10

99 9 6
                                    

يوم آخر... و الرواق مظلم بسبب ذلك المكتب المغلق في آخره...
بقي كعادته أمام النافذة بعينان شاردتان...هل يزورها؟ بأي صفة؟ ربما لأنه مديرها؟ حسنا هل المدير يزور جميع موظفيه عند مرضهم؟ العجوز الخبيث سيجعله أضحوكة! حسنا لن يذهب... لتأتي هي أولا و من ثم يوبخها على غيابها الطويل... أي غياب طويل يا هذا؟ مجرد أيام فقط ! لا يهم المدة! لقد تغيبت و تسببت في تأخير عمل كامل الفريق! أجل هذه حجته ! ليذهب الآن ويوبخها!

 أي غياب طويل يا هذا؟ مجرد أيام فقط ! لا يهم المدة! لقد تغيبت و تسببت في تأخير عمل كامل الفريق! أجل هذه حجته ! ليذهب الآن ويوبخها!

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

لأول مرة في حياته يزور مريضا... أراد أن يسأل سائقه لكن نظرات هذا الأخير من وراء المرآة العاكسة جعله يغير رأيه. بحث على الأنترنت عن أجوبة لأسئلته : هدية لزيارة مريضة، علاقة مهنية، هدية مميزة...
طلب منه التوجه إلى عنوان ما وجده على الأنترنت. توقف عنده ثم نزل مسرعا رغم الأمطار و سائقه لازالت الحيرة في عينيه وهو يراقبه يدخل إلى محل لبيع الورود.
كان البائع منهمكا في تغليف بعض الهدايا... لم يرفع رأسه ليشاهد زبونه المبلل واقفا أمامه..
- النوع، اللون، العدد، البطاقات، كل الأسعار هنا ... أشار إلى لوح معلق بجانب الباب دون رفع رأسه
بقي ريان حائرا.. الأمر شديد الصعوبة... يخاف أن يُساء فهمه...
لاحظ البائع عجزه و تردده. إلتفت إلى يده، واضح أنه أعزبا.. لا أثر لخاتم بأي يد... متعود على فهم الرجال... أحيانا يبقى أثر الخاتم حتى بعد إنتزاعه... يأتون طالبين وردا للحب، وردا للغيرة ... بعضهم يبحث عن حب صادق، بعضهم عن مغامرة، والبعض الآخر عن علاقة عابرة...
نادرا ما يأتيه شخص لا يعرف هدفه...
نظر إليه بلطف وسأله
- لونها المفضل؟
إلتفت إليه ريان متفاجئا من السؤال... شعر بالإحراج لكنه أجاب بصوت خافت
- البحر
- ماذا ؟ هل هذا لون ؟ تقصد أزرق أم أبيض أم ماذا؟
هز كتفيه و أعاد نفس الجواب "تحب البحر"
- حسنا سأحاول مرة أخرى، عطرها المفضل؟
- خفيف جدا
- يا للهول ! حقا ؟!! حسنا كيف هي؟ أجبني من فضلك إجابة واضحة لأنني سأغلق بعد قليل وقد تأخرت !
نظر إلى المطر ثم أجابه "مختلفة جدا"
- اللعنة! كلهن مختلفات!
- كأنها رائحة المطر على أرض قاحلة... كقطعة من الشمس بأعماق كهف مظلم...
توقف الشيخ عن التذمر... فتح عينيه ثم قال "أعمل هنا منذ ثلاثون عاما، لم أسمع أحدا يصف حبيبته هكذا"
نظر إليه بحدة "إنها ليست حبيبتي!"
- حسنا حسنا! ليست حبيبتك! إبتسم وهو يرفع يديه مستسلما.. "أعلم جيدا ما يلزمك، ثق بي"
غاب قليلا ثم عاد. نظر إليه ريان بغضب "هل هذه مزحة؟"
- لا! لا تتسرع، إقترب سأشرح لك.
التاسعة ليلا... ذهبت لتنام وطلبت من والدتها أن لا توقظها.. تعبت من زيارة صديقاتها المطولة! كأنهن كن ينتظرن إجازتها لقضاء الوقت معها!
وقف أمام الباب مترددا.. كيف ستستقبلانه؟ كيف ستكون ردة فعلها؟ تذكر والدتها تتوعده بإقتلاع عينيه. إبتسم ساخرا..
رن الجرس... من الزائر في هذا الوقت؟ وقفت أمام نافذتها في فتحت والدتها الباب لتجد شابا جميلا أمامها... إكتفى بتحيتها و سلمها هدية للارا متمنيا لها الشفاء العاجل. إنصرف مسرعا بعد أن أجابها أنه السائق بعد إصرارها على معرفة هويته...
أغلقت الباب وراءه وهي تنظر بغرابة للهدية، في حين كانت إبنتها تراقب السائق.. رأته أخيرا! كان جالسا في الخلف منزلا زجاج النافذة وهو يراقب البيت من بعيد رغم رذاذ المطر... لم يلاحظ ذلك الخيال المختبيء في الظلام وراء ستائر نافذته يراقبه و يده موضوعة على قلبه تحاول تهدئة نبضاته المتسارعة...
إنطلقت السيارة و راقبتها تذهب بعيدا... خرجت من غرفتها لتجد والدتها تنظر إلى الهدية ثم قالت "المسكين أنظري! لقد جلب باقة ورد صناعي!"
أخذت الأصيص من الطاولة ثم أجابت "أنظري أمي إنه منبه"
برمت شفتيها ثم قالت "لنذهب إلى النوم أفضل، أتركي باب غرفتك مفتوحا لأتفقدك، وإن إحتجت أي شيء ناديني، تصبحين على خير."
- واضح حبيبتي، تصبحين على خير.
أخذت هديتها ووضعتها على مكتبها... قرأت قليلا كعادتها ثم أخلدت إلى النوم..
ما لبثت أن أطفأت كل الأنوار، إلا وصوت موسيقى هادئة و ضوء خافت يشع في غرفتها...
إرتعبت و نهضت بسرعة... لكنها إبتسمت وهي تشاهد هديته تضيء ظلام ليلها...

 لكنها إبتسمت وهي تشاهد هديته تضيء ظلام ليلها

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
يد القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن