الفصل 75
(لَمْ يَذهَبْ مِنْ مَالِكَ مَا وَعَظَكَ)وانا افكر بهذه الافكار واسرح وامرح في بحر همومي وصريخ ولدي واذا بولده علي يدخل للبيت واني ما احسست الا وعيوني تركض امامه لترى ما في انائه الذي اخذه ليملأه حليبا لولدي
قال ولده علي :
يا والدي ان الدكان كان مغلقا ؛ فابتسم جناب الاستاذ؛ بينما كلمة ابنه كانت كوقود القيت على نار قلبي فاشتد لهيبه ؛ وقلت له :
استاذ استاذن منك لاني اريد ان اذهب للبحث عن الحليب؛ فقال لي وهو يحبذ ان يتابع موضوعه وكلماته التي استعذبها وانا سالك في غير واديه وتائه بين فقري ومصاب حرماني .
ولما خرجت السيدة وعبد المهدي على يديها؛ صرخت في وجهي قائلة :
هل اقترضت من استاذك ؟!
فقلت : لا
قالت: ولماذا ؟!
قلت لها : كنت اتوقع انك ستقترضين من زوجته .
قالت: لم تكن زوجته في البيت وكنت جالسة لوحدي .
فتعجبت من استاذي حيث لم يخبرني بعدم وجود زوجته وكل هذه المدة وام مهدي جالسة لوحدها لا يجالسها الا املها بحصولي على جرعات من الحليب لولدنا والشيخ مستأنس بحديثه معي فعرفت ان العلم ليس هو كل شيئ لذلك قال الله تعالى عن العلماء الغير عاملين بعلمهم من علماء بني اسرائيل
مَثَلُ الذينَ حُملوا التوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلوها كَمَثَلِ الحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ القَوْمِ الذينَ كَذبُوا بِآياتِ اللهِ وَ اللهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الظالِمينَ
وقال تعالى ايضاً عن عالم بني اسرائيل الذي لم يعمل بعلمه :
وَ اتلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الذي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوينَ
وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلبِ إِنْ تَحْمِلْ عَليْهِ يَلهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
فليس العلم بحمله بل العلم هو العمل به ؛ ومن اهم ما وصى به الدين الحنيف هو الاهتمام بامور المسلمين لذلك جعل الله سبحانه من شرط النبوات ان يسيروا في الاسواق ليعلموا من حال الناس واحوالهم وقدراتهم الشرائية وهذا لا يعلمه الا ان يكون بين الناس وجه لوجه :
وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَ يَمْشي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذيراً (7)(الفرقان)
وَ ما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَ يَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَ جَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَ تَصْبِرُونَ وَ كانَ رَبُّكَ بَصيراً (20)(الفرقان)
؛ فلما وجدني استاذي مضطربا للحليب واتوسل اليه بلهفة لشرائه كنت اتوقع منه ان يسألني هل لديك مال تشتري به الحليب؟
وكنت اتوقع انه يتوجع لبكاء ابني كتوجعي له ثم كان ينبغي له ان يخبرني بعدم وجود اهله في البيت ؛ ولكن و الحمد لله اثرت هذه المواقف على فهمي وادراكي الاجتماعي وان المال قد يكون ذهابه من يدك ربحاً؛ لان بذهابه تحصل على تجربة افضل من المال قال امير المؤمنين عليه السلام:
(لن يذهب من مالك ما وعظك و حاز لك الشكر)
وَ قَالَ عليه السلام :
(لَمْ يَذهَبْ مِنْ مَالِكَ مَا وَعَظَكَ)
ففي يوم من الايام وانا جالس في دكاني واذا بصديقي المتمتع الذي اخبرتكم عنه جاء للدكان وسلم وجلس وكنت اتحدث معه ؛ شاهدت جلسته غير طبيعية لاني كنت احادثه وهو يبتسم نصف ابتسامة ويجعل احدى رجليه على الاخرى ثم يغير وضع جلسته لكن بسرعه غير طبيعية فقطعت كلامي وسالته:
حبيبي ارجوك اخبرني بواقع الحال هل تحتاج شيئا من مال او غيره ؟! فضحك وكأنها غدة انفجرت . وقال:
اي والله ان امكن ان تقرضني كذا مبلغا من المال فشكرت الله تعالى على تلك المواقف التي صقلتني ؛ و على اي حال فخرجنا من بيت استاذي ولم املك الا اجرة حملنا الى الحرم الشريف وحينما جلست في السيارة لتنقلني الى الحرم الشريف لاشكو للسيدة المعصومة عليها السلام اشجاني واذا بي اسمع ....----------------------
الفصل 76
(احترام نعم الله تعالى)وما ان صعدنا في السيارة الا و ارتفع صوت المؤذن لاذان المغرب فاحسست كأن عظما قد غرز في عنقي لعبرتي على ولدي الذي خَفَتَ صوته لشدة جوعه وتعبه من البكاء فلما وصلنا الى الصحن الشريف وجدت هناك اخي الدكتور الاخصائي السيد عبد المهدي حفظه الله- وهو الان في السويد- واقفا مع بعض اصدقائه فهمست في اذنه : مهدي تعال وحينا ابتعد عن اصدقائه قلت له هل يمكن ان تقرضني ما اشتري به كيلوا من الحليب البقري ؛ وله الحمد على نعمه التي لا تحصى لان كل هذه الحوادث مرت وبقي آثارها الايجابية في صقل الشخصية ومعرفة ما يتحمله من يمر بمراحلنا ؛ ثم ان هذه الامور التي مررنا بها جعلتنا نتلذذ بكل نعمة نرزقها من الله تعالى ولو لم نمر بتلك المراحل لم نكن نشعر بهذه النعم ولم نقدر قدرها فالذي مر بفترة من القحط هو الذي يشعر بلذت القرص الواحد بينما اكثر الاسراف من وفور النعمة والحصول عليها من دون عناء وحينها يسبب بعدم المعرفة لقدرها وقد وردت قصة جميلة لهذا الامر.
قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ : إِنِّي لأَلحَسُ أَصَابِعِي مِنَ الأُدْمِ حَتى أَخَافَ أَنْ يَرَانِي خَادِمِي فَيَرَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ التجَشُّعِ وَ لَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ إِنَّ قَوْماً أُفرِغَتْ عَلَيْهِمُ النِّعْمَةُ وَ هُمْ أَهْلُ الثَرْثَارِ فَعَمَدُوا إِلَى مُخِّ الحِنطَةِ فَجَعَلوهَا خُبْزاً هَجَاءً وَ جَعَلوا يُنجُونَ بِهِ صِبيَانَهُمْ حَتى اجْتمَعَ مِنْ ذَلِكَ جَبَلٌ عَظِيمٌ قَالَ فَمَرَّ بِهِمْ رَجُلٌ صَالِحٌ وَ إِذَا امْرَأَةٌ وَ هِيَ تَفْعَلُ ذَلِكَ بِصَبِيٍّ لهَا فَقَالَ لَهُمْ: ويحَكُمْ اتَقُوا اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لا تُغَيِرُوا مَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ.
فَقَالَتْ لَهُ:
كَأَنكَ تُخَوفُنَا بِالجُوعِ أَمَّا مَا دَامَ ثَرثَارُنَا تجْرِي فَإِنَّا لا نَخَافُ الجُوعَ قَالَ: فَأَسِفَ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَضْعَفَ لَهُمُ الثَّرْثَارَ وَ حَبَسَ عَنْهُمْ قَطْرَ السَّمَاءِ وَ نَبَاتَ الأَرْضِ قَالَ: فَاحْتَاجُوا إِلَى ذَلِكَ الجَبَلِ وَ أَنهُ كَانَ يُقسَمُ بَيْنَهُمْ بِالمِيزَانِ .
والحمد لله حقا ان الله سبحانه لا يضيع وليه :
جامعالأخبار 185
و قال عليه السلام : المؤمن ولي الله و الله لا يضيع وليه
ولست ادعي انني من اولياء الله تعالى ولكن لا اشك بانني احب اولياء الله وقد جاء الحديث :
مستدركالوسائل 12 108 80- باب تحريم الرضا بالظلم و المعون...
عن عِمَادُ الدِّينِ الطَّبَرِيُّ فِي بِشَارَةِ الْمُصْطَفَى، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ فِي حَدِيثٍ يَا عَطِيَّةُ سَمِعْتُ حَبِيبِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه واله يَقُولُ مَنْ أَحَبَّ قَوْماً حُشِرَ مَعَهُمْ وَ مَنْ أَحَبَّ عَمَلَ قَوْمٍ أُشْرِكَ فِي عَمَلِهِمْ
أنت تقرأ
انتظار الخطوبة اذاب قلبي " مكتملة "
Romanceحينما فقدت امي بقيت متحيراً في نفسي افكر دائماً هل ان الله سبحانه عوض الانسان بحنان من نوع آخر لكي يملئ فراغ الحنان عند من فقد امه؟؟ الى ان سمعت مقالةً لاحدهم يقول : *ان من فقد الحنان في احضان امه سيجدها في احضان زوجته* ! وهنا بدأت افكر في نفسي ؛ هل...