الفصل السابع

48.1K 1.6K 18
                                    

  شعرت ماتيلدا بالدوار الشديد بسبب ارهاقها وقربه المرهق والمنهك لها
وتشبثت بسترته تحت كفه حتي لا تسقط
قال مازن بقلق وهو يمسح علي ذراعها
- مالك ؟! .. حاسه بوجع .. ولا نبض بس ؟!!
لم تجبه بل ازداد خفقانها كازدياد تشبثها به ولا تعرف ما حدث ولا تشعر
فقط تشعر بذراعه المحيطة لها بقوة وتملك غريب!
شعر مازن ببطئ خطواطها بين يديه وتوقف وهو يشعر بثقلها بين ذراعيه !!
توقف كما توقفت الموسيقي وصفق الجميع !
قربها مازن اكثر لصدره وهو يشعر انها بين الوعي والاوعي بينما همسه الخافت لا يتوقف
- اتنفسي ..اهدي ..متخافيش
حينها انتبه بكر بعد تبادله الكلمات مع زينة فور انتهاء الرقصة واتجه لها سريعا
كان مازن قد سحبها بهدوء للمقعد بينما جلس بكر القرفصاء جانبها وهو يتحسس بشرتها الباردة بقلق
قال مازن بهدوء وهو يتحسس نبض رسغها
- متقلقوش ان شالله خير .. انا استدعيت دكتور !
*********************************
دلفت ماتيلدا الي غرفتها صباحاً فوجدت بكر يدخن سجائره بشراهه
قالت بخفوت وهي تقف جانباً
- انا اسفة بوظتلك الحفلة !
اجابها بكر بضيق وهو ينظر لسجارته بين اصابعه
- لا متقوليش كده خلاص ..دي كانت حفلة شكلية مش اكتر !
ابتسمت له واتجهت للشرفة بهدوء وخرجت للهواء الطلق ..
كان اليوم في بدايته واشعة الشمس دافئة تمس بشرتها بحنان
رفعت ماتيلدا كفها وهي تتحسس ذراعها كما تحسسه امس واغمضت عينها تتنفس بعمق هذا الهواء النقي
وأتت عيناه أمامها ! ..
وحضر همسه الخشن !..
ونبض قلبها ! ..
استحضرت همسه لها بان تهدأ ومناداته لغريبة لها وهي تترنح بين ذراعيه المتملكة لها
ابتلعت ريقها وهي تقطع سيل افكارها ..شعرت بالضيق هي خائنة الان !
كيف تفكر برجل وهي مع اخر
تنهدت تبرر تفكيرها بأنها حره وهذا التفكير خاص بها
..........................................
نفخت بحرارة وهي تعود بذاكرتها لسنوات ماضية ..
كانت الحياه غريبة بشدة بالنسبة لها
عندما عاد والدها منذ عشر سنوات من الخارج
بعد حديث جدها له وتهويله للأمر بأنها علي علاقة برجل !
ابتسمت بسخرية فيجب ان يقول جدها وجدتها ما قالوه حتي يبرروا حبسهم لها ومعاملتهم الشنيعة معها
منذ رسالة بطلها المجهول !
كم تمنت أن تراه وتتعرف له ..
كم تمنت ان تتحدث له ولو لمرة واحدة ..تبكي له ما تعانيه من رسالة بريئة !
توالت الذكريات واتت ذكري يوم ما رأها بكر والذي اتي تلك المدينة الصغيرة لمشاريع ورأها !
كانت قد تعرفت لصديقتها سحر والتي اصرت علي أخذها بعد الدوام الجامعي لاحدي المحلات الراقية لتريها الثوب الذي سوف ترتديه في حفل خطوبتها فكان سحر فتاه لعائلة راقية وثرية كثيراً
حينها لم تستطيع ماتيلدا الرفض وإهدار فرحة وسعادة تلك الفتاه والتي كانت تحبها حقاً كصديقتها الخيالية ريم!.
.حينها ذهبت دون ان تخبر أهلها حتي لا يمنعوها كما يفعلون
ذهبت بعد ان أعطتها سحر وعداً بانها ستعيدها مرة اخري حتي لا تضيع الطريق فهي لا تخرج كثيراً بل لا تخرج ابداً غير للجامعة ولا تعرف شئ عن الطرقات !
ووقتها اصطدمت اثناء سيرها بهاذا المتجر الراقي بذلك الرجل الانيق ..
كان يرتدي افخم الحلل ويضع اغلي العطور ..( بكر الديب !)
فلاش باك ..
اعتدلت ماتيلدا سريعا بحرج وهي تعتذر من هذا الرجل فقد اصطدمت به وهي تنظر داخل حقيبتها لتخرج هاتفها باضطراب خوفا من ان يكون المتصل جدها .. ويال السخرية فمن غيره !
قالت باضطراب شديد
- انا اسفة .. مختش بالي والله اسفة معلش
تسمر بكر وهو يتأمل تلك الفتاه الساحرة بكل ما تعنيه الكلمة قائلاً
- اسفة علي ايه ؟
أجابته بتوتر وهي تعدل من حجابها
- انا خبطت في حضرتك غصب عني انا اسفة
ابتسم بكر بهدوء وأومأ لها بأن لا عليك وذهب !
او هذا ما ادعاه .. انه ذهب !
ففي الواقع ظل يراقبها الي ان علم منزلها وتقدم لها بعد ان جمع جميع المعلومات عنهم !
صُدمت ماتيلدا وهي تري نفس الرجل جالساً علي تلك الاريكة المهلكة عندهم .. يتقدم لطلبتها !
فرغت فاهها بدهشة فكيف لرجل كهذا ان يتقدم لها فيبدوا من اصحاب المال والثراء
ويظهر هذا من السيارات المخيفة في الخارج !
وملابسه واسلوبه وكل شئ !
وقتها علم والدها وسألها بكل تحضر عن رأيها وهي رفضت فهو يكبرها بعشر سنوات تقريباً
تعلم انه ليس بالفارق الكبير ولكنه ليس كبيراً لمن يتخطوه بحبهم ورغبتهم فقط
ولكنها لا تشعر به بل تخافه !
تفهم عبدالرحيم ما تقوله فهو يري هذا كثيراً في الخارج ويعلم ان الزواج ليس اجباراً ورفض بالفعل
وبعد عدة اشهر تفاجأ بزواجها من نفس الرجل بعد موافقة جدها
فعبدلله كان يشعر بالغضب للرفض وهو يراه مناسب ولن يأتي الافضل منه
هذا جانب انه يتمني الخلاص منها فهي ستجلب له العار كما يعتقد ويظن
وما زاد الامر سوء عندما قال بكر انه رأها مصادفة في احدي مولات الملابس !!
حينها ظن جدها كعادته انها تقابل احدي الرجال .. واشعلت جدتها الاجواء كعادتها ايضاً
وتفاجأت للمرة التانية ببكر في الخارج ولكن معه المأذون تلك المرة ووافقت بقلة حيلة بعد تهديت جدتها لها
فوالدها ليس هنا ليحميها ووالدتها لا تعرف عنها شئ منذ ان تركتها !
وقتها سمعت بكر وهو يقول لجدها بأوامر صارمة ان لا علاقة لهم بها منذ تلك اللحظة ولن يتحدث احد اليها
وبرر حديثه بكل وضوح ووقاحة انهم دون المستوي وهو من عائلة عريقة ولا يريد الاختلاط وسوف يقول انها يتيمة منذ الصغر وليس لها احد !!
وما ألم قلبها حقاً ويال الصدمة فجدها وافق ورحب وكأنه يتخلص من حمل بغيض علي صدره
ابتسمت بسخرية والم فبكر اصاب غالباً .. هي حقا يتيمة !!
ومنذ ذلك الوقت وتتالت التنازلات بدئا من ملابسها لتغير قصة شعرها لتغير طريقة حديثها لتغير وتغير وتغير
حتي صنع بكر منها دميته الخاصة !!
كم شعرت بالتعب النفسي وقت اجبارها ان تترك حجابها وتتخلي عن ملابسها المحتشمة تحت مسمي ..
دا لبس بيئة !!
هل سترتها وحفاظها علي نفسها اصبح يندرج تحت مسمي البيئة الان !!
اين بطلها المجهول .. اين كتاباته وحديثه معها عن السترة وعن الله رب العباد
وعلي ذكر بطلها المجهول حضرت عيني المدعو خالد ونظراته الصائبة
نبض قلبها بخفقات ثقيلة فخالد يختلف .. هو لم يشعر بالضيق من ثوبها ولم يعلق عليه ولكن هذا طبيعي فهو من ضمن تلك الطبقات الراقية وبالطبق نظرته كنظرة بكر
فأمس كانت تريد تغير ثوبها بسببه ..خوفاً من ان يغضب ولا تعلم لما تهتم لغضبه !!
تنهدت حتي لا تسقط دمعاتها وهي تتوسل داخلها لله ان تري بطلها المجهول
حتي دون معرفته فقط تريد رؤيته تريد الشعور به النظر له !
فتحت عينها فجأة تقطع سيل الذكرايات المتكالبة عليها ..
واستدارت ببطئ وهدوء لتعود للداخل !
****************************************
خرجت مرام من محاضرتها وأثناء طريقها للخارج وصلتها رسالة نصية من رقم غريب
وشعرت بالخوف عندما قرأتها ..
((مرام انا تلفوني اتسرق معلش متتكلميش علي رقمي ولا تردي عليه
انا عاوزك ضروري لان في مشكلة كبيرة
انا اسف بجد تعالي العنوان دا (*****) ومتخافيش .. انا فعلا محتاجلك ))
شعرت مرام بالاضطراب والحيرة ماذا عليها ان تفعل ؟
ابتلعت ريقها وهي تتذكر أهلها تفكر هل هذا خطأ ام ماذا عليها ان تفعل
خرجت من باب الجامعة الحديدي الكبير ووقفت جانباً تفكر بإضطراب حتي وإن ذهبت لا تستطيع خداع أخيها مازن وفي الوقت نفسه لا تستطيع مصارحته
رفعت هاتفها مرة اخري وقرأت الرسالة بضيق وخوف
وحسمت امرها واخذت اول تاكسي قابلها واعطته العنوان المدون بالرسالة !!
بينما كانت رأسها تفكر بتشتت لا تعرف ماذا تفعل
هي تعلم ان ما تفعله خطأ ولكن ماذا ان كان بحاجة لها !!
بعد دقائق نقدت السائق وترجلت من سيارة الاجرة بقدم مرتعشة
وهي تعدل من حجابها و تضم كتبها لصدرها وكأنها تحتمي بهم من المجهول ..
سارت تتلفت حولها بقلق وتوتر وهي تبحث عنه
وفجأة تسمرت محلها بصدمة وهي تنظر أمامها !!
**********************************************
صرخت نرمين بشهيرة بغضب وهي تخرج لممر الغرف العريض
- انا مش هسكتله تاني .. دا حيوان وحقير سامعه
هرولت شهيرة خلفها قائلة بتوسل
- وطي صوتك يا نرمين ..اهدي مينفعش اللي بيحصل دا ..
هتفت نرمين بعصبية وهي تتمسك بخصلاتها بغل
- اوطي صوتي ازاي .. انا مش هسكت ويا انا يا هو في القصر !
اقتربت شهيرة بسرعة ودفعتها وهي تغلق فمها بعنف بعد ان سمعت الخادمة ترحب ببكر !!
صرخت بها نرمين وهي تقول بهتاف لكي يصل له
- خليه يسمع الواطي وهفضل افضحه في كل مكان اروحه الزبالة الحقير وهو سامعني
كتر خيرها ماتيلدا انها متحملاه المريض القذر
اغلقت شهيرة الباب خلفها بعد ان دفعتها داخل غرفة من غرف الرواق قائلة بخوف
- اهدي عشان خاطري انا تعبت بقي بينكوا اهدي كفايا فضايح وخنااق
ارتمت نرمين علي فراشها وهي تبكي بل تصرخ بصوت مكتوم وكأنها داخلها ناراً
**************************************
فجأة تسمرت مرام محلها بصدمة وهي تنظر أمامها لتلك السيارة
ابتلعت ريقها بذعر شديد بل شعرت وكأنها ستفقد وعيها
وهي تري مازن يترجل من سيارته بهيئته الهادئة المخيفة
ووقف امامها ببرود مستند علي سيارته وقد كتف ذراعيه
كانت نظراته هادئة ولكنها تقدح شرر !
اقتربت مرام وقد بدأت دموعها تسيل رهبة وخوف تعلم انها لن تستطيع تبرير موقفها
نظر لها بقوة تخفي صدمته بها واشار بعينه ان تركب السيارة ..
ظلت امامها بعد ان اقتربت منه تنظرا ارضاً كطفل مذنب
وعندما رفعت نظراتها له وجدته كما هو .. بكت بشدة
وبالفعل سارت وهي تنظر ارضاً بخزي وقلق
لا تعلم ماذا يحدث واين كرم !!
لا تعلم كيف علم مازن بعلاقتها بكرم ولا ماذا يفعل هنا وكيف أتي !!
سحبت مقبض السيارة وجلست وهي تبكي بصمت بينما ظل هو واقفاً محله لعدة ثوان
حاولت التنفس قدر المستطاع وانزلقت شهقة منها بهبوط السيارة فجأة عندما احتل مقعده جانبها بعنف
وانطلق بها بسرعة مخيفة !
************************  

أشعر بكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن