توقف عن التجسس على قلبي 21

27.1K 1.6K 169
                                    


( توقف عن التجسس على قلبي )


بقيتُ مستلقية في مكاني بشرود، لم أكن أفكر في شيء، ربما لا زلت تحت تأثير الصدمة والألم.

بينما هو ظل يحدق بي كحيوان مفترس، ثم بعد لحظات أبعد يداه الآثمة عني وجلس بأريحية بجانبي، كان شارد الذهن ويحدق في السقف، بينما استسلمتُ أنا للنوم وأغمضتُ عيناي رغمًا عني من شدة التعب، ولم أشعر بشيء بعد ذلك.

حتى شعرتُ بيديه تمسكان بي وتحملاني، لا أعرف إلى أين يأخذني، ولكن لم أفتح عيناي، فلم أكن أريده أن يعرف أني قد استيقظت.

لا أريد أن أنظر له، ولا أريد أن أسمع صوته، ولا أن يحدثني.

لقد كرهته، أعتقد أني لم أكن أكرهه، لكني الآن أكرهه وأمقته بشدة.

وضعني فوق السرير ثم ابتعد عني.

فتحتُ عيناي قليلًا، أردت أن أعرف ما الذي يفعله، اتجه إلى الخزانة، ارتدى ثيابه ثم توجه إلى الشرفة وخرج.

تساءلتُ في نفسي، ماذا يفعل في الخارج في هذا الوقت؟ نظرت إلى الساعة على الحائط، كانت الخامسة والنصف، الشمس ستشرق، ماذا يفعل؟

ثم للحظات سيطرت فكرة مرعبة على عقلي: ماذا لو كان يريد الانتحار؟ ماذا سيحل بي لو مات؟

ثم راودتني فكرة مرعبة، تخيلت أن ملكيتي ستنتقل إلى ورثته، هذا يعني جيرارد أو جايدين أو والدتهم.

لقد أرعبتني تلك الفكرة لحد أني نهضت عن السرير وأردت الإسراع لنجدته قبل فوات الأوان.

شعرتُ بدوار شديد عند وقوفي، لكني تماسكت حتى وصلت إلى الشرفة، ورأيته، كان يقف ويراقب، وكانت الشمس ترتفع في السماء. صرخت قائلة:

"ماذا تفعل؟"

التفت لي وكأنه قد فوجئ بوجودي. لاحظت حروقًا طفيفة على يديه، عاد للداخل بسرعة وأمسك بي، فقد كنت على وشك السقوط، ثم نظر إلى وجهي وقال:

"ما الأمر؟"

شعرتُ بالخجل والندم من تصرفي، كيف سأبرر له الآن؟ سيعتقد أني أهتم لأمره.

نظرتُ إلى يديه، كانت الحروق قد اختفت، قلت بصوت خجول وأنا أتحاشى النظر في عينيه الشيطانيتين:

"ماذا كنت تفعل؟ الشمس مشرقة، هل كنت تريد...؟"

أكمل قائلًا:

"الانتحار؟... هل يهمك أمري؟"

اللعنة، هذا ما كنت أخشاه، كيف سأجيب على هذا السؤال؟ ليتني لم أنزل عن السرير.

قلت متلعثمة:

"لا... ليس تمامًا، همممم، لكن بالطبع لا أريد أن تموت، آه، ماذا كنت تفعل؟"

لم تعجبني نبرتي الأخيرة، فقد بدوت قلقة وملحة في السؤال، أما هو فلم يقل شيئًا سوى اسمي، نطق فقط باسمي "إيرين."

اسمي الذي أصبح له وقع خاص على قلبي حين ينطق به هو.

نطق باسمي، ثم قبلني عميقًا.

استسلمتُ لقبلته، والحقيقة هي أني خائرة القوى، لم أكن أستطيع مقاومته حتى لو أردتُ ذلك.

لقد بدوت كطفلة بين ذراعيه، وهو يمتص ويُقبل شفتيّ. شعرت بالخزي والعار لكون هذه القُبلة تعجبني.

توقف عن تقبيلي، ونظر إلى عيناي في هيام، شعرت بالخجل من نظراته تلك فأشحت ببصري عنه.

فحملني ثم وضعني فوق السرير، ثم خرج من الغرفة وبعد لحظات عاد وهو يمسك بكأس من الماء وحبتين دواء، جلس بجانبي ثم وضعهم في يدي وقال:

"تناولي هذه، سوف تعوضكِ عن كمية الدماء التي فقدتها."

ابتلعتُ الحبتين بسرعة، ثم شربتُ القليل من الماء. كان يجلس بجانبي ويراقبني، ثم تابع:

"عليكِ تناول أربع حبات في اليوم قبل الأكل حتى تتحسني."

وفجأة نظرت له بعبوس وكره وقلت:

"حتى أتحسن؟ يبدو أني سوف أحتاجها يوميًا الآن، فقد أوضحت لي جيدًا أني سأكون من الآن فصاعدًا طعامك..."

تجاهل غضبي تمامًا وسأل بهدوء:

"كيف تشعرين الآن؟"

لا أصدق هذا البرود. كانت نظراتي له مليئة بالتعجب وأنا أقول:

"أشعر بالدوار، أشعر بالتنميل في أطرافي. توقف عن لعب دور الطبيب القلق، أنت تسببت لي بهذا الألم." (كنتُ أمنع نفسي من البكاء وبدأ ذلك واضحًا).

قال وهو ينظر لي بعبوس:

"أنتِ اخترتِ هذه الطريقة."

قلت:

"وهل كان عليك الاستماع لي؟"

ضحك ثم قال بصوت مريب:

"في المرة المقبلة، لن أستمع لكِ، ستكونين تحت سحري."

مزرعة البشرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن