفت ماتيلدا وجلست بعد ان خلعت ملابسها وقامت بلف جسدها بمنشفة كبيرة
أغمضت عينها بارهاق تريد الهرب من واقعها ولكن الي اين ستهرب
تنهدت وهي تتسائل داخلها باستغراب شديد ..كيف هذا الشعور
منذ سنوات تمنت ان تملتلك هذاالشعور مرة اخري وها هو اتي مع شخص جديد بعد ان فقدت الامل ..
اتي ولكن في وقته الخاطئ
فاقت من شرودها علي صوت تلك الفتاه اليبانية الصغيرة
التي تطلب منها الاسترخاء للبدء في جلسة التدليك
تمددت ماتيلدا علي بطنها
واغمضت عينها تاركة جسدها باستسلام لتلك الفتاه علها تريحه من تشنجانه
**************************************
وبعد عدة ايام اقتربت مني وهي تضع اطباق الطعام علي السفرة ..
ثم قامت بوضع العصير في الكأس امام مازن والذي كان في عالم اخر تماماً
قالت بحنان وهي تمسح علي كتفه
- مالك يا حبيبي ؟ ..في ايه ؟
مازن بابتسامة حاول اصتناعها سريعا ً
- مفيش حاجة متقلقيش ..مالي منا فل اهه
جلست مني وهي تضيق عينها قائلة
- فل ايه بقي ..انت شكلك متخانق مع مرام
نظر لها بهدوء محاولاًمنع ابتسامة وقال
- ليه بتقولي كده ؟؟
قالت مني بثقة
- عشان دا الصح بقالك كام يوم اهه مبترفعش عينها فيك وبتتحرج تاكل معانا
دا غير انها لو اعدة مجرد ما تسمع صوتك وانك جيت تتنفض وتجري علي الاوضة
كل دا مش عادي يا مازن خصوصاً انك قريب ليها وكمان مروان جاي النهاردة
وانا مش حاسه ببهجتها اللي بتكون دايما لما ينزل من بره..
ضحك مازن مداعباً لها
- ايه يا عم المخابرات دي كلها بس كله بقي علي الفاضي عشان انا ومرام منقدرش نزعل من بعض دي العبيطة الصغيرة بتاعت البيت
وانتي مش حاسه ببهجتها بنزول مروان عشان مروان نازل ومش راجع تاني
وهي هتاكل معانا عادي النهاردة لانها فاضية ومخلصة مذاكرتها
تنهدت مني بسعادة وقالت
- اهي دي بقي اكتر حاجة مفرحاني اخيرا هتبقوا في حضني ومحدش هيسافر تاني
ضحك مازن بشدة وقال
- ايه في حضنك دي متحسسنيش اننا كتاكيت والنبي
وبعدين انا مقولتش لابنك يسافر يمسك الادارة بره
هو اللي طلع راجل وصمم وسافر .. وأكمل بضحك
- حبيبي والله
قالت مني بضيق وغضب
- طبعا ما علي هواك خليكوا كده اشتغلوا لاخر العمر من غير جواز
اعتدل مازن بجلسته قائلاً وكأنه يعطيها نصيحة جوهرية
- لالا انا افقدي الامل فيا خليكي في مروان اهه هيتم ال 24 باين ..
حلو اوي زني بقي وكلي دماغه لحد ما تجوزيه عروسه حلوة ويزهق منها ويطلقها
نفخت مني وهي تضربه علي كتفه
- يا شيخ فال الله ولا فالك ..ملافظ سعد
خرجت مرام بخطوات مضطربة بشدة مما جعل نظرات مازن تتبدل من الضحك للضيق والصرامه
اقتربت بهدوء وجلست علي السفرة لتناول الطعام معهم كما طلب منها أمس بإقتضاب !..
امسكت معلقتها وهي تختلس النظر له بتوتر بالغ بينما ضربات قلبها في تسارع الي ان اصتدمت عينها بعينه فشعرت بانقطاع الهواء والاختناق ممها جعلها تسعل بشدة فأعطتها مني كأس الماء وهي تُسمي عليها
بعدها بدقائق نهض مازن وهو يتحجج بعملا ما عليه ان ينهيه قبل ان يذهب للمطار لاستقبال أخيه مروان
نظرت مني بنظرات متفحصة لمرام قائلة
- هو ايه يا مرام ..اخوكي ماله ؟!
ابتلعت مرام ريقها باضطراب وأجابتها بخفوت
- مفيش يا ماما ..مش عارفة ماله
ضيقت عينها قائلة بتساؤل ساخر
- والله ! .. بس هو متغير معاكي وانتي مبترفعيش عينك فيه
والفلوس بتطلبيها مني بعد ما كنتي مستحيل تطلبي الا منه ..كل دا عادي ولا ايه ؟!
نهضت مرام بارتباك واعتذرت بأن لديها الكثير من الوظائف يجب انهائها
وتركتها مني حتي لا تضغط عليها فكل شئ سيتضح قريباً مؤكد !
أوت مرام الي غرفتها وبدأت بالبكاء الشديد وهي تتذكر نظرات مازن وكلماته ..
البعض يظن ان الضرب قاتل ولكن احيانا تكون الكلمات والنظرات كافيه عن اي عنفٍ او ضرب
هي تعلم ان مازن لا يتعامل بالعنف والضرب ولكنها تمنت لو تعامل بهم ولم يتعامل بطريقته !
تذكرت بعضاً من كلماته اللاذعة وهي تبكي
- غيرك بيتمني اللي انتي فيه .. انا حارمك من ايه يامرام عشان تدروي عليه بره
مش انا بس ...انا ولا مروان ولا ماما حتي بابا لله يرحمه ..
وضعت كفها علي وجهها وهي تشهق بعنف فهو لا يستحق .. لقد خذلته !
رنت بعض كلمات له مرة اخري في اذنها
- انتي مش محتاجة حاجة يامرام
حب وحنان واهتمام وكل شئ عندك .. بس ازاي
دورتي ازاي ترخصي نفسك !
واتجننتي لدرجة انك تروحي لحد غريب اي مكان يقولك عليه
بالعكس مفكرتيش دا كذاب ولا لا بيلعب ولا لا هيأذيكي ولا هيعمل فيكي ايه ...
لا عادي جدا ختي القرار ورحتي بكل غباء
وضعت كفها علي اذنها علها توقف سيل كلماته حتي تتخلص من نظراته القوية
ولكنها لا تستطيع فقط تتذكر وتتذكر
- انا مش هديكي الثقة تاني لانك متستاهليهاش .. انا ندمت اني عاملتك كواحدة كبيرة محترمة وواعيه!
وضعت رأسها في وسادتها وهي تشهق بألم وتتأسف منه
ولكن قد فات الاوان وانتهي الامر !
*********************************
اغلقت شهيرة الهاتف بغضب تتمني ان تتخلص من تلك المناوشات والخلافات العنيفة بين بكر ونرمين
نفخت بضيق وهي تفكر يجب عليها اقصاء نرمين من القصر اليوم حتي لا تتواجه مع بكر فهذا الحل الامثل
نادت علي مدبرة الفيلا وهي تفكر في طريقة سليمة للوصول لغايتها
حضرت تمارة وانحت باحترام شديد فطلبت منها شهيرة بهدوء
حضروا الاصناف اللي بكر باشا بيحبها .. النهاردة جايين علي الغدا
اومأت تمارة وانصرفت بهدوء
وضعت شهيرة قدم فوق اخري وظلت تتأمل حذائها العالي وتنورتها القصيرة بشرود
الي ان اتت لها فكرة ابعاد نرمين
اخذت هاتفها من علي الطاولة وقامت بضغط عدة ارقام
ابتسمت براحة بعد ان انتهت من اتصالها مع صديقة نرمين المقربة
بعد ان طلبت منها ان تأتي بأي سبب وتأخذ نرمين اليوم من القصر
حتي لا تتواجه مع اخيها فيكفي ما يحدث!
................................
جلست ماتيلدا ترتدي حذائها العالي محدثة بكر بعتاب
- مكنش ليه لزمة الغدا هناك يا بكر
التفت بكر لها بعد ان وضع الفرشاه وقال بغضب
- يعني ايه ملهاش لزمة انا حر.. بيتي وحر فيه اروحه وقت ما احب
تنهدت ماتيلدا بهدوء فهي لا تريد اثارة غضبة
- انا مقولتش حاجة بس اقصد يعني ان خلافك مع نرمين مفتش عليه كام يوم
واكيد اعصابكوا لسه مشدودة
ابتسم بكر بسخرية وقال بسخط
- وهي من امتي اترخت.. نرمين دي مجنونة
وانا لولا شهيرة والصحافة كنت رميتها في مصحة نفسية مع اللي زيها
حولت ماتيلدا بصرها الي قفل حذائها ولم تجبه بشئ !
فتابع وهو ينتهي من ربطة عنقه امام المراة
- يلا يا حياتي عشان منتاخرش !
اعتدلت ماتيلدا بعد ان انتهت واقتربت لتأخذ حقيبتها الصغيرة من علي الفراش بعد ان اخرجتها اثناء ارتداء ملابسها
فاقترب منها بكر حاملاً لاحدي زجاجات عطرها وقام بنثر الرزاز عليها وعلي صدرها وشعرها قائلاً بحب جانب اذنها
- انا بحب البرفن دا اوي وانتي عارفة يبقي تحطيه ..مبحبش اكرر كلامي !
انهي كلماته الخافته
وهو يجذب خصلة من خصلاتها بإستمتاع مخيف !!
********************************************

أشعر بكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن