الصداع يؤرقها صباحا... توجهت إلى المطبخ أين وجدت باري منهمكا في عمله... لاحظ يدها المضمدة "ما الذي أصابك؟"
- لا شيء، حادث بسيط...
- تركتك بخير البارحة.
- وقعت...
عاد لتقطيع الخضر ثم رفع رأسه مبتسما "لترتاحي اليوم... إجلسي بالصالة و سأجلب لك فطورك"
رفعت حاجبها... كان واضحا أنه سعيد بإصابتها... يعتقد أنه سيد المطبخ ولا يريد أن يشاركه أحد في مملكته... إبتسمت بلؤم لتغيظه و رفعت يدها الثانية محركة أصابعها "لدي يدان، أحداهما سليمة وستقوم وحدها بكل العمل"
تجهم وجهه و أدار ظهره! تتدخل في كل شيء! تحاول تذوق كل ما يحضره قبل إنهاءه... تزعجه ولا يستطيع طردها من المطبخ!
بقي ريان مستلقيا والكتاب مفتوحا يغطي كامل وجهه... يخفي إبتسامته وهو يسمعهما يتجادلان ككل يوم! لطالما كان باري صامتا... لم يكن ينتبه أحيانا لوجوده... كان يعمل بهدوء تام... إلى أن أتت لارا و داومت على إزعاجه... كان يسمعه عديد المرات وهو يمنعها من الإقتراب من أطباقه... قد تحدث جلبة قوية أحيانا يتبعها ضحك لارا... يفهم أنها قد أوقعت شيئا أو كسرته... وجودها أضفى روحا على المكان، رغم أنها تصمت خارج المطبخ... تماما مثل باري... لعله المكان الوحيد الذي يعج بالحياة وسط كل تلك الغرف الصامتة...أثاره الفضول فتسلل ليشاهد ما يفعلانه...
- لم تبقى شكولا... لا تجهدي نفسك بالبحث عنها.
إلتفتت إليه بوجه عبوس ثم إتجهت للمجمد
- لا تتعبي نفسك، لم يتبقى مثلجات أيضا!
أغلقته و جلست أمامه "لماذا لم تخبرني البارحة حتى أشتري؟"
رفع كتفيه لا مباليا وهو يركض البيض "لم أفكر أنه من الممكن أن تكوني حاملا لدرجة أنك تأكلين كل شيء!"
تراجعت و رفعت حاجبيها "لا أحد حامل هنا! ثم أنني أعشق المثلجات... فلا تجعل تفكيرك يسافر بك إلى كوكب زحل!"
إنفجر ضاحكا ... واضح أنه إستفزها!
نظرت إليه بإحتجاج، ثم جلست أمامه "لا أريد هذا الطعام اليوم!"
- ماذا تريدين إذا؟
- إشتقت للبيتزا! مللت من الأكل الصحي!
- سأحضر لك واحدة.
فتحت عيناها مندهشة "فعلا؟ الآن؟"
إبتسم بلطف و بدأ فعلا بتحضيرها وهي تراقبه بفضول...
وضع أمامها الطبق أخيرا... لم تنتظر.. بدأت بالأكل فورا.
- إنتظري موعد الإفطار يا إبنتي!
- لا أستطيع... رائحتها أدارت رأسي!
إنفجر ضاحكا... "لكن زوجك سيفطر وحده!"
- على أساس أن وجودي معه على الطاولة سيفتح شهيته أكثر !
لم يعد يتمالك نفسه وهي تتكلم بسخرية...
وضعت يدها على بطنها قائلة "شكرا جزيلا باري، لقد إمتلأ البطين! سآخذ قيلولة" رفعت علامة النصر وهي تتجه لغرفتها...
إبتسم وهو يكمل التنظيف... واضح أنه نجح بتعديل مزاجها... كالطفلة شيء بسيط قد يرضيها... ليت ريان يتعلم كيف يتعامل معها. ليست من النوع الذي يصعب التعامل معه... ربما تمتلك قلبا كبيرا، لكنه سريع الكسر... سمع الباب يفتح فجأة... السيد كان خارج البيت... لم ينتبه أحد لخروجه... دخل و عيناه تبحثان عنها... "ذهبت لتنام" أجابه وهو يأخذ الأكياس من يده... إبتسم وهو يفرغ محتوياتها... خرج رغم برودة الطقس فقط من أجل أن يجلب لها الشوكولا والمثلجات! جلس على الأريكة وهو يلاحظ تصرفات ريان الغريبة... كالطفل يعجز عن التعبير عن نفسه... ضحك وهو يفكر بتلك المشاكسة الصغيرة... كيف لها أن تقلب العالم رأسا على عقب!جلس وحيدا إلى الطاولة يتأمل كرسيها الفارغ... لا يريد رؤيته هكذا! حمل طبقه و جلس على غير عادته إلى طاولة المطبخ... إندهش باري منه لكنه تظاهر بعدم الإنتباه.
- ماذا تناولت على الغداء؟ سأله وهو يلاحظ طبقها كاملا لم ينقصه شيئا... ربما مريضة... ربما لازالت غاضبة! ربما إنتبهت لفساتينها المختفية!
أدار باري رأسه إلى الطبق الموضوع جانبا ثم إلتفت "طلبت بيتزا"، قال مشيرا إلى الفرن.
- لم أكن أعلم أنك تجيد طبخها
- ولم أكن أعلم أن الأمر قد يهمك... أجابه بنبرة غامضة...
تردد قبل أن يسأله "هل يمكنني تذوقها؟"
إبتسم باري بدهاء "إنتظر سأقوم بتسخينها"
وضع الطبق أمامه... رائحتها شهية فعلا... لكن لارا أكلت أكثر من نصفها! إبتسم دون أن ينتبه لعيون باري التي بقيت تتفحصه... أنهى آخر قضمة قائلا "يمكنك إضافتها إلى لائحة الطعام طالما السيدة تحب تناولها"
رفع باري رأسه إيجابا... إنتظر خروجه من المطبخ ليتمتم "منذ متى وأنت تأكل المعجنات! واضح أن السيد يريد وليست السيدة!"
إستيقظت من نومها ... لاحظت وجود زوجها بالمكتب... فتحت المجمد و بقيت واقفة أمامه... "باري هل خرجت بهذا الطقس السيء من أجلي!"
أدارت رأسها له ممتنة
- لا إنه السيد... لقد إشترى الشوكولا أيضا... أجاب وهو يشير برأسه إلى الرف...
شعور غريب... أسعدها ذلك كثيرا... "إبتعد سأجهز له القهوة"
- لا من فضلك !
تجاهلته و حضرت كل شيء... تريد أن تعبر عن إمتنانها ولو بشيء بسيط... ولو بكوب قهوة...
أنت تقرأ
يد القدر
Romanceالقدر قد يخبئ لنا حياة جديدة، عندما تتقاطع طرقنا مع أناس ربما يحملوننا بعيدا عن أنفسنا...