الفصل الثالث والعشرون

43.9K 1.4K 15
                                    

اقترب مازن بها لسيارته فكانت تسير بطريقة غريبة
ففتح الباب لها وادخلها برفق
ولكن قبل أن يغلق الباب أتت نسمة هواء قوية مما ادي الي ارتفاع خصلاتها
تسمر محله وتحولت نظراته للصدمة وهو يري خيط الدماء جانب اذنها !!
ابتلعت ريقها باضطراب شديد وهي تعيد خصلاتها مرة اخري مسرعة جانب وجهها ولكن توقفت يدها في الهواء عندما أمسكها وهو يعيد رفع خصلاتها ويتفقد جرحها قائلاً بغضب مكبوت
- هو اللي عمل فيكي كده ؟!
رمشت بعينها عدة مرات وتسارع تنفسها وهي تنظر له بدموع قائلة برجاء
- عشان خاطري اهدي عشان مضيعنيش انا بستنجد بيك ياخالد اهدي عشان تعرف تساعدني
كانت عيناه متجمدة مخيفة بشدة وكأنه لا يستمع لشئ !
تحركت عضلة بفكه وإبتعد فجأة مغلقاً الباب بعنف ودار حول سيارته محتلاً محله وانطلق مسرعاً
ثم حول بصره لها قائلاً بسخط
- عمل فيكي ايه؟ .. وليه ؟
نظرت له وهي تمسح دموعها وقبل ان تجيب رن هاتفه
نظر لشاشته فوجده حازم نفخ بضيق مجيباً بحدة
- خير ؟
اتاه صوت حازم غاضباً
- انت اتجننت ولا عقلك طار ازاي ماتيلدا تيجي بيتك وعرفته منين
تنفس محاولاً الهدوء وقال
- انا اللي قلتلها عنواني وقت الفندق كنت خايف تحتاجني ومتلاقينيش
صرخ به حازم علي الجهة الاخري
- خايف !! وتحتاجك !! انت عارف ياباشا لو طلعت قايلة لبكر دا معناه ايه انه عرف انك ابن العابدين
تنهد مازن بإختناق مغمضاً عينه بقوة وقال بهدوء
- اقفل دلوقتي بعدين هكلمك بس سبني دلوقتي
لكن حازم لم يستمع اليه وهتف بعصبية
- شوفت اخرت الحب والاحساس يا دكتور مازن ادينا علي تكة وممكن الدنيا تتقلب علينا دا اذا مكانتش معرفاه وبكر اللي بيلعب بينا دلوقتي مش احنا
حينها فقط هتف به مازن بعصبية بعد ان فقد اعصابه
- بقولك اقفل دلوقتي وسبني بعدين نتكلم
انهي حديثه واغلق الهاتف ملقياً به امامه ثم نظر لها قائلاً
- انتي عرفتي بكر العنوان دا او قولتيه لاي حد
نفت برأسها بتعب وهمست
- محدش يعرف حاجة ثم تابعت بضعف مستغربة
- هو بكر ميعرفش عنوانك ازاي ؟
لم يجبها بشئ وظل صامتاً متوعداً فالي الان لا يعرف ما بها وكيف اذاها ذلك الحقير
وبعد قليل توقفت السيارة اسفل بناية في احدي الشوارع الراقية فنظرت حولها وقالت بخفوت
- احنا فين ؟
اجابها بحزم
- انزلي احنا في مكان أمان عشان نتكلم
ابتلعت ريقها بصعوبة وقالت بخفوت
- طيب اشتري قطن وتعالي
نظر لها بحدة وقال بعصبية
- قطن ؟ ليه في ايه .. ما تنطقي ؟
أغمضت عينها من صراخه بها تعلم انها نزفت الكثير الي الان وقالت باضطراب
- عشان خاطري اسمع كلامي وساعدني
تنفس بقوة يشعر وكأنه سيقتلها الان فهو علي بعد خطوة واحدة من فقدان سيطرته علي نفسه
ولكن حاول استدعاء هدوئه الي ان يعرف ماذا حدث وقال وهو يخرج من السيارة صافعاً للباب
- مش هتاخر اما اشوف اخرتها
ظلت داخل السيارة الي ان اتي فاقترب منها وفتح بابها فنزلت منه بوهن شديد وترنحت فجأة فامسكها وهو يغلق الباب وصعد بها اول درجات ولكنها كانت بطيئة للغاية اقترب منها قائلاً
- عارفة تمشي ولا اشيلك ؟
خفق قلبها بقوة ونفت برأسها قائلة
- لا انا همشي بس امشي براحة شوية
أومأ لها موافقاً وفجأة انحني وحملها بهدوء
شهقت بصدمة وتأوهت من شدة الالم
همس لها مطمئناً
- هتبقي كويسة متخافيش بس لازم تقوليلي ايه اللي حصل انا اعصابي مش متحملة والله
لم تجبه فقط اسندت رأسها فوق صدره مغمضة عينها تحاول ان تتخطي ماتعيشه وتنعم بدفئه وأمانه ولو قليل
دلف للمصعد بها قائلاً بهدوء علي نفس نبرته الهامسة
- سامعة قلبي ؟!
ابتلعت ريقها تشعر به ولكن لم تفتح عينها بل ظلت كما هي
فتابع بابتسامة حزينة وألم داخله
- قلبي بينبض بالطريقة دي عشان انتي قريبة مني !
شعرت بارتفاع نبضاتها فتابع
- انا حاسس بقلبك وانتي بعيدة تخيلي وانت معايا .. صمت قليلاً واكمل
- مش قلتلك قلبك دا بتاعي بدون اختيار حد فينا !
انهي حديثه وهو يخرج من المصعد ثم دلف لشقته بهدوء واغلق خلفه الباب
إعتدلت ماتيلدا وقالت بتعب وهي تتأوه بعد ان وضعها علي الاريكة
- انا مش عاوزاك تتوتر انا عارفة انها حاجة صعبة اوي بس حاول انا معنديش حد اثق فيه غيرك
ضيق عينه وهتف بصراخ بوجهها فهي تتلاعب باعصابه دون دراية
- بطلي قلق فيا قوليلي في ايه
ابتلعت ريقها وقالت بخفوت
- انا بنزف وانت هتساعدني
نظر لها بصدمة وقال مسرعا بهلع
- بتنزفي ازاي من ايه فين الجرح
قالت وهي تحاول النهوض
- جمبي انا اتعورت هوريهولك وانت حط القطن ولو ينفع يعني تكلم الدكتور صاحبك
ثم قالت مسرعة بخوف
- لالا بلاش صاحبك عشان محدش يعرف و..
قطع حديثها مهدئاً اياها بينما القلق ينهش به وكأنه وحشٍ مفترس
- هششش اهدي متخافيش محدش هيعرف حاجة وانا هساعدك بس وريني الجرح عشان لازم اشوفه
أومأت له ببكاء وخوف
فقال بهدوء حتي يهدأ من روعها فيكفي ما يراه من ذعر داخل عينها
- قومي هساعدك تقلعي الفستان بس الجرح انو جمب
أجابته بتوتر وقلق اليمين بس انا هحاول افكه لوحدي
نظر لها ببرود وهو يساعدها علي النهوض وقال وهو يبدأ بفك ثوبها دون استاذان
- انتي مجرد مريضة دلوقتي وانا مش هغتصبك يعني متخافيش مني
وبعدين مجاش في بالك اللي هيحصل قبل ما تستنجدي بيا ؟!
اغمضت عينها وهي تستدير بحرج فهو محق ولكنها حقاً لم تفكر بشئ فكرت به فقط ان ينقذها من مصيبتها قبل ان يعلم أحد بشئ !
نظر مازن للجرح وخفق قلبه بقوة فهي تحتاج الي خياطة فالحرج عميق
أجلسها ببطئ وهدوء حتي لا تضطرب أكثر واتي لها بشرشف لتخفي به جسدها حتي لا يزداد اضطرابها ورعشتها التي شعر بها وهو يحاول معها نزع الثوب ببطئ حتي لا تتاذي أكثر
نظر لها فوجدها تنظر للجرح بخوف شديد وتبكي بصمت
اقترب منها محتوياً وجهها بين كفيه قائلاً بحنان
- متخافيش خلاص انتي معايا هتبقي كويسة متبصيش ليه انا هساعدك .. خلاص متفكريش في حاجة خلاص وتابع ببسمة هادئة
- فكري فيا انا وانك معايا عشان تلهي نفسك ..صمت قليلاً ومسح علي خصلاتها قائلاً
- خلاص انتي في امان اياكان حصل ايه بعدين نتكلم المهم دلوقتي انتي معايا محدش هيقربلك ارخي نفسك واهدي وبس
ثم اعتدل في وقفته بعد ان اومأت له بنظراتها وإتجه للداخل
اضاء الغرفة وفتح خزانته مخرجاً منها حقيبه ووقف للحظة مفكراً بهدوء
يجب ان يساعدها هو يستطيع خياطة جرحها رغم عدم ممارسته للمهنة منذ سنوات .. لكنه يستطيع
تنفس بقوة وخرج لها مرة اخري ..
وضع الحقيبة جانبها واخرج كل شئ وقام بارتداء الجوانتي الابيض وعقم الاشياء بسرعة وهدوء
ثم قام بتجهيز الابرة كانت تنظر لما يفعله بدهشة من اين اتي بتلك الاشياء كما ان هذه ليست تصرفات احد لا يفق بشئ او مبتدأ !!
وعندما نظر لها رفعت عينه اليه بذعر وقالت بتوتر وقلق
- انت هتعمل ايه ؟
اجابها بهدوء
- متخافيش هخيطلك الجرح!
نظرت له بهلع وصرخت به
- انت مجنون مينفعش دي مفيهاش تجربة انت ممكن تأذيني
كانت تصرخ به بهستريا وخوف بينما تتأوه ويزداد نزيفها كرعبها المتزايد من منظر الدماء
نهض فجأة مقترباً منها صارخاً بها لتتوقف فتبدو غير واعية
- اهدي قلتلك متخافيش مني انا مش هأذيكي انا دكتور اصلا !
تنفس بقوة يعلم ان من الخطأ ان يصرح بشئ ولكنه خائف عليها
تنهد وهو ينظر لعينها وتابع بهدوء
- اهدي ومتخافيش سبيلي نفسك بس
انهي كلماته وجلس مرة اخري بينما ازدادت دموعها خوفاً تشعر وكأنها لا تفهم ولا تستوعب شئ
بعد لحظات سمعته يقول بهدوء
- هتتألمي شوية لان معنديش بنج بس متخافيش حاول تتحملي .. انا اسف
اقترب منها وقام بتعقيم الجرح واخراج الزجاج الباقي منه وبدأ بالخياطة وهي تبكي بشدة ممسكة باحدي الوسائد الصغيرة للاريكة لتكتم داخلها صرخاتها المتألمة
نهض مازن عندما انتهي واقترب من وجهها بعد أن فقدت الوعي من كم ما نزفت وشدة الالم
فقام بمسح جبهتها من حبات العرق وابعاد خصلاتها الملتصقة بوجهها ثم شرع بتنظيف الجرح جانب اذنها وتعقيمه
بعدها قام بحملها برفق وادخلها غرفته
وضعها بالفراش ببطئ شديد ودثرها جيدا ثم قام بفتح النافذة واغلق الاضاءة فأصبحت الغرفة خافتة النور بسب الضوء الفضي الخافت المتسلل من النافذة لها
خرج ليأتي ببعض الاغراض اللازمة وفجأة توقف في الصالون عندما سمع رنة هاتفها
فوجدها رسالة قام بفتحها فوجدها من شهيرة قائلة
( انا حطيتله الدوا وقرصين منوم ومستنية منك بالمقابل وانتي فهماني لما تعرفي كلميني انا منتظرة )
ضيق عينه مفكرا ماذا يحدث ولما فعل بها بكر هذا وما دخل شهيرة !
القي الهاتف بغضب واتجه للباب وخرج
وبعد ما يقرب من الساعة دلف ووضع الاكياس من يده واقترب من الغرفة فوجدها مازالت نائمة
قام بفتح العلب واخرج مشروب واتي بالدواء ودلف لها
جلس علي جانب الفراش وقام بتجهيز المحلول وعلقه برأس الفراش وامسك كف يدها فوجدها باردة بشدة قام بغرز الابرة داخلها ومايسمي الكانيولا حتي يصل المحلول بها وجلس بصمت يتأملها
فكم هي جميلة حتي وقت ضعفها كم يعشق كل حالاتها رقتها ..غضبها ..بكائها.. توترها ..اضطرابها حتي نظرات عينها وحركة اصابعها وخصلاتها اغمض عينه يتنفس بقوة يشعر بخفقاته المجنونة
يشعر وكأن عشق العالم داخله لها
استعاد تركيزه بعد لحظات و انزل بصره فجأة عنها وهو يستغفر ربه
وبعد فترة مايقرب الساعة قام بايقاظها بهدوء ولكن رغم هدوئه الا انها فزعت خوفاً وصرخت به
وهي تدفعه مستغيثة بإسمه
مسح علي خصلاتها وقال مهدئا اياها
- اهدي اهدي اهدي متخافيش انا خالد.. انا خالد انا معاكي متخافيش
ابتلعت ريقها تشعر بان قلبها سيتوقف الان من شدة خوفها فقد كانت تظنه اخر !!
حاولت الجلوس فساعدها حتي اعتدلت وقام باعطائها بعض الحبوب والماء
فقالت باستغراب وهي تنظر للاقراص داخل قبضتها المرتجفة ونظرت للابرة اعلي كفها الاخر
- دوا ايه دا جبته منين ؟..ومين قالك عليه ثم تابعت مصدومة وكأنها تذكرت
- هو انت دكتور بجد ؟ !!
**************************************

أشعر بكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن