القُبلة الدموية 14

30.8K 2.1K 555
                                    

(القُبلة الدموية)

أعدتْ لوكيريا عشاء فاخر مع الفتيات، امتلأت طاولة غرفة الطعام بأشهى المأكولات، لم أكن أعرف أن مصاصي الدماء يتناولون الطعام فهم لا يستخدمون المرحاض.
منذُ أن جاؤوا بي إلى هنا لم أرى السيد برينت كما يدعونه يتناول شيء من الطعام.

ثم أخبرتني لوكيريا أنهم يتناولون الطعام كنوع من المكملات و التسلية ولا تعتمد حياتهم على الطعام لكنه يمدهم بالطاقة، و أجسادهم تقوم بامتصاصه لتمدهم بالدفء.

اما أنا فقد ارتديتُ فستان باللون الأحمر لم يُعجب لوكيريا اختياري الجريء خصوصًا لأني سوف أقضي أمسيتي مع عائلة من مصاصي الدماء.
لكنه أعجبني لعلى لون الدم يُذكر ذلك الخائن بغدره و استغلاله.

صففتْ لوكيريا شعري المموج و جعلته أملسً و انسيابي و زينت وجهي بمستحضرات التجميل.
حين انتهتْ مني بالكاد عرفتُ نفسي كنت أبدو جميلة و رقيقة أكثر مما ينبغي، لم أراه طوال اليوم و لكن في المساء و قبل موعد حضور ضيوفنا المرعبين.
دخلتْ لوكيريا لغرفتي و قالت:

"السيد برينت يستدعيكِ"

رفعتُ بصري لها و قلت:
"يستدعيني؟ و لكن لماذا؟"
اقتربتْ مني ثم أضافت بهمس:
"لا أعرف ما الذي يريده منكِ لكن من الأفضل أن تذهبي له الأن...على الأغلب سيتحدث معكِ عن زيارة عائلته فهم على وشك الوصول"
اللعين إنه "يستدعيني"
بدأ يتصرف كسيد لعين لكنه لن يكون سيدي أبدًا،
قررتُ مواجهته على الرغم من أني لا أرغب في رؤية وجهه الغدار.
لكن يبدو أنه لا مهرب منه فإن لم أذهب إليه فسيأتي إلي.
يا لوقاحته يبدو أنه لا يشعر بالخجل من فعلته من غدره و استغلاله لي.
ما إن وقفتُ حتى قالت لوكيريا:
"إنه ينتظركِ بالمكتبة"
توجهتُ إلي المكتبة على الفور طرقتُ على الباب فسمعته يقول بنبرة هادئة "أدخلي"
دخلتُ و سرتُ دون أن أنظر له كان يجلس على إحدى الأرائك.
توقفتُ على مقربة منه و قلت دون أن أنظر له:
"ماذا تريد سيد برينت؟"
قلت سيد برينت ببغض أعتقد أنه لاحظ ذلك.
بقى للحظات صامتٍ و ينظر لي بينما كنت أنا أقف أمامه مطأطأة الرأس.
أعتقد أني بدوت كجارية تقف في حضرة سيدها كرهت أن أبدو بهذا الشكل المهين فرفعتُ رأسي و نظرتُ لوجهه نظرة تُعبر عن ما بداخلي من غضب.
نهض عن المقعد و أقترب مني فارتعشت أطرافي أمسك بذقني نظر لوجهي طويلًا ثم قال بعد تنهيدة:
"اللعنة كم أنتِ جميلة إيرين هل تعرفين؟
هل تعرفين أن جمالكِ يسلب العقول يسلب أكثر العقول صلابة و حكمة؟"
أخذ ينظر لي بافتتان و يتجول ببصره في وجهي و كأنه ينتظر أن أُجيبه او أن أقول أي شيء فقلت منزعجة من نظراته، قلت بصوت متأرجح:

"قالت لوكيريا أنك تستدعيني....م ماذا أردت؟"
أبعد شعري عن عنقي فشعرت بالخوف هل سيفعلها مجددًا؟
فأمسكتُ بيده بسرعة لكنه أبعد يدي بلطف ثم أزال الضمادة عن جرحي و قال:
"يجب أن يختفي هذا الأثر لا ينبغي أن يلوث جمالكِ أي شيء الليلة"
فجأة قضم معصمه و بدأ ينزف قرب يده من فمي و قال:
"أشربِ هيا و سيختفي الأثر"
نظرتُ له في فزع و قد انتابني شعور بالقرف و التقيؤ فقلت:
"ماذا؟ هل تمزح لا لا....أبعد يدك من أمام وجهي لن أشرب دمك أبدًا هذا مقرف"
ثم انتبهتُ لجرحه يلتئم بسرعة و يختفي الدم تنهد ثم قال بنبرة حادة:
"يجب أن تشربيه ليس فقط بسبب جرحكِ بل لأسباب أُخرى......"
قلت بسرعة و بانفعال:
"لن يدخل دمك القذر الملوث بدماء الأبرياء لفمي أبدًا.
أُفضل الاحتفاظ بهذا الأثر كي أتذكر حقيقتك في كل مرة أنظر للمراءة او في كل مرة أقرر الوثوق بك"
ارتسمت تقطيبه فوق حاجبيه ثم انتبهتُ له يعض بشدة على شفته السفلية حتى بدأت تنزف.
اعتقدتُ أنه يفعل ذلك من شدت غضبه لكنه فاجأني فقد أمسك بفروة رأسي جذبني إليه ثم قبلني بعمق و بقوة.
شعرتُ بذلك الطعم الحادة الغريب يدخل لفمي ثم لجوفي، حاولتُ إبعاده و التملص من قبضته القوية لكني لم أستطع،
ثم و ما إن أوقف قُبلته الدموية حتى وقعتُ على الأرض أردتُ التقيؤ لكنه أمسك بي رفعني حتى أقف مجددًا و قال:
"لا....لا....لا تحاولي التقيؤ أنظري إليَّ إيرين دمائي الأن في دورتكِ الدموية لن يستطيع مصاصي الدماء الآخرين شم رائحتكِ او حتى الشرب من دمكِ لأن دمكِ الأن غير ملائم لمصاصي الدماء"
قلت بصوت متقطع فلازلتُ أشعر برغبة في التقيؤ:
"لماذا؟؟ ألا تثق في عائلتك؟
هل تخاف أن أتعرض لهجوم من أحدهم؟"
قال و هو يهمس في أذني:
"إنها ليست مسألة ثقة إيرين أنا لا أريد لأي مصاص دماء أن يشعر بما أشعر به عندما أستنشق رائحتكِ أنتِ تخصيني وحدي"
قلت بتردد و أنا أنظر لعينيه في خجل:
"ما الذي تشعر به؟"
أبعد يديه عني ثم قال:
"عودي للوكيريا و أصلحي تبرجكِ فعائلتي على وشك الوصول اه لكن أحذركِ لا تموتِ الليلة لأنكِ سوف تتحولين على الفور لمصاصة دماء، و أنا لا أريد لذلك أن يحدث على الأقل ليس قبل أن تنجبي لي الكثير من الأطفال"
أخافني ما قاله بل أرعبني فإن مت و دماء
مصاص الدماء في دورتي الدموية فسأتحول
و سأصبح واحدة منهم اوه ثم موضوع أن
أُنجب له الكثير من الأطفال لا يقل إخافة.
أخذتُ نفس عميق و أردت الخروج لكنه قال:
"نعم هناك أمر أخر......لا تدعيني بالسيد برينت مجددًا.....إن استخدمتِ هذا الاسم مجددًا فسوف أتغذى على لسانكِ في المرة المُقبلة، اسمي هو جاريد."
نظرتُ له للحظات لم أفهم هل يعني ما يقول ام أنه يمزح ثم إني لم أفهم ما يعنيه تمامًا.
لكن وجهه كان يخلو من المشاعر و هو يحدق بي.
غادرتُ المكان و عدت لغرفتي أصلحت تبرجي و زينتي التي أفسدها ذاك الهمجي.
ثم اندهشتُ و أنا أنظر لعنقي لقد أختفى أثر أنيابه تمامًا و كأنه لم يكن.

دخلتْ لوكيريا و قالت:
"هل أنتِ مستعدة؟ لقد وصل الضيوف"
أخذ قلبي يخفق بقوة و شعرتُ بالرهبة و الخوف قبل حتى أن أراهم.
خرجتُ لاستقبالهم، كان في الردهة يصافحهم و يعانقهم بينما وقفت أنا خلفه ليس ببعيد و أخذتُ أحملق في هيئة هذه المخلوقات المريبة.
اولًا تقدم مني أخوه الأكبر و كان مخيف بل كان يبدو كجثة متحركة شاحب اللون يرتدي الأسود و شعره أسود طويل و أملس حين صافحته كانت يده باردة و خالية من الحياة.
لم يوجه لي أي كلمة لكنه نكز جاريد (اوه لقد نطقتُ باسمه أخيرًا) ربما بسبب التهديد اوه على أي حال أعود معكم لقصتنا.
نكز جاريد و سمعته يقول له بهمس و بصوت يُشبه فحيح الأفعى:
"أيها اللعين كيف حصلت عليها قبل أن أفعل أنا أيها الماكر الصغير أين وجدتها؟ لقد أحسنت الاختيار اوه لكن الرائحة هي رائحتك حركة ذكية أيها المتملك"
ثم صدمني الرد رد جاريد قال و ابتسامة ماكرة على وجهه:
"لا تسألني كيف حصلت عليها لقد كانت أشبه بضربة حظ كالفوز باليانصيب"

شعرتُ بالغضب و الإهانة و أنا أسمعهم يتحدثان عني بهذا الشكل المهين ثم أحاطني جاريد بذراعه و قال:
"هذا السافل يكون أخي الأكبر جايدين"
أومأتُ برأسي بابتسامة مصطنعة دون أن أنطق بكلمة، اسم مرعب يليق بشخص مثله.
ثم تقدم أخوه الأوسط و كان يبدو كئيب للغاية.
قال جاريد:
"اما هذا الشاب الوسيم الوغد فهو أخي الأوسط جيرارد"
ابتسمتُ له و أنا اصافحه فربما يبتهج قليلًا لكنه كان متجهم الوجه و بارد.
ثم تقدمتْ مني فتاة بدت ضعيفة و أكثر كآبة كذلك بدتْ بشرية جدًا فقد كانت توجد أثار عض على معظم أنحاء جسدها الضعيف صافحتني و ابتسمتْ لي ابتسامة باهتة غريبة.
فقال جاريد:
"و هذه لورين إنها زوجة أخي جيرارد"
اوه زوجة هذا غريب بل و بشرية لم أكن أعرف أن مصاصي الدماء يتزوجون لطالما تخيلتُ أنهم يعيشون كالحيوانات لكن يا لها من زوجة مسكينة أعتقد أنها وجبة و ليست زوجة.
ثم انتصب الجميع في احترام حين دخلت سيدة أنيقة و مهيبة عرفتُ على الفور أنها والدتهم و لم أرى في حياتي القصيرة حتى الأن امرأة بهذه التعابير القاسية حتى أن جايدين ابنها الأكبر و المخيف وقف مطأطئ الرأس.
تقدم منها جاريد مرحبًا قائلًا باحترام:
"مرحبًا بكِ أمي...."
ثم و قبل أن يُكمل كلامه قالت بصوت متعجرف و قاسيٍ:
"جيد أنك لازلت تتذكر كيف تقول أمي فنحن بالكاد نراك مؤخرًا"
قبل أن يُجيبها أبعدته عن طريقها ثم تقدمتْ مني كنت أقاوم الرعشة التي اعترتني عند رؤيتها تتقدم مني.
نظرتْ لي في إمعان شديد ثم قالت بصوت حاد يكسر الحجر انتفضتُ على إثره:
"إذاً أنتِ إيرين؟"
أومأتُ برأسي إجابًا فقالت بنفس النبرة الحادة:
"ألا تتكلمين ام أن القط ابتلع لسانكِ؟"
نظرتُ لجاريد نظرات استغاثة علهُ ينقذني من والدته ثم قلت و صوتي بالكاد يخرج من حنجرتي:

"نعم سيدتي أنا هي!"
أومأتْ برأسها و هي تنظر لي ثم قالت:
"أتمنى أن تكوني أفضل من الأخريات"
أخريات و لكن أي أخريات؟
تقدم جاريد مني ثم قال بهمس:
"ما من أخريات،(ثم تابع) إيرين هذه السيدة تكون آتلون برينت و هي تكون والدتي"
قال جايدين مقاطعًا لحظة تعارفنا "اللطيفة"
"أين الطعام ام أنك ستبقينا واقفين هنا؟"
أشار لهم قائلًا:
"بالطبع لا....تفضل بالدخول تفضلوا جميعًا"
و بينما أنا أقف أمام والدته التي لم تكف تتفحصني دخلتْ فتاة صغيرة يبدو أنها في العاشرة من العمر هل هي ابنة أحد إخوته ربما تكون ابنة الأخ الأوسط المتزوج من بشرية؟.
راقبتُ جاريد و هو يصافحها و يُقبل خدها ثم أشار لي و قال:
"عزيزتي مايا أعرفكِ على إيرين إنها تعيش معي الأن"
تقدمتْ مني الفتاة الصغيرة و صافحتني فابتسمتُ لها وقلت بصوت لطيف:
"هااي مرحبًا سعدت بلقائكِ"
فنظرتْ لي بعبوس و قالت:
"لا تحدثيني كما تحدثي طفلة أنا أكاد أكون بالرابعة و العشرون"
التفتُ لجاريد متعجبة أريد توضيح لكن جايدين تدخل و حمل الفتاة الصغيرة و قال:
"أنتِ طفلتي الصغيرة للأبد....."
ثم دخل بها لغرفة الطعام حيث دخل الجميع
لم تكن الفتاة تبدو سعيدة بتصرفه بدت محرجة و غاضبة،
فقال جاريد:
"إنها ابنة أخي جايدين و للآسف فقد هاجمها مصاص دماء و هي في سن العاشرة فأضطر والدها على تحويلها لمصاصة دماء كي لا تموت المسكينة سوف تظل طفلة للأبد و لكنها تكره أن تعامل كطفلة الأن"
نظرتُ له في دهشة ثم قلت:
"هذا بشع، بشع جدًا آسفة لم أكن أعرف"
قال:
"نعم و الأن أدخلي لننضم لهم"
لحقتُ به و كنت أسير ببطء رأيتُ لوكيريا تدخل لغرفة الطعام و هي تحمل قنينة نبيذ أحمر مختلط بالدم ثم بدتْ في سكب النبيذ في كؤوسهم.
جلستُ على مقعدي و قد كنت في المنتصف بجانب جاريد و الفتاة مصاصة الدماء.
بدأ الجميع في تناول الطعام بهدوء تام و كانت السيد آيتلون تجلس على رأس المائدة و كأنها ملكة.
بينما جيرارد الكئيب و زوجته البشرية الأكثر كآبة يجلسان بجانب بعضهم كانت هي تتناول طعامها و كأنها خائفة بل مرعوبة بينما زوجها الكئيب لازال يحتسي نبيذه الممتزج بالدم.
اما جايدين المخيف كان يجلس على مقربة مني تفصل بيننا ابنته و كان يتناول طعامه ببطء و يتأمل في المكان بل و في كل شيء.

اما أنا فقد كنت متوترة فوضع جاريد يده فوق يدي محتضنًا إياها بلطف، نظرتُ ليده التي كانت تحتضن يدي أعتقد أنه يريد إشعاري بالأمان.
اوه الأمان الذي لم يسبق أن شعرتُ به بسبب هذه المخلوقات التي أتناول معها العشاء الليلة.

مزرعة البشرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن