كرهت تلك القهوة كثيرا... سكبتها بالحمام وعادت لمكتبها تمرق الفنجان بحقد... كأنه إرتكب جريمة في حقها...
عاد اليوم الموالي ليجد هدية مغلفة أمام باب مكتبه، لم ينتبه بها وهي تتجسس عليه مو وراء مكتبها. إستغرب وإلتفت حوله لكن الرواق فارغ تماما... أخذ معه العلبة ثم إنشغل بعمله... ليس متعودا على الهدايا... ربما تكون هديته الأولى..
مرت الساعات ثم إنعقد الإجتماع الدوري... كانت تسترق النظر إليه منتظرة ردة فعله، ملاحظاته... لكنه كالعادة، تجاهل وجودها تماما...
مر اليوم عاديا وعادت لبيتها... إستفزها بروده
في حين كان هو قد أنهى عمله متأخرا. هم بالخروج قبل أن يرى تلك العلبة التي قبعت في إنتظاره طوال اليوم..
إرتدى معطفه و فتحها، بكل الحالات مصيرها القمامة... لكنه تفاجأ بكأسه شظايا داخل العلبة، و ورقة صغيرة عليها ملاحظة بخط يدها " لقد كسره الحظ، بكل الحالات لم يكن صالحا للإستعمال. يمكنكم خصم سعره من راتبي جبرا للضرر"
إبتسم بسخرية و أخذ العلبة معه...
عادت للعمل صباحا.. وقعت عيناها عليه!! بمنتصف مكتبها كأنه بإنتظارها ! فتحت عيناها وهي تأخذه لتجد ورقة بداخله :
"كنتسوجي، فن ياباني جميل يرتكز على إصلاح الأواني الفخارية بالذهب و يعبر بصفة رمزية عن أن الصعاب و الإنكسارات في حياة المرء، هي التي تصنع قوته وتبرز الجمال داخله."ماذا يقصد ياترى؟ بقيت مشدوهة إلى تلك الورقة و عيناها تارة على ما كتب و تارة على الكأس...
ترددت كثيرا قبل أن تحسم أمرها.. تسللت إلى صالة مكتبه دون أن يراها أحد (أو هكذا خيل إليها!) راقب تسللها من خلف شاشته وهي تغلق الباب وراءها بحذر..
ترك مكتبه وخرج ليجد الكأس مرة أخرى! بداخله قصاصة " حتى الذهب لن يخفي التشوهات و لن يغير واقعه بأنه مكسور إلى الأبد..."
تجمد مكانه وهو يشعر كأنها تضع يدها على قلبه المكسور... لم ينتبه لنفسه وهو يضغط بكل قوة على تلك القصاصة... لا أحد يعرف جراحنا المخفية... قد ننجح في ترميمها لنظهر أقوى... لكننا محطمون من الداخل...
أنت تقرأ
يد القدر
Romanceالقدر قد يخبئ لنا حياة جديدة، عندما تتقاطع طرقنا مع أناس ربما يحملوننا بعيدا عن أنفسنا...