93_94

33 5 0
                                    

الفصل 93
(فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُون)‏

قالت العلوية وهل التنافس مذموم حتى في المكارم الاخلاقية ؟
فقلت لها : ان التنافس على سمو الروح والخلق الكريم مراد الله والمرسلين وائمتنا الطاهرين عليهم السلام .
لان التنافس على زخرف الحياة الدنيا لا يجدى والرزق مقسوم كما في سورة الزخرف :
أَهُمْ يَقسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعيشَتَهُمْ فِي الحَياةِ الدُّنْيا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ 
واما التقدم المعنوي فهذا ما ينبغي ان ننافس به اقراننا والناس لان للدنيا ابناء وللاخرة ابناء فعلينا ان نكون ابناء الاخرة كما:
قَالَ عَلِيٌّ عليه السلام: إِنَّمَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اثْنَتَيْنِ اتِّبَاعَ الْهَوَى وَ طُولَ الأَمَلِ؛ فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ ؛ وَ أَمَّا طُولُ الأَمَلِ فَيُنْسِي الآخِرَةَ؛ ارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ مُقبِلَةً ؛ وَ ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً؛ وَ لِكُلٍّ بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ بَنِي الآخِرَةِ وَ لا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا اليَوْمَ عَمَلٌ وَ لا حِسَابَ وَ غَداً حِسَابٌ وَ لا عَمَلَ 
فان كان من تعاشرينهم من ابناء الاخرة فهؤلاء لا ينظرون الى ملابسك وهيأتك ؛ وان كانوا من ابناء الدنيا فهؤلاء اولى ان تشعري بنعمة الله عليك اذ نبهك عن نومة الغافلين كما قال لقمان عليه السلام لابنه وهو يعظه :
يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْفُسَّاقِ فَإِنَّمَا هُمْ كَالْكِلابِ إِنْ وَجَدُوا عِنْدَكَ شَيْئاً أَكَلُوهُ وَ إِلّا ذَمُّوكَ وَ فَضَحُوكَ وَ إِنَّمَا حُبُّهُمْ بَيْنَهُمْ سَاعَةٌ؛ يَا بُنَيَّ: مُعَادَاةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ مُصَادَقَةِ الفَاسِقِ؛ يَا بُنَيَّ الْمُؤْمِنُ تَظْلِمُهُ وَ لا يَظْلِمُكَ وَ تَطْلُبُ عَلَيْهِ وَ يَرْضَى عَنْكَ؛ وَ الْفَاسِقُ لا يُرَاقِبُ اللهَ فَكَيْفَ يُرَاقِبُكَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفصل 94
(صفارات الانذار)

قالت : الآن احب ان اسالك سؤالا واستحي منك. 
فقلت لها: لا تنسي ؛ كان شرط زواجنا الصراحة . 
قالت : اذاً ارجو ان لا تتالم من سؤالي :
حينما جئت لخطوبتي فرحت كثيرا لانني وجدتك تهتم بالمطالعة اهتماما كبيرا ففرحت لاني احسست بان الله تعالى قد رزقني من يقدر للزمن قدره وليس في حياته شكوى من الفراغ بل ان الفراغ يشكوه ويتضجر من عدم وجوده بين لهواته لكي يمضغه ثم يلفظه في احضان الافلام والتوافه من الامور التي تاكل ساعات العمر اكلا الى ان يصبغ شعره بالأعلام البيض لان بياض الشعر هو صفارات الانذار بقرب الموت المحتوم حيث ان كل شعرة في راس الانسان لا تبيّض الا حينما تموت بصيلتها اذاً فان كل شعرة بيضاء هي ميت من الاموات يحمله الانسان الكبير معه ؛ وكلما زاد البياض ازدادت الاموات فالانسان بالحقيقة في هذا العمر تكون مقبرة الاموات في وجهه ورأسه يحملها في حله وترحاله لكي ينبهه بانك راحلٌ وقد قال امير المؤمنين عليه السلام :
ِ أَيُّهَا الْيَفَنُ الْكَبِيرُ الَّذِي قَدْ لَهَزَهُ الْقَتِيرُ كَيْفَ أَنْتَ إِذَا الْتَحَمَتْ أَطْوَاقُ النَّارِ بِعِظَامِ الْأَعْنَاقِ وَ نَشِبَتِ الْجَوَامِعُ حَتَّى أَكَلَتْ لُحُومَ السَّوَاعِدِ فَاللَّهَ اللَّهَ مَعْشَرَ الْعِبَادِ وَ أَنْتُمْ سَالِمُونَ فِي الصِّحَّةِ قَبْلَ السُّقْمِ وَ فِي الْفُسْحَةِ قَبْلَ الضِّيقِ فَاسْعَوْا فِي فَكَاكِ رِقَابِكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُغْلَقَ رَهَائِنُهَا أَسْهِرُوا عُيُونَكُمْ وَ أَضْمِرُوا بُطُونَكُمْ وَ اسْتَعْمِلُوا أَقْدَامَكُمْ وَ أَنْفِقُوا أَمْوَالَكُمْ وَ خُذُوا مِنْ أَجْسَادِكُمْ فَجُودُوا بِهَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَ لَا تَبْخَلُوا بِهَا عَنْهَا فَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ.. 
فان قبلت هذه الحقائق فسؤالي هو لماذا تريد التجارة مع اهمية الزمن واهمية الاستفادة من العمر قبل حلول وقت تلك الصفارات النذر ؟؟
فاجبتها قائلا :
ان الفراغ الذي ذكرتيه لقد ذكره الله سبحانه حيث قال :
كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخالِيَةِ 
فان الايام الخالية هي الايام الماضية التي حصّل اهل النعيم على نعيمهم فيها ومنها ؛ فهل ينعم الانسان الا بما يغتنم به فراغ العمر؟
ان الله سبحانه وتعالى ابتلا الانسان بنعمة الفراغ المظلومة ؛ حقاً والله فان هذه النعمة مظلومة قد ظلمها الانسان حينما تجديه يركض وراء شفرة الجزار ليذبح به فراغ عمره بدل ان يسعى ليملأه بانوار السعي المخلِّد له بنعيم الابد فان اكثر وقت الانسان في فراغ و من يريد امرا لايعجزه الكسل باذن الله تعالى كما قد ورد عن ائمتنا عليهم السلام التنبيه على الفراغ وكيفية اغتنام هذه الفرصة التي لا تثمن بثمن لغلائها واهميتها

انتظار الخطوبة اذاب قلبي " مكتملة "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن