45

106 6 6
                                    

مشت بثبات ناحيته... وقفت أمامه و عيناها تغرقان...
- إغفر لي ريان... لم أكن أعلم...
إلتفت إليها مندهشا... لم يفهم شيئا...
كانت دموعها تنهمر بغزارة المطر خارجا...
مسكت يده و تشابكت أصابعهما... كانت يداه باردتان في حين تلتهب يداها شوقا و رحمة...
- لم أجد قراءتك... لم أحاول مساعدتك... خذلتك عوض أن أقف إلى جانبك...

قاطعها و صوتها يختنق ألما "لا عليك

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

قاطعها و صوتها يختنق ألما "لا عليك... لا تهتمي... أنا المخطيء..."
- لا...
- بلى... كان من الأجدر بي إخبارك... لكنني...
صمت و قلبه ينفطر حزنا... خشي إخبارها بجبنه، بخوفه... بخجله من نفسه و من ماضيه... من شعوره بالنبذ و تخلي الجميع عنه... لكنه لم يكن يدري أنها تدرك كل ذلك جيدا... لم يكن يعلم أن شقيقته روت لها كل شيء دون أن تغفل تفصيلا واحدا...
- لا تهتمي... إبتسم بألم وهو يجلس على الأريكة...
جلست على الأرض و يداها على ركبتيه... " لتنسى الماضي... لتنسى كل ما مررت به في طفولتك... لتترك كل شيء خلفك... لن تقدر على التقدم خطوة واحدة طالما أنك لا زلت حبيس تلك السنوات..."
نظر إليها بعمق... فهم أنها عرفت عنه كل شيء... إنقبضت يداه بقوة و هو يخفض رأسه أرضا...
نهضت لتجلس إلى جانبه... لأول مرة تضع يدها على كتفه... "سيمضي... لا تحزن..."
وضع رأسه بين يديه... شعر بخجل شديد... لا يريد منها أن ترى ضعفه... تفاجأ بها تلف يديها حول عنقه و تضمه بشدة "لن أتركك بعد الآن"
توقف العالم بتلك اللحظة... لم يستطع مجاراتها ولا مجاراة الزمن... لقد تعب من المحاربة... من معاركه الطويلة التي لا تنتهي... أنهكته الصراعات داخل نفسه... فإستسلم...
إستسلم أخيرا بين يديها... ترك رأس المحارب يستند إليها...
- هل تعدينني؟ سألها بإستجداء واضح...
- أعدك... لن أتخلى عنك مطلقا...
أجهش بالبكاء... لطالما أخفى دموعه تلك عن الجميع... لكنها اليوم قررت أن تتمرد عليه... أن تتحرر منه لتغسل روحه القاتمة...
شعر بالتعب... و شعرت بثقل همومه بدأت تنزاح... أسندته على الأريكة لكنه تشبث بها... كطفل يخشى أن تتركه والدته...
إبتسمت و تمددت إلى جانبه... ضمته بلطف قائلة "لا تحزن... سيمضي كل شيء... أنا هنا الآن... أنا هنا..."
دفن رأسه بين أضلعها كأنه يريد الإختباء... شعرت بدموعه الساخنة تبلل رقبتها و قميصها... ضمته أكثر لطمأنته... لأول مرة يشعر بحضن أنثى... بحضن أم تحميه و تسنده... بحضن إمرأة تحبه و تحافظ عليه... لأول مرة يشعر بأنه ليس وحيدا... لأن له شخصا يسنده... لطالما تعب من الوقوف وحيدا... لطالما تعب من مقاومة الحياة بدون سند...
من قال أن الرجال لا يحتاجون إلى سند؟ بلا... فبداخل كل منا طفل يبحث عن الأمان... عن رفيق يسنده في السراء والضراء... فلا أحد قادرا على الوقوف وحيدا لمواجهة عواصف الحياة... و هو كان قد صمد لمدة طويلة... لكنه كان كالغصن الجاف... مكسورا...
بقيت تقبل جبينه أحيانا و تلاعب شعره بهدوء... لم يلاحظ دموعها و هي تتألم من أجله... كان مغمض العينين و قد هدأ أخيرا... طلب منها أن تدندن له تلك الأغنية التي غنتها له ذات ليلة... إبتسمت وسط دموعها و قد فهمت أنه لم يكن نائما حينها...
بقي متشبثا بها و رأسه غارقا بين أضلعها و ساعديها... كعصفور خائف آواه عشه أخيرا...
بقيت تغني له و هي تفكر في ذلك الطفل الذي رأته أخيرا... كان الطريق إليه صعبا... عالمه صامت و مظلم مما جعل العثور عليه مستحيلا... لكنها رأته أخيرا... مدت يدها له لتنقذه من ظلمات كهفه... تردد قليلا قبل أن يرتمي بين أحضانها...
شعر بدفء الأمومة و الحب... و شعرت هي بحاجتها الشديدة له...
تشبثت به و هو يعانقها بخوف... إلى أن سلكت طريقها أخيرا بين تلك الدهاليز الجوفاء... و نجحت في إخراجه إلى النور أخيرا....

 و نجحت في إخراجه إلى النور أخيرا

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

كانت تنظر إليه بمودة... نظرات العشق واضحة عليها و هي تتذكر سعادته عندما علم بحملها... كان متشوقا لرؤيتها كثيرا... يخشى حملها وهي حديثة الولادة حتى لا يؤذيها... يراقبها طيلة وجوده بالبيت... أحبها أكثر من أي كان على سطح هذه الأرض...
- دعني أحملها عنك...
- لا أريد... أتركيها...
بقيت تنظر إليه كيف يشعر بالفخر وهو يحملها على كتفيه...
وضعها برفق داخل السيارة كأنها كنزه الثمين...
جلست لارا بجواره و هو يقود... " هل تعلمين لارا؟ عندما رأيتك لأول مرة خمنت أن القدر مد يده لي أخيرا... لم أكن مخطئا..."
مسك يدها و قبلها بلطف "أحبك"...
"أحبك أيضا..." صمتت لبرهة قبل أن تكمل "لقد نامت بسبب التعب... لعبت كثيرا..."
- لديها طاقة والدتها...
إبتسمت لارا و هي تدير رأسها إلى الخلف لتشاهد إبنتها النائمة "أليست جميلة؟"
- بلى... لكنها وحيدة...
فهمت قصده جيدا... نظرت إليه محذرة "إنسى الأمر!"
- لا! لن أنسى... و تلك الغرف الكثيرة من سيملؤها؟
- هل تعتقد أنني سأنجب لك قبيلة؟!
- لم أقل هذا...
أدار وجهة سيارته قائلا :"سنعود إلى البيت..."
نظرت إليه بريبة فإبتسم بدهاء قائلا " لننجب أطفالا!"

(النهاية 🌸)

(النهاية 🌸)

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.


🎉 لقد انتهيت من قراءة يد القدر 🎉
يد القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن