87_88

31 5 0
                                    


الفصل : 87
(أَطْلَعَتِ الْوَرِقُ رُءُوسَهَا)

وبعد ان انتهينا من مناسك العمرة المباركة عدنا الى البلاد
منتظرين رحمة الباري غير شاكين بعطف الرحمن وحنانه ؛ والحمد لله الذي صدق وعده ورزقنا ولداً سميناه محمد علي بنية ان محمد وعلي نفس واحدة :
فَمَنْ حَاجَّكَ فيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبينَ 
. كنت جالسا في الدكان واذا بصديق لي من التجار واسمه (.......)وكان يشتري مني بعض القرطاسيات وبعض الاحيان بالعكس انا اشتري منه ؛ قال لي سمعت انك تبني بيتك ؟
قلت له: نعم ولله الحمد رزقني ربي ما استطيع ان ابني به طابقا اخر لانني عاهدت الامام الرضا عليه السلام ان لا اخرج منه والبناء علامة السعة 
كما قال امير المؤمنين عليه السلام في كتاب نهج البلاغة :
وَ بَنَى رَجُلٌ مِنْ عُمَّالِهِ بِنَاءً فَخْماً فَقَالَ عليه السلام : أَطْلَعَتِ الْوَرِقُ رُءُوسَهَا إِنَّ الْبِنَاءَ يَصِفُ لَكَ الْغِنَى 
ولان عددنا زاد والاولاد في حاجة الى مكان اوسع .
قال لي : انك في اشتباه عظيم !!
قلت له : وكيف انا في اشتباه عظيم ؟
قال : لان المنطقة التي تسكنها منطقة بعيدة عن مركز المدينة وهذا يعني ان مستواك المعاشي هو واطئ فسيؤثر على النظرة الاجتماعية لك .
قلت له : ثم ماذا ؟
قال: فالذي يريد ان يخطب ابنتك سوف يكون من اخفض المستويات لبعد بيتك من مركز المدينة ولانك تسكن في منطقة فقيرة .
قلت له : اولا ان الزواج والزوج قسمة على الجبين ((ثم تلوت عليه ما ذكرته لكم سابقا)) و القرآن الكريم يقول :
وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَني‏ آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى‏ شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلينَ 
و عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ قَالَ الْحَنِيفِيَّةُ مِنَ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ قَالَ فَطَرَهُمْ عَلَى الْمَعْرِفَةِ بِهِ قَالَ زُرَارَةُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى‏ الْآيَةَ. قَالَ: أَخْرَجَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ ذُرِّيَّتَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَخَرَجُوا كَالذَّرِّ فَعَرَّفَهُمْ وَ أَرَاهُمْ نَفْسَهُ وَ لَوْ لا ذَلِكَ لَمْ يَعْرِفْ أَحَدٌ رَبَّهُ وَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله : كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ يَعْنِي الْمَعْرِفَةَ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَالِقُهُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ 
و عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام لا يَرَى بِالْعَزْلِ بَأْساً فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ :
وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى‏ .
فَكُلُّ شَيْ‏ءٍ أَخَذَ اللَّهُ مِنْهُ الْمِيثَاقَ فَهُوَ خَارِجٌ وَ إِنْ كَانَ عَلَى صَخْرَةٍ صَمَّاءَ 
فقلت لصاحبي وعلى هذا فان الامر مقدر والذرية ومن ابوهم مقدر فماذا يضر البيت ان قرب او بعد مع تلك المقدرات .
ثانيا :
يا اخي كل انسان يحب الراحة والتوسعة وكم من الادعية الواردة عن اهل البيت عليهم السلام في طلب الرزق والسعة ولكن على الانسان ان يقتنع بما رزقه ربه وعليه ان يبرمج لنفسه مشاريعه حسب ما قدر له من رزق وقد قال الامام الصادق عليه السلام :
: ضَمِنْتُ لِمَنِ اقْتَصَدَ أَنْ لا يَفْتَقِرَ .
فالله سبحانه وتعالى يعطي الانسان بقدر حاجته ولكن الانسان يشكو ربه لانه يمد يده لاكثر مما قدر له ولحاجات عادة غير ضرورية او ضرورتها كاذبة:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفصل : 88
(عاقبة الطماع)

قال لي صاحبي ولكنني سوف اعمل اعمال استطيع بها تسديد ديوني فقلت له: مثلا ماذا تعمل ؟ قال آخذ بضاعات كثيرة من العاصمة واقترض كثيراً ثم بعد ان ابيع تلك البضاعات استطيع ان اسدد بارباحها ديوني كلها .
قلت له : هذا هو الطمع بعينه فانه يوسوس لك بانه يضمن لك بيع البضاعات وتسديد الديون في الوقت المطلوب ؛ ولكن يا صديقي الا تفكر ان لم توفق لبيع البضاعات ماذا ستفعل؟ وكيف ستسدد الديون ؟
فقال: كيف يضمن لي الطمع وماذا تقصد من قولك هذا ؟
قلت له هذا هو قول امير المؤمنين عليه السلام : ( الطَّمَعُ ضَامِنٌ غَيْرُ وَفِي‏) .
فانه يقول لك الطمع الموسوس في نفسك: اشتري ؛ اقترض ؛ خذ ؛ لا تخاف ستبيع؛ ستربح ؛ مع العلم انك لا تعلم كم هو المقدّر لرزقك؛ وهل تحمّل اطماعك على خالقك؟! وتتوقع انه سيرزقك في الوقت الذي تحتاج لتسديد ما طمعت لاجله ؟! 
لا... لا يا اخي ان عملك هذا يخالف الصواب والقول السديد :يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلاً سَديداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظيماً 
يجب على العاقل ان يخطط لبرامجه بمقدار ما يرزقه ربه فان تدبير الخالق تعالى لا يتبع اهواءنا :
وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ 
ومع كل كلامي هذا خرج صديقي من دكاني وهو متاسف لافكاري التي في اعتقاده انها طوباء وقهقرى عن التفكير السليم وسفسطة قد وقعت فيها وكان افكاري في ظنه انها خيوط العنكبوت. ولكن تعالوا معي لنرى عاقبة امره وسوء جزاء اعراضه عن القرآن الكريم والعترة عليهم السلام واتباعه ضمان طمعه الغدار .
فاقترض بضاعات كثيرة من التجار وانفق اثمانها في بناء البيت وكان كما وصفه لي وكأنه برج مشيد من قوارير ولما اتم البناء وكمله ؛ هجم عليه اصحاب الاموال والتجار والبنوك وكل يقول اعطني ما اقترضته مني وهو يعتذر بان السوق في هذه السنة ليس كما ضمنه لي طمعي ولكنهم اصروا عليه فاعطى الطابق الاسفل للمستاجرين وسدد جزء يسير من ديونه ؛ ولكنه لم يفلح واخيرا لم يكن له سبيل الا ان يبيع البيت ويسدد الديون ولكن زوجته واهله الذين ذاقوا طعم السعة وحلى لهم المقام في القصر المشيد فكيف يمكنهم ان يتخلوا عنه؟؟!!
فكلما قاوموا الحاج ... لكي لا يبيع البيت وهو يقاوم القروض ويبيع ما عنده من العروض ليسدد ما ورطه به الطمع الضامن الغير وفي ؛ فلم ينجع ولم يفلح واخيرا كانت النتيجة ان غاب عن اعيننا الحاج ولم نر له اثرا ولم نسمع له صوت ؛ ولما سالت عنه قيل لي انه جنَّ وهو الان في المستشفيات العقلية 
( انا لله وانا اليه راجعون) ولم تمر الا اشهر واذا بالحاج يدخل للدكان وله منظر يرعب الشجعان؛ ويخيف الرهبان؛ ويملل الفرحان؛ فسالته مابك يا حاج؟؟
قال بصوت كله ابهام وغموض: قد جننت والان شوفيت وبعد حدود السنة او السنتين لا اتذكر بالضبط عاد والحمد لله الى عمله وقد باع البيت المشيد ورجع من اول الامر يبنى آماله وحياته ففرحت لشفائه وحزنت لخروج البيت من يده وانهدام كل آماله التي بناها على قشور الضمان الواهي للطمع الكاذب لكن لم يتركه الطمع 
حيث تورط مرة اخرى...

انتظار الخطوبة اذاب قلبي " مكتملة "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن