26

59 6 12
                                    

عاد متأخرا إلى البيت... مر أمامها كشبح لم تلاحظ وجوده... عيناه تسترقان النظر إليها وهو يعبر الصالة ناحية غرفته... لم تره! كانت منغمسة في كتابها... أحقا لم تدرك وجوده؟

أغلق باب غرفته خلفه، وأغلقت هي كتابها

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

أغلق باب غرفته خلفه، وأغلقت هي كتابها... لا شيء قد يتغير إن إستمرا على هذه الحال... جهزت له العشاء و ذهبت لتنام...
إستيقظت صباحا لتجده قد غادر باكرا كعادته... واضح أنه يهرب منها... لا يهم، لن تستسلم.
مر أسبوع على هذا الحال... إنتهت إجازتها... هل ستذهب معه يوميا إلى نفس المكان؟
تواجدهما كامل اليوم بنفس الشركة و بالبيت أصبح كابوسا بالنسبة لها... تريد فقط الإحتفاظ لنفسها بمجال خاص بها...
فاجأها بسيارة خاصة و سائق... لن يذهبا معا!
لا يمكنها الحكم إن كان هذا التصرف إيجابيا أم لا، لكنه الأفضل بالنسبة لها...
عودتها كانت غريبة جدا... لأول مرة تشعر بأنها لا تنتمي لذلك المكان... لأول مرة تشعر أنها بعالم غريب عنها... تسارع الجميع لتهنئتها... أصابها الصداع... هربت إلى مكتبها و أوصدت الباب جيدا... لا تحتمل وجود أي شخص معها... تريد البقاء وحيدة...
مرت الأيام ولاحظت ميرا تغير صديقتها... كثيرة الشرود، قليلة الكلام... تكتفي أحيانا بإبتسامة إن أرادت تجنب النقاش... ربما الحياة الجديدة أرهقتها...
كان كل منهما يأتي منفردا إلى الشركة... أحيانا يعودان معا... لكن شيء غريب يحيط بهذا الثنائي... كانا مثل دمى متحركة... بلا روح!
لم يكن بإمكانها مجاراة روتينه اليومي، لذلك نادرا ما كان يجمعهما مكان واحد بالبيت... كانت تعود منهكة، تأكل ما تجده وتخلد فورا إلى النوم... العمل المتراكم أنهكها... في حين كان يعود لبيته فقط ليكمل عمله، إما بالصالة أو بمكتبه...
نهاية الأسبوع... جلسا أخيرا لتناول العشاء... جمعتهما نفس الطاولة كأنهما في هدنة بعد معارك لم تحدث... كان كل منهما ينظر فقط إلى صحنه... رفعت رأسها لعله ينظر إليها... المسافة بينهما مترين... بل محيطين و قارتين... كان كل منهما يشعر بتلك الهوة بينهما... لكن لم يكن بمقدورهما رؤيتها...
عادت لتمزيق اللحم في صحنها... لاحظ حركتها العصبية وهي تقطعه كأنها تعذبه...
- كيف حال شقيقتك؟ تمتمت بصوت خافت متردد
- بخير. أجابها متفاجئا
- و إبنها؟
- بخير أيضا....
عم الصمت... توقف عن الأكل "شكرا على سؤالك"
إبتسامة غامضة إرتسمت على وجهها دون أن ترفع عينيها... ربما ساخرة أو ممتعضة!
- ماذا سمته؟ سألته بطريقة غريبة... نبرة صوتها مختلفة فعلا!
إرتبك وهو يمسح فمه بالمنديل "لا أعرف!"
رفعت عينيها و نظرت إليه مباشرة "أيعقل أنك لا تعرف إسم أول طفل تلده أختك"
وتره هدوءها و طريقتها الباردة... وضع المنديل جانبا بعد أن ضغط عليه بكامل قوته...
- لم أرها في حفل الزفاف...
- لم تأت، حملها كان صعبا ومنعها من الحضور.
- إممممم...
شعر بسخريتها فأكمل "لكن زوجها كان حاضرا و هنأك"
- لم أره.
- بلى! لقد قام بتهنئتنا...
- لا أدري...
رفع إصبعه لطلب بعض الوقت...
سارع إلى مكتبه ثم جلب قرص الزفاف...
جلسا كليهما بالصالة... العيون مثبتة على تلك الشاشة العملاقة... كل شيء كان يبدو مثاليا... كل منهما يفكر بتلك الخطوة... هل كانت صائبة؟ تتساءل وهي تعيد رؤية نفسها بذلك الفستان... في حين كان هو يراقب حركات وجهها... كانت تبدو بغاية السعادة إلى أن أتت تلك اللحظة... تغيرت ملامحها... كانت نظراتها تنتقل بجنون بين الحضور، بينه و بين تلك الورقة بيدها... شحب لونها وهي تمضيها بيد مرتعشة!
أوقف التسجيل بتلك اللحظة... إلتفت إليها بعيون غاضبة وحزينة بالآن ذاته... "هل ندمتي على الزواج مني؟"
نظرت إليه بدهشة... لم تفهم سبب سؤاله... رفعت عيناها إلى الشاشة... لا تجد الرد المناسب...
- لماذا كنت مترددة!
أغمضت عيناها بألم... لا تريد الإجابة!
لكنه أكمل بصوت غاضب "هل كنت تفكرين في الطلاق بتلك اللحظة؟!" رفع يده و أشار لوجهها بالشاشة "هل كنت تنوين الطلاق مني؟!"
- و هل يمكنني الطلاق! وقفت وهي تصرخ "هل هذا عقد زواج طبيعي! هل من الطبيعي أن تشترط علي دفع ثروة لا أملكها إن طلبت الطلاق؟"
وقف أمامها مباشرة... صوته كان عميقا بدرجة مخيفة "وهل كنت تنوين الطلاق؟ ما الذي يزعجك في الشرط إن لم تكن لديك نية بتركي؟"
مسكت رأسها بيدها... صداع رهيب "ليس بتلك الطريقة ريان! لا يمكنك ربطي إليك إلى الأبد بعقد سخيف! لا يمكنك وضعي في قفص فقط لأنك تملك المال و أنا لا املكه!"
إبتسم بسخرية "ومن قال أنني أنوي الطلاق حتى و إن إمتلكت أضعاف ذلك المبلغ؟ هل ترين الفرق بيني وبينك؟"
إقتربت منه بعيون تملؤهما الدموع "كان من الأجدر إعلامي مسبقا بذلك الشرط... لم يكن من الجيد أن أكتشفه بتلك اللحظة وبتلك الطريقة كأنه طريق مفخخ! أنا لست ملكك لتحكم سطوتك علي بتلك الطريقة!"
وضع يده على كتفها قائلا بنبرة تهديد "لن أسمح لك بتركي."

ثم تركها و إتجه لغرفته

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

ثم تركها و إتجه لغرفته... بقيت تراقبه ثم إنهارت باكية... واضح أنه أحكم وثاقها...

يد القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن